حول العالم
14 نوفمبر 2015 , 12:48ص
يديعوت احرونوت
نشهد اليوم واقعا، يعمد فيه الإسرائيليون، الذين يتصادف وجودهم في مسرح الهجوم، إلى قتل المخربين الفلسطينيين، أو من يظن بهم هكذا، حتى بعد أن حُيدوا ونزع منهم السلاح. ذلك واقع صادم لكل إسرائيلي يقيم وزنا لمبدأ سيادة القانون ويعتبره كالبوصلة بالنسبة له. ومقلق للغاية ذلك الانجراف الحماسي، والعفوي على ما يبدو، إلى قتل إنسان آخر، مهما بلغت خطورة أفعاله، وهو ما يمثل انتهاكا عاجلا، ولكن واعيا، لقانون بنائي في الشريعة اليهودية وقاعدة أساسية للنظام الديمقراطي: «لا تقتل».
كيف يمكن تفسير هذه الظاهرة الآخذة في الانتشار على نحو متزايد في ظل موجة الإرهاب الحالية.
على مؤشر السلام لشهر أكتوبر، الذي أجري في الأسبوع الماضي، وافق ما لا يقل عن %53 من اليهود على البيان القائل: «يجب أن يقتل في مكانه الفلسطيني الذي نفذ هجوما ضد يهود، حتى إذا قبض عليه وأصبح واضحا أنه لا يهدد المحيطين به». وهناك فئات اجتماعية أيدت ذلك بصورة أكثر من غيرها: في اليمين، نحو الثلاثة أرباع أيدوا تنفيذ القانون بأيديهم، وأنصار شاس، وإسرائيل بيتنا، والبيت اليهودي والليكود، وكذلك الحريديون (المتطرفون) واليهود التقليديون كانوا أبرز ميلا لتأييد ذلك، وأما أكثر ما يقلق أن نحو %70 من اليهود بين 18و24 عاما أيدوا ذلك.
ولكن الاستنتاج الذي لا يقل أهمية عن ذلك، هو أن هناك تأييدا ليس بالقليل لتنفيذ القانون باليد داخل فئات لم يكن من المتوقع أن تؤيد ذلك، إذا اعتمدنا على الخطاب التقابلي المعتاد في إسرائيل: ربع أنصار ميريتس والمعسكر الصهيوني، ونحو نصف أنصار كولانو ويش عاتيد أيدوا قتل المخربين المحيَدين، وكذلك أيضا حوالي نصف من يعرفون أنفسهم بأنهم علمانيون. من الواضح أن تآكل مبدأ سيادة القانون يمتد طولا وعرضا داخل المجتمع اليهودي في إسرائيل، حتى في أوساط تلك الجماعات التي دأبت على تقديم نفسها كديمقراطية راقية.
في ضوء هذه النتائج، أختبرتُ ما إذا كان تأييد قتل المخربين يشير إلى انعدام الثقة في قوات الأمن، أم أنه نتيجة نظرة تعتبر العقوبات المفروضة على المخربين الفلسطينيين مخففة للغاية، ولذا من الأفضل أن تعطى «بقية» العقوبة المغلظة في المكان. وفعلا، من سجلوا علامات سيئة للجيش والشاباك أو الشرطة على أسلوبهم في مواجهة موجة الإرهاب الحالية، هم أكثر ميلا لتأييد تنفيذ القانون باليد. كما أنه من بين من أجابوا بأن العقوبة التي ينالها المخربون الفلسطينيون اليوم هي عقوبة مخففة، كانت هناك أغلبية تدعم تنفيذ القانون باليد.
إن نتائج الاستطلاع هي بمثابة جرس تنبيه للقيادة الاجتماعية والسياسية لجميع الفئات التي تشكل الفسيفساء الإسرائيلية، والوقت عامل خطير، خاصة فيما يتعلق بالتأييد الكبير في صفوف الشباب لتنفيذ القانون باليد. إن هناك حاجة إلى بيان اجتماعي واضح، ولا يحتمل وجهين للتفسير، بأن مبدأ الدفاع عن النفس صالح فقط طالما أن المخرب يمثل خطرا حالا يهدد الحياة، وليس لحظة واحدة بعد ذلك. يجب إيضاح أن الحفاظ على المبدأ القائل أن سلطات الدولة فقط هي التي لديها الصلاحيات للحكم وتوقيع العقوبة، ليس من الكماليات التي يمكن أن يسمح أو يرغب في خرقها في أوقات الاضطرابات الأمنية. إن انتهاكا كهذا من شأنه أن يؤدي إلى واقع غير مرغوب فيه، حتى عند من هم مستعدون اليوم لـ «لي» المبدأ الديمقراطي.
يجب على القيادة الإسرائيلية أيضا أن توضح للمواطنين السبب في أن تنفيذ القانون باليد ليس أمرا مرغوبا من وجهة نظر عملية. وكما أثبتت واقعة الإعدام الغوغائي للمواطن الأجنبي في بئر سبع والذي عُين عن طريق الخطأ بأنه إرهابي، فإن إصدار الحكم في الشارع قد يؤدي إلى أخطاء كارثية لا سبيل إلى تداركها. وكذلك فإن إقامة «العدل» على أيدي العامة المستثارة غير مبررة في ضوء الجهود الكبيرة التي تبذلها قوات الأمن في معاقبة المخربين، وبسبب العبء الذي تضعه على كاهل الشرطة والجيش في فترة هم منشغلون بما يكفي.