يشهد الموسم السابع عشر من برنامج «نجوم العلوم»، ابتكارات لا تقتصر على تقديم ما هو جديد فحسب، بل تمتد لتشمل استكشاف ما يحمله المستقبل. وبينما يسخر المتسابقون تقنيات الذكاء الاصطناعي لتعزيز أدوات التشخيص القابلة للارتداء، وأجهزة إعادة التأهيل التكيفية، يتجلى اتجاه مشترك يفيد بأن مستقبل الصحة يقوم على التنبؤ، حيث إن أبرز ابتكارات هذا الموسم لا تكتفي بعلاج المشكلات، بل تعمل أيضا على توقعها واستباق حدوثها.
وبينما يعكف بعض المتسابقين على تحسين تقنيات التشخيص، يواصل آخرون تطوير ابتكار حلول وقائية رائدة للتصدي للتحديات الصحية قبل ظهورها. هنا يأتي ابتكار خلدون مقدادي من الأردن ليساعد الجرّاحين على الاستعداد للتعامل مع تعقيدات جراحات القلب، من خلال منصة محاكاة ثلاثية الأبعاد للشريان التاجي، تتيح رسم خريطة دقيقة للعملية الجراحية وإجراء محاكاة مسبقة لها، مما يقلل من حالات عدم اليقين ويحد من المخاطر المحتملة. ويوضّح مقدادي: «يهدف هذا الابتكار إلى تزويد الجرّاحين برؤية تمكّنهم من معالجة المشكلة قبل وقوعها.»
وفي هذه الأثناء، يعمل رياض حاج حبيب من الجزائر على علاج الاستجابات المناعية التي قد تتداخل مع العلاجات، من خلال استخدام ببتيدات سم العقرب لمحاكاة ردود الفعل المحتملة بصورة استباقية، مما يضمن الفعالية القصوى للعلاجات. ويشير حبيب: «إن تجنّب التفاعلات السلبية للجسم يتيح للعلاجات العمل على النحو المنشود». تعكس هذه الحلول المبتكرة تبنّي الموسم السابع عشر لمبدأ المرونة في منظومة الرعاية الصحية.
أما المتسابق الجزائري، العيد دردابو، فهو يعالج تحدٍ عالمي من نوعٍ آخر، ألا وهو نقص فيتامين (د)، حيث تمكّن من تطوير جهاز قابل للارتداء يراقب مستويات فيتامين (د) في الوقت الفعلي، مما يسمح بالتدخل المبكر. ومع معاناة أكثر من مليار شخص حول العالم من نقص فيتامين (د)، وما يترتب عليه من شعور بالتعب والإرهاق وهشاشة العظام ومشاكل المناعة، يُمكن لهذا الحل أن يُحدث تحولا في أساليب الحفاظ على الصحة الشخصية. ويوضح دردابو قائلًا: «نحن نمنح الجسد صوتًا يحميه من الانهيار».
يتجاوز التفكير المستقبلي حدود الطب ليشمل مجالات أخرى، حيث ابتكر محمد الشيخ صالح نظامًا ذكيًا مدعومًا بتقنيات الذكاء الاصطناعي لمراقبة نظم بطاريات المركبات الكهربائية، والتنبؤ بالأعطال قبل وقوعها، مما يتسق مع مبدأ الاستباقية الذي تجلى في الابتكارات العلاجية لهذا الموسم. ويعلق الشيخ صالح: «مع تحول العالم نحو الطاقة الكهربائية، تشكل الوقاية صمام أمان مثالي.»
لا تقتصر فلسفة التنبؤ على هؤلاء المبتكرين فحسب، فقد شهد الموسم السابع عشر من «نجوم العلوم» توجها متزايدا نحو الحلول القائمة على الاستباقية والمرونة. وسواء تعلق الأمر بأداة إعادة التأهيل العصبي المعززة بالألعاب التفاعلية للمتسابقة رزان سالم باهبري، أو نظام جراحي بتقنية الواقع المعزز للمتسابق محمد كاهنة الذي يدعم اتخاذ القرار في الوقت الفعلي، فإن ابتكارات هذا الموسم تعكس تحولًا نحو تقنيات تتنبأ بحدوث الأزمات، مما يحد من تبعات وقوعها.
قلةٌ هم من يدركون أهمية ذلك الأمر، مثل وهيبة شعير، المبتكرة الجزائرية وخريجة الموسم الأول من البرنامج، والمقيمة في كندا، التي أسهم تطبيقها «كاروت لاينز» لمسح باركود المنتجات الغذائية، في مساعدة الكنديين على اتخاذ خيارات غذائية صحية، قبل أن تصبح تطبيقات الصحة أمرًا شائعًا بزمن طويل. وتعلق شعير: «سبقنا عصرنا، حين بدأنا في عام 2009 بتطوير تطبيق «كاروت لاينز». لقد حقّق التطبيق انتشارًا واسعًا، حيث تجاوز عدد مستخدميه 100,000 مستخدم شهريًا، وضمت قاعدة بياناته أكثر من 40,000 منتج غذائي.
وبينما تسترجع وهيبة شعير تجربتها مع بدايات «كاروت لاينز»، ترى الروح ذاتها تتجلى في دفعة المتسابقين الجدد. وتضيف: «إن الابتكارات الهامة لا تحتاج إلى إذن، فهي تتوقع احتياجات الناس قبل أن يدركوها بأنفسهم. في حال وصلت مشاريع هذا الموسم إلى مرحلة النضج، فقد يشهد العالم جيلًا جديدًا من تقنيات تُزيل الغموض عن مجالات الرعاية الصحية والحياة اليومية، وتبني رابطا وثيقا بين العلم والمجتمع».