د. صالحة بو جسوم البدر في حوار لـ «العرب»: خطط للتوسع في تقديم خدمات الطب الدقيق

alarab
المزيد 13 يناير 2025 , 01:22ص
حامد سليمان

 الاستعانة بنظم الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات الطبية
 نتائج مبشرة لبرنامج الكشف عن الجينات السرطانية في «حمد الطبية»
 «حمد الطبية» تعمل على تطوير الطب الدقيق وتسريع استخداماته
 الطب الدقيق نهج ناشئ لإدارة الأمراض والوقاية منها وعلاجها
 تنفيذ نهج موحد للطب الدقيق على مستوى الدولة
 نسعى إلى تشكيل رؤية واضحة للرعاية الصحية في الدولة

 

أكدت الدكتورة صالحة بو جسوم البدر، مدير مركز الطب الدقيق السريري والجينوم ورئيس قسم طب الأورام والرعاية التلطيفية بالمركز الوطني لعلاج وأبحاث السرطان بمؤسسة حمد الطبية، أن المؤسسة تعمل على تطوير الطب الدقيق وتسريع استخداماته، باعتباره نهجًا ناشئًا لإدارة الأمراض والوقاية منها وعلاجها، مع تنفيذ نهج موحد للطب الدقيق على مستوى الدولة، في ظل رؤية واضحة بأن تصبح قطر مركزًا رياديًا في تكييف وتطبيق التقنيات الطبية الحديثة.
وكشفت د. صالحة بو جسوم البدر في حوار لـ «العرب» عن خطط للتوسع في تقديم خدمات الطب الدقيق مع التركيز على تطوير وحدات جديدة، وتوسيع برامج الفحص الجيني وتعزيز التعاون مع المراكز العالمية في هذا المجال، مع التركيز على استخدامات الذكاء الاصطناعي في المجال الصحي. وأشارت إلى تطبيق الطب الصيدلاني الجيني في حمد الطبية لتحسين نتائج العلاج وتقديم رعاية صحية مخصصة، لافتة إلى التوسع في تطبيق الطب الصيدلاني الجيني في المستقبل ليشمل فئات أكثر، منوهة إلى أن المؤسسة تمتلك أحدث الأجهزة والمختبرات التقنية، من بينها منصات تسلسل الجينوم وأدوات تحليل البيانات الكبيرة ومعدات الفحص الجيني المتقدمة، ما يجعلها قادرة على توفير خدمات طبية متميزة على مستوى عالمي. وإلى نص الحوار:

◆ بداية.. ماذا عن دور مؤسسة حمد الطبية بمنظومة الطب الدقيق في الدولة؟
¶ تعمل مؤسسة حمد الطبية على تطوير الطب الدقيق وتسريع استخداماته، باعتباره نهجًا ناشئًا لإدارة الأمراض والوقاية منها وعلاجها، مع الأخذ في الاعتبار التباين الفردي في الجينات والبيئة ونمط الحياة بما يتماشى مع استراتيجيات التنمية الوطنية الثالثة لدولة قطر، حيث تسعى دولة قطر إلى استثمار إمكانياتها في الطب الدقيق كجزء من استراتيجيتها الوطنية لتطويره.
ومهمتنا، في مؤسسة حمد الطبية، تتمثل في تنفيذ نهج موحد للطب الدقيق على مستوى الدولة، مع السعي إلى تشكيل رؤية واضحة للرعاية الصحية في قطر، وهذا يتضمن دمج الابتكارات الجديدة في هذا المجال، وتسريع إنشاء بيئة داعمة للتعليم، والبحث، والرعاية الصحية، وفق رؤية واضحة بأن تصبح قطر مركزًا رياديًا في تكييف وتطبيق التقنيات الطبية الحديثة، حيث يتم دمج الطب الدقيق بشكل فعال في جميع جوانب الرعاية الصحية، كما تهدف إلى تعزيز الابتكار وتطوير حلول طبية تناسب احتياجات المرضى بشكل فردي.
وتلعب مؤسسة حمد الطبية دورًا محوريًا في تطبيق هذا التوجه، حيث تتمتع بنظام بيئي متكامل يشمل جميع التخصصات الإكلينيكية لدعم تطبيق الطب الدقيق، مع ضرورة الأخذ بالاعتبار أهمية تحسين البيانات والتحليلات الصحية للتمكن من استخدام هده الأدوات في الرعاية السريرية.
 
 نظام صحي تعليمي
◆هل من خطوات عملية تم اتخاذها لزيادة الاستعانة بالطب الدقيق؟
¶ نعم بالطبع.. فقد قامت حمد الطبية بتطوير نظام صحي تعليمي يدمج البحوث السريرية مع تقنيات الطب الدقيق لضمان تحسين النتائج السريرية، وذلك بالتعاون مع المؤسسات الأكاديمية بالدولة مثل جامعة قطر وجامعات المدينة التعليمية ومعهد قطر للرعاية الصحية الدقيقة.
ومن خلال استخدام التقنيات الحديثة، قدمت مؤسسة حمد الطبية نماذج حية لمدى تأثير الطب الدقيق في تحسين الصحة العامة، وخاصة فيما يتعلق بالوقاية من الأمراض وتقديم العلاج المخصص لكل مريض بناءً على احتياجاته الشخصية.
ما أبرز التقنيات التي تم إدخالها على الرعاية الطبية في مؤسسة حمد الطبية؟
أدخلت مؤسسة حمد الطبية العديد من التقنيات المتقدمة لتحسين الرعاية الصحية، من بينها تقنيات الطب الدقيق والجينوم، إضافة إلى الاستعانة بنظم الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات الطبية، وتقنيات الفحص الجيني للكشف عن الأمراض الوراثية، وتطبيقات التحليل البيولوجي المتقدم لتخصيص العلاجات بناءً على احتياجات المرضى الفردية.
 
◆ كيف ستسهم هذه التقنيات في توفير أفضل الخدمات لمراجعي مستشفيات المؤسسة؟
¶ تساهم هذه التقنيات في تقديم خدمات طبية أكثر دقة ومرتكزة على المريض، مثل تحسين دقة التشخيص، واختيار العلاجات المناسبة لكل مريض، وتقليل الآثار الجانبية للأدوية، كما أنها تُسهم في تعزيز الكفاءة التشغيلية وتوفير الوقت والجهد للمرضى ومقدمي الرعاية.
 
 الطب الدقيق والجينوم
◆ ما الجديد بشأن تطبيقات الطب الدقيق السريري والجينوم في مؤسسة حمد الطبية؟
¶ في مؤسسة حمد الطبية، يُستخدم الطب الدقيق والجينوم لتطوير خطط علاجية فردية بناءً على الخصائص الجينية للمريض، وتشمل التطبيقات تحليل الجينات لتحديد الاستعداد الوراثي للأمراض، واختيار العلاجات المناسبة للأورام، وتقديم الإرشادات الجينية للوقاية من الأمراض المزمنة.
وخير مثال على ذلك، ما حققه برنامج الكشف عن الجينات السرطانية في مؤسسة حمد الطبية من نتائج مبشرة، حيث قام الطاقم الطبي متعدد التخصصات بتشخيص المرضى الذين هم عرضة للإصابة بالسرطان نتيجة الموروث الجيني الذي ينتقل عبر الأجيال ومن الممكن أن يؤدي في بعض الأحيان إلى الإصابة بالمرض وتوفير عدة اختيارات للمريض لتقليل الإصابة به أو اكتشافه في مراحله الأولى، وبذلك يكون الفحص المبكر من أنجع الطرق لتحديد آلية منع وتقليل الإصابة بالمرض.
فقد نجح البرنامج، بالتعاون مع معهد قطر للرعاية الصحية الدقيقة، في تحويل حالات للمتابعة الطبية من المشاركين الذين لم تظهر عليهم أعراض المرض على الرغم من أنهم يحملون الطفرات الجينية وتقديم الرعاية المناسبة لهم.
كما تقوم مؤسسة حمد الطبية بتوفير الطب الصيدلاني الجيني، الذي هو فرع من فروع الطب الدقيق الذي يدمج علم الوراثة مع علم الأدوية لتقديم علاجات مخصصة تعتمد على الجينات الفردية للمريض، ويعتمد هذا التخصص على فحص الاختلافات الجينية التي تؤثر على استجابة الأفراد للأدوية المختلفة، مما يساعد في تحديد الأدوية والجرعات الأكثر فعالية وأمانًا لكل مريض. ويتم تطبيق الطب الصيدلاني الجيني في مؤسسة حمد الطبية لتحسين نتائج العلاج وتقديم رعاية صحية مخصصة، وحاليا تم تطبيقه على مجموعة من المرضى في تخصصات محدودة وسوف يتم توسعة مجال تطبيقه في المستقبل ليشمل فئات أكثر.
¶ تتطلب خدمات الطب الدقيق توافر أجهزة تقنية حديثة.. فماذا عن توافرها في مستشفيات المؤسسة؟
تمتلك مؤسسة حمد الطبية أحدث الأجهزة والمختبرات التقنية، بما في ذلك منصات تسلسل الجينوم، وأدوات تحليل البيانات الكبيرة، ومعدات الفحص الجيني المتقدمة، وهذه التجهيزات تجعل المؤسسة قادرة على توفير خدمات طبية متميزة على مستوى عالمي.
 
◆ ما أبرز البرامج التي يوفرها مركز الطب الدقيق السريري وعلم الجينوم ودورها في مواكبة التطور التقني في الرعاية الطبية عالمياً؟
¶  يقدم المركز برامج متقدمة تشمل الفحص الجيني للأمراض الوراثية، والاستشارات الجينية، والتدريب الطبي على تقنيات الجينوم، والبحوث العلمية في مجال الطب الدقيق، وهذه البرامج تعزز قدرة المؤسسة على مواكبة التطور العالمي في هذا المجال.
 
علاج الأمراض الوراثية
◆ هل يمكن أن تسهم التقنيات الحديثة في تفادي الإصابة بالأمراض الوراثية ومعالجة المصابين بها في مراحل مبكرة؟
¶ نعم.. فالتقنيات الحديثة تُمكّن من الكشف المبكر عن الأمراض الوراثية عبر فحص التسلسل الجيني وتقديم الإرشادات الوقائية، كما تُتيح الفرصة لعلاج الأمراض في مراحلها المبكرة باستخدام استراتيجيات الوقاية من المخاطر، مثل التدخل الجراحي المبكر أو الكشف بالأشعة الدورية.
 
◆ هل من توسع مرتقب في تقديم خدمات الطب الدقيق السريري والجينوم في المؤسسة؟
¶ نعم بالطبع.. إذ تخطط حمد الطبية للتوسع في تقديم خدمات الطب الدقيق، مع التركيز على تطوير وحدات جديدة، وتوسيع برامج الفحص الجيني، وتعزيز التعاون مع المراكز العالمية في هذا المجال لتلبية احتياجات المرضى، وسيكون التركيز على استخدامات الذكاء الاصطناعي في المجال الصحي.

900 مشارك في المؤتمر الثالث للطب الدقيق

اختتمت مؤسسة حمد الطبية، أكتوبر الماضي، أعمال المؤتمر الثالث للطب الدقيق الذي أقيم يومي الخامس والعشرين والسادس والعشرين من أكتوبر في فندق كمبنسكي تحت شعار «تشكيل المستقبل عبر التكامل: اكتشاف أحدث التقنيات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، التركيز على الدور المهم للتعاون، وتقنيات الذكاء الاصطناعي والابتكار في الطب الدقيق».
شارك في المؤتمر الثالث للطب الدقيق أكثر من 900 متخصص وباحث في الرعاية الصحية على مدار اليومين مما يؤكد الاهتمام المتزايد بهذا المؤتمر من المتخصصين في هذا المجال. وقد ناقش المشاركون أحدث التطورات في الرعاية الصحية المرتكزة على الشخص، والتركيز على دمج الجينوم والذكاء الاصطناعي بالممارسة الإكلينيكية.
ويعد هذا التقارب بين التكنولوجيا ورعاية المرضى أمراً حيوياً لتطوير خطط علاج مخصصة تلبي الاحتياجات الفريدة للمرضى، كما يعد دمج الذكاء الاصطناعي في الطب الدقيق نقلة نوعية في كيفية تشكيل التقنيات الناشئة لخطط العلاج الشخصية وتحسين نتائج المرضى.
والطب الدقيق هو نهج مبتكر للرعاية الصحية يعمل على تصميم الرعاية الطبية بحسب خصائص كل مريض، بما في ذلك التركيب الجيني ونمط الحياة والعوامل البيئية. يؤدي علم الجينوم وما يعرف بعلوم الأومكس «علم البروتينات، الميتاجينومكس وغيرها» دوراً حيوياً في هذا النهج من خلال توفير نظرة ثاقبة للمعلومات الوراثية للفرد.

مبادرة التطبيق السريري

في أغسطس الماضي، أعلنت مؤسسة حمد الطبية عن الاستعداد للكشف عن تطور فائق في الطب الدقيق عبر إطلاق مبادرة التطبيق السريري لعلم الصيدلة الجيني، لتصبح أول مؤسسة في دولة قطر إلى جانب عدد قليل من المؤسسات الصحية في دول منطقة الشرق الأوسط التي تدمج علم الصيدلة الجيني في الممارسة السريرية الدورية.
ويدرس علم الصيدلة الجيني كيف تؤثر الجينات على استجابة الفرد للأدوية ويجمع بين علم الصيدلة وعلم الجينات لتطوير علاجات دوائية مخصصة للفرد وتأخذ بالاعتبار الملف الجيني الفريد لكل مريض لتعزيز فاعلية الدواء والحد من الآثار العكسية له. ويعتبر دور إدارة تكنولوجيا المعلومات الصحية أساسياً في هذا التقدم. إن تطوير أنظمة دعم سريري متقدمة لدمج بيانات الاختبار الجيني مع التوجيهات السريرية يعمل على تزويد الأطباء بمعلومات في الوقت الحقيقي عن تفاعلات الزوج الجيني – الدوائي في نقطة الرعاية وتوجيه وصف الأدوية.
والتطبيق السريري الناجح لعلم الصيدلة الجيني بمؤسسة حمد الطبية يحقق إنجازاً مهماً في تقدم رعاية المريض. يعتبر هذا المشروع تعاوناً بين مركز الطب الدقيق السريري وعلم الجينوم وإدارة الصيدلة بمؤسسة حمد الطبية وإدارة تكنولوجيا المعلومات الصحية بمؤسسة حمد الطبية.وعبر المشاركة في التعاون الدولي في مجال البحث العلمي وتبادل المعلومات القيمة، تهدف مؤسسة حمد الطبية إلى التقدم في مجال فهم التفاعلات الجينية الدوائية وتأثيرها المباشر على رعاية المريض.