المريخي: عشر ذي الحجة تجمع كل الأعمال الصالحة

alarab
محليات 11 سبتمبر 2015 , 01:37م
الدوحة - العرب
قال د. محمد بن حسن المريخي إن لله سبحانه في هذه الدنيا أوقات وساعات وأيام تتميز عن غيرها خصها الله تعالى بمزيد من الفضل وأودع فيها من البركات والرحمات ورفيع الدرجات ما جعلها جديرة بالعناية والإهتمام والترقب والانتظار والتطلع إلى بلوغها وإدراكها، من هذه الأوقات الفاضلات عشر ذي الحجة وما أدراكم ما عشر ذي الحجة عظمها الله تعالى وأشاد بها من أيام مباركات وأوقات فاضلات.

وأشار في خطبة الجمعة بجامع عثمان بن عفان بالخور إلى قوله تعالى ( والفجر وليال عشر ... ) أقسم الله بها معظماً إياها ومظهراً شرفها ومقامها لأن القسم بالشيء تعظيم له خاصة إذا كان المقسم عظيماً جليلاً وهو الله جل وعلا ، قال القرطبي رحمه الله : ( وليال عشر ) أي ليال عشر ذي الحجة.

وتلا الخطيب قول الله تعالى عن هذه الأيام : ( وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة ....) وأورد قول ابن عباس : هي العشر التي ذكرها الله في قصة موسى عليه السلام، وأعلم رسول الله الأمة عن فضلها ومكانة العمل الصالح فيها ليهتموا ويستغلوها ويقدروها حق قدرها وهذا من فضل الله علينا معشر المسلمين ببركة رسولنا الذي دلنا على كل خير، وحذرنا من كل شر يقول عليه الصلاة والسلام ( ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام – يعني العشر – قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء ) رواه البخاري.

وقال المريخي ( ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر ، فأكثروا فيهن من التسبيح والتكبير والتحميد ) وفي بعض الروايات أنه صلى الله عليه وسلم كان يصوم العشر.


وأضاف إن إرادة الله جل وعلا شاءت أن تكون أعمار أمة محمد عليه الصلاة والسلام قصيرة لا تتعدى السبعين إلا قليلاً كما أخبر رسولنا بذلك بقوله: ( أعمار أمتي ما بين ستين إلى سبعين وأقلهم من يجوز ذلك ).

واسترشد بقوله صلى الله عليه وسلم ( إنما أجلكم في أجل من خلا من الأمم ما بين صلاة العصر إلى مغرب الشمس ) رواه البخاري ، وقال ( ما أعماركم في أعمار من مضى إلا كما بقى من النهار فيما مضى منه ) ... قال ابن حجر : معناه أن نسبة مدة هذه الأمة إلى مدة من تقدم من الأمم مثل ما بين صلاة العصر وغروب الشمس إلى بقية النهار ، بينما أعمار الأمم التي سبقتنا كانت طويلة جداً يعيشون القرون كما أخبر الله تعالى عن نوح عليه السلام ( ولقد أرسلنا نوحاً إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً فأخذهم الطوفان وهم ظالمون ) ولا يعني أن أعمارهم طويلة أنهم يعملون أعمالاً صالحة كثيرة أو تمكنهم أعمارهم وتتيح لهم أن يحصلوا العمل الصالح الكثير والكبير بعد إذن الله عز وجل.

وذكر د المريخي أن الله تفضل على أمة الإسلام فعوضها خيراً كبيراً فأتاح ويسر لها أن تعمل العمل القليل ويجزيها ومنّ عليها بالمواسم والأوقات والأزمنة الفاضلة كيوم عرفة وشهر رمضان والعشر الأواخر منه وعشر ذي الحجة وليلة القدر ويوم الجمعة وصيام المحرم وغيرها من المواسم التي خصها الله بمزيد من الفضل لتنهل منها الأمة لتكون في صف الأمم بل لتسبقها في الفضل والمنزلة والمكانة عند الله تعالى، يقول الله تعالى ( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ) ويخبر رسول الله أمته بأنها قد سبقت الأمم ونالت النصيب الأكبر من الجنة مع أنها آخر الأمم، يقول ( الجنة عشرون ومائة صف ، ثمانون منها من هذه الأمة وأربعون من سائر الأمم ).

وذكر أن الأيام العشر من ذي الحجة امتلأت بالأعمال الصالحة حتى قدمها بعض السلف وفضلها على العشر الأواخر من رمضان وليلة القدر لأن المشروع فيها ليست في غيرها من المواسم، هذه الأيام العشر هي أيام الله تعالى ، يقول سبحانه ( وذكرهم بأيام الله ... ) فيها الذكر والدعاء والتسبيح والتهليل والتكبير ، فيها الحج إلى بيت الله الحرام ، يؤدى فيها ركن من أركان الدين ، يجتمع الحجاج في مكة والمشاعر ، فيها يوم عرفه والأضحية والعيد وصلاته.


وقال خطيب الجمعة أنه لو لم يكن في هذه الأيام إلا يوم عرفة لكفى به شرفاً ولها رفعة فكيف وقد اشتملت على كل الأعمال الصالحة.

وذكر أن يوم عرفه بذاته يوم عظيم من أيام الله تعالى التي ينبغي للمسلم أن يستعد له ويدعو الله تعالى أن يبلغه إياه ليكون شاهداً له بالعمل الصالح وليتعرض فيه لرحمات الله ونفحاته، إنه ركن الحج الأكبر كما قال رسولنا الكريم ( الحج عرفه ) حديث صحيح رواه أبو داوود، يوم عرفة يوم إكمال الدين وإتمام النعمة والرضى بالإسلام ديناً ، ففي حجة الوداع وقف رسول الله في يوم الجمعة وقف بعرفات وأنزل الله عليه ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً ) قال اليهود: لو أنزلت علينا هذه الآية معشر يهود لاتخذنا هذه اليوم عيداً.

وأوضح د. المريخي أن الله أخبر رسوله عليه الصلاة والسلام أن الدين قد كمل ليعلم الأمة ، وإذا كمل الدين فإنه لا يقبل الزيادة ولا النقصان وأن الباب موصود في وجه المبتدعة فما لم يكن ديناً على عهد رسول الله فلا يكون اليوم دينا ولا يحق لأحد أن يتصرف في دين الله بعد رسول الله بزيادة أو نقصان، فهل يفهم المبتدعة هذا الكمال، في يوم عرفة أتم الله النعمة بالدين وتفضل به على المسلمين، فعليهم تقديرها بالقيام بها والعمل بالشريعة حماية لأنفسهم من محن الدنيا وعظائم الآخرة والتسلح بالأخلاق الإسلامية التي الأمة اليوم أحوج لأن تتسلح بها لتحفظ نفسها وأجيالها من الذوبان في مستنقعات الأمم وبيارات الشعوب.

وزاد القول: وفي يوم عرفة أخبر الله الأمة أنه رضى لها الإسلام ديناً ولم ولن يرضى له بديلاً، رضى الإسلام ديناً الذي جاء به رسوله من عنده عز وجل، ولم يرض للأمة لئن تشرق وتغرب تبحث عن قوانين ودساتير وأنظمة حياة، فما أحوج الأمة لئن تقف وقفة تأمل أمام هذه الآية ( ورضيت لكم الإسلام ديناً ) تقف لتنهل منها المنهج وخارطة الطريق، والأمة اليوم بين علمانية وليبرالية وشرقية وغربية وكلها حصب جهنم.

وذكر أن يوم عرفة هو يوم إعلان التوحيد، بقول رسول الله ( خير ما قلت أنا والنبيون قبلي يوم عرفة لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ).

وجدد القول: يوم عرفة يوم التوحيد الذي خلق الله السموات والأرض من أجله ، التوحيد الذي خلق الله من أجله الجن والإنس وخلق الجنة والنار وأرسل الرسل وأنزل الكتب، فهل يعقل البعض توحيد الله ويعلمون أنه يتعارض مع الذهاب للكهنة والعرافين والسحرة والمشعوذين، وهذا يذكرنا أيضاً بالعقيدة الصحيحة التي تكاد الأجيال تفقدها وتزوغ عنها، نتذكر ونذكر بالعقيدة لأن ميزانها عند البعض ضعيف بل لا يكاد يجد من الأهمية إلا النزر القليل.

وزاد في القول عن يوم عرفة : هو يوم الدعاء وخير الدعاء دعاء يوم عرفة يقول عليه الصلاة والسلام ( خير الدعاء يوم عرفة وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي ( لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ).

وأكد د. المريخي على حاجتنا للدعاء ونحن في أزمنة الفتن والمحن والمشاكل، ما أحوجنا للدعاء ليفرج الله الهموم ويبدد الغموم، ما أحوجنا للدعاء والمشاكل تحيط بالمسلم من كل جانب ( ادعوني استجب لكم ) ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعاني ) ما أحوجنا لندعو ربنا لأمتنا الإسلامية وقد تكالبت عليه الأمم واجتمع عليها الأعداء والمنافقون وكشر المنافقون عن أنيابهم وحقدهم ودفين قلوبهم، يوم عرفة يوم العتق من النار ففي صحيح مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله قال ( ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبيداً من النار من يوم عرفة وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول ( ما أراد هؤلاء ) جاء الحجيج وشاركهم المسلمون في وقفتهم جاءوا موحدين معترفين بتقصيرهم مقريين بذنوبهم يرجون رحمة ربهم وعتقه لرقابهم من النار ، يوم عرفة يوم رفع الدرجات وتكفير السيئات وحط الخطيئات وإقالة العثرات.



س.ص