العلامات التجارية تهجر المولات القديمة لنظيراتها الجديدة

alarab
اقتصاد 12 مارس 2017 , 12:02ص
هداب المومني
في خضم النهضة العمرانية التي تشهدها دولة قطر مؤخرا في قطاع المولات والمراكز التجارية الضخمة ما بين القائمة منها أو تلك التي ما زالت قيد الإنشاء، تتشعب رغبة العلامات التجارية العالمية الشهيرة بالتواجد في كل منها وعلى صعيد آخر تتوه بينها وبين براثن التسوق الإلكتروني الذي اجتاح العالم بأسره، الأمر الذي ينعكس على واقع تجارة التجزئة في السوق المحلية وينسحب على الجمهور الذي تشتت توجهاته وسط الخيارات المتعددة المطروحة أمامه.
وما بين مرحب ومتخوف، أكد عدد من المواطنين والمقيمين والزوار في حديث مع «العرب» أن تزايد عدد المولات ومراكز التسوق في الدوحة يعد ظاهرة حضارية وطبيعية تشير إلى التطور الذي تعيشه الدولة في ظل الطفرة القوية التي تشهدها في بنيتها التحتية والهيكلية والتكنولوجية فضلاً عن ازدياد أعداد السكان مع الوقت مما يجعل الوضع طبيعيا في ذلك الحين، لافتين إلى أن انتشارها بأعداد كبيرة ربما يكلف نظيراتها القديمة خسارة مرتاديها مما يجعل العلامات التجارية الشهيرة تسرع بهجرة مواقعها نحو المراكز الجديدة، مبدين الحذر من ارتفاع سعر التكلفة على الماركات التي تتجه للمولات الفاخرة بسبب إصرار بعض الزبائن على البحث عن الجودة بالعلامة التي اعتادوا على اقتنائها.
وأشار هؤلاء إلى أن تشتت بعض العلامات التجارية ما بين المولات القديمة ونظيراتها الحديثة الفخمة وتحول بعضها الآخر إلى التسويق الإلكتروني لن يثنيهم عن اللحاق بها أينما كانت مع تفادي الشراء عبر الإنترنت قدر الإمكان والذي لم يحظ بثقة واسعة من الجمهور بعد، لاسيَّما بالبضاعة التي تتطلب معاينة عن قرب بالرغم من اتسامه بالسرعة الفائقة وتوفير تكلفة المنتج إلى النصف تقريبا، إذ إنه ما زال يعد وسيلة تقتصر على البحث عن بعض المنتجات غير الموجودة في الأسواق المحلية أو غير المعروفة بالنسبة للمستهلك، فيما يحافظ على اقتناء السلع المعتادة بالطرق التقليدية حيث إن عملية الشراء تمتاز بلذة غير متوافرة إلكترونياً.

تضخم
ومن المتوقع وفقا للخطط المعلنة، تدشين 7 مراكز تجارية وتسوق في السوق المحلية خلال 2017 تضاف إلى المولات القائمة في الوقت الذي يرى فيه المراقبون أن هذه المولات تقدم خيارات واسعة ومنتجات تلبي احتياجات المتسوقين والمستهلكين وتواكب النمو السكاني في الدولة، الأمر الذي يقود إلى تولد مخاوف من حدوث تضخم في المعروض المحلي من المولات، خصوصاً أن عدداً منها تتشابه بشكل كبير في المنتجات بدون أي أفكار جديدة باستثناء بعض العروض والمنافسات السعرية بين الحين والآخر، الأمر الذي قد يفضى إلى تشبع السوق المحلية بها.

حاجة السوق
وفي هذا السياق، قال خالد السيد: «أنا آتي إلى قطر زيارات متعددة بشكل دوري تمتد إلى يوم أو يومان، وأرى أن أعداد المولات الكبيرة التي تم افتتاحها مؤخرا قد تكون فائضة عن حاجة السوق حاليا إلا أنه في المستقبل بعد نحو 4 أو 5 سنوات قادمة ستتغير الأمور لأن دولة قطر تشهد طفرة قوية في المجالات التكنولوجية والهيكلة أو بنيتها التحتية ستتطور وتتوسع بالإضافة إلى ازدياد أعداد السكان مع الوقت مما يجعل الوضع طبيعيا في ذلك الحين».
وأضاف: «بالنسبة إلى إغلاق بعض المحال أبوابها في بعض المولات وتحولها للبيع عبر الإنترنت فأعتقد أن هناك شريحة كبيرة من الناس ما زالوا يفضلون معاينة المنتجات التي يرغبون بشرائها عن قرب والتأكد من جودتها ومقارنة الإصدارات الجديدة والقديمة منها، والاطمئنان على جلبها من الوكيل نفسه، وربما يفضلون التسوق عبر الشبكة العنكبوتية لأشياء محددة مثل الإلكترونيات لأنها مضمونة وأرخص سعرا أما غيرها من البضائع فيجب أن يتوجه الزبون لشرائها على الواقع».
ويرى أنه يتوجب عند الإقدام على إنشاء المولات أن تكون مبنية على دراسة السوق والتأكد من الكثافة السكانية التي تحيط بموقعه، وعدد العلامات التجارية التي من المتوقع أن تضم إليها حتى تكون ذات جدوى اقتصادية كبيرة، لضمان نجاح المول واستمراريته.

الحصة السوقية
من جانبه، قال أيمن الششتاوي: «أنا مقيم في قطر منذ حوالي 11 عاما، وأرى أن ظاهرة المولات تطغى عليها الموضة حيث إن الناس يتوجهون إلى المراكز التجارية الأحدث دائما وقد يصل بهم الحد إلى هجرة نظيرتها القديمة، وهذا ما ينسحب كذلك على العلامات التجارية التي تضمها إذ إن عدد المولات قريبا سيصبح أكبر بكثير بعد سنوات قليلة بعد الانتهاء من تلك التي ما زالت قيد الإنشاء، ومن الجدير ذكره أن الماركات العالمية الكبرى ليس بإمكانها التواجد في أكثر من مركز في مساحة صغيرة».
وأشار إلى أن الفترة الراهنة تشهد استعداد الكثير من المولات للافتتاح قريبا ومعظمها ضخمة وفخمة جدا وبالتأكيد ستسعى إلى ضم العديد من العلامات التجارية، إلا أنها ربما تعاني من نسب إشغال منخفضة سواء في عدد المحلات التجارية المنضمة إليها أو في عدد المرتادين، لذلك يرى أنه من الأفضل لو تم افتتاحها على فترات متباعدة حتى يتسنى لكل منها تأسيس قاعدة جماهيرية لكل منها من خلال ازدياد الكثافة السكانية في محيطها خلال الأعوام القادمة.
ولفت إلى أن التجارة الإلكترونية ما زالت تعاني من صغر مكانتها السوقية في مقابل المحلات، مشيراً إلى عدم حيازة التسوق أونلاين بثقة واسعة من قبل الجمهور، والتي تحظى بقاعدة محددة من الزبائن مثل محبي الكتب الإلكترونية والتكنولوجيا غالبا وبشرط ألا تكون مبيعة في المتاجر العادية، كما أنها تعتمد على حسب خصوصية المنتج المرغوب به، حيث إذا كان المنتج وظيفيا أكثر منه يراعي الذوق العام للزبون فمن الممكن التوجه إلى الإنترنت للحصول عليه، أما إذا كان يحتاج إلى ذائقة الزبائن فإنه من الصعب الثقة بالشراء إلكترونيا مثل الملابس حتى ولو كان يوفر من سعر التكلفة كثيرا.

التسوق الإلكتروني
بدوره، قال فيصل بن حسين: «إن تواجد العلامات التجارية الشهيرة التي اعتدنا على شرائها متواجدة في المولات الجديدة التي تخدم المناطق البعيدة عن مركز الدوحة تعد ظاهرة إيجابية جدا ومريحة لسكان تلك المناطق عوضا عن قطع مسافات طويلة للحصول على منتجاتها، وربما تتيح الفرصة إلى أكبر عدد ممكن من تلك العلامات للتواجد في الدوحة بدل الاعتماد على شرائها أونلاين».
ولفت إلى أن انتقال بعض العلامات التجارية من مولات قديمة في الدوحة نحو أخرى جديدة يسبب مشكلة لدى الزبائن الذين اعتادوا على تواجدها في الأولى ويضطرهم إلى اللحاق بها في الأخيرة الأمر الذي قد يساهم في سحب قطاع كبير من العملاء نحوها، مشيراً إلى أن التسوق الإلكتروني يوفر عليه تكلفة بمقدار النصف وبسرعة معقولة لا تتعدى بضعة أيام غالبا، إلا أنها لا تنطبق على جميع الحاجيات إذ إن بعضها من الصعب اختياره لاسيَّما تلك المنتجات التي تحتاج إلى قياسات معينة مثل الملابس، إلا أنه أكد أنه في حال تحولت العلامات التجارية إلى البيع أونلاين فانه سيضطر إلى شرائها عبر تلك الوسيلة للحصول على الماركة التي اعتاد عليها ويفضلها.

تبعات المولات الجديدة
فيما قال عبدالعزيز الحشاش، زائر من دولة الكويت: «نزور الدوحة مرة أو اثنتين في العام، وبالتأكيد خلال فترة إقامتنا بها نحتاج إلى التسوق وشراء بعض الحاجيات، ومن الطبيعي أن نتجه إلى المولات والمراكز التجارية الضخمة فيها للحصول على الجودة العالية التي تفرض نفسها في كل مكان والتي عادة تتوافر في العلامات التجارية الفخمة والشهيرة، وفي الوقت نفسه نرغب في أن نتسوق في أماكن مريحة وتضمن الرفاهية خلال العملية حتى تتم بسلاسة ومتعة، وفي حال انتقلت تلك العلامات من مكان لآخر فمن المؤكد أننا سنتبعها لأنه من الصعب أن نثق بماركات جديدة».
وأوضح أن انسحاب العلامات التجارية الشهيرة نحو المولات الفخمة التي ما زالت قيد الإنشاء أو تلك التي تم افتتاحها مؤخرا فإنها ستؤثر على الزبون الباحث عن الجودة والأسعار المناسبة.

جذب العلامات التجارية
من جهته، قال عبدالعزيز العازمي من الكويت: «إن بلدانا مثل دول مجلس التعاون الخليجي بمناخها الحار والرطب معظم أيام السنة، يحتاج الناس فيها إلى أماكن تسوق مغلقة وبالوقت نفسه واسعة وكبيرة تضمن لهم الراحة والرفاهية مثل المولات وبالتالي فإنها تجذب المرتادين إليها الباحثين عن هذه الغاية، الأمر الذي يؤدي إلى استقطاب كبريات العلامات التجارية العالمية، وإقامة مراكز جديدة من شأنها أن تشد الناس إليها بطبيعة الحال حيث إنهم دائما ما يبحثون عن كل ما هو جديد وفخم ومطور وربما يساهم ذلك في سحب البساط من نظيراتها القديمة».
وأشار إلى أن تحول الجمهور نحو المولات الجديدة وبالتالي انتقال العلامات التجارية معه يعد ظاهرة طبيعية وصحية جدا، لافتا إلى أن التسويق الإلكتروني ما زال يعتبر محدودا، حيث إنه يعد وسيلة للبحث عن بعض المنتجات غير الموجودة في الأسواق المحلية وغير معروفة بالنسبة له، أما إذا كانت منتجات اعتاد على شرائها مع متاجرها المنتشرة في المراكز التجارية، فإنه يحافظ على شرائها بالطرق التقليدية حيث إن عملية الشراء تمتاز بلذة غير متوافرة إلكترونيا.