مواطنون: الهيئة العامة للسياحة في «سياحة خارجية» وخططها تسير «على البركة»
تحقيقات
13 سبتمبر 2011 , 12:00ص
الدوحة - هناء الرحيّم
يسير أحد السوّاح الخليجيين تائها في أحد المجمعات التجارية، يحاول أن يستفسر من أحدهم حول أهم الأماكن السياحية والترفيهية التي يمكن زيارتها في صيف الدوحة اللاهب، حيث لا دليل بحوزته ولا حول ولا قوة إلا بالله.
حال زائرنا الخليجي ليست أفضل بكثير من حال مواطنينا ومقيمينا الذين هم أيضاً يسألون «الهيئة العامة للسياحة» عن فعالياتها ومهرجاناتها والأماكن الترفيهية المبردة التي يمكن زيارتها في الصيف. جميع من استطلعت «العرب» آراءهم حول واقع السياحة والأماكن الترفيهية والفعاليات في قطر خلال فصل الصيف وجهوا عتب ولوم الغيور على هذه البلد، وأجمعوا على أن الهيئة العامة للسياحة مقصرة في استحداث الفعاليات الجديدة والأماكن الترفيهية المبردة التي تثلج صدور المواطنين والمقيمين والسياح في هذا الصيف اللاهب، واعتبروا أن خطة «الهيئة» تسير «على البركة» لدرجة يتندر أحدهم ويرجع أسباب غياب الفعاليات خلال الصيف إلى أن القيمين على السياحة في البلاد ربما يكونون في «سياحة خارج البلاد» لذلك لا يتسنى لهم الفرصة لتنظيم مهرجانات في مثل هذا الوقت من السنة.
لا حدائق مكيفة في الصيف
تجد «نورا الخاطر» لقاءنا بها فرصة لتعبر عن استيائها من الهيئة العامة للسياحة وفعالياتها «المكررة والمملة» على حد قولها، لا بل وتصفها بالمعدومة وترفق ذلك بعبارة «للأسف الشديد»، ويعتبرون بما أن أهل قطر يسافرون في الصيف إلى الخارج فلمن نقيم الفعاليات. وتقول نورا إنه لا يوجد في قطر ملاهٍ ولا ألعاب مائية وثلجية على مستوى عال أو على الأقل بمستوى بعض الدول المجاورة، فضلا عن عدم وجود حدائق كافية أو استحداث أقسام مكيفة فيها لجذب الناس في صيف بلادنا الحار. وترى أن «بلادنا معدومة من الفعاليات والأماكن الترفيهية». وتشير إلى أنه مؤخرا تم افتتاح ألعاب مائية ولكنها ليست بالمستوى المطلوب وبمكان مفتوح وهي حارة جدا في الصيف. ومن الواضح أن «تقصير الهيئة العامة للسياحة عن استحداث فعاليات جديدة تجذب المواطنين والمقيمين وحتى السياح يأتي في ظل غياب خطة لجذب رواد الداخل والخارج» بحسب نورا، مضيفة أن «السياحة بنظرهم تقتصر على جلب مجموعات سياحية والذهاب بها إلى سيلين». وتعتبر أن «السائح دائما يبحث عن التنوع بين البحر والأماكن الأثرية والأماكن الترفيهية بالمجمعات التجارية إضافة إلى الفعاليات المسلية «. وتستغرب نورا «عدم القيام بأفكار ومشاريع ضخمة كعمل نموذج عن جزر المالديف في قطر رغم وجود الإمكانات المادية». وتعتقد أن السياحة الموجودة في قطر حاليا «تقتصر على رجال الأعمال الذين لديهم مشاريع وتجارة في قطر «. وتوجه نورا انتقادها أيضاً إلى «رجال الأعمال القطريين الذين لا يتوجهون بها لإنعاش السياحة بالبلد من خلال الإقدام على إنشاء مشاريع ترفيهية ضخمة حتى يعود المدخول إلى أهل البلد». وتشفق نورا «على حال الأطفال الذين يبقون في قطر خلال الصيف حيث يقضون أوقاتهم ما بين ألعاب الفيديو فلا يوجد حدائق وملاعب مكيفة في كل منطقة». وتضيف: كل هذه الأمور دفعت بكثير من المواطنين وحتى المقيمين استغلال وجود أي إجازة حتى لو كانت قصيرة للسفر خارج قطر بحثا عن التسلية والمتعة والترفيه.
فعاليات مكررة ومملة
إلى ذلك، ترى أم خالد أن المشاريع السياحية والأماكن الترفيهية في قطر محدودة لدرجة أن الناس الذين بقوا في قطر خلال الإجازة الصيفية لا يعرفون أين يأخذون أطفالهم لإمتاعهم وتمضية وقت لطيف معهم، فالأماكن محدودة جدا خاصة المكيفة وأغلب الفعاليات التي تقام بالمجمعات التجارية مكررة ومتواضعة وتقتصر على جلب المهرجين حتى الأطفال بدؤوا يشعرون بالملل منها ولا تناسب جميع الأعمار. وتدعو أم خالد القيمين على السياحة وتنظيم المهرجانات في قطر إلى التشبه ببعض الدول من حيث التنوع والابتكار في الفعاليات والبرامج والأماكن الترفيهية، وذلك تماشيا أيضاً مع وضع البلد التي تشهد ازدهارا اقتصاديا كبيرا وعلى أبواب استحقاقات تتطلب مزيدا من الجذب السياحي إليها. وتنتقد أم خالد حتى المجمعات التي تبدو حارة في الصيف. وتشير إلى أن أي عائلة تقيم في قطر تنتظر وقت الإجازات لتسافر إلى الخارج هربا من الملل أما من يمضوا الصيف في قطر فحالهم وحال أولادهم يرثى له. ورغم تردي الوضع السياحي إلا أنها تعتبر أن هناك كثيرا من الأجانب يأتون في زيارة سياحية إلى قطر، وتعتقد أن أغلبهم يأتي لإنجاز مشاريع معينة. وتنتقد غياب الحملات الترويجية للسياحة في قطر وارتفاع أسعار الشاليهات التي لا تستأهل بحسبها المبالغ التي يطلبونها فضلا عن محدودية عدد المنتجعات. وتطالب المسؤولين بمزيد من تفعيل للسياحة في قطر والبرامج والأماكن الترفيهية المبردة المناسبة لجو البلاد حتى لا يضطر المواطن للسفر خارج وطنه لقضاء عطلته.
السياحة في قطر «على البركة»
من جانبه، يفضل عادل الفردوني أن يختار مصطلحا ملطّفا للتعبير عن واقع السياحة والمهرجانات والأماكن الترفيهية في قطر ويصفها بأنها «أقل من الوسط» أي إنها وبحسب تحليل منطقي سيئة ولا تشبه «حتى الدول المجاورة» كأبسط مثال. ويرى عادل أن الواقع الحالي للسياحة والأماكن الترفيهية في قطر يشير إلى أن الهيئة العامة للسياحة تسير «على البركة» وليس وفق خطة واضحة. ويشدد عادل على ضرورة استحداث أماكن ترفيهية مبردة جاذبة في الصيف. ويعتقد عادل أن نشاط وترويج الهيئة العامة للسياحة كان أفضل منذ عامين أما الآن فهي «ميتة» على حد تعبيره.
سبات عميق
بدوره، يقول جاسم حجي إن «الهيئة العامة للسياحة نائمة في سبات عميق، لا مهرجانات ولا فعاليات. ويستغرب عن غياب المستثمرين وعدم قيامهم بمشاريع ترفيهية ومنتجعات مبردة خاصة لفترة الصيف التي تمتد لفترة طويلة من السنة، مشيراً إلى أن الناس ملت من تكرار الفعاليات عينها والذهاب للأماكن نفسها، فالكل يبحث عن الجديد المبهر الذي يناسب العائلة. ويحاول جاسم أن يجد عذرا للقيمين على السياحة حول أسباب غياب فعالياتهم في الصيف بالقول «ربما يكونون في سياحة في الخارج». ويطالب إلى تفعيل الترويج السياحي عن قطر لجذب الزوار أيضاً من خلال الأدلة والمطبوعات حيث إن أغلب السياح إذا كانوا لا يعرفون أحدا في الدوحة فإنهم لا يجدون دليلا يرشدهم إلى الأماكن السياحية والترفيهية في قطر حتى إنه لا يتم تسليمهم خريطة عن هذه الأماكن في المطار أو على الحدود البرية كأبسط مثال.
خليجي تائه في الدوحة
نلتقي بمحمد العتيبي زائر من الكويت تائه في أحد المولات التجارية فلم يكن من الصعب علينا التكهن أنه ليس ابن هذه البلاد. يقول إنه أتى إلى قطر عن طريق البر لكنه لم يتسلم أي دليل يرشده إلى الأماكن السياحية والترفيهية في قطر فاضطر وعلى الطريقة القديمة أن يوقف أحدهم ويسأله عن أشهر الأماكن في الدوحة وكيفية الوصول إليها، فما كان به إلا أن وصل إلى أحد المجمعات التجارية. ويشير محمد إلى أنه من الواضح أن ليس هناك خطة للقيمين على السياحة لإرشاد السوّاح والترويج عن أشهر أماكنهم الترفيهية. ويوضح أنه لم ير من قطر منذ زيارتها سوى المجمعات التجارية التي تشبه بعضها البعض وليس فيها فعاليات مميزة أو مدن ترفيهية، لافتا إلى أنه لم ير حتى الآن شيئا لم يره في بلده. ويتمنى محمد أن تتطور السياحة أكثر في قطر حتى تكون على نفس مستوى طيبة أهل هذا البلد الذي دفعته لزيارتها.
الأماكن الموجودة للشتاء فقط
من جهته، يقول عبدالله الأحمد إنه ما إن تطل الإجازة الصيفية حتى يرفرف ويطير إلى الخارج، لافتا إلى أنه يترك البلاد ويعود إليها وحال الفعاليات والأماكن الترفيهية كما هي في كل مرة. ويؤكد أنه لا يوفر إجازة إلا ويحاول السفر إلى الخارج أو إلى إحدى الدول المجاورة لأنه ملّ من الذهاب إلى الأماكن نفسها ومشاهدة الفعاليات عينها. ويشير إلى أن الشباب دائما يبحثون عن الجديد والمغامرة وهو مفقود في بلادنا للأسف. ويتساءل «أين الحدائق المبردة للعائلات في الصيف والمدن الترفيهية المائية والثلجية أو مدن السيارات حتى الأطفال بدؤوا يملون من المشاهد عينها في كل مناسبة». ويعتبر أنه رغم محدودية الأماكن التي أغلبها لا يمكن الذهاب إليه إلا في الصيف كـكتارا واللؤلؤة وسوق واقف، إلا أن الوضع أفضل مما كان عليه في السابق، داعيا القيمين على السياحة إلى مزيد من الاهتمام وعدم التوقف عن ابتكار أماكن جديدة للمواطنين والمقيمين والسياح أيضاً لأن الناس ملأت روتين الأماكن والفعاليات.
الأماكن السياحية محدودة
أما رغداء رضوان مقيمة في قطر فتقول إن الفعاليات والأماكن الترفيهية المخصصة لفصل الصيف قليلة نسبيا، لذلك يفضل كثير من الناس السفر وعدم البقاء في الدوحة بعكس بعد الدول المجاورة التي يفضل مقيموها البقاء فيها لكثرة تنوع الأماكن السياحية والترفيهية فيها. وتعتبر أن أغلب الفعاليات المقامة في قطر حاليا هي للأطفال الذين بدؤوا يملوها شيئا فشيئا لتكرار فكرتها، لافتة إلى غياب وجود أي أماكن ترفيهية للكبار ضمن المجمعات التجارية حيث لا يوجد أي متنفس لهم سوى المقاهي والمطاعم التي نزورها دائما. وتتمنى رغداء أن يكون هناك خطة لتفعيل السياحة والفعاليات في قطر. وتوضح أنها «تواجه مشكلة كلما استضافت أحدا من أقاربها في الخارج لزيارة الدوحة حيث لا يوجد سوى أماكن محدودة لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة لتعرفه عليها وممكن زيارتها جميعها في يوم واحد، وبالتالي فإن الزائر لقطر سرعان ما يمل ويفضل الذهاب في أسرع وقت ممكن لأنه اكتفى من الزيارة في أقل من أسبوع».
نسمع عن الفعاليات بالصدفة
وفي السياق عينه، ترى ناريمان فتحي أن المشكلة الكبرى تكمن في قلة الأماكن التي يمكن الذهاب إليها في الصيف خصوصا، حيث إن درجات الحرارة مرتفعة جدا والأماكن المبردة تقتصر على المجمعات التجارية. وبالنسبة للخطة الترويجية للفعاليات والأماكن السياحة في قطر للزوار، تشير ناريمان إلى أنه إذا كان المقيمون في الدوحة يسمعون بالفعاليات الحاصلة فيها عن طريق الصدفة فكيف الحال بالسواح الأجانب، منتقدة غياب الإعلان القوي عن المهرجانات والفعاليات والأماكن السياحية في قطر. وتدعو ناريمان لتجديد فعاليات الصغار التي باتوا يألفونها ويملون منها واستحداث أماكن جديدة للصغار والكبار أيضاً الذين هم أيضاً يبحثون عن الترفيه والمتعة. وتقول إنها «تعاني في كل مرة تحاول أن تخرج ابنها من الروتين من خلال اصطحابه إلى أحد المجمعات لمشاهدة إحدى الفعاليات، حيث يبدأ بالتذمر من ملله ومن أنه شاهد هذه الفعالية العام الماضي ولا يوجد أي جديد فيها».
المناطق الخارجية منسية
ويوافق خالد لرم كل الذين سبقوه بالقول إنه في فترة الصيف لا يوجد متنفس للناس سوى العائلات التي نعاني في كل مرة نقوم بزيارتها لمحدوديتها من الازدحام فيها وصعوبة إيجاد المواقف. ويعتبر أن الهيئة العامة للسياحة مقصرة كثيرة في إقامة الفعاليات الجديدة. وينتقل للحديث أيضاً عن مشكلة الشواطئ العامة التي تفتقر للمظلات الكافية فضلا عن نسيان المناطق الخارجية التي تصبح في الصيف عبارة عن مدن أشباح تختبئ الناس في بيوتها حيث لا مجمعات ولا أماكن ترفيهية فيها ولا فعاليات. ويصل خالد في نهاية حديثه إلى محصلة أنه «بكل صراحة لا يوجد سياحة في قطر خصوصا في فصل الصيف»، مشيراً إلى أن أغلب الأماكن الموجودة حاليا زيارتها مناسبة فقط في فصل الشتاء. وعن الخطة الترويجية، يلاحظ سلطان أن الإعلام أكثر ما يركز على سوق واقف بالنسبة للسياح ولكن هذا لا يكفي. ويقول إن العائلات في كل صيف تواجه مشكلة حول الأماكن التي ممكن أن تصطحب أطفالها إليها في الصيف حيث لا يوجد سوى المجمعات التي لا تقدم أي جديد.
خطة سياحية «فاشلة»
نستوقف محمد المالكي الذي يرافق ابنته إلى أحد المجمعات التجارية للترفيه عنها بعد أن ملّت الجلوس في المنزل ومشاهدة التلفاز، ويبدو أنه لم يجد مكانا آخر غير «المول» لاصطحاب ابنته. ويؤكد محمد أنه لا يوجد خطة واضحة للهيئة العامة للسياحة للنهوض بالواقع السياحي في قطر، لافتا إلى أن الخطة المعمول بها حاليا هي خطة «فاشلة» ولا يوجد أي أماكن سياحية أو ترفيهية أو حدائق ممكن زيارتها في الصيف. ويشير إلى أن أبناءه ملوا من كثرة اصطحابهم إلى المجمعات التجارية ومشاهدة الفعاليات عينها. وتشارك ابنة محمد في الحديث وتقول هناك عدد من الأماكن الجميلة الأخرى التي تعجبها مثل»أسباير وكتارا» ولكنها لا تستطيع زيارتها سوى في فصل الشتاء. ويعتبر محمد أن الأماكن الموجودة محدودة جدا وغالية ومعظمها مكشوف. ويدعو محمد الهيئة العامة للسياحة إلى تطوير واقع السياحة في البلاد وإيجاد بدائل لجذب المواطنين والمقيمين والسياح أيضاً على غرار الدول الأخرى.