نار أسعار دورات تأهيل الموظفين تحرق جيوبهم
            
          
 
           
          
            
                 تحقيقات 
                 11  يناير  2016 , 01:56ص  
            
            
           
          
            
              حامد سليمان
            
           
            
          
            مثمرة هي دورات تأهيل الموظفين، وستثقل مواهبهم وتعمق قدراتهم، لا شك أنهم بحاجة إليها.. وكيف سيحصلون عليها، إن كانت أسعار بعضها تصل إلى خمسة آلاف ريال في أقل من خمسة أيام.. هي دورات تأهيل لموظفين، سواء من نواحي التنمية البشرية، أو حتى الدورات المتخصصة في اللغة والحاسب الآلي، فـ «نار» أسعارها لم تدع ركنا يتعلق بها إلا وأحرقته، والضحية يبقى هو الموظف، الذي يُطلب منه دوماً أن يطور نفسه، وكأنه وضع بين مطرقة الغلاء وسندان الحرص على التعلم والتطوير، ما حدا بمدربين للمطالبة بدعمها من قبل كافة المؤسسات التي ستعود ثمرات الدورات عليها في النهاية.
في البداية قال المحاضر ورائد الأعمال محمد الجفيري: تتنوع الدورات على حسب موقع كل موظف، فهناك دورات لمن هم في قمة الهرم بكل مؤسسة، تعرفهم على السبل المثلى للإدارة، وهناك دورات لمن هم في منتصف السلم الوظيفي من مديري إدارات أو غيرها من المناصب تعرفهم على سبل التعامل مع الموظفين، من أجل خروج العمل على أكمل صورة، وأخيرا الدورات الموجهة لصغار الموظفين، والتي تعرفهم على الابتكار في العمل أو حتى طرق التعامل مع العميل وغيرها، ناهيك عن الدورات المتخصصة كالمحاسبة واللغة الإنجليزية.
وأضاف: تكلفة الدورات تختلف من واحدة لأخرى، والأمر يعتمد على عدة معايير، أبرزها مكان التأجير ونوعية الدورة والحضور، وتخصص المدرب والمادة العلمية، وانتهاءً بالشهادات التي يحصل عليها الشخص، فمن أي مركز هي ومدى قوتها، فكلها عوامل ترتبط بصورة أساسية بكلفة كل دورة.
وأردف الجفيري: أميل إلى المجانية في كافة الدورات التأهيلية والتدريبية المقدمة للجمهور بصورة عامة، وقد حرصت عليها في الكثير من الدورات التي قدمتها، فيتم تحصيل مبلغ رمزي يكون 100 ريال على سبيل المثال، لضمان ألا يأخذ أحد مقعداً هو في غير حاجة له، أو أن الدورة في غير تخصصه فلن تكون مفيدة.
وأوضح أن الكثير من المدربين ومحاضري الدورات يهتمون بصورة أساسية بإيصال المعلومة للجمهور، ولكن يجب على الجميع ألا يسقطوا من حسبانهم أن المدرب هو شخص لديه الكثير من الالتزامات التي يتعين عليه توفيرها، ومنهم من هذا العمل هو مصدر رزقه الوحيد، وليس كل المدربين لديهم أعمال أخرى يحصلون على المال منها.
ونوه إلى أن الدورات الأساسية للموظفين كالوورد والإكسل وغيرها من البرامج ترتبط بصورة أساسية بشهادات عالمية، فيمكن التأكد من أن المدرب معتمد وحاصل على الشهادات التي تؤهله لهذا العمل، ولكن هناك بعض العقبات تتمثل في وجود مدربين غير معتمدين، والذين يضعون أسعارا أعلى من السوق، فيؤثرون على غيرهم.
وأشار الجفيري إلى أن وزارة الدورات- التنمية الإدارية تخصص دورات للموظفين، ويشترط على كل موظف أن يحصل على دروتين تدريبيتين قبل أي ترقية في درجته الوظيفية الحالية، والدورات مفيدة بصورة أساسية في عمل الموظف وتطوير نفسه مهنياً، ومواد قانون الموارد البشرية تنص على هذا الأمر، إضافة إلى أنها تشترط على المؤسسة أن توفر الدورات للعاملين لديها، فلا بد من إشراف مؤسسي لتطور عمل الموظف.
وقلل المحاضر القطري من قيمة الكثير من الاعتمادات الدولية، موضحاً أن مجرد حمل بطاقة مكتوب عليها مدرب ليس كافياً ليكون الشخص لديه القدرة على إحداث تغيير جوهري في حياة الموظفين، داعياً لإنشاء موقع إلكتروني، يمكن أن يساهم في تطوير المدربين أنفسهم، بما يدعم مسيرة العمل في هذا التخصص.
وشدد الجفيري على أن الدورات المطروحة على المواقع المختلفة ليست بديلا للمحاضرات والتواصل المباشر مع الجمهور، موضحاً أنها مكملة بصورة أساسية، ولكن التدريب المباشر يعد أفضل سبل تدريب الموظفين أو الجمهور بصورة عامة.
تخريج كوادر وطنية
ومن جانبه قال الدكتور محمد لحبيل، الرئيس التنفيذي لشركة "هبتك للحلول التكنولوجية": موظفو المؤسسات الخدمية يحتاجون إلى تدريب في طريقة التعامل مع الجمهور، فلا بد أن تترسخ لدى الموظف مفاهيم ومعايير ثابتة حول طرق المخاطبة والاتصال مع الآخرين، ومن الملاحظ أن الكثير من الشباب العامل في المؤسسات الخدمية يفتقد لفن الاتصال والمعاملة، فيجب أن يعي أنه في موقعه من أجل خدمة الجمهور، وهناك دورات تأهيلية في فن المخاطبة والاتصال.
وأضاف: قطر دولة تجارية ومنفتحة أمام الكثير من الوافدين من مختلف دول العالم؛ لذا فالموظف في المؤسسات الخدمية يعكس صورة لبلده أمام المراجعين، وهذا الأمر يحتاج إلى تدريب خاص، وهناك دورات أيضاً تهم كافة الموظفين، وتعلمهم ألا يؤخروا أعمالهم، لأن هذا الأمر يضر بمصالح الكثير من المراجعين، ومنهم من يؤجل أوراقه لأيام، فيتراكم عليه العمل، فإن تدربوا تكونوا المؤسسة منتجة بصورة أفضل، صعوداً في السلم الوظيفي والدورات المقدمة للمديرين حول كيفية إدارة المؤسسة بصورة ناجحة.
وتابع لحبيل: تدريب الموظفين والمديرين حول كيفية العمل على نهضة المؤسسة يعود على الدولة ككل بالنفع، حيث يسهم بصورة كبيرة في الحد من إهدار المال العام، سواء بصورة مباشرة عن طريق الإدارة غير الناجحة، أو بطريقة غير مباشرة عن طريق تكاسل الموظفين، واضطرار المؤسسة للاستعانة بالمزيد من العاملين الجدد، وهذا يعني أن كافة موظفي الدولة في حاجة لتأهيل دائم.
وأشار إلى أن ارتفاع أسعار الدورات في قطر يتماشى مع موجة الغلاء التي تعيشها البلاد بصورة عامة، إضافة إلى أن الكثير من محاضري الدورات من خارج قطر، ومنهم من يحتاج إلى مسكن وحياة كريمة، ما يضطر المراكز لتخصيص رواتب عالية، داعياً إلى تأهيل المزيد من الكوادر الوطنية لتعمل في هذا المجال ما يقلل من أسعارها، وأن تكون في قطر مؤسسة تعمل على تأهيل الكوادر وتخريجها.
وشدد على أن أي مؤسسة هي بحاجة لتأهيل الموظفين، وأن تضع خطة كاملة من بداية العام، على أن يكون بنهايته هناك موظفون قادرون على شغل المناصب في مختلف المواقع بأفضل صورة، وعلى مسؤولي الموارد البشرية أن يعوا هذه الضروريات، ويمكن أن تسهم مؤسسات الدولة في إنشاء مؤسسة مختصة بكامل عملية التطوير، تختص بالعمل على تحسين أداء الموظفين في كافة المجالات، سواء اللغة أو الحاسب الآلي أو غيرها.
ونوه إلى أن مختلف الدورات على المواقع الإلكترونية لن تكون بديلاً عن المراكز المتخصصة، ولكنها تسهم في تحسين لغة وأداء الموظفين، وهي مكملة لعمل المراكز.
دعم المؤسسات
من جانبها قالت المدربة ومقدمة الدورات فاطمة عبدالعزيز الحرمي سفيرة مركز الإبداع الثقافي: الدورات تنقسم إلى ما هو مقدم في مجال العمل، أو الدورات التأهيلية التحفيزية (دورات الموارد البشرية)، والأولى يغلب عليها الملل إلى حد بعيد، لأن الموظف يعتبرها جزءا من دوامه الرسمي، بل إنها تكون مثقلة له بعد يوم عمل طويل، أما الثانية فتكون محفزة وتخرج ما بداخله من قدرات، لذا ففي دوراتنا نسعى إلى استخراج مهارات وقدرات المتدرب في مختلف الجوانب بعيداً عن نطاق العمل نوعاً ما.
وأضافت: إحدى الدورات التي قدمتها مؤخراً في مجال التنمية البشرية شهدت تسجيل قرابة 120 شخصا في يومها الأول، واكتمل التسجيل، فالحضور كان فوق المتوقع، وهذا يرجع إلى أن ما يقدم خارج إطار العمل يكون أكثر تأثيراً، فمن الهام في البداية أن تنمي حب العمل داخل الموظف، ومن ثم سيعمل هو على تطوير نفسه.
وتابعت: لا شك أن الفترة الأخيرة شهدت زيادة واضحة في أسعار مختلف الدورات، وهذا يرجع إلى أن بعض المدربين يتعامل مع الأمر من وجهة نظر تجارية بحتة، فالمركز الراعي للدورة يضطر إلى زيادة الأسعار حتى يتمكن من استكمال التكاليف التي تقع على عاتقه، لأنها سلسلة متواصلة تبدأ من المدرب، وتقع تبعاتها على المتدرب.
وأشارت الحرمي إلى أن زيادة أسعار الدورات باتت واضحة للجميع، ومختلف الإعلانات تشير إلى أن سعر بعض الدورات (من 3 إلى 5 أيام) يمكن أن يصل أربعة إلى خمسة آلاف ريال، وهذا العبء يقع على المراكز التدريبية نفسها، كما تقع تبعاته على المتدرب، فهدف المركز هو أن يتمكن من جمع أكبر عدد من المتدربين، في حين أن الكثير من الموظفين لا يستطيعون دفع هذه المبالغ.
وأكدت على أن المدرب يتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية، فما يقوم به هو رسالة، يجب عليه أن يعمل جاهداً في إيصالها، وألا يكون المال هو همه الأول، فيفترض أن تكون الأمور المالية هي آخر ما يفكر فيه المدرب، فيمكن ألا يتجاوز اليوم الواحد في الدورة 300 ريال، وهو مبلغ جيد وكافٍ، وأكثر من ذلك يعد مبالغة مثقلة لكاهل المتدرب.
وأشارت إلى أن مركز الإبداع الثقافي التابع لوزارة الشباب والرياضة حرص على أن يقدم دوراته مجاناً، وتصدر عنها شهادات مجانية من المركز، فيما يحصل مبلغا رمزيا عن الشهادات للمقيمين، فهي فرصة قيمة لكل من يريد الاستفادة من هذه الدورات.
وأكدت الحرمي على أن دعم المؤسسات لدورات موظفيها يمكن أن يكون مثمرا بصورة كبيرة على كل الأطراف، فمستوى الموظف سيتحسن في عمله وإدارته، وهذا سيعود بالإيجاب على المؤسسة، وعلى الموظف نفسه، ما يدعم سير العمل بصورة متميزة ترضي الجميع، وشددت على أن هذا التوجه سيكون له مردود جيد جداً، فيمكن أن يطور الموظف العادي إلى شخص مبدع قادر على نفع المؤسسة بشتى الصور.
وأعربت عن أملها بأن تهتم كافة مؤسسات القطاعين العام والخاص بجوانب التطوير، فتطوير الذات لدى الموظفين سيكون له الكثير من الثمرات، التي تتجاوز حجم الإنفاق على الدورات بكثير، ولو اضطر هذا الأمر لتخصيص جزء من دوام الموظفين الرسمي في هذه الدورات، ولو بواقع ساعة يومياً على سبيل المثال، وهذا الأمر يشمل كافة المؤسسات بما فيها التعليمية وما بها من طلاب.