متاحف قطر تكشف تفاصيل عمليات الترميم لمقتنيات متحف قطر الوطني
محليات
13 مارس 2019 , 05:54م
الدوحة - قنا
كشفت متاحف قطر بعض التفاصيل المتعلقة بعمليات حفظ وترميم المقتنيات والقطع الفنية التي تعكس ماضي وحاضر ومستقبل قطر في متحف قطر الوطني الجديد في إطار الاستعدادات الجارية لافتتاحه يوم 28 مارس الجاري.
يروي المتحف قصته الكاملة عبر ثلاثة فصول أولها البدايات، ثم الحياة في قطر، وأخيرا بناء الأمة. وتتوزع محتويات هذه الأقسام الثلاثة على 11 صالة عرض دائمة لكل منها شخصيتها المنفردة التي تكتب من خلالها جزءا من قصة المتحف بمداد بديع من العناصر التي تتنوع بين الموسيقى وسرد القصص والصور الأرشيفية والمرويات والروائح المثيرة للذكريات، كما تحتوي هذه الصالات على مجموعة مدهشة من الآثار والمقتنيات التراثية والمخطوطات والوثائق والصور والمجوهرات والأزياء.
وقالت الدكتورة هيا آل ثاني، مديرة الشؤون المتحفية بمتحف قطر الوطني في تصريح اليوم: "تعاونا مع خبراء من قطر والعالم لترميم وحماية كل قطعة يحتويها المتحف الوطني، فكل قطعة تكتب سطرا في قصة قطر وشعبها ومكانتها بين الأمم. وبرغم استعانتنا بعدد من التقنيات الحديثة لصنع تجارب تفاعلية، تظل للمقتنيات الأصيلة أهميتها، فهي تمثل جزءا لا يمكن الاستغناء عنه لربط زائري المعرض بماضي قطر، وقد بذلنا جهدا مضنيا حتى نعيد لها بريقها".
ويعد قصر الشيخ عبدالله بن جاسم بن محمد آل ثاني، الذي يقع في قلب المتحف الوطني الجديد، أكبر المقتنيات القديمة التي يحتويها المتحف وأكثرها إثارة للدهشة. وكان القصر في السابق مقرا للمتحف القديم، وجرى ترميمه والحفاظ عليه قبل بدء العمل على المتحف الجديد.
ويمثل القصر معلما بارزا من معالم الدوحة، وأثرا قيما لما يعكسه من نمط قديم للحياة في قطر. ومنذ تأسيسه عام 1901، خضع القصر لعمليات ترميم كثيرة، ما دفع الخبراء الذين شاركوا في عملية الترميم الأخيرة إلى إزالة جميع آثار الترميم السابقة وصولا لنسيج المبنى الأصلي. كما واجه الخبراء تحديا آخر تمثل في عمر القصر ومحاذاته للساحل، ما يجعله عرضة للتشقق.
وحرصا على سلامة القصر في المستقبل من أية تصدعات، وضع المهندسون المعماريون أوتادا خرسانية أسفل المتحف لدعم هيكله بعد أن أزالوا المياه الجوفية. كما تعاونت متاحف قطر مع متخصصين في تطوير حلول للمباني المستدامة لاستخدام مواد طبيعية في ترميم القصر. حيث أنجزت جميع المهام تحت إشراف دقيق من متخصصين باشروا مهامهم من موقع العمل وذلك بالتعاون الوثيق مع متاحف قطر.
إلى ذلك، تعاونت متاحف قطر مع العديد من الخبراء المحليين والدوليين في مشاريع عدة تنوعت بين ترميم المباني الضخمة والحفاظ على المقتنيات الأصيلة، حفاظا على قيمتها التاريخية، وجمعت في ذلك بين أحدث التقنيات والمعرفة والفهم الدقيق لعادات أهل قطر.
كما يعمل خبراء الحفظ كذلك على حماية الآثار الهامة التي يكتشفونها في المواقع الأثرية في قطر. ومن بين هذه الاكتشافات التي سيعرضها المتحف صندوق لحفظ اللؤلؤ يعود للقرن التاسع عشر، عثر عليه في موقع تنقيب في الزبارة، وجرى استخراجه دون تخليصه من التربة المحيطة به بسبب هشاشته. وسيلقى الضوء على هذا الصندوق في المتحف ضمن القطع المميزة المتعلقة بموقع الزبارة الأثري.
ومن مقتنيات المتحف المتصلة بالزبارة أيضا أقدم نسخة من القرآن الكريم في قطر، والتي خطها أحمد بن راشد بن جمعة بن هلال المريخي في بداية القرن التاسع عشر في الزبارة. وتشير الصفحة الأخيرة من هذا المصحف إلى مكان ميلاد أحمد، وهو مدينة الزبارة. واستمرت عملية الترميم لعامين في متحف الفن الإسلامي تحت إشراف فريق من متاحف قطر الذي اكتشف وجود غلافين للمصحف، حيث اعتادوا قديما على تغطية الغلاف القديم إذا تلف بغلاف جديد. وتم فتح مربع في الغلاف الأمامي ليتسنى للزوار رؤية الغلافين.
كما يحتوي المتحف أيضا على سجادة بارودا الشهيرة المرصعة باللؤلؤ والتي تعكس العلاقات المزدهرة بين بلدان شبه القارة الهندية والخليج العربي في تجارة اللؤلؤ، والتي أمر مهراجا ولاية بارودا بصنعها عام 1865 لتزيين قبر النبي الكريم محمد (صلى الله عليه وسلم)، ولطالما اعتبرت هذه السجادة تحفة فنية، حيث كان التطريز فنا شائعا في بارودا، وكان بلاط المهراجا يرحب بالفنانين المتخصصين في فن النسيج. وكان الأمر أيضا ينطبق على صناع الجواهر والأحجار الكريمة، حيث كان يتم تكليفهم بصنع هدايا يقدمها حكام الهند لضيوفهم. وبفضل حب المجوهرات وعادة منح الهدايا والأوضاع المالية الجيدة تسنى لأسياد وأمراء بارودا صنع قطع فنية مدهشة، منها سجادة بارودا.
وخلال السنوات الماضية، قام فريق من الخبراء المتخصصين بترميم هذه السجادة بدقة متناهية. وتتكون السجادة من أكثر من 1.5 مليون لؤلؤة خليجية وياقوت وزمرد وصفير وماس. وستعرض السجادة في إحدى صالات العرض الدائمة بمتحف قطر الوطني.
وستتاح لزائري المتحف خلال رحلتهم عبر الزمن التي تمتد داخل المتحف لمسافة تتجاوز 1.5 كيلومتر فرصا للتفاعل مع هذه المقتنيات وغيرها من المعروضات والتعرف على الدور الذي تلعبه في رواية قصة قطر.