عباس يحتاج على الأقل إلى انتصار رمزي بالأمم المتحدة ينقذ ماء الوجه

alarab
حول العالم 12 نوفمبر 2011 , 12:00ص
رام الله - رويترز
إذا فشلت محاولة الرئيس الفلسطيني محمود عباس للحصول على عضوية كاملة في الأمم المتحدة فربما يضطر إلى السعي إلى ترقية وضع الفلسطينيين في المنظمة الدولية حتى لا تتعرض مصداقيته لهجوم من حركة المقاومة الإسلامية (حماس). وحتى إذا حصل الفلسطينيون على وضع «دولة مراقبة» بالأمم المتحدة فمن المرجح أن يعرض هذا السلطة الفلسطينية إلى مزيد من الضغط من الولايات المتحدة وإسرائيل اللتين فرضتا عقوبات مالية في محاولة لوقف الحملة الدبلوماسية التي تقوم بها إدارة عباس. وليس أمام عباس سوى بدائل قليلة إذا كان يريد استغلال قوة الدفع التي اكتسبها مسعاه للاعتراف بدولة فلسطينية في الداخل مقارنة بالشلل الذي أصاب عملية السلام التي بنى عليها استراتيجيته لإدارة النضال الوطني الفلسطيني. وبعد توقف محادثات السلام أصيبت عناصر أخرى في سياسة عباس بالجمود، فالمصالحة مع حماس لا تحرز أي تقدم، بل إن الخصومة مع الحركة التي تحكم غزة ربما تجبر عباس على الاستمرار على مسار حملته في الأمم المتحدة. وعما إذا كان عباس سيسعى إلى أن تكون فلسطين دولة مراقبة بعد فشل مسعاه للحصول على العضوية الكاملة بالأمم المتحدة قال أحد الدبلوماسيين «يجب أن يفعل هذا». ومن المتوقع أن يدخل الطلب الفلسطيني للحصول على العضوية الكاملة بالأمم المتحدة منعطفا خطيرا حين ترفع لجنة تابعة لمجلس الأمن الدولي تدرس الطلب تقريرها. وليس مستغربا ألا تستطيع اللجنة الوصول إلى توافق بشأن ما إذا كان يجب قبول فلسطين كدولة عضو في المنظمة الدولية وفقا لما أظهرته مسودة تقريرها التي وزعت هذا الأسبوع. ويمكن ترقية وضع الفلسطينيين إلى دولة مراقبة وهو ما سيضعهم على قدم المساواة مع الفاتيكان من الناحية الدبلوماسية وذلك من خلال اقتراع بالجمعية العامة للأمم المتحدة يتجاوز مجلس الأمن الذي تتمتع الولايات المتحدة فيه بحق النقض (الفيتو). وعلى الصعيد الرسمي سيتشاور الفلسطينيون مع جامعة الدول العربية بشأن خطوتهم التالية. وعلى الصعيد غير الرسمي يقول المطلعون على السياسة الفلسطينية أن القرار بيد عباس. ومن الصعب التكهن بموعد هذا القرار غير أن الانتظار طويلا سيجلب عليه اتهامات بالتردد. ومحاولة الحصول على عضوية كاملة بالأمم المتحدة والتي تمثل درجة أعلى من وضعهم الحالي «ككيان مراقب» محكوم عليها بالفشل منذ البداية خاصة بسبب معارضة الولايات المتحدة. وتتبنى واشنطن نفس وجهة نظر إسرائيل وهي معارضة الخطوة على أساس أنها محاولة للالتفاف حول عملية لإسلام. وتقول إن المحادثات الثنائية هي السبيل الوحيد لإحراز تقدم. ويستطيع الفلسطينيون أن يضمنوا النجاح في الجمعية العامة بفضل الدعم الذي ساعدهم في الحصول على عضوية منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) في 31 أكتوبر بتأييد 107 دول ومعارضة 14 صوتا فقط. وقد يتشجع عباس على اتخاذ هذه الخطوة بدعم دول منها فرنسا التي ساندت خطوة اليونسكو. وحين تصبح فلسطين دولة مراقبة سيتاح لها الانضمام إلى المزيد من الهيئات الدولية. والأهم من كل هذا أن ترقية وضع الفلسطينيين سيمثل لعباس انتصارا سياسيا جزئيا يبرز دور إدارته في الوقت الذي تستمتع فيه حماس بالانتصار الداخلي الذي حققته من خلال صفقة تبادل الأسرى التي أجرتها مؤخرا مع إسرائيل. ويقول سامي أبوزهري، المتحدث باسم حماس، إن على عباس أن يعود إلى الحوار الوطني. وأضاف أن على عباس أن يطبق اتفاقا أبرم في مايو يهدف إلى إعادة توحيد غزة والضفة الغربية تحت إدارة واحدة. ومن المنتظر أن يجتمع عباس مع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل في وقت لاحق هذا الشهر لبحث المصالحة بين حركتي فتح وحماس علاوة على موضوعات أخرى. ويقول مسؤولون إن من المتوقع أن يطرح عباس فكرة إجراء انتخابات مبكرة لإنهاء الجمود بين فتح وحماس غير أن محللين يقولون إن من غير المرجح أن تقبل الحركة الإسلامية بذلك. وتردد الحديث عن خطوات محتملة أخرى. وأثار عباس قضية مستقبل السلطة الفلسطينية في الأسابيع القليلة الماضية مما أثار جدلا بشأن ما إذا كان الكيان الذي أنشئ كدولة تنتظر الاعتراف بها يمكن أن يستمر في غياب إحراز تقدم نحو الاستقلال. لكن مساعديه يرفضون أي حديث عن حل السلطة أو تنحي عباس. وفي ظل تضاؤل احتمالات المصالحة الوطنية والأزمة العميقة التي تمر بها عملية السلام تبدو الأمم المتحدة الطريق الوحيد الذي يجب أن يسلكه عباس لتحقيق نوع من الإنجاز في الأشهر القليلة القادمة. ورغم هذا يشير محللون فلسطينيون إلى أن الرئيس الفلسطيني لم يصرح باستعداده للسعي إلى ترقية وضع الفلسطينيين بالأمم المتحدة إلى درجة أقل من العضوية الكاملة. وهم يعتقدون أن هذه علامة على التردد نابعة في الأغلب من الضغوط التي يواجهها من الولايات المتحدة وإسرائيل. وأوقف الكونغرس الأميركي تمويلا للسلطة الفلسطينية بسبب مبادرة الأمم المتحدة في حين قررت إسرائيل ألا تصرف مؤقتا عائدات الضرائب التي تجمعها بالنيابة عن السلطة الفلسطينية التي تتخذ من رام الله مقرا لها ردا على انضمامها لعضوية اليونسكو. وتمثل عائدات الضرائب نصف الدخل الشهري للسلطة الفلسطينية. وقال المعلق الفلسطيني هاني المصري إن عباس في موقف صعب جدا. وأضاف أنه إذا كانت هناك ضغوط فلسطينية فسيذهب الرئيس إلى الجمعية العامة. وقال المحلل جورج جقمان إن عدم القيام بأي شيء فيه حرج نوعا ما، مشيراً إلى أن على الفلسطينيين أن يحافظوا على قوة الدفع. وأضاف أنه إذا لم يفعل الفلسطينيون شيئا فسيكون عليهم أن يفسروا سبب ذلك. وتابع قائلا: إن الخيارات محدودة وصعبة وإن أسهل اختيار هو الذهاب إلى الجمعية العامة ليتحقق انتصار رمزي على الأقل.