90 % من حالات غرق الأطفال تحدث لمن هم بسن 10 سنوات فأقل
5 سنتيمترات من المياه يمكن أن تكون سبباً في غرق الطفل الرضيع
الغرق من المشكلات التي تتصدر أسباب وفيات الأطفال خاصة الأقل من 4 سنوات
للأسف الشديد.. حالات كثيرة تنجو من الغرق وتعيش في مضاعفات
يجب على أولياء الأمور تعليم السباحة للأطفال.. ويفضل على يد مدرب مختص
أكدت الدكتورة عائشة عبيد، مساعد مدير برنامج الوقاية من الإصابات بمركز حمد للإصابات بمؤسسة حمد الطبية، أنه يتم تسجيل قرابة 50 حالة غرق للأطفال في قطر سنوياً، حيث تم تسجيل 48 حالة في عام 2020، محذرة من أن أقل كمية من المياه قد تكون سبباً في حالة الغرق، فـ 5 سنتيمترات من المياه يمكن أن تكون سبباً في غرق الطفل الرضيع.
وقالت د. عائشة عبيد في حوار مع «العرب» إن الغرق هو المسبب الأول لوفيات الحوادث بالنسبة للأطفال من عمر سنة وحتى عمر 4 سنوات دولياً، وإن 90 % من حالات غرق الأطفال تحدث لمن هم بسن 10 سنوات فأقل، وعبرت عن أسفها أن حالات كثيرة من الأطفال الذين ينجون من الغرق يعيشون في مضاعفات.
ولفتت إلى أن حالات الوفاة أو الموت الدماغي أو الأضرار المزمنة الناتجة عن حالات الغرق يمكن منعها بالوعي وتحمل الوالدين للمسؤولية، مضيفة: ننصح الأهالي بعدم ترك الأطفال بالقرب من برك السباحة بمختلف أشكالها، وبتعليم السباحة للأطفال، ويفضل على يد مدرب مختص، كما ننصح بضرورة اتخاذ جميع احتياطات السلامة والوقاية، وبعمل سياج حول حمامات السباحة بالمنازل، وأن يكون مراقب الأطفال أثناء السباحة يقظاً، فثوانٍ قد تُكلف الطفل حياته.
ونوهت إلى أن سقوط الطفل في أي كمية مياه قد تؤدي إلى الوفاة في غضون ثوانٍ، وأن حالات غرق الذكور أضعاف نظيرتها بين الإناث، وإلى نص الحوار:
= كم عدد حالات غرق الأطفال التي تستقبلونها في حمد الطبية؟
* حالات غرق الأطفال قد تصل الى ما يقرب من 50 حالة سنوياً، تزيد الأعداد وتنقص بصورة مستمرة، وفي العام الماضي 2020 على سبيل المثال بلغ عدد حالات غرق الأطفال 48 حالة سُجلت بحسب الإحصاءات.
المنتجعات والشواطئ
= هل أغلب هذه الحالات تكون في المنازل أم في الفنادق والمنتجعات والشواطئ؟
* قبل أن نحدد الأماكن التي تحدث فيها حالات الغرق، أود تحديد ماهية الغرق بصورة عامة ومسبباتها، فحالة الغرق تحدث عندما ينغمر الأنف و الفم بماء بدل من الهواء لفترة تكفي أن تسبب نقص الأوكسجين ما يتسبب في الإغماء وإذا استمر هذا النقص قد يؤدي الى توقف جميع الأجهزة وأهمها المخ مما يؤدي إلى الوفاة، أما بالنسبة للغرق فيحدث لكل فئة عمرية بصورة مختلفة عن غيرها، فحالات غرق الأطفال ليست كلها في المنزل أو كلها في الشاطئ، فعلى سبيل المثال، الأطفال الرضع «حتى عمر عامين»، تكون حالات الغرق بالنسبة لهم تحدث في المنزل، وغالباً ما تكون عند الاستحمام في الحمامات، أو في بهو المنزل في حال توفير الأسرة لبركة ماء صغيرة أو حتى دلو، فـ 5 سنتيمترات يمكن أن تكون سبباً في غرق الطفل الرضيع إن تُرك دون مراقبة في هذه المياه، وكذلك حتى عمر 4 سنوات، لذا دائماً ما ننصح الأهالي بعدم ترك الأطفال بالقرب من برك السباحة أياً كانت أشكالها، لأنها قد تكون خطيرة، فـسقوط الأطفال في اي كمية من المياه قد تؤدي إلى الوفاة في غضون ثوانٍ.
أما فيما يتعلق بالفئات العمرية الأكبر، تكون حالات الغرق بالنسبة لها في خارج المنزل، فكلما ازداد عمر الشخص كلما كانت حالة الغرق في حمامات السباحة (المشتركة) العامة أو الشواطئ، حتى أن بعضها تكون عند انقلاب القوارب، خاصًة في الفئة العمرية فوق الـ 13 سنة، فأطفال بعمر 14 عاما على سبيل المثال تحدث لهم حالات غرق، وكذلك في الألعاب المائية، إن لم يستخدم الطفل معدات النجاة، ولم تصل له التوعية المناسبة الخاصة بمعايير النجاة.
ونحرص دائماً على التأكيد على أن أي كمية من المياه قد تسبب الغرق، ابتداء من 5 سم من المياه، كما نحرص على التوعية بسبل الوقاية فـ «درهم وقاية خير من قنطار علاج»، فمنع حدوث الغرق ووعي الأسرة والأطفال هو أهم خطوة، خاصةً مع ارتفاع درجة الحرارة في فصل الصيف، وخروج الكثير من الأهالي للمنتجعات الشواطئ.
غرق الذكور أعلى من الإناث
= هل تكون حالات الغرق بين الذكور أكثر أم بين الإناث؟
* أثبتت الدراسات أن حالات غرق الذكور أكثر بكثير من الإناث تصل الى عدة أضعاف خصوصا الأكبر سنا، لأن الذكور يتميزون بالاندفاع أكثر من الإناث، ويتميزون بحب الاستكشاف، وإن كانت حالات الغرق تحدث بالطبع للفتيات.
= هل حالات الغرق تشكل خطورة كبيرة على الأطفال؟
* بالطبع.. فيكفي أن نؤكد على أن الغرق هو المسبب الأول لوفيات الحوادث بالنسبة للأطفال من عمر سنة وحتى عمر 4 سنوات دوليا، ويعتبر السبب الثالث للوفيات بين المراهقين من سن 14 وحتى 18 سنة، وفي بعض الدول يأتي الغرق بعد حوادث السيارات هي المسبب الأول للوفيات بين المراهقين من سن 14 وحتى 18 سنة. أغلب حالات الغرق بين الأطفال، وتحديداً 90% منها تحدث لمن هم 10 سنوات فأقل للأطفال و70% منهم تحت الأربع سنوات، خاصة مع عدم إدارك الطفل وعدم قدرته على اتخاذ القرار الصحيح، ما يجعل الطفل أكثر عرضة للغرق. كذلك الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة ونوبات الصرع أو ذوي الأمراض التي تعيق الحركة والوعي.
نصائح لأولياء الأمور
= ما هي أبرز النصائح التي تقدمونها لوقاية الأطفال من حالات الغرق؟
* ننصح أولياء الأمور بأن يولي اهتماما كبيرا بالأطفال وتعليمهم السباحة، ويفضل أن يكون التعلم على يد مدرب مختص، إلا أن كان الأهل على دراية كافية بتعليم الأطفال لهذه المهارات، وهذا لا يُغني بالطبع عن مراعاة البقاء مع الأطفال طول فترة مكوثهم في المياه، حتى وإن كان الطفل الصغير قادرا على السباحة، فيجب تواجد مراقب بالغ مع الطفل، وأن يكون قادرا على الإنقاذ، سواء كان الوالدين أو شخص متخصص في عمليات الإنقاذ.
كما ننصح بضرورة اتخاذ جميع احتياطات السلامة والوقاية، والالتزام بارتداء ملابس السباحة المحددة لكل فئة عمرية، وارتداء الطفل لسترة الوقاية «سترة الحياة»، وارتداء الأطواق التي تساعد الطفل على الطفو.
وفيما يخص وقاية الأطفال داخل المنزل، فأود أن أؤكد على أهمية أن يكون أي شيء به كميات ولو بسيطة من المياه بعيداً عن متناول الطفل، فمثلاً تكون الحمامات مغلقة، وألا يكون بها أي تجمع للمياه في أي دلو أو حاوية تحوي المياه، فيمكن أن يسقط الطفل برأسه في الوعاء، وأي شيء يغطي الأنف والفم يمنع التنفس ويسبب الوفاة في ثوانٍ.
وإن كان المنزل به حمام سباحة أو بركة أو نافورة مياه، فيجب أن يكون عليها سياج أو عوازل أو أي شيء يمنع وصول الطفل لها بصورة مباشرة، وهذا الشيء في غاية الأهمية، إضافة إلى غلق الأبواب، كما يجب على ولي الأمر التأكد من عدم ركض الطفل على حمام السباحة أو أي من مصادر المياه في حال غيابه عن المنزل أو كان مشغولاً بأي أمر.
كما يجب العمل على التنبيه الدائم للأبناء الأكبر بالمخاطر التي قد تحدث لإخوانهم الأصغر سناً في حال ترك الأبواب مفتوحة، أو وصولهم لأي تجمعات للمياه.
= الكثير من المجمعات السكنية باتت بها حمامات سباحة.. ما هي أبرز نصائحكم للوقاية من حالات الغرق في هذه الحمامات؟
* في كافة حمامات السباحة، يجب أن يتم وضع حواجز أو سياج كامل حول المسبح وعوازل تمنع وصول الطفل لها بصورة مباشرة وبدون شخص بالغ، وفي حال المجمعات السكنية، يتعين تخصيص بوابة للمسبح تكون مغلقة تفتح فقط في وجد شخص بالغ مع الأطفال.
حوادث الصيف
= الحوادث خارج المنزل تنتشر بصورة كبيرة في فصل الصيف.. ما هي نصائحكم لأولياء الأمور في هذا الصدد؟
* بالفعل.. حوادث الغرق خارج المنزل أكثر شيوعاً في فصل الصيف، حيث تخرج العائلات للمصايف والمنتجعات، لذا يجب على أولياء الأمور التأكد من ارتداء الطفل لسترة النجاة، إضافة إلى ارتداء الأشياء الأخرى التي تساعد الطفل على الطفو، وهذا لا يُغني بالطبع عن وجود شخص بالغ بالقرب من الطفل، لتكون وظيفته مراقبة الأطفال، وفي حال كانوا مجموعة يمكن أن يتبادلوا مراقبة الأطفال.
وأود أن أؤكد على ضرورة ألا ينشغل الشخص الذي يراقب الأطفال بأي شيء يحيط به، سواء الرد على الهاتف أو غيرها من الأمور، فيجب أن يظل متيقظاً بصورة كاملة، فثوانٍ قد تُكلف الطفل حياته.
كما أن بعض الأهالي، خاصة في المجتمعات العربية بصورة عامة، يفضلون قضاء الأوقات في الأماكن البعيدة نوعاً ما، وهذه الأماكن تكون أكثر خطورة، فبعضها قد لا يكون ملائماً للسباحة، ويكون في بعضها دوامات للمياه، أو جرف مائي ويكون عمق المياه ومنسوبها غير معروف قد تؤدي إلى غرق جماعي، لذا ننصح باستخدام الشواطئ المخصصة من قبل الجهات المعنية، لأن هذه الشواطئ معروف فيها مستوى المياه، وسرعة التيار كذلك يكون بها المراقبون والاستعدادات المناسبة، سواء لإنقاذ الأطفال أو الكبار.
كما يجب على الأسرة أن تشدد على أبنائها الالتزام بقواعد محددة خلال أوقات المكوث على الشواطئ، وأن تتأكد من تطبيق الأطفال لها.
= ما هي أبرز نصائحكم في حال كان الطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة؟
* إذا كانت الأسرة بين أبنائها طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة أو مصاباً بالتوحد، أو أي شخص تحت تأثير أدوية تؤثر على الجهاز العصبي، فهذه الحالات يقل لديها القدرة على تقدير المخاطر وتقدير الوقت المناسب وردود الأفعال الواجب اتخاذها، لذا فهذه الفئات من المجتمع أكثر عرضة لمخاطر الغرق من غيرهم، فهذه الفئة تحتاج لمراقبة لصيقة «بوجود مراقب مع كل شخص من هذه الفئات»، فلا يكون شأنه شأن غيره من الأطفال أو الأشخاص.
= ما هي أبرز المهارات التي يجب أن يتعلمها أفراد الأسرة، للمشاركة في انقاذ الطفل من مخاطر الغرق؟
* يجب أن يتعلم شخص على الأقل من أفراد الأسرة مهارات الإنعاش القلبي، والقواعد الأساسية للإنقاذ، وأن يحرص الشخص على الاتصال بالإسعاف فور حدوث حالة الغرق، ليتلقى الإرشادات منهم فور حدوث هذه الحالات، حتى وإن كان شخصاً منشغلاً بعملية الإنقاذ، الاتصال بالإسعاف لسرعة الوصول وتنفيذ تعليمات المختصين.
مضاعفات الغرق
= ما هي المضاعفات التي قد تحدث في حالة الغرق إن تم إنقاذ الطفل من الوفاة؟
* هي نفس المضاعفات المرتبطة بانقطاع التنفس، فالغرق يُعرف بأنه غمر الرئتين في المياه أو السائل، الأمر الذي يؤدي لوقف وصول الأكسجين للرئة وتصل المياه بدلاً من الأكسجين، ما يؤدي إلى نتائج مباشرة وغير مباشرة على الرئة، وأكثرها خطورة هو نقص الأكسجين عن الدماغ، وشدة المضاعفات تعتمد على مدى نقص الأكسجين على المخ، وكم بلغت فترة النقص، فإن كانت الفترة بسيطة يمكن التغلب عليها، إن وصل الطفل واعياً للجهة المعتمدة للعلاج، فنسبة شفائه تكون عالية جداً، أما إن كان في حالة إغماء أو وقف تنفس، فهذا يعتمد على سرعة استيقاظه والفترة التي قضاها في حالة الإغماء.
وللأسف الشديد.. هناك حالات كثيرة ينجو فيها الشخص من الغرق ولكن يعيش في مضاعفات أخرى بسبب نقص الاكسجين عن الدماغ، تتراوح هذه المضاعفات، وتنتقل في هذه الحالة لإصابات المخ.
وأود أن أؤكد على أن حالات الوفاة أو الموت الدماغي أو الأضرار المزمنة الناتجة عن حالات الغرق يمكن منعها بالوعي وتحمل الوالدين للمسؤولية، ومشكلة الغرق في غاية الأهمية وأصبحت من المشكلات التي تتصدر أسباب وفيات الأطفال خاصة الأقل من 4 سنوات، فيجب على أولياء الأمور التركيز على أساليب الوقاية والالتزام بها.
= ما هي أبرز الاستعدادات التي توفرها حمد الطبية لمثل هذه الحالات؟
* مؤسسة حمد الطبية لديها الجاهزية الكاملة للتعامل مع مختلف الحالات، التي تبدأ من خدمة الإسعاف بالتواصل مع أهل المصاب وإعطائهم تعليمات تساعدهم على التصرف بصورة صحيحة حتى وصول سيارة الإسعاف، وصولا إلى أقسام الطوارئ أو مركز الإصابات، حيث تتلقى الحالة الرعاية الطبية اللازمة والشاملة ثم تحويل بعض الحالات التي تستدعي إلى مركز قطر لإعادة التأهيل.
كما تقدم المؤسسة البرامج التوعوية للحد من هذه الحالات من خلال برنامج حمد للوقاية من الإصابات وبرامج تدريبية وتوعوية عبر مركز حمد للتدريب الدولي من أهمها دورة الإنعاش القلبي لكافة أفراد المجتمع.