المبدعون يحتفون شعرا ونثرا بالشهر الفضيل.. روحانيات رمضان مصدر إلهام عبر العصور

alarab
الشاعر محمود حسن إسماعيل
المزيد 10 مارس 2025 , 01:23ص
محمد عابد

عبر العصور، حظي شهر رمضان المبارك بمكانة خاصة في الأدب العربي، حيث انعكست أجواؤه الروحانية والاجتماعية في العديد من الأعمال الأدبية، سواء في الشعر أو النثر.
وتناول الأدباء والشعراء في أعمالهم هذا الشهر الكريم بوصفهم له، والترحيب بقدومه، والتعبير عن مشاعر الفرح والسرور.
 كما قال الشاعر
جاء الصيام فجاء الخير أجمعه ** ترتيل ذكر وتحميد وتسبيح
كما تناول الشعراء مظاهر الاحتفال برمضان، مثل صلاة التراويح، ومدفع الإفطار، والفانوس الرمضاني، مما يعكس تفاعلهم مع الأجواء الرمضاني، بالإضافة إلى تأثير الصيام على سلوك الأفراد والمجتمع، وتعزيز قيم الكرم والتسامح والتقوى خلال هذا الشهر الفضيل.
 وعلى مر العصور احتفى المبدعون في الأدب العربي شعرا ونثرا ورسائل وخواطر ومقامات وتعبيرات اجتماعية بشهر رمضان المبارك، الذي كان ملهما لإبداعهم.
وكان الشهر الفضيل حاضرا بقوة في المخيال الأدبي للشعراء والكتاب والمبدعين، حيث تدفق الأدب العربي منذ عصر النبوة بمختلف صور التعبير عن هذه اللهفة والاحتفاء بشهر رمضان الكريم وذكر مآثره وأثره في تهذيب النفس وتكريس قيم الإنسانية والتآزر والتعاضد بين المسلمين، وما تتركه العبادات من أثر روحي شديد الصفاء والقوة في نفوس المسلمين بين ذكر وصلاة وتراويح وعبادة ودعاء.
كما عبر الأدب العربي عن كثير من مظاهر الشهر الكريم وعباداته وقيمته شعرا ونثرا، لشدة ترسخ شهر الصيام وتغلغل قيمه ومظاهره في نفوس المسلمين، فنجدهم يرحبون بهلاله ابتداءً استبشارا بقدومه.
واستشهدت بما قاله الشاعر ابن حمديس الصقلي تعبيرا عن استبشارهم بالهلال:
 قلت والناس يرقبون هلالا يشبه الصب من نحافة جسمه
من يكن صائما فذا رمضان خط بالنور للورى أول اسم
وقد اهتم الشعراء كذلك بتصوير مشاعر الشغف والشوق إلى لقيا رمضان كما اهتموا بوداعه بالتأسف على سرعة مغادرته، وانقضاء أيامه الحسان، ففي وداع الشهر الكريم يصور لنا الشعر تذكر المسلمين لعمران المساجد بالصلاة والميادين بالزكاة واجتماع الناس على الدعاء وليلة القدر وحلقات الذكر والتنافس في إفطار الصائمين وفرحة الأطفال والفقراء والتقارب بين الأرحام والجيران، والشعور بانقضاء الزمن.
وهذا الشاعر محمود حسن إسماعيل في ترحيبه بالشهر الفضيل يعتبره ضيفا عزيزا حل وارتحل فيقول:
أضيف أنت حل على الأنا وأقسم أن يُحيّا بالصيام.
ولم يكن النثر بأقل من الشعر تعبيرا واحتفاء وتفصيلا في قيم رمضان المتعددة، فهذا مصطفى صادق الرافعي رحمه الله يكتب مقالا بعنوان «شهرٌ للثورة: فلسفة الصوم».
ويتجلى تأثير شهر رمضان وتفرده في الأدب العربي عامة
وقد استمر هذا الاحتفاء عند أدبائنا في العصر الحديث، مبرزين بهجة قدومه، وروحانيات جلساته، وكيفية الاستعداد له عند الكبار والصغار، وكل هذا وجدناه داخل مجتمع الرواية العربية، فنجيب محفوظ يجعل أحداث روايته «خان الخليلي» تدور في رمضان الفضيل إبان الحرب العالمية الثانية، ويصف كيف يستعد الناس لقدومه في القاهرة، كما نجد إحسان عبدالقدوس يجسد في روايته «في بيتنا رجل» العادات والتقاليد التي يستقبل بها الشعب المصري رمضان الكريم في خمسينيات القرن الماضيكما يأخذنا الروائي اليمني زيد مطيع دماج في روايته الرهينة (1984)، إلى زمن الأربعينيات وكيف كان أهل المدن والقرى يحتفلون برمضان المبارك، مبرزا طقوس هذه الاحتفالات واختلافاتها بين هذه المناطق وفئات الناس.كما برع في تصوير ذلك الكاتب السعودي خالد يوسف، فيذهب بنا في روايته (سيرة حمى)، ليصف لنا كيف عاش المسلمون أجواء رمضان في عزلتهم بسبب وباء كورونا الذي جمع بين الأسر في بيوتها، لتعرف قيمة النعمة التي علينا شكرها.