نسعى لجسر الهوة بين مراكز البحث وصانعي القرار السياسي

alarab
حوارات 14 أغسطس 2012 , 12:00ص
الدوحة - محمد الشياظمي
نوه الدكتور صلاح الدين الزين مدير مركز الجزيرة للدراسات بتجربة المركز، والأهمية التي أصبح يكتسيها بعد ترفيعه من طرف شبكة الجزيرة من إدارة إلى قطاع ضمن الهيكلة الجديدة للشبكة، معتبرا أن هذا سيسهم في تطوير عمل المركز، ويطور أداءه بما يقرب التحليلات والدراسات التي تخص المنطقة العربية والعالم. واعتبر الدكتور الزين في حديث لـ «العرب» أن وجود المركز ضمن شبكة الجزيرة الإعلامية يعطيه ميزات كبيرة جدا، كما أن البحوث والدراسات التي يعدها توفر قاعدة أعمق بالتطورات التي تجري في المنطقة، وتوصيات يمكن أن يأخذ بها صانع القرار السياسي. وقال إن المركز يسعى في عدد من الدراسات إلى تحليل الدور القطري تجاه عدد من القضايا، من خلال دراسته والتعامل معه إيجابا، وكشف عن وجود مذكرة تفاهم مع المعهد الدبلوماسي التابع لوزارة الخارجية من أجل تبادل الخبرات والتجارب. وفيما يلي نص الحوار..  بداية كيف تقيمون عمل مركز الجزيرة للدراسات منذ تأسيسه، وأين يمكن توطينه وفقا لجهوده البحثية والدراسات التي أشرف عليها؟ - تأسس المركز سنة 2006 أي بعد مرور عشر سنوات من تأسيس قناة الجزيرة، وذك لأهداف منها تقديم خدمة بحثية مميزة للنخب وصناع القرار والدبلوماسيين والباحثين، فيما يتعلق بفهم أعمق للتحولات والأحداث التي تجري في منطقة الشرق الأوسط ومحيطها، وتقديم مساعدة بحثية لقنوات شبكة الجزيرة، خصوصا في المجال الإخباري والبرامجي من خلال الدراسات والأوراق التي يعدها المركز، فيما يبقى وجود مركز بحثي ضمن مؤسسة إعلامية أمرا طريفا نوعا، لأن المراكز البحثية التي نعرفها تكون مستقلة في الغالب، أو تابعة لمؤسات أكاديمية، أو لدوائر صنع القرار في وزارات الخارجية أو الدفاع في الدول الغربية، أما فكرة مراكز بحثية تابعة لمؤسسات إعلامية فليست منتشرة أكثر، مع عدم نفي وجود نماذج في منطقتنا، منها مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية ضمن مؤسسة الأهرام، وأخرى في الخليج.  ما الذي استفاده المركز بعمله ضمن شبكة إعلامية في نهاية المطاف؟ - الفريد في هذه التجربة أن شبكات التلفزة العالمية المعروفة تكون لها مراكز أبحاث مستقلة، وليس أقسام كما هو الحال بالنسبة لمركز الجزيرة للدراسات، وبكل تأكيد وجود المركز ضمن شبكة الجزيرة الإعلامية يعطيه ميزات كبيرة جدا، منها اتصاله بالشبكة الإعلامية، واستفادته من منصة إعلامية تعرف بالدراسات والكتب والفعاليات التي ينظمها، وهذه أشياء تتطلع إليها العديد من المراكز من أجل الوصول إلى أكبر فئة من الجمهور، وهي ميزة جيدة، ثم الاستفادة من الانتشار الواسع للزملاء في قناة الجزيرة الذين ينتشرون عبر العالم، الذين لهم معرفة وإلمام تفصيلي بما يجري من أحداث؛ حيث يوفرون معلومات تساعد المركز على تقديم معلومات وتحليلات موثوق منها، ومبنية على أسس ثابثة، يستعان بها في إعداد أوراق تقدير موقف، إلى جانب الاستفادة من اسم الجزيرة.  ما التحديات التي يواجهها المركز في سياق إعداده لأوراق البحث والتقارير؟ - نعرف أن العمل البحثي مضن وشاق، ويحتاج إلى وقت معتبر للإنجاز، وعدد من المراكز البحثية تبلور خططها البحثية على المدى البعيد والمتوسط في الغالب، إلا أننا في المركز بحكم تعاملنا مع الأحداث الجارية التي تفرض علينا العمل، نجد أنفسنا أمام تحد بشأن كيفية الاستفادة من الوقت والتطورات وإنهاء الدراسات، مع المحافظة على أصالة وعمق العمل البحثي.  ماذا عن فريق العمل الذي يشرف على الدراسات والأبحاث التي يعدها المركز؟ - بالنسبة لفريق العمل لدينا مجموعة صغيرة من الباحثين من دراجات متفاوتة، بين باحثين وباحث أول ومساعدي باحث، ومهمتهم هي إدارة العملية البحثية من خلال متابعة التطورات التي تحدث في المنطقة، والتقاط الموضوعات التي يراد إعداد أعمال بحثية فيها، سواء كانت دراسة أو ورقة تقدير موقف أو تحليل، أو فعالية أو ندوة، ثم تأطير الموضوع نفسه، واختيار المناسبين من الخبراء والباحثين من أجل إنجاز العمل البحثي، وبعد ذلك مراجعة وتقويم العمل البحثي، ونشره وغير ذلك، وهذا بحوالي %20 من الأعمال داخل المركز، والباقي نعتمد فيه على مجموعة من الخبراء الذين يساهمون معنا في مختلف المجالات، نحن نشتغل على موضوعات متحركة، وهذا لا يفرض علينا أن نأتي بخبراء ومختصين يكونون داخل المركز، وحتى تكون لدينا المرونة الكافية فنحن نتعامل مع مجموعة من الخبراء المتعاونين والمشاركين غير المتفرغين، أما المتفرغون في المركز فعددهم 15 موظفا، وهم جزء من شبكة الجزيرة.  هنا يطرح سؤال حول مدى التزام هؤلاء الباحثين بتوجهات المركز في المجال البحثي، والآليات والمعايير التي يعتمد عليها؟ - هذا سؤال مهم وجيد، بالنسبة للمقاربة التي نعتمدها في هذا السياق نختار الموضوع أولا، وعندما نطلب من خبير ما إعداد تحليل حول قضية من القضايا أو تطور من التطورات، نقدم لهذا الخبير طلب استكتاب، مع تحديد الموضوع والأسئلة التي يجب أن يتعامل معها، أما ما يتعلق بمادة التحليل، فنحن نعتقد أن الخبراء الذين نختارهم، هم أهل الشأن وأدرى بالموضوع نفسه بدرجة يستطيعون تقديم تحليلهم ودراستهم بشكل موضوعي ومتكامل.  هل لديكم أسماء ثابتة حول كل قضية أو ملف بعينه، أم أن هناك تعاطيا آخر مع هذا الشان؟ - نحن بحكم التجربة والتعامل المستمر مع عدد من الباحثين أصبحت لدينا مجموعة من الأسماء في عدد من المناطق، وتحليلاتهم جيدة وعندهم القدرة على التجاوب مع طلباتنا بشأن تحديد الوقت، لأن دراساتنا وتحليلاتنا مرهونة بالأحداث، وهم يستجيبون في الوقت المناسب كما يتفق على ذلك، وهذا أمر مهم، كما أن الخبير يكون لديه إلمام ومعطيات بالقضية محور النظر، ونحن نسعى باستمرار إلى التعامل مع دائرة أوسع من الخبراء والمحللين الذين يمكن أن يقدموا معرفة تفيد الناس لفهم ما يجري.  تؤكدون أن عمل المركز مرتبط بالأحداث والتطورات، لكن نرى أحيانا دراسات وبحوثا غير مرتبطة بما يجري من تطورات، ما الذي يضبط هذه البحوث؟ - هذا صحيح، مهمتنا في المركز هي محاولة تقديم فهم أعمق لما يدور في المنطقة من تطورات وأحداث، بمعنى ما نراه من أحداث يومية، بمعنى أن ما نراه على شاشات التلفزة هي أحداث يومية، ناتجة عن ظروف موضوعية وأسباب عميقة، فنحن نسعى إلى فهم كل هذا، مع تحليل الأحداث، وهذا ما نسميه نحن بأوراق تقدير الموقف والأوراق التحليلية، كما نصدر كتبا تتناول قضايا سياسية واستراتيجية في المنطقة تساعد أيضاً في فهم ما يجري، فمثلا عندما نصدر كتبا تتناول ظاهرة الإسلام السياسي، أو الظاهرة السلفية، أو المسيحيين في العراق، أو الدبلوماسية القطرية، فكل هذا يساعد على فهم التطورات والمواضيع، ونحن نريد أن نكمل ونقدم معرفة تساعد على الفهم، رغم أن بعضها قد يبدو أكاديميا.  تتطرقون لبحوث ودراسات في عدد من دول العالم، لكن تبقى منطقة الخليج بعيدة نسبيا عن مجال بحثكم المكثف؛ حيث لا يخفى عليكم مدى سخونة المنطقة سياسيا، والتحديات التي تواجهها على أكثر من صعيد، سؤالي هو ما موقع منطقة الخليج من أبحاث ودراسات المركز؟ - هذا سؤال وجيه، نحن بدأنا نتعامل مع منطقة الخليج بشكل متفرد، فمن قبل كانت لدينا منظومة دراسات للمنطقة العربية، وكانت المنطقة الخليجية تندرج تلقاء ضمن هذه المنظومة، لكن ومنذ سنة ركزنا على قضايا الخليج والتحولات التي يمر بها وأوضاعه، وأفردنا له وحدة متخصصة، وهي وحدة دراسات الخليج، وتهتم بالشأن الخليجي، ولدينا أوراق بحثية ودراسات وتقارير مقدمة لجمهور القراء، فمثلا تطرقنا للتيار السلفي في دولة الكويت، وللشأن البحريني، وأعددنا أوراقا عن الإصلاحات السياسية في بعض دول الخليج مثل السعودية وسلطنة عمان، وأصدرنا كتابين عن قطر، أحدهما يتطرق إلى الدبلوماسية العامة في قطر، وآخر يتناول التجربة التنموية، كما أصدرنا كتابا عن التسليح وأمن الخليج، وبالمجمل لدينا دراسات وبحوث تتناول دراسات ذات طابع أمني في المنطقة الخليجية، وأخرى لمسار الإصلاحات السياسية والتحولات الاجتماعية وغيرها.  هل تعتقدون أنكم بهذه الأبحاث والتقارير والدراسات تفيدون صانع القرار، والفاعل السياسي من جهة تحديد تصورات واقعية لما يجري، أم أن هذه التقارير تبقى استئناسية، ولا يرجع إليها في صياغة سياسة عامة قادرة على تحديد المواقف ورسم التوجهات؟ - نحن نعتقد أن هذه البحوث والدراسات توفر قاعدة أعمق بالتطورات التي تجري في المنطقة، وتوصيات يمكن أن يأخذ بها صانع القرار، أما إلى أي مدى يمكن لصانع القرار الاستفادة منها، فهذا يرجع إلى صاحب القرار نفسه، لأنه حسب طبيعة المنطقة العربية إجمالا، نجد أن النظم الحاكمة لا تميل كثيرا إلى الاستعانة والاستفادة من الأبحاث والدراسات.  هل هذا بسبب تحييد مقصود لمراكز الأبحاث والدراسات وتركها في إطارها، أم بسبب وجود أزمة تفكير لدى دوائر صنع القرار السياسي في المنطقة العربية؟ - ربما تكون هناك أزمة، لكن في الآونة الأخيرة حدث تطور، وما نقدمه حتى لو لم يستفد منه صانع القرار، سيستفيد منه المهتمون والرأي العام، لأننا ننشرها في شكل كتب وعلى الموقع، والأهم أن المركز يحاول تكريس دراسة وتحليل قضايا المنطقة من داخل المنطقة، وهذا يفيد حتى من هم خارجها، ونحن في المركز لاحظنا رغبة كبيرة من المجتمع الدبلوماسي الموجود في الدوحة للاطلاع على دراسات وأبحاث المركز حول قضايا المنطقة، فهم يشتركون معنا في النشرة الدورية التي نصدرها، وعدد من الدبلوماسيين والسياسيين يقومون بزيارات للمركز ويقابلون الباحثين، لأنهم يريدون الاطلاع على المركز كتجربة وعلى الإنجازات، لأن دوائر صنع القرار الغربية ظلت دوما تراقب قضايا المنطقة من وجهة نظر غربية فقط، لكن اليوم هناك رغبة في الاطلاع على وجهة نظر الداخل.  نتطرق إلى التطورات التي عرفتها المنطقة بعد الريبع العربي، وما نتج من تحولات، هل يمكن القول إن دورا جديدا فرض على مراكز البحث، وسرع من وثيرة عملها وفقا للسياق السياسي الذي تمر به المنطقة؟ - هذا سؤال مهم، فالربيع العربية أطاح بأنظمة وأخرى في الطريق، وهنا يفتح الباب أمام تساؤلات كثيرة، مثل تحديات مرحلة الانتقال، لأن الانتقال من أنظمة قديمة إلى أخرى جديدة تسعى إلى ترسيخ الديمقراطية وحقوق الإنسان، وتكون أنظمة سياسية تقود إلى ازدهار اقتصادي، فهذه القضية معقدة وشائكة، وهنا يمكن لمراكز البحث أن تلعب دورا مهما بلا شك، أولا بتفسير طبيعة التحديات، حتى لا يطلق الناس العنان لأحلامهم وآمالهم ويصابوا بعدها بالخيبة، كما نريد أن نوضح أن مساقات التغيير تبقى دائما معقدة وشاقة، ويمكن لمراكز الأبحاث أن تعرف الناس على تجارب الشعوب من حولنا، كيف تعاملت مع الانتقال ليس من باب التقليد، ولكن للاستفادة من الدروس؛ حيث إن هناك متطلبات في عمليات التغيير تقدم الرؤى التي تناسب وتلائم طبيعة المنطقة العربية، فمراكز الأبحاث يمكن أن تقوم بهذا الدور، كما يمكنها ردم الفجوة بين المجتمع الأكاديمي الذي يعكف على الدراسات والمجتمع السياسي، لإنتاج خيارات وبدائل تنجح انتقالا يحقق إصلاحات سياسية واجتماعية، ويساعد على التكامل بين دول المنطقة، وأوسع من ذلك تقديم رؤية عن التعايش مع المحيط، خاصة الآسيوي والأوروبي والإفريقي، والمصالح الإقليمية المتبادلة.  هل تعتقدون أنكم في المركز خلقتم لغتكم الخاصة وهويتكم البحثية، وحاولتم كسر الهوة بين فكر النخبة والجمهور؟ - هذه مسألة ضرورية، والمركز سعى في هذا بشكل جدي، وحقق نجاحا في بعض الجوانب، ولدينا أمثلة بشأن خلق تواصل بين النخب والجمهور البسيط في قضايا التحولات الاستراتيجية والسياسية، ففي مجال الإصدارات والكتب، لدينا ما يسمى بأوراق الجزيرة، وهي بلغتها وأسلوبها تبقى بسيطة، ومقصود بها الرأي العام، والشخص العادي وغير المتخصص، والذي يريد أن يفهم ما يجري، فما نصدره في المركز من أوراق تقدير موقف، وتقارير تحليلية وتحليل قضايا فكرية كلها تصاغ بأسلوب يساعد القارئ العادي، وتقدم قراءة لحدث معين مع التحليل واستشراف المستقبل، إضافة إلى ما نقيمه من فعاليات وموائد نقاش، لأننا من الأساس نرى أنه لا يجب أن تبقى الفعاليات حبيسة النخبة التي تتحاور داخل القاعة، بل تنقل إلى الجمهور، ونحن مع الجزيرة مباشر نسعى دوما إلى نقل النقاشات عبرها، كما قصدنا إحداث شيء من التفاعل بين النخب المتحاورة في القاعة والجمهور، وهذا طبقناه في شهر أبريل الماضي من خلال ندوة اللاجئين الفلسطينيين في الدول العربية؛ حيث نقلنا على الهواء النقاشات، وبعض الزملاء في قناة الجزيرة أعدوا تقارير حول معاناة اللاجئين عرضت داخل القاعة، لكن الأهم قمنا بربط بعض اللاجئين من لبنان وغزة، وشاركوا في الندوة عبر الأقمار الصناعية وقدموا مداخلاتهم، فخلقت حالة تفاعلية مع أصحاب القضية والخبراء، ونحن نسعى باستمرار لتطوير الجديد، إضافة إلى تطوير التواصل عبر وسائل التواصل الاجتماعي.  نغير دفة الحوار باتجاه الشأن الداخلي للمركز ضمن شبكة الجزيرة، يجري الحديث عن هيكلة جديدة ستعرفها الشبكة، ما موقع مركز الجزيرة للدراسات من هذه الهيكلة؟ - المركز في ظل الهيكلة الجديدة يتلقى اهتماما كبيرا؛ حيث تم ترفيع مستوى المركز من إدارة إلى قطاع، كما أن إدارة الجزيرة وقعت عددا من مذكرات التفاهم مع عدد من المؤسسات بعضها عالمي وآخر وطني، وأوكلت إلى المركز الوفاء بالتزامات الشبكة، فهناك مذكرة تفاهم مع وزارة الخارجية القطرية والمعهد الدبلوماسي، ومع جامعة كارنيجي ميلون، وهناك مذكرات مع مؤسسات عالمية، دون إغفال دور المركز في تمثيل الشبكة حتى يصبح الوجه الفكري للشبكة.  على مستوى الموارد البشرية للمركز، وبحكم ما ذكرتم من التزامات جديدة وأعباء وتحديات، هل دعوتم إلى رفع ميزانية المركز، وزيادة عدد العاملين في مختلف الوظائف؟ - نرى أن ذلك قادم، ما دام أن الهيكلة لم تطبق بعد، ونتوقع أن يحصل ذلك قريبا، الأكيد أنه في ظل الأعمال الجديدة للمركز سيحصل على دعم مادي وفي الكادر البشري، خصوصا أن المركز يتوسع في مهامه داخل الشبكة، ويوفر المساندة البحثية للقنوات الإخبارية، فالمركز يلعب دورا مهما اليوم وله مكان في هيكلة الشبكة.  هل تشعرون أنكم تواجهون منافسة من مراكز أبحاث أخرى، وبالأخص من المركز العربي للأبحاث والدراسات، رغم بعض الاختلاف في آليات العمل؟ - المنافسة موجودة، لكنها تبقى ظاهرة إيجابية، والمكسب هو وجود مراكز أبحاث تعلي من قيمة الجانب البحثي، وتخلق رأيا عاما مستنيرا، وتقدم فهما أعمق ورأيا لصانع القرار السياسي، بمعنى أنها تشتغل من داخل المنطقة، ولا تعارض دخول مراكز بحثية خارجية للعمل داخل المنطقة، كل هذا سيدفعنا إلى مزيد من العمل والإبداع، وهي في النهاية تتكامل، ويبقى أن أقول إن عملنا في مركز الجزيرة للدراسات مختلف نسبيا، كوننا نعمل ضمن شبكة الجزيرة، وهذا فيه قيمة إضافية وواجهة إعلامية، مع التركيز على القضايا المرتبطة بالأحداث، مع التكامل مع رؤية قطر لقضايا المنطقة.  إلى أي حد ترون أنكم تساهمون في تقديم رؤية قطر من الناحية السياسية دون الوقوع في الطابع الرسمي، والحفاظ على الاستقلالية البحثية؟ - من خلال تحليل هذا الدور ودراسته والتعامل معه إيجابا، وأذكر أن هناك مذكرة تفاهم مع المعهد الدبلوماسي من أجل تبادل الخبرات والتجارب، فهناك أرضية من التعاون، كما أن هناك مسعى لتقديم دراسات تبرز تعاظم الدبلوماسية القطرية في المنطقة، وإبراز دورها الفاعل والرئيس في قضايا المنطقة والعالم، ولكم أن تروا عدد الفعاليات التي تنظم في قطر وحجم الحضور وقيمته.  ما خطط المركز المستقبلية على المديين القريب والمتوسط؟ - نعمل في المركز على الحفاظ على ما تحقق، مع محاولة تطوير النشرة باللغة الإنجليزية؛ حيث أصبحت عندنا صفحة بالإنجليزية ننشر فيها تقارير ودراسات، وهي إما مكتوبة أصلا بالإنجليزية أو مترجمة، ونفكر لتوسعة هذا الاتجاه من أجل نشر كتب بالإنجليزية، وهذا رهان للمرحلة المقبلة، مع السعي إلى زيادة الحضور العالمي للمركز وأن يصبح قطبا بحثيا عالميا، فلدينا شراكات بحثية في عدد من مراكز العالم، ونبحث إجراء استطلاعات رأي دورية لسبر آراء المواطنين حول قضايا كثير، لأن المنطقة العربية تمر بتحولات، ومن الضرورة معرفة الرأي العام والتوجه الشعبي، وتقديمه إلى صانع القرار.  هل تشعرون أنكم راضون عن أدائكم طيلة فترة إدارتكم للمركز؟ - مدة إدارتي للمركز تقارب عامين ونصف، أنا راض عن التطور الذي حدث، لكني لست راضيا عن المستوى الذي حققناه لأنه كان بإمكاننا تحقيق الأفضل، وأقول إن هناك إنجازات حققناها بعدما بنينا على إنجازات من سبقنا، وقدمنا إضافات، لكن تبقى أمامنا تحديات، في مسألة إدارة مركز بحثي ضمن مؤسسة إعلامية في منطقة من أكثر المناطق سخونة، ليست عملية سهلة، لكننا نتطلع بما نجده من الإدارة العليا من دعم من قبل رئيس مجلس إدارة الشبكة الشيخ حمد بن ثامر آل ثاني، والمدير العام للشبكة الشيخ أحمد بن جاسم آل ثاني، وتشجيعهم لتقديم تجربة تسهم في التفاهم بين الشعوب ومعرفة حقيقية لما يجري.  إلى أي حد يبقى المركز قريبا من الباحثين الزوار، والجامعيين فيما يتعلق بالأبحاث حول الجزيرة؟ - هناك عدد من الباحثين الذين يزورون المركز ويقدمون إسهامات بحثية عميقة، كما نستقبل باستمرار طلبات تدريب من عدد من الباحثين في أكثر من دولة، لمسنا اهتماما بالدراسات الإعلامية التي تتناول الجزيرة كتجربة إعلامية، وهناك مؤسسات أكاديمية تتسابق لإعداد دراسات حول الجزيرة، ونحن كمركز دراسات نقوم بتنظيم هذه الأمور، كما قمنا برصد ما أعد من بحوث حول الجزيرة، ووجدنا تقريبا أكثر من 200 بحث ورسالة ماجستير في مختلف أنحاء العالم وبمختلف اللغات، ولها رصانة في البحث والتناول، وفيها آراء إيجابية وأخرى ناقدة، وهذا يضيف أنه إلى جانب إسهام الجزيرة في الأخبار، أيضاً أسهمت في المعرفة، ونحن نبحث أن تكون لدينا وحدة في الدراسات الإعلامية لتطوير هذا الجانب، من أجل تكريس البحث ودراسة تأثير الإعلام في المعرفة، ولدينا فرصة للتوسع في هذا المجال.