كشف مختصون بالصحة النفسية في قطر عن نظام جديد لسرية معلومات مراجعي الصحة النفسية بمؤسسة حمد الطبية، تم تطبيقه قبل شهرين تقريباً، حيث يتيح النظام الجديد أن أي شخص يدخل إلى ملف مريض، وهو لا يحق له الصلاحية للدخول للملف، يظهر تنبيه يبين من الشخص الذي دخل إلى الملف، ويتم التحقيق مع الشخص الذي دخل إلى حساب المريض، وتكون العواقب سيئة جداً على الشخص الذي يحاول أن يخترق ملف المريض، في خطوة جديدة للمحافظة على سرية ملفات المرضى.
وأشاروا إلى أن يجري العمل على دراسة معايير الجودة والتقييم للخدمات المقدمة فيما يتعلق بالاتصالات الهاتفية واتصالات الفيديو، حيث تتصل مؤسسة حمد الطبية بالأشخاص الذين استقبلوا اتصالات هاتفية لسؤالهم عن تقييمهم للخدمة، حيث أظهر البحث أن 93 % تقريباً من المشاركين يفضلون الاتصال الهاتفي عن الزيارات المباشرة للعيادة، وأن جزءا كبيرا من هذا الاختيار له علاقة بالوصمة أو ساعات العمل، أو غيرها من الأسباب.
جاء ذلك خلال الفعالية التي نظمها معهد الدوحة الدولي للأسرة، عضو مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، بالتعاون مع سدرة للطب، وذلك أون لاين عبر تطبيق زووم صباح أمس، بمناسبة اليوم العالمي للصحة النفسية، تحت عنوان «كوفيد 19: الدور غير المرئي للأمهات».
شارك في الفعالية التي تديرها الدكتورة هدى السليطي، مديرة بحوث أولى في معهد قطر لبحوث البيئة والطاقة، كل من الدكتورة سهيلة غلوم استشاري أول الطب النفسي بمؤسسة حمد الطبية، ومنال السمارة، استشاري نفسي في قسم الطب النفسي للأطفال والمراهقين، والأستاذة فجر الهلبان، استشاري نفسي من الكويت، والدكتورة وفاء الصاوي، مسؤول تقني في منظمة الصحة العالمية.
د. شريفة العمادي: الجائحة تسببت في ضغوطات نفسية كبيرة وتأثرت النساء بشكل أكبر
في كلمة رحبت فيها بالمشاركين، قالت الدكتورة شريفة العمادي، المدير التنفيذي لمعهد الدوحة الدولي للأسرة: يسعى معهد الدوحة الدولي للأسرة من خلال هذه الندوة لنشر المزيد من الوعي عن أهمية الصحة النفسية للأم، والاستفادة من مخرجات النقاش لتعزيز رفاه الأسر في قطر والعالم العربي، والتأكيد على ضرورة تفهم احتياجات شريك الحياة، وكيفية تدارك عملية الإعياء النفسي وسرعة تقديم الدعم العاطفي والمساعدة المهنية المختصة عند الحاجة.
وأضافت: لا يوجد أحد منا محصن ضد الأمراض النفسية، وقد تسببت جائحة كوفيد– 19 في ضغوطات نفسية كبيرة وتأثرت النساء بشكل أكبر، خاصةً مع ما يواجهن من مسؤوليات مهنية وأسرية في نفس الوقت، حيث تعرضن لضغوطات مفاجئة تسببت في وجود تحديات أثرت على الترتيبات الأسرية والروتين السائد في المنزل، خاصةً عند الموازنة بين أعمالهن ورعاية الأسرة، إضافة إلى تقديم المساعدة في التعليم عن بعد لأبنائهن على مدار مراحل دراستهم، مما كان له أبلغ الأثر على صحتهن النفسية، وهو أمر قد يمتد لما بعد الجائحة.
وتابعت: من ناحية أخرى، قد تمثل تحديات الصحة النفسية وصمة عار في مختلف مجتمعات العالم، وهي النظرة غير الصحيحة التي تتفاقم أكثر في منطقتنا، ما يشكل عائقا أساسيا أمام الأم لطلب المساعدة، ويؤثر على قدرتها على الاهتمام بأسرتها بالشكل الطبيعي، ويمتد هذا التأثير إلى من حولها وخاصةً الأطفال.
د. وفاء الصاوي: 25 % من السيدات العربيات يعانين اكتئاب ما بعد الولادة
أكدت الدكتورة وفاء الصاوي، مسؤول تقني في منظمة الصحة العالمية، أن الجائحة كان لها تأثير على كافة أفراد الأسرة، خاصةً الأم، نظراً لطبيعة مسؤوليتها الكبيرة في المنطقة العربية بصورة عامة.
وأشارت إلى أن الضغوط تختلف من أم لأخرى على حسب المسؤوليات المطلوبة منها، خاصةً الأمهات من الحوامل وبعد الولادة، منوهة إلى أن الإصابة باكتئاب ما بعد الولادة مرتفعة في المنطقة العربية مقارنةً بما هو عليه عالمياً، وأن 15 % إلى 25 % من السيدات في الوطن العربي يعانين من اكتئاب ما بعد الولادة.
ولفتت إلى أن الكثير من الخدمات الصحية تعطلت بسبب جائحة كورونا، فضلاً عن الكثير من العناصر التي زادت من مسؤوليات الأمهات خلال الجائحة، سواء من الناحية العملية، خاصةً وأن أكثر من 70 % من العاملين بالقطاع الصحي من السيدات، وقد أثبتت الدراسات أن الجائحة زادت نسبة الضيق والضغوط بنسبة 35 % إلى 50 % تقريباً في بلدان كثيرة حول العالم.
د. سهيلة غلوم: 93 % يفضلون الاتصال الهاتفي
قالت الدكتورة سهيلة غلوم - استشاري أول للطب النفسي بمؤسسة حمد الطبية: في قطر، أجرينا العديد من الدراسات حول الصحة النفسية على عدة جوانب، وسوف أذكر دراستين شاركت فيهما، أولاهما كانت حول عوامل الوقاية والتأقلم عند العاملين في القطاع الصحي في الصفوف الأمامية مقارنةً بالآخرين.
وأضافت د. سهيلة غلوم: خلصت الدراسة إلى أنه بصفة عامة عند النساء في الصفوف الأمامية أو غير ذلك، ولكن الصفوف الأمامية بصورة أكبر، كان لديهن تخوف أكبر من الخطورة التي تقع عليهن وعلى أسرهن، أو نقل العدوى لأسرهن، وفي نفس الوقت كان لديهن الخوف كبير جداً وبنسبة ملحوظة أكبر من الرجال العاملين في القطاع الصحي من نقل العدوى لأسرهن، وهذا الأمر كان بشكل أكبر في الفئة العمرية بالثلاثينيات، والفئة العمرية التي تليها من 40 إلى 50 سنة.
وأردفت: أما الدراسة الثانية، فقد كانت مقارنة بين كل المصابين بكوفيد- 19، وكيف يؤثر المرض على أدائهم اجتماعياً صحياً أسرياً مادياً، وعلى عدة محاور، وقد لاحظنا أن المرأة وبصورة ملحوظة تأثرت أكثر، فجودة الحياة لدى المرأة المصابة بفيروس كورونا كانت أقل من الرجل، والإحساس بالذنب عند المرأة كان أكثر عن الرجل، والنساء شعرن بصورة أكبر أن دورهن مقيد، فبسبب الإصابة وتبعاتها، غير قادرة على أداء الأدوار المطلوبة منها مهنياً أو أسرياً، إضافة إلى الأعراض الجسدية لكورونا وحتى بعد التعافي من المرض.
وحول السرية في ملفات الصحة النفسية قالت الدكتورة سهيلة غلوم: السرية أساسية في الملفات الطبية بصورة عامة، وفي الطب النفسي هناك خطوة تزيد السرية، ففي قطر، الملفات كلها إلكترونية، ولكن معلومات هذه الملفات لا تظهر مراجعات المرضى، فحتى المراجعة بقسم الطب النفسي لا تظهر، والتشخيص كذلك، وغيرها من الأمور السرية لأقصى حد، وتظهر فقط بعض النقاط التي قد تؤثر على صحة المريض، ويراها فقط الأطباء الآخرون، لكي لا يصفوا أدوية بها تعارض مع الأدوية النفسية أو غيرها من الأمور، ولكن المعلومات النفسية سرية تماماً.
وكشفت الدكتورة سهيلة غلوم عن نظام جديد لسرية معلومات مراجعي الصحة النفسية بمؤسسة حمد الطبية، تم تطبيقه قبل شهرين تقريباً، فيتيح النظام الجديد بأن أي شخص يدخل إلى ملف مريض، وهو لا يحق له الصلاحية للدخول للملف، يظهر تنبيه يبين من الشخص الذي دخل إلى الملف، ويتم التحقيق مع الشخص الذي دخل إلى حساب المريض، وتكون العواقب سيئة جداً على الشخص الذي يحاول أن يخترق ملف المريض.
وقالت د. سهيلة غلوم: لدينا خطوات كثيرة للمحافظة على سرية ملفات المرضى، بالإضافة إلى الملاحظات التي نكتبها وهي سرية جداً.
وأشارت إلى أنه في الوقت الحالي، ومع عودة المراجعات المباشرة بالتزامن مع الاتصالات الهاتفية والفيديو، يجري العمل على دراسة معايير الجودة والتقييم للخدمات المقدمة، مضيفة: نتصل بالأشخاص الذين استقبلوا اتصالات هاتفية لسؤالهم إن كان الوقت كافيا بالنسبة لهم، أو تم تقييمهم بطريقة كافية بالنسبة لهم، وإن كان لديهم الوقت للاستفسار بصورة أكبر.
وتابعت: أغلبية من تم سؤالهم كان انطباعهم إيجابيا حول الخدمة المقدمة، ولكن كان هناك ملاحظات يجري العمل عليها.
وكشفت عن بحث تم إجراؤه أظهر أن 93 % تقريباً من المشاركين يفضلون الاتصال الهاتفي عن الزيارات المباشرة للعيادة، وأن جزءا كبيرا من هذا الاختيار له علاقة بالوصمة أو ساعات العمل، أو غيرها من الأسباب.
وقالت د. سهيلة غلوم: هناك مجال للتحسين، ليكون التواصل على الهاتف مشابها للمقابلة الشخصية للمريض، وبالنسبة لمكالمات الفيديو، كان هناك بعض المشكلات التقنية من ناحية المريض أو المعالجين، وهو من الأمور التي نعمل على تطويرها.
ازدياد ملحوظ لطلب المساعدة النفسية
وتطرقت الأستاذة فجر الهلبان، استشاري نفسي من الكويت، إلى الوضع النفسي خلال جائحة كورونا بالكويت، والجهود التي قامت بها الجهات المعنية، والتأثيرات التي وقعت على الأمهات بصورة عامة في هذه الفترة.
أما الدكتورة منال السمارة، استشاري نفسي في قسم الطب النفسي للأطفال والمراهقين، فأكدت في كلمتها أن مشكلة الوصمة من المرض النفسي تنتشر في كل دول العالم، ولكن تختلف درجتها من بلد لآخر.
وأشارت إلى أن الفترة الماضية شهدت ازديادا ملحوظا لطلب المساعدة، من الأمهات والآباء بشكل عام، لطلب تقديم الدعم النفسي للأبناء، من الناحية السلوكية، ومن الناحية النفسية ومن ناحية القلق وازدياد حالات الاكتئاب والمشكلات السلوكية.