

لا تحلو لمّة العيد إلا بالموائد الممدودة والعزائم التي يتجمع عليها الأهل والأصدقاء، والتي كانت حسب العادات والتقاليد تحضر في البيت، ليصبح الاعتماد على المطاعم، و«الديليفري» هو البديل. وفي هذه الفترة من كل سنة تبدأ المطاعم الشعبية بإعداد الموائد خلال أيام عيد الأضحى المبارك، وشرع طباخو المطابخ الشعبية المختلفة في تجهيز ولائم العيد بعد أن استلم أصحاب المطاعم وموظفو الاستقبال الطلبيات المختلفة، قبل العيد بفترة.
وأكد أصحاب مطاعم شعبية و«منزلية» لـ«العرب» أن آخر طلبيات تم استقبالها لإعداد الموائد المختلفة من «المكبوس» أو «البرياني» وسواها توقفت منذ أسبوع قبل العيد فيما يتم استقبال طلبات الزبائن ممن يوفرون الذبائح للطبخ حتى قبيل ليلة الوقفة.
300 ريال مقابل الطبخ
وذكر محمد زيتوني موظف استقبال الطلبات في مطعم شعبي أن المطابخ الشعبية توفر العديد من الخيارات المفضلة أمام المواطنين لولائم العيد، وأبرزها الخراف السورية بسعر 2000 للخروف الواحد و500 ريال أجور الطبخ، بالإضافة إلى خيارات أخرى تختلف أسعارها باختلاف أنواع الخراف، والطلب.
وأشار إلى أن أسعار الطبخ بالمطاعم الشعبية تشهد ارتفاعاً طفيفا مقارنة بالسنوات الماضية لكن بعض المطاعم تعرض أجوراً للطبخ مقابل 300 ريال، كما أن عدداً من المطاعم العادية الأخرى بدأت بتقديم لوائح بخدماتها للمواطنين لتلبية طلبيات ولائم العيد وأن بعضها قام بتجهيز المطابخ لاستقبال طلبيات إعداد الولائم المختلفة، إضافة إلى تلبية الوجبات الأخرى، وأن أجور الطبخ في تلك المطاعم أعلى قليلاً من أجور المطابخ الشعبية بواقع 500 ريال.
وأضاف إن سبب عدم استقبال طلبيات الزبائن لتحضير ولائم تتضمن الخراف هو أن معظم المقاصب لا تلبي طلبيات تلك المطاعم من اللحوم اللازمة لإعداد الولائم خلال أيام العيد.
بيت العود يجمع العائلة
تقول بثينة الأنصاري إن بيت العود هو الذي يجمع العائلة، ووجود الجدة والجد هو ما يحتم على كل العائلة التجمع خلال الغداء.
وتوضح بثينة أنه بالنسبة لعائلتها فإن الاعتماد على المطاعم أو الطلبات يكون في الفوالة فقط، أما الذبيحة فهي تطبخ داخل البيت.
وتتحدث بثينة عن أهمية مناسبة عيد الأضحى في تعليم الأبناء وتعويدهم على صلة الرحم والعادات والتقاليد، بدل الاهتمام بالمظاهر ونوع اللباس وماركته، وتضيف قائلة: صارت الذبيحة شيئا رمزيا، وفقدنا المعاني من العيد، وصرنا نهتم بالمظاهر أكثر من الاهتمام بالمعاني السامية التي شرع الله عز وجل العيد من أجلها، وبالنسبة للطلب من المطعم أو الاعتماد على الطبخ في البيت فالأمر سيان طالما تحقق الهدف وهو جمعة الأحباء والأهل على سفرة واحدة، دون أن تكون هناك مزايدات وبحث عن الشو والمظاهر بقصد التباهي.
أعداد كبيرة من الضيوف
من جانبها تقول السيدة هند الرميحي إن العيد فرصة للتزاور، وصلة الأرحام، وطالما أن الإنسان في استطاعته أن يمنح نفسه فرصة للراحة من المطبخ فلا مانع من الاعتماد على المطاعم، خصوصا الشعبية منها التي تجهز أصنافا من الأكل تشبه ما يجهز في البيت.
واعتبرت هند أنه في العيد إذا لم يكن للسيدة طباخ في البيت فإنه يصعب عليها أن تجهز الطعام لعدد كبير من الزوار لذا فإنه من الأسهل جلبه جاهزا أو ارسال الذبيحة إلى المطعم لتجهيزها، مشيرة إلى أن الزمن تغير والمرأة التي كانت ماكثة في البيت تجيد أعمال البيت والطبخ أصبحت اليوم تشارك أخاها الرجل في العمل وبناء الوطن، لذا فلا ضرر من أن ترتاح من بعض الأعباء المنزلية.
وتستدرك السيدة هند كلامها بأن بعض السيدات خصوصا الصغيرات في العمر لا يجدن الطبخ وأصبح الموضوع لا يشكل لديهن أي احراج بل بالعكس هن يتباهين باسم المطعم الذي يطلبن منه الطعام والفوالة، ويزايدن على أن تكون سفرتهن أكبر من سفرة غيرهن.
الحجوزات مسبقة
من جانبه قال خالد محمود صاحب مطعم شعبي إن المطاعم توقفت عن استقبال طلبيات إعداد الولائم منذ عدة أيام سابقة على موعد عيد الأضحى حتى تلك التي توفر الذبائح للوليمة، وأشار إلى أن من وصفهم بالزبائن الدائمين هم من تمت تلبية طلبياتهم لطبخ الذبائح الجاهزة خلال اليوم فقط السابق على موعد العيد، وأن الولائم التي يوفر فيها المطبخ الشعبي الذبيحة توقف الحجز لها قبل 10 أيام من موعد العيد بمعظم المطاعم الشعبية.
وعن موعد استلام الوليمة قال خالد إن جميع طلبيات ولائم العيد تحضر في صباح يوم العيد وعلى الزبائن استلامها في فترة الصباح لأن الجو الحار من الممكن أن يفسدها إذا استمرت لساعات في الحرارة تحت أشعة الشمس، مشيرا إلى أن المطاعم تلتزم بتعليمات النظافة والاشتراطات التي تقرها البلدية.
وأشار إلى أن فترة الأعياد تعبر موسما بالنسبة للمطاعم التي ترفع قدرتها وطاقتها في العمل، حيث تضاعف قدرتها على تلبية الولائم في فترة العيد التي تزيد أحيانا إلى فترة الضعف كحد أقصى وأن الطباخين بالمطاعم الشعبية يبذلون قصار جهدهم بعد موسم لا يكون فيه إقبال كبير على الولائم وهو الفترة الفاصلة بين عيدي الفطر والأضحى، وأوضح أن العمل قبل فترة يوم وقفة عرفة وأيام العيد يكون قليلا ويتضاعف خلال هذه الأيام لتزايد الطلب.
تحديد الأسعار
وأوضح خالد المحمود أن فترة عيد الأضحى نفسها لا تستطيع المطاعم الشعبية تلبية أي طلبيات تصل في تلك الأيام لأن معظم الحجوزات منذ شهر على موعد العيد، وأن معظم تلك الحجوزات تكون عبر مواطنين من زبائن مطاعم شعبية بعينها، وأكد أن أسعار «البلدية» ثابتة لطبخ الوليمة في جميع المطاعم الشعبية وهو ما يجعل التنافس بين المطاعم كبيرا على توفير احسن العروض.
وأضاف إن الولائم تحضر في صباح يوم العيد ما بين الساعة 8 والساعة 12 ظهراً، لأن طلبيات ولائم العيد طوال أيامه ولائم للغداء وليست للعشاء كما في أيام أخرى، وأن الزبائن الدائمين قاموا بحجز ولائمهم للعيد قبل شهر أو أقل من موعده.
الاهتمام بالضيوف
من جهة أخرى أكد الشيف رامي حلاوة، طباخ متمرس في إعداد الولائم، أن العيد فرصة للفرح والتجمعات وعليه فإن أغلب النساء يفضلن الاهتمام بضيوفهن، على الالتهاء في المطبخ، وترك مهمة التجهيز على المطابخ خصوصا الشعبية والمنزلية منها، والتي تقوم بتلبية العديد من الطلبيات لولائم العيد وهو السبب الذي جعل الكثير من المطاعم تشهد اقبالاً من المواطنين نظراً لقدرتها على تلبية الطلبيات في فترة أيام العيد، إضافة إلى ثقة المواطنين في الأيادي التي تصنع الطعام في المنازل.
وقال حلاوة إن هذه الفترة من كل عام تشهد إعلانات لطهاة محترفين من المواطنين ومن غيرهم يعلنون عن استعدادهم لاستقبال طلبيات ولائم العيد. وأشار إلى أن المطابخ المنزلية تستعين بخبرات من سيدات البيوت والشيفات لإعداد الولائم وتلبية طلبيات خارجية.
وتابع حلاوة إنه وعلى الرغم من أن أسعار تجهيز الوليمة للذبيحة الواحدة تختلف وقد تكون مرتفعة نسبيا في المطابخ المنزلية حسب نوع الذبيحة فإن المواطنين يفضلونها برأيه لأنها تشبه إلى حد كبير النكهة القطرية التي تحضر في المنازل.
وذكر أن أحد أهم أسباب تفضيل المواطنين للمطابخ الشعبية والمنزلية هو قدرة المطبخ على تلبية طلبيات إضافية من أطعمة وحلويات كما يرغب المواطنون مثل اللقيمات والمضروبة والثريد وسواها، إضافة إلى وليمة العيد.
أيادٍ متمرسة
من ناحيته أبرز محمد لاري أحد أصحاب المطاعم الشعبية، أن أسباب إقبال المواطنين على ولائم المطابخ المنزلية والمطابخ الشعبية هي النكهة القطرية للوليمة التي توفرها، لأن الأيدي التي تصنعها متمرسة في صنع الطعام القطري، حيث من يعد تلك الولائم يضيف مكونات رئيسية مثل ماء الورد والزعفران الأصلي وسواها من الإضافات التي تعطي النكهة القطرية الأصلية لطعام الوليمة.
وأشار إلى أن إقبال المواطنين على هذه الولائم خلال العيد يرجع إلى العدد الكبير من الزوار، حيث تجتمع العائلة كلها في بيت واحد للغذاء غالبا ما يكون بيت الجد والجدة، ونظرا لكثرة أعداد أفراد فإن العوائل تفضل الطلب من المطاعم.