اتفق تربويون ومواطنون، بأن أولياء الأمور سبب رئيسي في انتشار ظاهرة الدروس الخصوصية وتمددها في المجتمع وتحولها لجسم غريب ملتصق في العملية التعليمية، إضافة إلى وجود قصور من جانب وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي في زيادة الكثافة في بعض الفصول مما يؤدي إلى عدم قدرة معلم المدرسة على اكساب جميع الطلبة الفائدة من الدرس لضيق وقت الحصة.
وقالوا في تصريحات لـ «العرب»، إن الدروس الخصوصية تحولت إلى تجارة تستنزف أموال أولياء الأمور لم تعد هدفا نبيلا لمساعدة الطلبة تعليميا، مؤكدين أن الأسعار تصبح «نار» خلال فترة الاختبارات من كل عام بسبب الإدراك المتأخر من أولياء الأمور لضعف مستوى أبنائهم في بعض المواد، مما يزيد الإقبال على المدرسين الخصوصيين الذين يستغلون الوضع برفع الأسعار.
وأضافوا أن انتهاء الظاهرة يحتاج إلى إدراك أولياء الأمور لدور المدرسة وتعزيز مكانة المعلم في نظر أبنائهم وإعطاء الطلبة فرصة للاعتماد على أنفسهم، بالإضافة إلى ضرورة محاربة الإعلانات المنتشرة للمدرسين الخصوصيين في الجمعيات الاستهلاكية والإنترنت، خاصة وأن معظمهم غير مؤهلين لتدريس المنهج الوطني.
محمد صفري: الأسعار قبل الاختبارات نار وتحولت لتجارة
اعتبر المواطن محمد صفري أن انتشار ظاهرة الدروس الخصوصية قبل انطلاق الاختبارات من كل عام يعود إلى استفاقة أولياء الأمور متأخرين بشأن وجود قصور لدى أبنائهم في بعض المواد، مؤكدا أن أسعار الدروس الخصوصية أصبحت «نار»، مما جعلها تجارة وليست هدفا نبيلا للتعليم.
وأكد أن ارتفاع أسعار الدروس الخصوصية يؤدي إلى عجز بعض الطلبة عنها، مضيفا أن الإدارة المدرسية لها دور في متابعة المدرسين العاملين لديها من أجل رد تلك الظاهرة، وحث جميع المعلمين لديها على العمل بضمير واحترام مهنة التدريس، ومساعدة الطلاب في التحصيل الجيد للدروس التي هي وظيفتهم الأساسية.
وقال صفري إن تقصير المعلمين في أداء دروهم داخل المدارس لضيق الوقت أو لكثافة الطلبة في الفصل الواحد قد يكون سببا في لجوء أولياء الأمور إلى الدروس الخصوصية لاحتياج أبنائهم لشرح إضافي، مؤكدا أن الدروس الخصوصية حل سهل لأولياء الأمور الذين ليس لديهم وقت للمذاكرة مع أبنائهم أو لديهم أكثر من طالب يدرسون في مراحل تعليمية مختلفة.
وأضاف أن الدروس الإثرائية الموجودة في المدرسة لا يوجد إقبال عليها لفقدان الثقة فيها، محذرا من سقوط أولياء الأمور في شباك المعلمين غير المؤهلين للتدريس.
ناصر المالكي: سلاح ذو حدين
قال الأستاذ ناصر المالكي مدير مدرسة أحمد منصور الابتدائية، إن ظاهرة الدروس الخصوصية مشكلة قديمة موجودة في معظم دول العالم، معتبرا أن هذه الظاهرة سلاح ذو حدين أم مساعدة الطلبة الذين لديهم صعوبات في التعلم أو وقوع أولياء الأمور في الاستغلال وتحول اعتماد أبنائهم كليا على الدروس الخصوصية دون وضع اعتبار لدور المدرسة. وشجع المالكي، أولياء الأمور إلى عدم الاعتماد كليا على الدروس الخصوصية وترك أبنائهم يعتمدون على أنفسهم لتحصيل دروسهم وواجباتهم كما كانت الأجيال القديمة، الأمر الذي يجعل تلك الظاهرة مقتصرة على الطلبة الذين يحتاجون إليها لضعف قدراتهم.
واعتبر أن المعلم الخصوصي ليس آفة بل يكون عاملا مساعدا للطلبة الذين لديهم صعوبات في التعلم ويحتاجون إلى تكثيف لتعليم بشكل فردي، إلا أنه رأى أن الخطر الحقيقي على الطلبة يكون من المعلم الخصوصي غير المتخصص في المادة وتمادي أولياء الأمور في اعتماد أبنائهم على الدروس الخصوصية في جميع المواد.
وحذر من وجود من يسمون أنفسهم بـ «مدرسين» وهم غير متخصصين وغير مؤهلين يمارسون ظاهرة الدروس الخصوصية، سواء من خلال وضع إعلاناتهم في المتاجر وعلى مواقع السوشيال ميديا، مناشداً الجهات المسؤولة بالدولة، لمراقبة تلك الإعلانات لوجود ممارسين لتلك الظاهرة وهم لا يحملون أية شهادة تربوية أو حتى شهادة بكالوريوس.
سميرة العمادي: تربية الأبناء على الاتكالية يدفعهم للتعليم الفردي
قالت الأستاذة سميرة العمادي معلمة اللغة العربية في مدرسة رقية الإعدادية للبنات، إن تمدد ظاهرة الدروس الخصوصية في البيئة التعليمية بالدولة يكون سببها الرئيسي بعض أولياء الأمور الذين كرسوا في نفوس أبنائهم الاتكالية منذ الصغر وقبل دخول المدرسة من خلال عدم اعتياد الأبناء على تحمل مسؤولية نفسه بترتيب سريره أو حمل حقائبه.
واعتبرت العمادي أن الأمر يجعل الطالب يتأكد بوجود أشخاص آخرين يمكنهم أن يحمل عنه المسؤولية ويبدأ في إهمال دروسه وعدم التركيز في الحصص بالفصول المدرسية وأحيانا إثارة المتاعب، مما يخلق فجوة تعليمية في الكثير من المواد الدراسية.
وتابعت «مع حدوث هذه الفجوة وعدم قدرة الطالب الإلمام بالمنهج الدراسي مع اقتراب موعد الاختبارات، يلجأ لولي الأمر من أجل توفير مدرس خصوصي يشرح له المنهج»، معتبرة أن ولي الأمر بدون قصد يحول تركيز ابنه من الدراسة بالمدرسة إلى الاعتماد على المدرس الخصوصي الذي يأتي إليه في المنزل ليقدم له ما يسمى بـ «خلاصة المنهج».
وأكدت أن ما يقدمه المدرس داخل الفصول يستهدف إكساب الطالب المهارات من منهج المادة على عكس المدرس الخصوصي الذي يعتمد في طريقة شرحه على استخراج أهم ما جاء في توصيف الاختبارات المرسلة من وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي، مما يؤدي إلى وجود نقص دائم في المهارات المستهدفة من منهج المادة.
وأوضحت معلمة اللغة العربية، أن الخطة التدريسية التي وضعتها الوزارة تخصص أسبوعين قبل كل اختبارات لجميع الصفوف من أجل المراجعة.
ورغم ذلك، اعتبرت أن وجود أكثر من 30 طالبا في الفصل الواحد قد يؤدي إلى وصول فائدة الدرس إلى 70% من الطلبة، ووجود نقص لدى الـ30 % الآخرين لضيق وقت الحصة.
خالد فخرو: المنافسة بين أولياء الأمور سبب انتشار الظاهرة
أكد المواطن خالد أحمد فخرو، أن الدروس الخصوصية ظاهرة لها إيجابيات وسلبيات يكون السبب في انتشارها بالمجتمع أولياء أمور الطلبة، مشيرا إلى أن هذه الظاهرة لم تكن موجودة في فترة السبعينيات وكانت العملية التعليمية تسير بسهولة ويسر.
وقال فخرو، إن الدروس الخصوصية قد تكون مقبولة في المرحلة الثانوية لمساعدة الطالب في بعض المواد وليس كلها من أجل ضمان تفوقه، مضيفا أن توفير مدرس خصوصي للطالب في المرحلتين الابتدائية والإعدادية أمر غير مقبول لأنه يجعل الطالب لا يعتمد على ذاته أو الشرح في المدرسة منذ الصغر.
وأضاف أن الوجه السلبي للدروس الخصوصية أنها تحولت إلى تجارة من جانب المدرسين الخصوصيين الذي قد يكونوا غير مؤهلين لتدريس المناهج الوطنية، بالإضافة إلى خلق وجود منافسة اجتماعية بين أولياء الأمور على من يعطي ابنه دروسا أكثر من الآخر، الأمر الذي يدفع ثمنه ماليا الأب وتعليميا الابن.
واعتبر وجود إعلانات للمدرسين الخصوصيين في الجمعيات الاستهلاكية أو على الإنترنت أمر يحتاج إلى محاربة ومواجهة من الجهة المختصة، داعيا أولياء الأمور إلى تفعيل دورهم في مراقبة أبنائهم دراسيا داخل المدرسة أفضل توفير المدرسين الخصوصيين لأبنائهم.
آلاء الكحلوت: تعزيز مكانة المعلم بداية الحل
اعتبرت الأستاذة آلاء الكحلوت معلمة اللغة العربية في مدرسة رقية الإعدادية للبنات، أن خطر الدروس الخصوصية يتسرب إلى الأسر في المجتمع مع انهيار قيمة معلم المدرسة في نفوس الطلبة، مؤكدة أن تعزيز أولياء الأمور مكانة معلم المدرسة في نظر أبنائهم الخطوة الأولى للقضاء على هذه الظاهرة.
وقالت آلاء، إن الدروس الخصوصية تخلق لدى الطالب ما يسمى بـ «التعليم الفردي» الذي يجعله يحتاج بشكل دائم إلى المدرس الخصوصي، مما يحدث لديه حالة عدم استجابة مع الشرح الجماعي الذي يقدمه معلم المدرسة داخل الفصل لاعتياده على وجود معلم يركز معه فقط.
وأضافت أن المعلم الخصوصي يعتمد في شرحه على تقديم ملخصات من المنهج دون درايته بالأهداف المرجو تحقيقها من هذا المنهج لأنه شخص غير مؤهل، مؤكدة أن ذلك يجعل الطالب يعاني من نقص في المهارات المكتسبة من المنهج المدرسي خلال كل صف دراسي.
وتابعت بأن الطالب المعتمد على الدروس الخصوصي يتضرر بشكل كبير تدريجيا ولا يستطيع الحصول على درجات متميزة مثل المتفوقين، مستشهدة بذلك على وجود طالبة بالمدرسة لديها معلمة خصوصية تأتي لها يوميا في المنزل لتعليم مادة اللغة العربية، وعندما تطرح عليها الأسئلة داخل الفصل تقدم إجابة حرفية من داخل الكتاب المدرسي لكن بمناقشتها حول الدروس المستفادة من الدرس لا تستطيع الإجابة، لتدريبها من قبل المعلم الخصوصي على الحفظ وليس الفهم واكتساب المهارات من الدرس.