كريمة بنعمران: أعجبت بالمستوى العالمي للفنانين القطريين

alarab
ثقافة وفنون 14 يونيو 2011 , 12:00ص
الدوحة - عبدالغني بوضرة
قدّمت الباحثة المغربية كريمة بنعمران، نائبة مدير المركز العالمي للفنون التشكيلية وعضو جمعية الفكر التشكيلي بالرباط، مساء أمس الأول قراءة في الفن المغربي المعاصر. واستعرضت المسؤولة السابقة عن رواق باب الرواح بعاصمة المملكة المغربية والمختصة في إدارة وتنظيم المعارض وأروقة الفنون، خلال ندوة لها استضافها مركز الفنون البصرية بكتارا، أدارتها الفنانة أمل العاثم رئيسة مركز الفنون البصرية، أبرز وجوه ورموز التشكيل المغربي ومدارسه وأساليبه. وأوضحت الباحثة المغربية أن الهدف من زيارتها لدولة قطر، من أجل التعرف على الحركة التشكيلية المعاصرة عن قرب والتنسيق مع المؤسسات المعنية بالفنون لعرض أعمال بعض الفنانين القطريين بالمغرب سواء بالقاعات الخاصة أو العامة، فضلا عن اشتغالها على مشروع دولي حول الفن الواقعي من المرتقب عرضه في المغرب وفرنسا وتعمل على عرضه في قطر، بالإضافة إلى مشروع النحت العربي وورش وندوات للتعريف بالتجارب الجديدة في مجال النحت وهو المشروع الذي ستحتضنه الخزانة الوطنية بالرباط وبرواق الدريسي بطنجة. وأعربت كريمة بنعمران، الخبيرة بالمجال الفني لـ «العرب» عن إعجابها بالمستوى العالمي للفنانين القطريين الذين التقت بهم، خصوصا الفنانين يوسف أحمد الذي اندهشت لأعماله ومشروعه في الاشتغال على سعف النخيل، والفنان علي حسن، معتبرة أعماله آية في الجمال وتأخذ بالألباب، فضلا عن أعمال الفنانة أمل العاثم وآخرين. وخلال حديثها، قالت كريمة بنعمران: إن تاريخ اللوحة في المغرب يعود إلى بداية القرن العشرين، ليظهر بعدها الفن المعاصر كحركة جديرة بهذا الاسم خلال خمسينيات القرن الماضي، وانطلق في هذه الفترة وبالتحديد عام 1954 عدد من الفنانين الشباب في الدراسات المتخصصة في الفن من خلال مدرسة الفنون الجميلة بمدينة تطوان وأكاديمية الفنون في مدينة فاس، ثم في المدارس الإسبانية للفنون وفي مدارس باريس الفرنسية للحصول على تكوين يستجيب لتطلعاتهم، وهو ما حدث مع الفنان أحمد الشرقاوي الذي شكلت الغربة بالنسبة إليه فرصة للحوار مع الآخر، فدفعته إلى البحث عن قيم مغايرة وجديدة. وأوضحت المتحدثة أن تجربة الفنان أحمد الشرقاوي كانت نقطة تحول كبرى في الصراع الفني بين الفن المعاصر الغربي والفن المعاصر الشرقي؛ إذ استعاد الإشارة السحرية المحلية وصاغها بشمولية كونية معاصرة، أما الجيلالي الغرباوي فقد خط لنفسه أسلوبا وسمته بنعمران بـ «المعاصرة الغنائية» وهو المنبهر في بداياته الفنية بالمدرسة السريالية الفرنسية. ووقفت الباحثة كريمة مليا عند تجربة الفنان الكبير فريد بلكاهية باعتباره أكثر الفنانين المعاصرين المغاربة تعاملا مع التراث والذاكرة. فقد اندفع في مغامرة حقيقية مع المادة (الجلد والنحاس والحناء والزعفران وقشور الرمان)، وعبر من خلالها على التمرد والألم الإنساني واستطاع أن يؤسس لأعماله موقعا على مستوى كبير من الجاذبية داخل المغرب وخارجه يشعر المتلقي أمام أعماله -حسب المحاضرة- بأنه فنان يشتغل بكافة قواه النفسية والبصرية والعضلية أيضا، وهو في هذا البحت التشكيلي المميز يفتح آفاقا للممارسة الفنية العربية المرتبكة والضائعة يستعير الفنان فريد بلكاهية في تكويناته المعاصرة الأوشام، الإشارات، الخطوط العربية والرموز. يركز في بعض أعماله على الكف/ الخماسية بلون الحناء أو على الأشكال الجنسية البيولوجية، مستخدما مواد حرفية كالنحاس والجلود والخشب والأصباغ البلدية والمحلية، مشيرة إلى أنه استطاع ترسيخ عمله الفني على ركائز مستوحاة من البيئة ومن مواد الحياة اليومية ليختلق بها علاقات قوية مع عالمه الشاعري المعاصر. وأثناء وصولها لسبعينيات القرن الماضي أبرزت الباحثة بنعمران أن هذه الفترة عرفت تطورات فنية وجمالية في سياق التشكيل المغربي توج بإنشاء الجمعية المغربية للفنون التشكيلية في عام 1972، ومجلة متخصصة في الفن سنة 1974، وأن هذا العقد الزمني يعد استمرارية لمجموعة من الفنانين منهم: محمد القاسمي وهو أحد المبدعين المغاربة الذين سكنهم هاجس السؤال والمعاناة فقدم أعمالا تشكيلية مشبعة بالألوان والإشارات بالإضافة إلى الفنان فؤاد بلامين الذي استطاع أن ينقل على القماش ذلك الأثر الاجتماعي والحضاري لمدينة فاس الساكن في أعماقه. وأشارت المتحدثة إلى أن الفنان بوشتي الحياني حاول التعبير عن وعيه الإبداعي فهو لا يصف الأشياء ولا يصورها، لكنه يكتفي بتركها لتنبثق من خلال الكم اللوني الإبداعي، كما أن هناك حركة تشكيلية متميزة في أسلوبها ومعالجاتها الفنية حركة (الحروفية العربية). وأكدت بنعمران أن الفنان المغربي المعاصر كان مدركا لخصوصية الحرف العربي وما يحمله من شحنات فنية قابلة للإبداع؛ حيث اكتشف مبكرا أهميته وما يملكه من عناصر تشكيلية جمالية ومعاصرة، ويمكن القول إن تأثير الحرف العربي رافق الحركة التشكيلية المغربية المعاصرة منذ انطلاقها حيث بدأ الخطاطون والفنانون يقدمون أعمالهم على لوحات القماش على الطريقة الغربية، متمسكين بجمال الخط العربي، فالفنان عبدالله الحريري على حد قول كريمة، بحث عن نقطة التقاء بين تراثه الماضي وتراثه الحاضر فركب مغامرة الحرف العربي بوعي وفهم من خلال دلالاته المرتبطة بالتراث والبيئة الثقافية. وذكرت كريمة أن عقد الثمانينيات عرف وفرة في الأعمال الفنية وصعود أسماء فنية بارزة، من بينها الفنان حكيم الغزالي الذي يعد من الفنانين المتميزين، وتتسم تجربته التصويرية بالأهمية بسبب الطريقة التي يحول من خلالها الإنسان إلى أثر يدل عليه، ومن مظاهر التحوّل الإبداعي في التجربة التشكيلية المغربية الراهنة أيضا انخراط مجموعة من الفنانين الشباب خارج أرض الوطن خصوصا في أوروبا، في تيارات ما بعد الحداثة، وذلك من خلال إنتاج مجموعة من الإرساءات والمنشآت الفنية بإضافة الفيديو والفوتوغرافيا الجديدة والنحت الحي. فبرزت بعض التجارب الجمالية المغربية المعاصرة التي تنتمي إلى الحساسية الجديدة، رغم محدوديتها وتكراريتها منهما تجربة: صفاء الرواس المولودة عام 1976 التي تعد أعمالها الفنية بأنها مزيج من النحت واللوحة والصورة، وهشام بنحود و (الفنان الإشكالي) منير الفاطمي؛ إذ إن أغلب أعماله تنحو نحو مساءلة التابوهات وياسمينة الزيات. وفي الأخير، أبرزت كريمة بنعمران أنه خلال السنوات الخمس الأخيرة، تتطلع الحركة الفنية التشكيلية في المغرب للمستقبل دون تنكر للماضي، مع بروز ما أسمته بـ «فن الشارع»، والذي يجد له سوقا رائجة بين عموم فئات المجتمع المغربي. وكانت الفنانة أمل العاثم رئيس مركز الفنون البصرية، ومديرة النقاش، أكدت في بداية حديثها حرص المركز على تحقيق التوازن بين الوعي النظري والخبرات العملية في تجاربه، وأن هذه الندوة تأتي امتدادا لاستضافات المركز لكبار الفنانين والمنظرين على منبره تحقيقا لتلك الغاية المرجوة منه. يشار إلى أن الندوة حضرتها مجموعة من الأسماء الفنية، وذات الصلة بمجال الفن مثل السيد إبراهيم الجيدة الذي ارتبط اسمه في السنوات الأخيرة بمركز واقف للفنون.