أولياء أمور لـ «العرب»: مدارس غير جاهزة.. وغياب بالكادر التدريسي ومشاكل في التسجيل

alarab
تحقيقات 12 سبتمبر 2011 , 12:00ص
الدوحة - رانيا غانم
بداية مرتبكة شهدها اليوم الأول من العام الدراسي الجديد أمس الأحد في غالبية المدارس، وهو ما رآه عدد من أولياء الأمور أمرا طبيعيا وواردا في الأيام الأولى لبدء الدراسة واليوم الأول تحديدا، بيد أن آخرين انتقدوا عدم جاهزية مدارس أبنائهم للدراسة سواء من حيث عدم اكتمال هيئات التدريس، أو مشكلات إجراءات التسجيل ودفع المصروفات واستلام الكتب المدرسية والزي الموحد من المدارس التي تقوم ببيعه للطلاب. مصاعب عدة واجهها الأهالي في اليوم الأول خاصة التكدس المروري رغم الجهود التي بذلتها إدارة المرور بوزارة الداخلية ورجالها، إلى جانب «لخويا» التي لاحظ الأهالي انتشار سياراتها بكثافة في كافة الدورات والشوارع الرئيسية، بيد أن اضطرار غالبية أولياء الأمور إلى توصيل أبنائهم بأنفسهم سواء لإنهاء الإجراءات أو لعدم انتظام الباصات المدرسية، زاد من حدة الازدحام في أوقات الذروة صباحا وظهرا، كما شكا كثيرون من تكدس السيارات أمام المدارس وعدم وجود أماكن كافية لصف السيارات بسبب وجود غالبية أولياء الأمور مع أبنائهم في هذا اليوم، لكن المشكلة الأبرز التي شكلت هاجسا لأولياء الأمور هي عدم انتهاء بعض المدارس من إنشاءاتها واستمرار بعض الأعمال الهندسية والفنية فيها مما قد يعرض أبناءهم للخطر، وهو ما فسره عدد من مسؤولي المدارس الخاصة بكونه نتيجة لقرار المجلس الأعلى للتعليم بضرورة التزام المدارس بشروط ومعايير معينة في المساحة والملاعب، الأمر الذي تسبب في انتقال المدارس إلى مقرات جديدة، بينما لم تكف الفترة المتاحة من وقت النقل حتى بداية العام الدراسي للانتهاء من الإشغالات فيها وتجهيزها تماما لاستقبال الطلاب. أوقات الدوام المدرسي كان لها أيضا خصوصيتها في هذا اليوم، حيث انتهى دوام غالبية المدارس الخاصة والمستقلة في وقت مبكر، يختلف من مدرسة إلى أخرى، على اعتبار أن اليوم الأول هو يوم للتعارف بين الطلاب والمدرسين أو الطلاب وزملائهم الجدد، وكذا التعرف على الصفوف المدرسية التي سيدرسون بها، وأخذ الجداول الدراسية وغيرها من الإجراءات الأخرى. ووضعت المدارس إعلانات بموعد الدوام المؤقت هذا على أبوابها، أو أرسلت به في رسائل قصيرة أو بريد إلكتروني على أولياء الأمور. وبينما ترك أولياء أمور المدارس المستقلة أبناءهم ليعودوا في الباصات، اضطر أهالي طلاب كثير من المدارس الخاصة انتظار أبنائهم لإعادتهم إلى المنازل حيث لم تعمل باصات تلك المدارس بعد. الظاهرة اللافتة أيضا في اليوم الدراسي الأول كانت غياب أعداد كبيرة من الطلاب، وكانت طلاب بعض الفصول يعد على أصابع اليد الواحدة. إعداد وتجهيز أم حمد، كانت واحدة من الأمهات اللاتي حرصن على التواجد مع أبنائهن خلال هذا اليوم الهام، خاصة أن أطفالها الثلاثة يدرسون بالمرحلة الابتدائية ويحتاجون لمساعدتها، وبرغم الإرهاق الذي بدا عليها جراء مرورها على عدد من المكاتب والفصول بحثا عن أماكن دراسة أبنائها الثلاثة، بيد أنها بدت متفهمة كثيرا لما يحدث في هذا اليوم «يعد اليوم الأول من الدراسة من أيام الإعداد والتجهيز للموسم الجديد حيث تستكمل المدارس برامجها واستعداداتها لاستقبال التلاميذ، وذلك من خلال حصر أعداد المتقدمين بالفعل، وتوزيع الطلاب على الفصول الدراسية، ومعرفة كل منهم أماكنه خلال الموسم الجديد». مشيرة إلى وجود العديد من الملاحظات «التي لا تدخل في إطار السلبيات المعروفة بقدر ما تصنف ضمن المرحلة الأولى لانطلاقة العام الدراسي الجديد، ونتفهم جيدا وضع المدارس في اليوم الأول». وتابعت: «التأخير في تعريف الطلاب على فصولهم، وكذلك السهو في إدراج عدد من الطلاب في فصولهم الصحيحة هي من الأشياء التي تعرضت لها خلال أول يوم، ولكن تم تدارك ذلك من خلال تصحيح الأمر بإضافة الطالب ضمن قائمة فصله، لكن تطلب بعض الوقت، فالأسبوع الأول من الدراسة تستكمل فيه المدارس الإعداد والتجهيز، والدراسة بمعناها الحقيقي -في معظم المدارس- تبدأ من الأسبوع الثاني، حيث تستكمل إدارات المدارس مسوغات التقديم بالنسبة للطلاب والمصروفات، وكذلك يستكمل المدرسين الأشياء المطلوبة لاستمرار العملية التعليمية مع طلابهم وهي عبارة عن الأدوات المدرسية والوسائل التعليمية المختلفة التي يحتاجها الطلاب خلال العملية التعليمية»، مشيرة إلى استمرار استكمال هذه الوسائل خلال المرحلة الأولى من الدراسة «التي قد تمتد إلى الثلاثة أسابيع الأولى حيث يطلب المدرسون يوميا الكشاكيل وأدوات الدراسة حتى يتم استكمال ذلك وفق أسلوب المدرسة التعليمي، وهي كلها أشياء اعتاد أولياء الأمور عليها سنويا، وتتطور من عام لآخر بحسب المرحلة الدراسية، وتقل حدتها كلما صعد الطالب والطالبة إلى مرحلة متقدمة في التعليم». سلبيات وإيجابيات من جهة أخرى ترى أم ضياء، وهي أم لطالبين بالمرحلتين الابتدائية والإعدادية، أن انطلاقة العملية التعليمية خلال الأيام الأولى من الدراسة «غالبا ما تكون سبب قلق للطلاب وأولياء الأمور الذين يحرصون على متابعة الابن أو الابنة خلال هذه المرحلة، ويصل الأمر إلى التواجد معهم خلال الأيام الأولى لمتابعة دخول المدرسة والاستقرار داخل الفصول، واستكمال إجراءات التسجيل، وكذلك الحصول على الزي المدرسي ودفع باقي المصروفات، وهي كلها أشياء ضرورية، ومنها أشياء كان يمكن إنجازها قبل هذا اليوم، ولكن بعض المدارس تقوم بتأخيرها حتى اليوم الأول من الدراسة، ومن المفترض أن يتم هذا تلقائيا بالنسبة للطلاب القدامى، خاصة أن غالبية المدارس تقوم بمعظم الإجراءات الخاصة بالتحاق الطلاب بالعام الدراسي الجديد قبل انطلاق الدراسة بوقت كبير، وربما في نهاية الموسم السابق، حيث تحرص المدارس على تسجيل الطلاب، والحصول على جزء من المصروفات قبل العام الجديد، وبالتالي فتأخير الإجراءات حتى اليوم الأول من الدراسة لا يكون مبررا بالنسبة للمدارس تلك». لكن أمورا أخرى ضاعفت من صعوبة تلك البداية للعام الجديد للسيدة وأبنائها «الانتقال من وإلى المدارس خلال الأيام الأولى يعد من الأشياء المزعجة حيث إن الانتظام في حضور الباصات للطلاب يستغرق وقتا طويلا، ويمتد ذلك إلى ما بعد الأسبوع الأول من بدء الدراسة، ويكون من الأمور التي ترهق أولياء الأمور أيضا، خاصة إذا كانت المدرسة بعيدة عن سكن الطالب، ويستغرق ذلك وقتا في ظل الازدحام الكبير في الدوحة خلال أوقات الذروة في الصباح وفترة بعد الظهيرة كذلك» مؤكدة أن الاختناق المروري يعد من العوامل المقلقة للطلاب قبل أولياء الأمور «حيث يستغرق ذهابهم للمدرسة وعودتهم وقتا طويلا، ويقتطع هذا الوقت من اليوم الذي تقل عدد ساعاته على الطلاب المفترض عودتهم إلى المنزل للراحة والاسترخاء قبل البدء في عملية مراجعة دروسهم وإنهاء واجباتهم وفروضهم المدرسية، وأيضا يتطلب ذلك من الطلاب الخروج مبكرا للوصول إلى المدرسة في الموعد المحدد». وتابعت: «هناك العديد من الأمور الإيجابية، وهي رغبة العديد من المدارس في تقديم مستوى متميز لطلابها من خلال التعاقد مع الكثير من المدرسين المتميزين لدعم العملية التعليمية داخل المدرسة ولكن هذا يرتبط أيضا بزيادة المصروفات والتي غلبت على معظم المدارس خلال الموسم الحالي، وكذلك اتخذت بعض المدارس من إقامة بعض المنشآت داخل المدرسة ذريعة لزيادة المصروفات خلال هذا الموسم». أعباء إضافية ويرى المقيم العربي أبوأنس أن بداية الموسم الدراسي خاصة في أيامه الأولى غالبا ما تسبب بعض القلق لأولياء الأمور، خاصة في ظل استمرار الإعداد من قبل إدارات المدارس لبدء العملية التعليمية، مشيرا إلى الإرهاق الذي سببه بعض الإجراءات التي قامت بها المدرسة «وذلك بعد تغيير مقر المدرسة من قبل إدارتها وذلك في مكان بعيد عن مقر إقامتنا، وهو ما سبب لنا مأزقا كبيرا حيث كان المقر الأول بجانب المنزل تماما، واستلزم ذلك اشتراكنا في الباص، وهو ما أضاف المزيد من الأعباء المالية علينا، وكذلك الإرهاق على طفلينا الموجودين في مراحل دراسية مختلفة بنفس المدرسة». وتابع: «فاجأتنا المدرسة أيضا بزيادة المصروفات الدراسية هذا العام، وهو ما أضاف عبئا آخر علينا رغم ارتفاع المصروفات الدراسية رغم أنها مدرسة دولية مصروفاتها مرتفعة أصلا» مشيرا إلى زيادة الأعباء المادية على أولياء الأمور أيضا خلال المرحلة الأولى من الدراسة بسبب المتطلبات الدراسية التي تتمثل في الأدوات المدرسية، فضلا عن القلق الذي يسببه ذلك وتوجه الأهالي إلى المكتبات والمتاجر مرات عديدة لشراء المتطلبات «التي لا تنتهي» حتى انتظام العملية الدراسية و «هو ما يتطلب بعض الوقت للاندماج في العملية التعليمية، وترتيب الأوراق من جانب المدارس». وأبدت أم يوسف انزعاجها الشديد من الازدحام أمام المدارس في اليوم الأول، حيث يضطر أولياء الأمور إلى صف سياراتهم لمدة فترة طويلة أمام المدارس وذلك لاستكمال إجراءات التسجيل ومتابعة دخول الأبناء في اليوم الأول، وتراها عملية صعبة جدا في ظل التكدس والازدحام في أول يوم «في العادة وفي الأيام العادية يصطحب الأب أو الأم الأطفال إلى المدرسة ويقومون بالنزول إلى المدرسة مباشرة، ويكون الأمر عاديا رغم وجود بعض الصعوبات لكن يمكن التغلب عليها، أما في الأيام الأولى للدراسة فإنه من الضروري تواجد أولياء الأمور مع الطلاب والتواصل مع إدارة المدرسة، ويكون الأمر صعبا بالنسبة لصف السيارات أمام المدرسة، حيث التكدس والزحام الشديد، ويضطر البعض إلى ركن السيارة بعيدا عن المدرسة وقد يتعرض البعض لمخالفات مرورية نتيجة لذلك». وأضافت: «يكون المرور أيضا من الأشياء المقلقة للأسرة خلال الأيام الأولى، خاصة مع اكتشاف وجود إنشاءات أو تحويلات في بعض الطرق، مما يتطلب استخدام طرق بديلة نظرا للازدحام الموجود على عدد من الدوارات نتيجة لهذه الإنشاءات، وهو ما يتطلب المزيد من الوقت أثناء الذهاب في الصباح والعودة خلال الفترة المسائية، وغالبا ما يكون التكدس شديدا في بداية أيام الدراسة»، مؤكدة أن البداية غالبا ما تحمل عدم الاستقرار حتى انتظام العملية التعليمية «وهو ما يتطلب بعض الوقت، ورغم تأثير ذلك على الطلاب وأولياء الأمور بيد أن الأمور بصفة عامة تسير إلى الأفضل كلما مرت هذه المرحلة الصعبة». تحت التجهيز ومن الأمور المزعجة الأخرى التي صادفتها أم يوسف في هذا اليوم وعدد من أولياء الأمور ممن تحدثنا إليهم، تفاجئهم بعدم اكتمال الإنشاءات بمدارس أبنائهم رغم بداية العام الدراسي وانتظام الطلاب، الأمر الذي قد يعرضهم للخطر «انتقلت مدرسة أبنائي إلى مقر جديد، وأرسلوا لنا عبر البريد الإلكتروني يخبروننا بذلك، المكان الجديد واسع وكبير لكن تنقصه الكثير من التجهيزات، وهو ما يتم العمل به خلال أيام الدراسة، ولأن المدرسة بها طلاب صغار من رياض الأطفال والمرحلة الابتدائية وحتى الإعدادية فهم سيكونون مغرضون للخطر، وأنا كأم أخشى على أبنائي من تعرضهم لأي شيء -لا قدر الله- فهل يعقل أن تنتظر المدارس حتى بداية الدراسة وانتظام الطلاب لتقوم باستكمال التجهيزات والقيام بالعمال الخطرة في وجودهم؟». لكن المسؤولة بإحدى المدارس الخاصة التي شكا منها أولياء الأمور أكدت لـ «العرب» أن الأمر خارج عن إرادتهم ولم يكن بسبب تباطؤ من إدارة المدرسة أو عدم اهتمام بالانتهاء من كل شيء قبل بدية العام الدراسي «ألزم المجلس الأعلى للتعليم المدارس الخاصة بمواصفات معينة للمدرسة ومبانيها، مما اضطر المدارس التي لم تتوافق مع هذه المعايير -مثل مدرستنا التي كانت تشغل فيلا صغيرة- على الانتقال إلى أماكن جديدة، وما بين الانتقال إليها وبداية العام الجديد، لم يكن الوقت كافيا لاستكمال الإنشاءات وإعداد المباني الجديدة بشكل كامل، فقمنا في البداية بتجهيز الصفوف الدراسية بشكل كامل لتكون جاهزة تماما قبل بدء الدراسة، وما بقي من تجهيزات في الأفنية والأماكن الرياضية وغيرها نقوم حاليا بالانتهاء منه، ونحن نراعي سلامة الطلاب تماما، وسيكون كل العمل تحت أعيننا ولن نسمح مطلقا بتعريض حياة أي من طلابنا لأي خطورة تذكر». وكان المجلس الأعلى للتعليم قد فرض معايير ألزم جميع المدارس الالتزام بها تتطلب أن تكون المدارس مبنية على مساحات معينة، وأن تتوافر بها مختبرات ومعامل لها مواصفات خاصة، بالإضافة إلى مبان وملاعب رياضية يتوافر فيها الأمن والسلامة. وتنص قرارات «على ضرورة أن يتناسب المبنى المدرسي ومواصفاته مع الشروط الواجب توافرها في البيئة التعليمية، بحيث تخدم مرافق المدرسة رسالتها ورؤيتها وأهدافها، وأن يوجد به مرافق كافية ومناسبة حسب نوع المدرسة ومراحلها وطبيعتها، وأن تتوافر به غرف وأماكن للنشاط المدرسي تكون مناسبة لنوع المرحلة التعليمية، وأن تكون غرف الدراسة والإدارة والأنشطة نظيفة وجيدة الإضاءة والتهوية ومزودة بأجهزة التكييف المناسبة، وأن تتناسب مساحة الفناء مع عدد طلبة المدرسة، ويتم تزويد الساحات الخارجية بعدد مناسب من المظلات».