ممثلو الدول يؤكدون أن حكم القانون شرط للتنمية المستدامة

alarab
محليات 13 أبريل 2015 , 05:32م
الدوحة - قنا
 أكد ممثلو الدول والمشاركون في مؤتمر الأمم المتحدة الثالث عشر لمنع الجريمة والعدالة الجنائية أن سيادة القانون والحكم الرشيد واحترام حقوق الانسان عوامل تضمن التنمية المستدامة في العالم، خاصة في الدول التي تشهد ارتفاع معدلات الجريمة وكذلك التطرف.
ودعا وزراء عدل من عدة دول تحدثوا في الجلسة العامة رفيعة المستوى للمؤتمر اليوم، إلى إيجاد مقاربة متوازنة وشاملة تأخذ بعين الاعتبار التحديات الاقتصادية والاجتماعية والامنية لمجابهة تفاقم ظاهرة الارهاب.. مشددين في هذا الاطار على تعزيز التعاون الدولي والاقليمي والثنائي أيضا لمواجهة الظاهرة.
واستعرضت الجلسة العامة من خلال الكلمات التي ألقاها ممثلو الدول الدور الذي تضطلع به معايير الأمم المتحدة وقواعدها في مجال منع الجريمة وتحقيق العدالة الجنائية في دعم أنظمة العدالة الناجعة والدروس المستفادة في تلبية الحاجيات الخاصة للنساء والاطفال ، وخاصة في معالجة الادماج الاجتماعي للمجرمين.
كما ركز المتحدثون على أفضل السبل الكفيلة بإدماج منع الجريمة والعدالة الجنائية في جدول أعمال الأمم المتحدة الأوسع من أجل التصدي للتحديات الاجتماعية والاقتصادية وتعزيز سيادة القانون على الصعيدين الوطني والدولي ومشاركة الجمهور.
وأكدوا أن أهمية المؤتمر تأتي من كونه ينعقد في وقت أصبحت فيه الجريمة منظمة وعابرة للحدود، وأصبح فيه المجرم متمكنا ومتمرسا في إجرامه، وأصبح الإجرام وسيلة لفرض النفوذ وتحقيق المكاسب وأصبحت حياة الناس وكرامتهم وقودا لمشاريع توسعية ولإطالة حياة أنظمة الظلم والاستبداد.
واستعرض المتحدثون من عدة دول حول العالم تجارب بلدانهم في مجال التصدي للجريمة وإرساء مبادئ سيادة القانون والحكم الرشيد، مشيرين أيضا إلى التشريعات والقوانين التي سنتها دولهم في سبيل محاربة الجريمة المنظمة وتحقيق العدالة الجنائية.
وفي كلمته أمام الجلسة العامة للمؤتمر قال سعادة اللواء أشرف ريفي وزير العدل اللبناني إن مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية ووضع خطط للتنمية البشرية والإدارية وأي جهود أخرى ترمي الى الارتقاء بالمجتمعات، لن تحقق أهدافها ما لم يسد حكم القانون ويتحقق الاستقرار الاجتماعي من خلال نظام العدالة الجنائية ومنع الجريمة.
وأشار إلى أن خفض معدلات الجريمة ومنعها جزء لا يتجزأ من الإستراتيجيات الرامية الى تعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية في جميع الدول ، كما أن اعتماد سياسات التنمية البديلة سينعكس إيجابا في إطار الجهود المبذولة لمكافحة الإتجار بالمخدرات.
ورأى أن الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية أصبحت الوجه الأخطر لعالم الإجرام، ولهذا فإن العمل الفردي أو الوطني لم يعد كافيا على الإطلاق لمواجهتها وهو ما يحتم توحيد الجهود والعمل المشترك لأن خطر الجريمة لن يستثني أحدا.
ودعا وزير العدل اللبناني إلى إيجاد اطر اكثر فعالية على الصعيد الدولي لمكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية، حيث إن الاتفاقيات الثنائية لم تعد كافية لوضع حد لهذه الجريمة المتمادية.
كما أوضح أن الإرهاب المعلوماتي شكل هاجسا مشتركا لدول العالم ولعل أبرز صوره ما بات يعرف بالجرائم السيبرانية التي تتطلب مكافحتها إجراءات توازن بين سبل المكافحة واحترام خصوصية الدول لجهة سرية قاعدة البيانات وبنك المعلومات.
واستعرض اللواء أشرف ريفي جهود بلاده في مجال مكافحة الجرائم السيبرانية كتعديل قانون العقوبات وفي مجال مكافحة الفساد، وأشار إلى أن لبنان الذي يترأس الشبكة العربية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد، خطا في الآونة الأخيرة خطوات جدية ومتعددة في هذا المجال وخاصة لجهة التقيد بأحكام الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد، ومنها انطلاق عملية استعراضه تنفيذ الاتفاقية.
بدوره قال سعادة السيد محمد بشارة دوسة وزير العدل السوداني إن انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة لمنع الجريمة خطوة مهمة ومطلوبة في وقت تتصاعد فيه تعقيدات الكثير من الجرائم، خصوصا المستجدة منها والتي لا يمكن التصدي لها إلا في إطار من التعاون الدولي والاقليمي، مثل: جرائم الاتجار بالبشر والجرائم الالكترونية وجرائم الارهاب والمخدرات وغسل الأموال وجرائم الممتلكات الثقافية.
واشار الى أهمية ربط مفاهيم وأدوات العدالة الجنائية وحكم القانون بالمجتمع وقضاياه الاقتصادية والاجتماعية، حيث لا يمكن بناء مجتمع صحي الا في إطار حكم القانون، كما لا يمكن بناء نظام فاعل للعدالة الجنائية الا في ظل مجتمع ايجابي يضطلع بدوره ويساهم في تعزيز الامن والعدالة.
وأكد وزير العدل السوداني أن التوصيات البناءة التي سيخرج بها المؤتمر ستشكل حافزا في مجال منع الجريمة وحكم القانون وتعزيز نظم العدالة الجنائية، سواء في مجال السياسات والتشريعات أو المناهج العملية وممارسات التعامل مع القضايا المختلفة في سياق نظم العدالة.
وشدد في كلمته على أهمية تنفيذ الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بمسائل منع الجريمة والعدالة الجنائية في اطار من التوافق والتعاضد الدولي والاقليمي ووفقا لمبادئ احترام سيادة الدول على أراضيها ومراعاة تنوع نظمها السياسية والقانونية والاجتماعية والاقتصادية.
كما أكد عزم السودان على الالتزام بدعم الجهود الدولية والاقليمية الرامية للتصدي لظواهر الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين التي باتت تشكل عبئا إضافيا يلقي بظلاله على الاجهزة العدلية في الدول لاسيما النامية منها.
واوضح أن التعامل مع هذه القضايا يتطلب تعاونا وثيقا بين كل الشركاء في سبيل تنفيذ أحكام اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية وبروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص وبخاصة النساء والاطفال وبروتوكول مكافحة تهريب المهاجرين عن طريق البر والبحر والجو.
واستعرض وزير العدل السوادني تجربة بلاده في مجال سيادة حكم القانون وتطور النظام القانوني وإشراك المجتمع في قمع الجريمة ومحاربة الفساد ومكافحة ظاهرة الارهاب التي يجب أن تتضافر كافة الجهود الدولية لمحاربتها.
من ناحيته أكد سعادة السيد غانم بن فضل البوعينين وزير شؤون مجلسي الشورى والنواب بمملكة البحرين أهمية السلم الاجتماعي الذي يرتهن في وجوده بمنع الجريمة وإقامة العدالة ، وترتبط به التنمية الاجتماعية والاقتصادية ارتباطا وثيقا وحتميا.
وقال في هذا السياق "لهذا فإن الجديد في مواجهة الجريمة والحد من آثارها والنجاح في إقامة منظومة متكاملة للعدالة الجنائية هو عماد الاستقرار في أي دولة ويرجع بفائدة على المجتمع الدولي لا سيما في ظل استشراء الجريمة المنظمة والعابرة للحدود".
وشدد سعادته على أن من أسباب التوفيق في مواجهة الجريمة هو التزام الشرعية في الاجراءات المتخذة والحذر من انتهاك مجموعة الحقوق والحريات المكفولة.
واوضح ان مملكة البحرين قد سلكت في هذا الاتجاه السبل على الصعيدين الوطني والدولي ملتزمة في ذلك بأحكام الدستور والقانون والمواثيق والاتفاقيات الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان وفي مقدمتها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان واتفاقية مناهضة التعذيب، وغيرها من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1984 فضلا عن مبادئ الأمم المتحدة التوجيهية التي تضبط ممارسات السلطات والأجهزة المختصة.
وأضاف سعادته ان استراتيجية البحرين لمنع الجريمة وإقامة العدالة الجنائية شملت كل المجالات وسائر الفئات المجتمعية ومنها الطفل والمرأة والعمالة.
كما أوضح وزير شؤون مجلسي الشورى والنواب بمملكة البحرين أن تشريعات البحرين كفلت للمواطن حق التقاضي وإبداء الشكوى والتظلم بينما التزمت الدولة بتقديم المساعدات القانونية والقضائية لاستعمال تلك الحقوق .. مشيرا إلى أن لدى بلاده تجارب مشهودة في مجال التعاون الدولي وتعمل بشكل دائم على تطوير أداء أجهزتها وتنمية قدراتها من خلال اكتساب الخبرات ومواكبة كل ما هو جديد.
بدوره قال سعادة السيد محمد صالح بن عيسى وزير العدل التونسي إن ظاهرة الإرهاب وفي إطار ارتباطها بأشكال أخرى من الجرائم المنظمة عبر الوطنية تتطلب إيجاد مقاربة متوازنة وشاملة تراعي التحديات الاجتماعية والاقتصادية والأمنية.
ودعا إلى تعزيز التعاون الدولي والاقليمي والثنائي بين الدول لمكافحة ظاهرة الارهاب التي نتج عنها تزايد عدد العمليات الارهابية في عدد من دول العالم من بينها تونس، حيث شكل الهجوم على متحف باردو في شهر مارس الماضي صدمة لكل العالم باعتبار أنه استهدف أحد الرموز الحضارية الهامة في العالم.
وتحدث الوزير التونسي عن جهود بلاده في مكافحة ظاهرة الارهاب، وكذلك في مجال استرجاع الأموال المنهوبة، وأشار في هذا الاطار إلى أن انعدام توحيد الآليات والاجراءات المتعلقة باستعادة الاموال المنهوبة على المستوى الدولي يمثل أهم التحديات التي يجب العمل على رفعها من أجل التطبيق الامثل لاتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد، بما في ذلك اعادة النظر في أحكامها لا سيما في اطار القسم الخامس منها.
وقال إن التطبيق الفعلي للاتفاقية بقي محدودا جدا في مجال استرداد الاموال ؛ نظرا لتمسك عدد من هذه الدول بإعطاء الاولية لتطبيق قوانينها الوطنية ، وهو ما يتعارض بشكل صارخ مع معايير القانون الدولي التي يجب أن تحظى بالعلوية.
كما لفت إلى أن تنامي الجريمة المنظمة عبر الوطنية بشكل متشعب وارتباطها ببعضها البعض بلغ اليوم منعرجا خطيرا مع التطور الذي تشهده الجرائم الالكترونية والجرائم المتعلقة بالممتلكات الثقافية بالإضافة الى الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين بما يحتم توحيد الجهود في إطار منظمة الأمم المتحدة.