بعض أشكال إساءة معاملة المسنين تُصنَّف بأنها من أنواع العنف المنزلي
يصادف غداً 15 من شهر يونيو من كل عام، اليوم العالمي للتوعية بإساءة معاملة كبار السن، هذه الشريحة المهمة في أي مجتمع يتطلع للحياة التي تضمن للجميع الحياة الكريمة، وخاصة لمن بذل وقدم في بناء وتقدم هذا المجتمع. فما هي إساءة معاملة كبار السن؟
إن سوء معاملة كبار السن داء صامت، يقع على من تجاوز الستين من العمر، وهناك بعض القوانين التي تعتبر الإساءة للمسن فوق عمر 65، والتي يعاقب عليها القانون.
تعريف منظمة الصحة العالمية لسوء معاملة المسنين:
«القيام بفعل واحد أو فعل متكرّر، أو عدم اتخاذ الإجراء المناسب، داخل أيّة علاقة يُتوقّع فيها وجود الثقة ممّا يؤدي إلى إصابة الشخص المسن بضرر أو كرب».
والإساءة لكبار السن هو كل عمل مقصود، أو الفشل في عمل المطلوب، مما يسبب الأذى أو يعرّض كبير السن للخطر. ويمكن أن تأخذ الإساءة أشكالاً مختلفة، كإساءة المعاملة الجسدية أو النفسية أو العاطفية أو الجنسية أو المالية، أو الإهمال المتعمّد أو غير المتعمّد. والمحزن أن الإهمال أو سوء المعاملة تقع من قبل شخص مسؤول عن رعاية هذا المسن. وقد تتم إساءة معاملة المسنين في المنزل، أو في دور الإقامة، أو في المجتمع.
ومن الطبيعي أن يعتبر سوء معاملة كبار السن قضية اجتماعية أخلاقية ونفسية وصحية خطيرة، تؤثر على المزيد من كبار السن في المجتمع.
وفي عام 2002، لفتت منظمة الصحة العالمية الانتباه لهذه القضية، وإلى أن إساءة معاملة المسنين من مقدمي الرعاية تعدّ مشكلة عالمية. وفي عام 2006، حددت الشبكة الدولية لمنع إساءة معاملة المسنين يوم 15 يونيو يوماً عالمياً للتوعية بإساءة معاملة المسنين، حيث تنظّم في هذا اليوم عدداً متزايداً من الأنشطة في جميع أنحاء العالم لزيادة الوعي بإساءة معاملة المسنين، وتسليط الضوء على طرق التحدي لمثل هذه الانتهاكات.
تحدث إساءة معاملة المسنين في كثير من مناطق العالم، ولا يتم الاعتراف بها أو التصدي لها إلا في حالات قليلة. وكانت هذه المشكلة حتى الآونة الأخيرة، مخفية عن أعين الجماهير وتُعتبر من المسائل الشخصية. ولا تزال هذه الظاهرة في بعض البلاد من الأمور المسكوت عنها، وتستهين بها المجتمعات وتتجاهلها. غير أنّ البيّنات تشير حالياً إلى أن إساءة معاملة المسنين باتت من المشكلات الصحية العمومية والاجتماعية المهمة.
وإساءة معاملة المسنين من المشاكل الموجودة في البلدان النامية والبلدان المتقدمة على حد سواء، ولكنّها أيضاً من المشاكل التي لا يُبلّغ عنها بقدر كافٍ على الصعيد العالمي. ولا توجد معدلات انتشار هذه الظاهرة إلا في بعض البلدان المتقدمة، وهي تتراوح بين 1 % و10 %. وهي تقتضي استجابة عالمية متعدّدة الجوانب تركّز على حماية حقوق المسنين.
تصنيف امتهان كبار السن
يصنّف هذا الامتهان أو الإساءة للأنواع التالية:
1- العنف المنزلي: بعض أشكال إساءة معاملة المسنين تصنّف على أنها من أنواع من العنف المنزلي أو العائلي بسبب ارتكابها من قبل أفراد الأسرة.
2- الإيذاء المؤسسي: عندما يقوم مقدم الرعاية المدفوع الأجر بالإساءة لمرضاه المسنين.
3- النشاط الإجرامي العام، كاقتحام المنازل أو السلب في الشارع، أو عند السطو لسرقة ممتلكاته.
علامات امتهان المسنين
هناك الكثير من العلامات والمؤشرات لاحتمال وقوع الإساءة أو الإهمال، والتي تجعلنا نفكر بهذا الاحتمال عندما نجدها، ومنها:
• كسر العظم أو كونه مشعور.
• سوء المظهر الجسدي.
• التغييرات في الحالة النفسية.
• الالتهابات المتكررة.
• الكدمات أو الجروح.
• فقدان الوزن غير المبرر.
• الصمت ورفض الكلام.
• علامات الجفاف.
• قلة النظافة.
• تراجع الحالة الصحية غير المبررة.
• عندما يشتكي كبير السن أو أسرته. وعلى الرغم من توجيه بعض كبار السن الذين يعانون من الخرف أو المرض العقلي اتهامات كاذبة بسوء المعاملة لمقدمي الرعاية أو أفراد الأسرة، فإنه يجب التحقيق في جميع تقارير الإيذاء حتى يثبت العكس.
الأنواع المختلفة لإساءة كبار السن:
1- الجسدي.
2- الجنسي.
3- العاطفي/ النفسي.
• الكلامي.
• غير الكلامي.
• المعاناة.
• القلق والألم النفسي.
• الخوف.
ويشمل الامتهان النفسي التعدي المنظم على المسن بكل الأفعال غير البدنية، مثلاً:
• المضايقة.
• التوبيخ.
• السبّ.
• السخرية.
• التشويه.
• المطاردة (الكلامية).
4- المالي/ الاستغلال والابتذاذ المادي.
5- الإهمال.
6- الترك والهجران.
7- الإهمال الذاتي.
هل عندنا في مجتمعاتنا العربية الإسلامية إساءة لكبار السن؟
نعم، فلا يوجد مجتمع ممنّع من هذا السلوك، وإن كان غير واضح أحياناً، فهو داء صامت. وتنقصنا الإحصاءات الدقيقة في بلادنا، ولكن في بعض المجتمعات العربية تقدر نسبة كبار السن ممن يتعرضون لسوء المعاملة بما يتراوح بين 4 -10% (أونتاريو/ كندا).
وقد حددت الاستراتيجية العربية لكبار السن (2019 - 2029) الصادر عن مجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب، عدداً من التحديات لرعاية كبر السن في المنطقة العربية:
1- تزايد الاحتياجات الصحية لكبار السن وتنوعها، خاصة مع ضعف القدرات الاقتصادية لهذه الفئة في المنطقة.
2- الخدمات الصحية الجيدة والمنتظمة وخدمات الرعاية النفسية غير متاحة لكل المسنين في المنطقة.
3- عدم إعطاء محور «صحة كبار السن» الأهمية التي يستحق في الخطط التنموية المستدامة والموازنات.
4- ارتفاع نسبة من يعانون من مرض نفسي أو عصبي لدى فئة المسنين (أكثر من 20 % من البالغين بأعمار 60 سنة فما فوق).
5- ارتفاع انتشار بعض الأمراض المرتبطة بتقدم السن كالخرف، ويعيش معظم المصابين في بلدان ذات دخل منخفض ومتوسط.
6- النقص المسجل في التعرف إلى مشاكل الصحة النفسية من جانب المتخصصين في مجال الرعاية الصحية ومن كبار السن أنفسهم، خاصة أن الصحة النفسية لها تأثير في الصحة البدنية والعكس صحيح، فمعدلات الاكتئاب مثلاً بين كبار السن الذين يعانون من ظروف صحية بدنية أعلى من أولئك الذين هم في حالة طبية حسنة.
7- تعرض نسبة من كبار السن، خاصة في ظروف التهجير وانعدام الأمن والفقر، للإيذاء الجسدي والنفسي والعاطفي والمالي والمادي، والهجر، والإهمال، وفقدان الكرامة والاحترام بشكل كبير.
8- النقص الفادح في القدرات البشرية الصحية المختصة في طب الشيخوخة ورعاية كبار السن.
9- ارتفاع كلفة الخدمات الصحية لكبار السن، خاصة ذوي الإعاقة منهم.
أي الأنواع الأكثر شيوعا؟
الأكثر انتشاراً هو الإهمال، ويشتكي كبار السن خاصة من الاستغلال المالي، بالإضافة للإساءة العاطفية / النفسية أو الجسدية أو الجنسية
وأكثر بيئات الشكاوى المقدمة بالإساءة هو الذي يقوم به العاملون في التمريض والرعاية، بعدم القيام بالأعمال المطلوبة من تقديم الرعاية للمسن، ومنها الغذاء، والعلاجات، أو المساعدة بالحركة والتنقل.
من يقوم بهذه الإساءة؟
الغالب هم الأشخاص الذين يعرفونهم، أو لديهم علاقة معهم، مثل:
• الزوج أو الشريك.
• أحد أفراد الأسرة.
• الصديق.
• الجار.
• الأشخاص الذين يعتمد عليهم الشخص الأكبر سناً للحصول على الخدمات.
عوامل الخطورة، ولماذا يقوم المسيء بالإساءة؟
العوامل المتعلقة بمقدم الرعاية أهم في كشف الخطر من العوامل المتعلقة بكبير السن متلقي الرعاية. وعوامل الخطورة هذه لكل أنواع إساءة المعاملة، وكلما زاد عدد عوامل الخطورة كلما زاد احتمال حدوثه. وطبعاً تفهّم هذه الأسباب لا يبرّر هذه الإساءة.
1- كون الشخص مقدم الرعاية لكبير السن، فهذا بحدّ ذاته أحد عوامل الخطورة.
2- كون كبير السن مصاب بالعته / الزهايمر (12 %).
3- مسؤولية رعاية كبير السن تجاوز 75 من العمر.
4- العيش المستمر مع هذا المسن.
5- وجود مشكلة بالعلاقات مع المسن
6- قلة خبرة مقدم الرعاية.
7- رفض مقدم الرعاية تقديم هذه الرعاية.
8- إصابة مقدم الرعاية بحالة نفسية (التوتر، الاكتئاب، قصة اكتئاب...).
9- الإدمان والتعاطي، أو قصة إدمان.
10- إصابة مقدم الرعاية بالاحتراق النفسي.
11- صعوبات مقدم الرعاية المالية.
12- سلوك عدواني أو مُهدد أو عنيف.
13- عنده واجب رعاية أخرى غير المسن (أطفال..).
14- نسبة عالية من التوتر والضغط النفسي.
15- العزلة وغياب الدعم الاجتماعي.
16- ضعف الصحة البدنية.
17- قصة مرض نفسي.
18- قصة القلق.
19- تعرض الطفولة لسوء المعاملة أو الإهمال أو العنف.
20- صدمات الطفولة.
21- عدم تحقيق حاجيات الطفولة.
22- معاملة الأب القاسية أو الاكتئاب أو الإدمان.
23- توقعات عالية من قبل كبير السن تحت الرعاية.
24- الاعتماد الشديد لمقدم الخدمة على المسن.
ماذا نفعل حال الإساءة لكبار السن؟
• التوعية العامة بسوء المعاملة التي يمكن أن يتعرض لها كبار السن، والتعاون لمنعه.
• وجود آلية واضحة لكبير السن وغيره لتقديم الشكوى بوقوع أو احتمال وقوع الإساءة أو الإهمال، والوقاية منها.
• الخط الساخن الدائم، وبرقم بسيط.
• تدريب الأطباء والعاملين في المجال الصحي حول ضرورة الكشف المبكر للمسن الذي يُحتمل تعرضه لسوء المعاملة أو الإهمال.
• التركيز على الرعاية الصحية الأولية والخدمات الاجتماعية، بالتدريب والتوعية لمشكلة إساءة معاملة المسنين، وكشفها والتصدي لها.
• وجود هيئة / مؤسسة معنية بمتابعة هذه الشكاوى، ولها سند قانوني إجرائي.
• تقديم الدعم والإرشاد النفسي للمسن الذي تعرض للإساءة أو الإهمال.
• تقديم الدعم والمتابعة لكبار السن الأكثر عُرضة للإساءة والإهمال.
• تقديم الدعم المناسب للأسرة التي ترعى كبير السن، والأكثر عرضة للإساءة أو الإهمال.
• توفير مراكز الرعاية النهارية بحيث يُحضر كبير السن في الصباح، فيقضي عدة ساعات مع آخرين من كبار السن، فيتبادلون أطراف الحديث، وتحت رعاية طاقم مدرّب، وتناول وجبة طعام مناسبة، ومن ثم يعود لأسرته، حيث مكانه الطبيعي بين أسرته.
• يمكن عند الضرورة القصوى الطبية أو النفسية أو الأسرية أن يكون هناك ما يسمى «دار المسنين» للشخص الذي يصعب على أسرته رعايته المناسبة، لإصابته بالخرف والسلوكيات الخطرة كإشعال الحرائق، فربما الحل الأفضل أن يكون في هذه الدار، وتحت الرعاية، فهذا أفضل من «حبسه» في غرفة في البيت، وتعرضه لسوء المعاملة أو الإهمال.
•إقامة الأنشطة والفعاليات بهذه المناسبة السنوية للتوعية بكل ما سبق.