هل يعتذر ماكرون للجزائر عن مجازر المستعمر الفرنسي؟

alarab
حول العالم 10 مايو 2017 , 01:11ص
الاناضول
أشرقت شمس أوّل ليلة لإيمانويل ماكرون عقب انتخابه رئيساً لفرنسا، على يوم الثامن من مايو، والذي يصادف الذكرى 72 لتخليد المجازر التي ارتكبتها فرنسا في الجزائر زمن استعمارها، وعلى مطالب البلد الأخير الأزلية بالاعتذار.
ولئن تحيي فرنسا في اليوم نفسه ذكرى يوم النصر في أوروبا، واستسلام القوات الألمانية، ونهاية الحرب العالمية الثانية العام 1945، إلا أن الجزائر تقف في مثل اليوم ذاته من كل عام، ترحّماً على شهدائها ممن قضوا في أبشع المجازر الفرنسية، مكررة المطالب بالاعتذار، وما فتئت باريس ترفضها بتعلة ضرورة التطلّع إلى المستقبل، وعدم الالتفات إلى الماضي.
ماكرون الذي انتخب منذ يومين رئيساً لبلاده، يجد نفسه، بعد بضع ساعات فقط من ذلك، في مواجهة مطالب جزائرية شعبية ورسمية تنادي من جديد بضرورة الاعتذار للشعب على إحدى أبشع جرائم باريس في بلد عانى الاستعمار لـ132 عاماً. وفي 8 مايو 1945، ارتكبت قوات المحتل الفرنسي عمليات قتل شنيعة استهدفت محافظات: سطيف، وقالمة، وخراطة شرقي الجزائر، ما أسفر عن مقتل نحو 45 ألف شهيد، وفق الأرقام الرسمية، كانوا من بين الذين خرجوا حينذاك في مظاهرة سلمية للمطالبة باستقلال بلادهم.
ويرجع بعض الخبراء أسباب رفض باريس الاعتذار رسمياً من الجزائريين إلى أسباب عديدة، أبرزها مخاوفها من اضطرارها لدفع تعويضات لهم، غير أن أهم تلك الأسباب يظل، حسب رأيهم، خوفها من أن يحسب عليها اعتذارها اعترافاً بجرائم ستكلّفها آلياً المثول أمام المحكمة الجنائية الدولية. وبين مطالب الجزائريين ورفض باريس، تبقى الذاكرة والتاريخ من الملفات العالقة بين الطرفين، والكامنة وراء برود العلاقات بين الطرفين، وفق مراقبين.
تخليد ذكرى المجزرة لم يمرّ في الجزائر دون تكرار مطالب الاعتذار نفسها من فرنسا التي انتخبت لتوّها رئيساً أظهرت تصريحات سابقة له منحى مغايراً تماماً للتعامل الرسمي لبلاده مع جرائمها في الجزائر.
فخلال زيارة أجراها ماكرون في فبراير الماضي إلى الجزائر، وصف استعمار بلاده للبلد الأخير بجرائم ضد الإنسانية، ما أثار جدلاً واسعاً في بلاده، واستنكاراً من قبل طيف واسع من الطبقة السياسية فيها.
الوزير الجزائري للشؤون الدينية والأوقاف، محمد عيسى، والذي يشغل أيضاً منصب وزير المجاهدين بالإنابة، طالب ماكرون بالالتزام بوعوده التي قطعها للجزائريين بخصوص الاعتراف بجرائم بلاده بحقّهم.
وقال بوتفليقة، في رسالة تهنئته لنظيره الفرنسي إنّ مواقف الأخير من ملف الاستعمار تجعله في موقع مناسب لإرساء مصالحة تاريخية بين البلدين.
وجاء في الرسالة الموجهة لماكرون: «إن الزيارة التي قمتم بها، مؤخراً، إلى الجزائر في سياق انطلاق مسيرتكم الباهرة صوب تحقيق غايتكم الوطنية السامية، أضافت إلى الرصيد المشترك بين بلدينا موقفكم المبدئي المتميز بالإقدام السياسي، والإخلاص الإنساني المنقطع النظير حيال الاستعمار وطبيعته التي لا تغتفر».
المحلل السياسي والمؤرخ الجزائري عامر رخيلة، استبعد أن يجسّد ماكرون تصريحاته ويعتذر للجزائر حكومة وشعباً على مجازر بلاده في الجزائر.
رخيلة قال، في تصريح للأناضول، إنه ينبغي التميير بين الوعود الانتخابية، والتي غالباً ما تكون لها أهداف محددة هي التي تنفّذ في النهاية». وأضاف: إن «تصريحات ماكرون في الجزائر أثناء حملته الانتخابية تندرج ضمن أهداف إعلامية محددة، ترمي إلى استفزاز الضمير الجماعي لفرنسا، بمعنى أنه أراد استقطاب الأضواء إليه بالتطرق إلى موضوع يدرك جيداً أنه من «التابوهات»، وبالتالي سيمنحه رصيداً انتخابياً إضافياً في صفوف المهاجرين».