التكنولوجيا الحديثة تلتهم عقول الأطفال
تحقيقات
09 نوفمبر 2015 , 01:51ص
رانيا غانم
مع تطور العصر أصبحت تربية الأطفال غاية في الصعوبة خاصة مع تداخل وسائل التكنولوجيا الحديثة مع كل تفاصيل الحياة، وتعلق الأطفال بها منذ نعومة أظافرهم بشكل وصل إلى حالات أصبحت تعد من الإدمان الذي يستوجب العلاج، فضلا عن مخاطر صحية ونفسية واجتماعية وسلوكية تعد التكنولوجيا الحديثة سببا رئيسيا فيها.
وأدت العولمة وما صاحبها من تطور تكنولوجي إلى بروز عدد من الأخطار المهددة للطفل حاضرا ومستقبلا.. ومن شأن التغافل عن تلك المخاطر وعدم توفير متطلبات التربية السليمة ظهور جيل غير متوازن وليس له لون ولا طعم ولا رائحة.
أما باستثمار التكنولوجيا الحديثة ومعالجة أخطارها فسيكون الطفل قادرا على مواكبة المستقبل والمحافظة على هوية الوطن وركائز تطوره وأمنه ورخائه؛ من هذا المنطلق أقامت «حضانة سارة» بالتعاون مع وزارة العمل الشؤون الاجتماعية مؤتمرها الأول «الطفولة بين متطلبات التربية السليمة والوقاية من أخطار التكنولوجيا»، شارك في المؤتمر الذي عقد على مدار خمسة أيام وأقيم بالحي الثقافي «كتارا» عدد من الخبراء والباحثين والأكاديميين والمختصين في مجالات تطوير مستقبل الطفل.
كما حضر المؤتمر عدد من العاملين في مجال الطفولة ومديرو ومديرات المدارس والمربون والمربيات وأولياء الأمور.. وناقش المؤتمر العديد من المحاور منها التربية النفسية للطفل والوقاية من أخطار التكنولوجيا وتعزيز السلوك الإيجابي.
محطة هامة
واعتبرت مدير إدارة التنمية الأسرية بوزارة العمل والشؤون الاجتماعية سلوى العبيدلي المؤتمر محطة هامة لتشخيص الآثار السلبية للتكنولوجيا على التربية السليمة للطفل، وتوخي الوسائل الكفيلة لحمايته منها.
مؤكدة أن وزارة العمل والشؤون الاجتماعية تدعم مثل هذه المبادرات الإبداعية وتبذل كل الجهد لرعايتها والاهتمام بها لأنها تخدم ركيزة التنمية الاجتماعية في رؤية قطر 2030 وقطاع الحماية الاجتماعية وقطاع التماسك الأسري وتمكين المرأة.
وأشارت إلى أن المؤتمر يأتي تواصلا مع الجهود التي تبذلها دولة قطر في تنفيذ الالتزامات والاتفاقيات الدولية في مجال رعاية الطفل وحماية حقوقه.
من الواقع
وفي حديثها لـ «العرب» أوضحت رنا مروان القطامي المدير التنفيذي للمؤتمر ومدير حضانة «سارة» الأسباب التي دفعتها لإقامة مثل هذا المؤتمر واختيار قضيته الأساسية «بما أني أعمل في مجال التعليم والتربية والطفولة ولدي ماجستير في الإدارة التربوية، وجدت أن هناك عدة محاور ونقاط نحن بحاجة إلى فهم أكثر لها من الاختصاصيين والمستشارين، فمن واقع عملنا وجدنا أن أكثر مشكلة تقابلنا في الحضانة هي أن الأهل يربطون أولادهم بالتكنولوجيا بشكل كبير وتأتي لي حالات تكاد تكون «توحد»، ومع المتابعة نكتشف أن الطفل لديه إدمان على الآي باد أو غيره من الأجهزة، وعندما نتحدث مع الأهالي في هذا ونطلب منهم تقليله لا يستجيبون ونفاجئ بهم يدعمون هذا ويتحججون بأنهم لا يجدون ما يشغلون به أطفالهم غيره، بالفعل نحن نواجه هذه المشكلة بشكل متزايد وما يزيد منها أن الأهالي لا يقدرون مخاطرها، ومن هنا جاءت الفكرة لعقد هذا المؤتمر للتوعية أكثر بذلك، والبحث في الأسباب وسبل الحل».
وأضافت «تناولنا موضوع المؤتمر من خلال ثلاثة محاور رئيسية تتعلق ببعضها وهي: التربية النفسية للطفل، تعزيز السلوك الإيجابي له، والوقاية من أخطار التكنولوجيا، وبما أننا نتحدث عن مساوئ التكنولوجيا كان علينا إعطاء بدائل، فكيف أعرف طفلي أكثر وأتقرب منه وأتعرف على سلوكياته وتوجيهها إلى الوجهة السليمة، وكل هذه المحاور كونت المؤتمر. وعندما طرحت الفكرة على وزارة الشؤون الاجتماعية لاقت قبولا كبيرا وطلبوا شراكة لأن عندهم برنامجا يختص بالتربية النفسية للطفل، وقاموا بدورهم بإصدار شهادات المؤتمر باسمهم، مؤكدين أنهم يفتخرون بي كقطرية عاملة في هذا المجال، وأدير حضانتي بتميز. وجاءتنا دعوات من عدة جهات حكومية بإقامة مثل هذا المؤتمر بعد ذلك، وبدورنا لن نكتفي بورشات العمل هذه لكن من خلال التعاون مع الشؤون الاجتماعية سنقوم بإنزال هؤلاء المتخصصين إلى المدارس للتوجه مباشرة نحو الأبناء والتحدث إليهم لاستفادة أوسع».
اختيار الضيوف
وعن اختيار الضيوف والمتحدثين والجهات المدعوة للمشاركة قالت القطامي: «أنا مدربة وتعاملت معهم مرات عدة مع هؤلاء الأساتذة ووقفت على خبراتهم ومهاراتهم ووجدت أن لديهم جديدا لم يسبق تقديمه هنا في الدوحة، فالكل باستثناء الدكتور صالح الإبراهيم هم من خارج قطر، فكان لدي القدرة كمدربة على اختيار الشخص القادر على توصيل معلومة جيدة، ويراعي عاداتنا وتقاليدنا وديننا والصبغة العامة لنا كعرب ومسلمين يحملون الأفكار نفسها والتوجه فأهم شيء هو الاشتراك في الأفكار.
أما الحضور فالفئات التي توجهنا إليها هي المربون والعاملون في مجال التربية، وقامت الشؤون الاجتماعية بتوجيه الدعوة لكل العاملين في حضانات قطر، كما أعلنا عن المؤتمر للأهالي لأنهم عنصر أساسي استهدفناه من المؤتمر. فأنا يهمني أن يطلع العاملون في هذا الميدان والمدربون على الجديد، كما استهدفنا وأصحاب التراخيص والمديرين والمجمعات التعليمية».
المخرجات
وعن كيفية الاستفادة من مخرجات المؤتمر قالت: «التوصيات التي أصدرها المؤتمر بمثابة أفكار لمشاريع وإجراءات قابلة للتطبيق، كما أننا بصدد إصدار كتيب عن المؤتمر وكل ما نتج عنه وتوزيعه على المدارس والجهات المعنية بدعم من الشؤون الاجتماعية، فالموضوع ليس مجرد مؤتمر وينتهي، فهذه القضايا تمثل هاجسا لدي أعمل عليه وسأقوم بمتابعته، فبعد انتهاء المؤتمر سيصدر الكتيب وسيتم إقامة ورش عمل بالمدارس، ثم العمل على مؤتمر جديد يدعم نفس الفكرة، فأنا أنظر إلى رؤية قطر 2030 التي تعني بالإنسان القطري كأولوية، فضلا عن اهتمام صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر رئيس مجلس إدارة مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع بموضوعات التعليم والأطفال ورؤيتها بعيدة المدى وتوجهها الذي نسير تحته لجعل قطر أفضل وكلها دافع وحافز كبير للعمل والإنجاز».
استعادة القيم
وخلال مشاركته في تكريم المشاركين في المؤتمر شدد الدكتور أحمد القديدي رئيس الأكاديمية الأوروبية للعلاقات الدولية بباريس السفير التونسي السابق بدولة قطر، على أهمية استعادة القيم وغرسها في الأسرة العربية التي تعتبر الخلية الأساسية لتنمية وتكوين العقل والثقافة في المجتمع، موضحا أن المؤتمر فرصة ممتازة للعودة إلى قيمنا الإسلامية والعربية المفقودة هذه الأيام، والتي تسببت في تخلف الشعوب العربية عن باقي دول العالم.
وقالت مدير العلاقات العامة في Ooredoo السيدة فاطمة الكواري إن الشركة إيماناً منها بدور التكنولوجيا في العصر الجاري، وفرت العديد من الوسائل التكنولوجية المهمة التي تمكن من تقديم أفضل المواد التعليمية بصورة متطورة، مشيرة إلى أن Ooredoo انتبهت مبكراً إلى مخاطر الاستخدام المفرط للتكنولوجيا بالنسبة إلى الأطفال، لذا فقد قامت بابتكار حلول ذكية لخدمات الأمان العائلي لتمكين الآباء والأمهات من مراقبة أطفالهم بصفة مستمر ومن أي مكان.
وتحدثت المدربة منى بابتي خلال ورشة العمل عن كيفية التعرف على الأنماط الدماغية لدى الطفل واستراتيجيات تنمية القدرات الدماغية لدى الطلاب وكيفية اكتساب مهارة التعرف على خريطة التفكير لدى الطلاب وغيرها من المحاور الهامة الأخرى.
دور الأهل
وخلال ورشته تناول المهندس تركي الجدعان مدرب التنمية البشرية والمتخصص في تحليل الشخصية، كيفية تعزيز شخصية الطفل وإيجاد الهوية التي تختفي تدريجيا بسبب اندماجها عن طريق التكنولوجيا والقناعات المختلفة التي تحملها والسموم التي تدخل علينا من الخارج في ورشتي الأولى التي حملت عنوان «كيف أجعل ابني مفكرا ناجحا؟» أوضحت أن التفكير مهمته كبيرة، ووجوده من وجود الحياة والمصير، وإنني كأب أو أم علي أن أعرف ابني وطريقة تفكيره وشخصيته ليكون لدي القدرة على التعامل معه.
فلا بد أن يتعلم الأهل ويتثقفوا حتى يمكنهم التعرف على شخصيات أبنائهم وبالتالي التعامل معهم، وخلال الورشة تحدثت عن أربع شخصيات أساسية عامة، تندرج تحتها شخصيات كثيرة، وتعرفنا على الكتابة والرسومات والألوان وغيرها كمفاتيح للتعرف على شخصية الطفل وبالتالي تحديد الطريقة الفضلى للتعامل معها.
أما الورشة الثانية فكانت عن الطاقات وانتقالها، حيث يتعرض الوالدان خلال اليوم للكثير من الطاقات السلبية وقد يخرجونها على الأبناء بطرق تضر بهم وبعلاقتهم وتربيتهم، لذا شرحنا لهم كيف نتصرف عند استقبال الطاقات السلبية وكيفية إخراجها بطريقة سلمية، وكيف نعزز ونرفع من قدرات أبنائنا الإيجابية، كما تناولنا طرقا كثيرة تجعل الطفل مفكرا وناجحا، وكيفية التعامل مع الأخطاء وتعليمه الصبر والنجاح والتخطيط.
ويرى الجدعان أن دور الأهل كبير للغاية في حماية الأبناء من مخاطر التكنولوجيا عبر التعرف على شخصياتهم وبالتالي الدخول إليهم من المدخل الصحيح.
قيم وقوانين
ويبدو الدكتور معن تيسير رشدان الأستاذ المحاضر في جامعات ماليزيا متحمسا للغاية لإقامة مثل هذه المؤتمرات المتخصصة في بلداننا العربية «لدي اهتمام كبير بالتربية في مراحل الطفولة مرورا بالدراسة حتى الحياة العملية، اطلعت على التجربة الماليزية ومدى تأثير البشر في صناعة النهضة، ووجدت أن ماليزيا خطت بخط متوازي بين التنمية المادية والاعتماد على الآخرين إلى جانب التنمية البشرية داخلها، فكان لديهم اهتمام بالدورات الداخلية والبعثات إلى الخارج بمعدل 20 ألف بعثة سنويا، فاهتمت بالعنصر البشري للغاية وهذا أتى بثماره، وجاءتني الغيرة ومن ثم الاهتمام بهذا المجال، فأحاول أن أطور وأنمي من طريقة تفكيري وتفكير الآخرين فيه، ومن هنا كانت مشاركتي في المؤتمر، ومثل هذه المؤتمرات تقوم بها جامعات، ووزارات على مستوى الدول، لكن أن تقوم بها حضانة مثلما نرى اليوم فهذا عمل كبير جدا، كدور الهدهد في إدخال سبأ في الإسلام، فالحضانة والمدرسة والوزارة كلها مؤسسات ذات رسالة في المجتمع ومثل هذه الحضانة التي عملت تكاملا كبيرا في المؤتمر بمحور وورش عن التفكير الإيجابي، والسلوك، والتسويق القيمي، وأخطار التكنولوجيا ودور الأسرة، فهذا يستحق منا كل احترام وتقدير، ونأمل أن يكون هناك تعاون كبير بين مؤسسات المجتمع المدني والقطاع العام لتحقيق رسالة واحدة، وتحقيق رؤية قطر في الاستثمار في الإنسان.
فلا يمكن لأي أمة أن تقوم بنهضة إلا عن طريق أبنائها، فمهما كانت هناك نهضة مالية لا يمكن أن تستمر إلا إذا كان هناك حماة لها، فالحامي لأي نهضة أو تنمية يكون أصحابها من أهل البلد، لذلك لا بد من الاهتمام بالتنمية البشرية وتطوير المجتمع ذاتيا حتى يعتمد على نفسه، في جميع القطاعات والطريق طويل لكنه ليس صعبا والأمل كبير ومثل هذه المؤتمرات والورش والوعي كله يصب في البوتقة نفسها.
سيئ وحسن
وتابع رشدان «كان موضوع ورشتي عن سلوك الطفل وشخصيته، فالتكنولوجيا هي شيء مادي، من أحسن استخدامه فقد أحسن ومن أساء استخدامه فقد أساء، فالقضية هي سلوك في التعامل معها، لذا كان لا بد من تعريف السلوك وأنواعه وخصائصه، والسلوكيات الإيجابية وتعزيزها، والأخرى السلبية ومحاولات تغييرها، وكيفية التغيير وعناصره ومن يقوم بذلك وما المرحلة الأنسب للتغيير في الطفل، وكذا سلم القيم عند الأهل وعند المدرسة والمربين، فالمسألة لها أصول ومعايير، يمكن أن تكون دينية أو أخلاقية أو صحية أو انفعالية، يبنى على أساسها السلوك، وكلها يجب أن تتبع رسالة، فالبيت لا بد أن تكون له رسالة وكذا المدرسة، فكل غاياتنا من موضوع القيم لتحسين وتعديل السلوك لا بد أن تخدم هذه الرسالة».
لكن كيف نحميهم من خلال القيم؟ يجيب الرشدان «يكون هذا من خلال غرس القيم وهي التي تحركهم، فمهما أخذت شخصا لسلوكيات مخالفة لقيمه سوف يتحرك معك لكن ما إن تغب عنه يعد إلى مساره الذي ارتضاه لنفسه، لكن هذا وحده ليس كافيا فالأمر أيضاً لا يعتمد على القيم فقط أو المنهج السليم، لكن لا بد أيضاً من وجود أنظمة وقوانين، في البيت والمدرسة والدولة أيضا، فالقيم يمكن أن ترتفع نسبتها ويمكن أن تنتقص أو حتى تزول، فالمجتمع مفتوح ونحن في قرية صغيرة ويمكن أن تختلف القيم، والبيئات الآن أصبحت بيئة واحدة، والمجتمع أصبح خليطا بين مجتمعات عدة، فلا بد من وجود القوانين والحدود التي تحمي القيم وتعززها».
أدوات علمية
كيفية بناء أسرة إيجابية كان موضوع الجلسة والورشة التي قدمها راشد آل هاشم المدرب الدولي في التنمية البشرية المهارات الإدارية والحياتية وتطوير والتي يشرحها لنا أكثر: «تناولت توجيه الأهل والمربين والمربيات عموما إلى تبني الإيجابية في التربية وتكوين أسر وأجيال متفاهمة ومتميزة، واستخدام الأدوات العلمية في حل المشكلات التربوية وزيادة الوعي».
وعندنا في مجال برمجة النفس نعتبر الإعلام وما في حكمه من أجهزة ذكية وتقنيات جديدة وسائل يمكنها أن تغرس بعض القيم السلبية وتغيير سلوك الطفل، وتم عرض كثير من هذه المشكلات من حضور الورشة أنفسهم من خلال واقعهم العملي في المؤسسات التربوية التي يعملون بها كالعدوانية والتوحد، وصاغوها من خلال الأدوات التي تناولناها فيها والتي تم تدريبهم عليها في الورشة لكيفية إيجاد حلول عملية، والبيت أيضاً عليه دور كبير، فلا بد من تعاون الوالدين لإيجاد حلول للمشكلات التي تواجههم في هذا الإطار مع عدم إغفال إشراك الأبناء معهم في هذا ليكونوا جزءا من الحل.
سهولة الاختراق
خلال جلسته أجرى خبير الأمن المعلوماتي والاتصال الرقمي الدكتور عمران سليمان تجربة عملية سريعة كشف من خلالها للحاضرين سهولة اختراق حساباتهم الشخصية على وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت بشكل عام خلال ثوان معدودة ودون الحاجة إلى برامج معينة أو أجهزة متخصصة، وجاءت هذه التجربة للتدليل على المخاطر التي يمكن أن يتعرض لها مستخدمو التكنولوجيا وتضر بخصوصيتهم، ومنهم بطبيعة الحال الأطفال الأكثر تعرضا لمخاطر عدة تنتج عنها، ويشرح لـ «العرب» قائلا: «في الورش التي أقمتها للأبناء والبنات حول أهمية التكنولوجيا خلال المؤتمر، قلت لهم إن التكنولوجيا بشكل عام شيء إيجابي لكن المسلك الخاطئ هو ما ينتج المشكلات والمخاطر، وشرحت هذا بالتفصيل حتى يمكنهم تفادي الجرائم الإلكترونية التي يمكن أن يتعرضوا لها، فهناك دراسات كثيرة تثبت استهداف الأطفال والمراهقين بشكل أكثر، وهنا أشدد على دور الأهل في توعية أبنائهم لتقليل الأخطار الإلكترونية عليهم، والبحث عن بدائل لها، فهم يتعرضون لهذه الوسائل بكثرة لأنهم لا يجدون البديل المفيد، وإن كان لا بد من تعرضهم لها واستخدام الألعاب الإلكترونية مثلا، فهنا بدلا من اللجوء إلى ألعاب فارغة من الهدف أو الأخرى التي تحمل قيما سيئة وعنفا وغيرها علينا أن نبحث لهم عن ألعاب مفيدة يمكنها أن تنمي ذكاءهم أو تساعد عقولهم على النمو، مثل ألعاب فتح الأبواب، فهي تنمي العقل وتساعد على التفكير والابتكار، كما لا يوجد فيها الضغط على الأعصاب الموجود غالبا في الألعاب الإلكترونية، فهناك ألعاب فيها عنف ودم وسباقات وسرعة تخرب أعصاب الأطفال وتغرس لديهم عنفا داخليا، وتجعل الجهاز العصبي مشدودا دائما».
ويشير سليمان إلى عدد من الإحصائيات التي تكشف مدى خطورة التكنولوجيا على الأطفال والمراهقين «إذا علمنا أن %82 من الفئة العمرية من 15 إلى 18 سنة مستهدفين جنسيا، وأن حوالي %80 من الجرائم الإلكترونية تكون ضدهم يمكننا أن ندرك خطورة الأمر، ودور توعية الأبناء أنفسهم هنا هام للغاية، لإشراكهم في المشكلة وإدراكها، فحتى لو استمروا في استخدام التكنولوجيا بكثرة ولعب الألعاب الإلكترونية ولم نتمكن من منعهم منها فعلى الأقل نوعيهم كي لا يقعوا ضحية للجرائم الإلكترونية وهي كثيرة».
وطالب الخبير بمنع الأطفال أقل من خمس سنوات من استخدام الأجهزة الإلكترونية حتى لا يتعرضوا لمخاطر كثيرة حيث منها عدم التفرقة بين الوهمي والحقيقي.
الصورة الذهنية
وتناول الأستاذ الجامعي د.صالح الإبراهيم مدرب تنمية بشرية وصاحب ترخيص ومدير مدرسة الدوحة الثانوية، في ورشته موضوع التسويق الاجتماعي للقيم لذوي الاحتياجات الخاصة، لافتا إلى الكثير من الأفكار السيئة الخاصة بذوي الاحتياجات الخاصة المنتشرة في المجتمع والتي يسهم الجميع في نشرها «الهدف كان تعديل هذه القيم وبناء خطة تسويقية ناجحة في المجتمع، وتعريفهم عن الطريقة الفضلى لنشر الأفكار الإيجابية عن ذوي الاحتياجات الخاصة، وأولها عدم استخدام لفظة «معاق» فلا يوجد إنسان كامل، وكل شخص لديه جوانب قوة وجوانب ضعف، والأمر ذاته ينطبق على هؤلاء الأفراد، فلذا يمكن استغلال جوانب القوة فيهم ودعم جوانب الضعف».
كما تناولنا في الجلسة كيفية عمل خطة استراتيجية لبناء قيم إيجابية، وعلمتهم بناء الصورة الذهنية وكيفية وضع حاجز في عقولنا ضد الأفكار السيئة التي يمكن أن تأتينا من خلال التكنولوجيا، وكيف يمكن للأهل القيام بذلك، وإيجاد البديل ووضع خطة المواجهة فالبداية تبدأ من البيت، والأهم أن أجعل الابن نفسه يشترك في عملية وضع الخطة، واستغلال مهاراته ومشكلاته وأفكاره كجزء من الحل، حتى يتقبلها ولا تكون مفروضة عليه».
بناء الذات
وقال خبير تربوي ومستشار بالمجلس الأعلى للتعليم ساهم في تنظيم المؤتمر «اخترنا للمؤتمر «ثيمة» عامة، وهي بناء الذات من الجوانب المعروفة كالعقل والروح والجسد، واخترنا الموضوعات والمحاضرين والورش بناء على هذا، وأجد أن أهدافنا التي وضعناها وطموحاتنا في التوصيات التي رفعناها قد تحققت بنسبة كبيرة جدا، ليس في الحضور فقط ولكن أيضاً في نجاح فكرته واشتراك وزارة العمل معنا برغم الصعوبات التي واجهتنا طوال فترة الإعداد حتى قبل انعقاد المؤتمر بيوم أو اثنين، لكن الحمد لله كلها تذللت، وكان من المهم عمل حقيبة المؤتمر وإصدار كتاب يتفق مع الواقع وليس نقلا من دراسات مسبقة، وهو ما نعمل عليه وسنصدره قريبا ولنقوم بتوزيعه على الوزارات والجهات المختصة للاستفادة من نتائج وتوصيات المؤتمر.
الوصايا العشر
وأصدر المؤتمر في يومه الختامي عددا من التوصيات منها: إنجاز كتيب خاص بالمؤتمر وترخيصه من وزارة الثقافة لنشر أهم وقائع المؤتمر وتدريبات الورش وتوزيعه على كافة المؤسسات المعنية بالطفولة في قطر، السعي لتوظيف التقنيات والوسائط الحديثة في نشر القيم المجتمعية للأطفال -وبالأخص ذوي الإعاقة منهم- وذويهم في ظل الثورة المعلوماتية الحديثة. تصميم منتجات قيمية تراعي الخصوصية الوطنية والتطورات الخارجية ذات التأثيرات المباشرة وغير المباشرة على مجتمعاتنا، إنجاز ورشات تدريبية دورية لأولياء الأمور لأجل تبصيرهم بواقع التكنولوجيا الرقمية وطرق التعامل معها بإيجابية وكذا طريقة تفكير الأطفال بالتعاون مع مراكز متخصصة ومؤهلة في هذه المجالات. إثارة الطاقات الإيجابية الكامنة لدى أولياء الأمور من خلال التدريب بالمحاكاة والالتصاق (الكوتشينج). توعية أولياء الأمور على الأساليب العلمية في علاج مخاطر التكنولوجيا وتطوير برامج وتطبيقات خاصة تدمج في أجهزة الكمبيوتر خاصتهم وتلك الخاصة بأبنائهم. العمل على وضع سياسة لتعديل السلوك لدى الأطفال معتمدة من جهات نفسية وحكومية محلية ودولية ستكون متاحة للنشر والتنقيح لجميع مؤسسات الدولة المعنية بالطفولة.
إلى جانب تنسيق الجهود مع كافة المؤسسات القريبة في الرؤية بخصوص أنشطة موحدة خاصة بالتعلم والترفيه وإنتاج المشاريع بالتعاون مع إدارة التنمية الأسرية في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، كما شملت التوصيات تحديد الأسبوع الثاني من شهر نوفمبر من كل عام ميلادي موعدا للانعقاد هذا المؤتمر واستحداث مركز تدريبي خاص بتدريب الحاضنات مرخص وفق معايير وطنية ودولية.