

نظم المركز القطري للصحافة جلسة بعنوان “الإبداع والخيال في قصص الأطفال”، ضمن سلسلة مقهى الصحافة، لمناقشة واقع أدب الطفل محليًا وتحدياته المستقبلية. استضافت الجلسة الكاتبة شيخة الزيارة، صاحبة أكثر من 50 كتابًا للأطفال، وأدارتها الإعلامية أمل عبدالملك، بحضور مجموعة من الأدباء والمثقفين المهتمين بهذا المجال.
افتتح سعادة السيد سعد بن محمد الرميحي، رئيس مجلس إدارة المركز، الجلسة بكلمة أكد فيها أن أدب الأطفال من أصعب مجالات الكتابة، نظرًا لطبيعة الطفل الخاصة. كما استعرض دور المجلات الخليجية في تشكيل وعي الأطفال وحبهم للغة العربية، مشيرًا إلى أهمية إعادة إتاحة قناتي جيم وبراعم دون اشتراك، نظرًا لدورهما المؤثر في تنشئة الأجيال العربية، خاصة للمقيمين في أوروبا.
رحلة الكتابة
تحدثت شيخة الزيارة عن بداياتها مع الكتابة، موضحة أنها منذ صغرها كانت شغوفة بالقراءة وصياغة الخواطر، وفي عام 1997، نشرت أولى كتاباتها تحت اسم مستعار في إحدى الصحف المحلية، معتبرةً ذلك إنجازًا فتح لها الباب نحو عالم الكتابة. لاحقًا، دفعتها الأمومة إلى البحث عن قصص عربية ذات محتوى قيّم، لكنها وجدت فجوة كبيرة مقارنةً بالمحتوى الأجنبي، فبدأت تأليف قصص لأطفالها، وكانت البداية مع قصة الأميرة أمينة التي نشرتها بالتعاون مع دار أصالة.
شددت الكاتبة على أهمية مراعاة الفئات العمرية المختلفة عند الكتابة للأطفال، حيث تنقسم الكتابات إلى عدة مراحل: من 0-3 سنوات، 3-6 سنوات، 6-9 سنوات، 9-12 سنة، ثم اليافعين. وأكدت أن الكاتب يتحمل مسؤولية كبيرة تجاه المحتوى الذي يقدمه، داعية إلى تقديم كتابات تحترم عقلية الطفل وتساعده على تنمية وعيه.
المحتوى الناضج
تطرقت شيخة الزيارة إلى أسلوبها في تطوير الأفكار، مؤكدة أن الكتابة ليست مجرد عملية ميكانيكية، بل تتطلب تفاعلًا بين الوعي واللاوعي. وأوضحت أن بعض القصص تحتاج إلى وقت طويل حتى تنضج فكرتها.
كما شددت على أهمية التمهل في النشر، حتى لو كانت القصة مكتملة، لضمان تقديم محتوى ناضج ومسؤول.
وأعربت الكاتبة عن تحفظها على مسابقات الكتابة للأطفال التي لا تراعي امتلاك المشاركين لموهبة حقيقية، مشيرةً إلى أن دعوة جميع الأطفال للمشاركة قد تؤدي إلى إحباطهم بدلًا من تحفيزهم. ورأت أنه من الأفضل اكتشاف المواهب الحقيقية وتنميتها قبل إشراكها في مثل هذه المسابقات.
كما أكدت شيخة الزيارة على أهمية دور الأسرة، التي وصفتها بـ “حراس البوابة” في توجيه الأطفال وحمايتهم من المحتوى غير المناسب، خاصة في ظل انتشار الكتابات غير المسؤولة التي يقبل عليها المراهقون بسبب شهرة بعض المؤلفين. ودعت معارض الكتب إلى تصنيف المحتوى لضمان عدم وصول الكتب غير الملائمة للأطفال دون 18 عامًا.
دور النقاد
تساءلت شيخة الزيارة عن دور النقاد في تقييم المحتوى المنشور، مشيرة إلى تراجع المعايير في بعض دور النشر التي باتت تركز على الربح على حساب الجودة. ودعت النقاد إلى تحمل مسؤوليتهم في توجيه الكتاب وتعزيز جودة المحتوى العربي.
أشارت الكاتبة إلى أن الكاتب أحيانا لا يجد الدعم الكافي، موضحة أنها قدمت نصًا مسرحيًا لقناة محلية لكنه لم يلقَ الاهتمام المطلوب، في حين حظي نفس النص باهتمام دولة خليجية أخرى، وتم تحويله إلى عمل مسرحي سيُعرض العام المقبل.
وأكدت أن غياب الدعم يجعل الكثير من الكتّاب يبحثون عن فرص خارج بلادهم، رغم امتلاكهم للمؤهلات والمهارات التي تؤهلهم للإبداع والمنافسة.
واقترحت شيخة الزيارة إنشاء مركز ثقافي متخصص في أدب الطفل، يحتضن المواهب الفنية والأدبية، على غرار بعض المراكز الثقافية في دول الخليج، ليقدم برامج وورشًا تدريبية تسهم في تطوير مهارات الكتابة للأطفال.