تناولت الجلسة الثانية من جلسات برنامج «وآمنهم من خوف»، والذي تنظمه وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بجامع الإمام محمد بن عبد الوهاب، الأسرة المسلمة عنوان المجتمع السليم، وشارك في الجلسة فضيلة الشيخ الدكتور محمد محمود المحمود، من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية – بدولة قطر، وفضيلة الشيخ الدكتور عبد السلام مقبل المجيدي. كلية الشريعة والدراسات الإسلامية جامعة قطر، وفضيلة الشيخ الدكتور عبد الرزاق قسوم. جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، وفضيلة الشيخ الدكتور البشير عصام المراكشي المدير العلمي لمركز إرشاد للدراسات والتكوين المغرب.
واكد العلماء المشاركون على أهمية البناء السليم للأسرة المسلمة، وأبرز التحديات التي تواجه تأسيس الأسرة المسلمة، وأهمية العمل على مواجهة هذه التحديات بما يصب في صالح المجتمع.
وأكد فضيلة الشيخ الدكتور محمد المحمود على أهمية الحديث في موضوعات الأسرة والاعتناء بها وتصحيح الأخطاء، وحث من يتمسكون بالأخلاق الفاضلة والصفات الحسنة أن يتمسكوا بها ويحافظوا عليها، مشيراً إلى أن الأسرة هي أساس المجتمع، فإذا صلحت صلح المجتمع، وإذا فسدت الأسرة يظهر ذلك على المجتمع، وينتشر الفساد بعد ذلك.
وقال د. المحمود: الاسرة في أساسها ينبغي أن تقوم على الدين، وهو أول أساس إذا تحقق نعتقد أن ما بعد ذلك سيكون وضعاً سليماً، لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: تُنكح المرأة لأربع، لمالها وجمالها وحسبها ولدينها، فأظفر بذات الدين تربت يداك.
وأضاف: الدين هو الأساس، فإذا بُنيت العلاقة على أساس الدين، والدين ليس بمفهومه الذي يظنه بعض الناس، فالمقصود به أن يتحاكم الناس إذا اختلفوا إلى الدين، وأن يكون الدين هو الذي يسير هذه العلاقة في الخلاف، وأن يرجع الزوج والزوجة إلى الدين، فهو المهيمن على هذه العلاقة.
ونوه بأنه إذا وجد الحوار الاسري بشكل صحيح قائم على الاحترام والتقدير حصل الاستقرار المنشود، وإذا غاب الحوار فقدت الاسرة أساسا من أسس قيامها واستمرارها، وأنه من الملاحظ أن الناس لا يوجد في بيوتها حوار بناء، الأمر الذي يحرم الأسرة من أمر عظيم جداً.
وقال الدكتور عبد الرزاق قسوم إن الأسرة هي الحضن الدافئ الإنساني الأول، لأنها مؤتمنة على بناء الإنسان وتنشئته وإعداده الإعداد المطلوب لبناء المجتمع الإنساني. وأشار إلى أن ثقافة الأسرة هي المحدد الأساسي لتكوينها، معتبرًا أن هذه المحددات تصنع المقومات التي تطبع الأسرة بطابع الانتماء الاجتماعي والثقافي والحضاري.
وأضاف الدكتور قسوم أن هناك عدة مقاصد للأسرة المسلمة، أولها الإحصان والإعفاف، ثم حفظ النسل والمحافظة عليه صحيًا ونفسيًا واجتماعيًا، إضافة إلى إشاعة السكينة والمودة، والإبقاء على النوع الإنساني، وهو هدف ومقصد أساسي. إلى جانب تلبية الحاجة للانتماء الإنساني، لأن الأسرة هي التي تنمي في الإنسان البعد الإنساني المفقود، لكونها تؤمن بالإسلام الذي هو دعوة للإنسانية في أسمى معانيها.
ونوه الدكتور البشير عصام المراكشي إلى كيفية تبليغ الخطاب الديني الذي ينبغي أن يوجه للشباب خاصة حتى يفهموا الفهم الصحيح للأسرة ودورها في المجتمع، وما ينبغي أن تكون عليه الثنائيات «ذكر وأنثى» بين قطبي الأسرة حتى يستقيم أمرها وتسلم من الصراعات بسبب التجاذبات التي نجمت عن التحولات العصرية.
وأكد أن الخطاب الديني الصحيح يحفظ الأسرة من التفكك، وأن الأسرة قائمة على الاختلاف إذ أن للذكر دوره ومهامه وللمرأة دورها ومهامها، ووصف هذه النزاعات التي تحدث بين الأسر بالمرض الذي يقتضي دراسة أسبابه وعلاجه من جذوره.
وشدد على أن الأسرة تقوم على المودة التي قال إنها غائبة وهذا الغياب هو أساس المشكلات في أي وقت ومكان.
وقال: إننا نريد أن نرجع بالأسرة إلى الفطرة حتى لا يجتاحها تيار الذكورية أو الأنثوية اللتان لا تقومان على الاختلاف في الجنس الذي هو أساس الأسرة وقال إنه إذا تساوت خصائص أفراد الأسرة انتهى الاختلاف وذهبت الأسرة في مهب الريح، وحذر مما اسماه بالطغيان في الأسرة كما حذر من المفاهيم الخاطئة للذكورية والأنثوية
وقال فضيلة د. عبدالسلام المجيدي ان من يقلب صفحات الآيات وينظر في انوارها ويهتدى ببصائرها فانه سوف يجد نماذج عظيمة جدا للأسر الناجحة وفي المقابل سوف يجد ايضا نماذج للاسر التي اصابها الخلل عند احد الركنين الاساسيين للأسرة.
وانتقل فضيلته الى نموذج من الاسر وهو اسرة نوح عليه الصلاة والسلام مشيرا الى ان سيدنا نوحا قد عانى من زوجته وفضلا عن ذلك فقد نجح مع عدد من ابنائه لكن احدهما انفرد عن هذا النجاح، وهذا ليس بسبب اخفاقه عليه السلام، وانما بسبب اختيار ابن نوح الاختيار السييء.