سنعزز النواحي الأكاديمية لدى خريجينا لمواجهة صعوبات مهنة التدريس
نظرة المجتمع وفرص الترقية والعبء التدريسي وراء عزوف القطريين عن «التدريس»
عدم وجود مسارات في التطور الوظيفي وراء قلة المعلمين المواطنين
تكوين «رابطة المعلمين» لربط الخريجين بالكلية وإعداد مسار تطويري لهم
كشفت سعادة الشيخة الدكتورة حصة بنت حمد بن خليفة آل ثاني عميد كلية التربية في جامعة قطر، عن إعادة هيكلة البرامج الأكاديمية في الكلية استنادا لرؤية وشعار «التربية والحياة الطيبة» بهدف تعزيز الإمكانيات الأكاديمية واللا أكاديمية للطلبة، موضحة أن رؤية الكلية للحياة الطيبة ترتكز على 5 جوانب أساسية هي الروحية والعاطفية والعقلية والجسدية والحسية الاجتماعية.
وقالت د.حصة لـ «العرب» في أول حوار صحفي لسعادتها بعد توليها عمادة الكلية: إن إعادة البرامج الأكاديمية ستعزز بناء الشخصية وستمنع تسرب المعلمات القطريات من مهنة التدريس إلى وظائف إدارية أكثر سهولة، مؤكدة أن الكلية لديها استثمار أيضا في الطلبة المقيمين من خلال تمكينهم ليكونوا معلمين في المستقبل.
وأضافت إن دراسة حديثة لمركز البحوث التربوية بالكلية أكدت أن هناك عدة أسباب وراء عزوف القطريين الذكور عن مهنة التدريس أو الاستمرار بها، ومنها نظرة المجتمع إلى مهنة التدريس، وفرص الترقية والتنمية المهنية، والعبء التدريسي، مؤكدة أن تلك العراقيل سنعمل على إزالتها.وأعلنت عن عزم الكلية تأسيس «رابطة المعلمين» كرابط مع خريجيها وإعداد مسار تطويري لهم، سعيا لبناء شبكة تعاون مع المعلمين كخبراء في مجالهم من أجل تطوير وتعزيز مكانة المعلم في المجتمع.
كما تحدثت سعادتها عن تفاصيل أخرى حول خطة التقطير في هيئة التدريس، وأبرز الفعاليات التي تستضيفها الكلية خلال العام الأكاديمي الجديد.
وإلى نص الحوار:
ما رؤيتكم لإحداث تطوير شامل في كلية التربية؟
كلية التربية تعد الكلية الأعرق والأقدم في جامعة قطر، ونحن الآن بصدد الذكرى الخمسين لتأسيسها في مارس 2023، وهنا أود الحديث عن شعار ورؤية الكلية الذي ستسير عليه الكلية في الفترة المقبلة، وهو مستمد من قول الله عز وجل «من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون» (سورة النحل)، ومن هنا أود أن أؤكد أننا هنا لكي نخدم طلابنا ونعمل مع أعضاء هيئة التدريس والموظفين على كيفية إحياء تلك الحياة الطيبة، لأن هذا الشعار يعكس أهمية «التربية والحياة الطيبة» الذي من خلاله نسعى إلى إعادة هيكلة وتنظيم برامجنا الأكاديمية، والممارسات التي يجب أن نطورها ليتسنى لنا تعزيز إمكانيات طلابنا الأكاديمية واللا أكاديمية.
ولبلوغ هذا الهدف، فإننا قد وضعنا 5 ركائز أساسية للحياة الطيبة ترتكز على الجوانب الروحية والعاطفية (الوجدانية) والعقلية (الفكرية) والجسدية والحسية الاجتماعية. هذا، وإننا نحاول تعزيز تلك القيم في برامجنا وتمكين طلابنا من فهم وتطبيق تلك القيم أثناء دراستهم، بالإضافة إلى تعزيز التعليم التعاوني والتعلم المتمركز حول الطالب.
واستناداً إلى رؤيتنا وشعارنا، فقد قمنا بالنظر في شؤون الطلبة وأهمية دعمهم من الناحية الأكاديمية لتنمية روح المثابرة في بناء شخصيتهم علماً أنهم سيصبحون مربي المستقبل، بالإضافة إلى تعزيز النواحي الأكاديمية التي لها نفس القدر من الأهمية. ويظل الإقبال على مهنة التدريس دون مستوى طموحاتنا بالنسبة للطلبة القطريين والقطريات لعدة اعتبارات، منها الصعاب التي تواجه ممارسة المهنة.
هل تشمل رؤيتكم الجديدة أيضا تحسين التصنيف الدولي لكلية التربية؟
التصنيف العالمي ما هو إلا مؤشر لمدى قابلية المؤسسة التعليمية للتطوير، والحمد لله فتصنيف الكلية ضمن أفضل 250 كلية على مستوى العالم بتصنيف «Qs»، وأيضا قسم التربية البدنية ضمن أفضل 100 قسم على مستوى العالم.
جميع تلك التصنيفات مهمة لكن الأهم من ذلك، ما نعمل به للحصول على هذه التصنيفات، فالتغيير الجوهري الحقيقي في تحقيق حياة طيبة لطلابنا وتحقيق استمرارية لطلابنا.
كيف ستحققون استمرارية خريجي كلية التربية في ميدان التدريس؟
معلمو المستقبل يستحقون منا برنامجا شموليا متكاملا يعزز قدراتهم، وأيضا لابد من تذليل بعض السياسات التي تعرقل من مسار استمراريتهم مثل العبء الوظيفي، فهدفنا ليس تسهيل عملهم في الميدان فقط بل بناء شخصية متكاملة قادرة على إيجاد الفرص من التحديات التي تواجهها.
ففي واقعنا، خريجو كلية التربية عندما يوجهون إلى ميدان العمل لا يجدون مسارات ترقية لأنه في النهاية كل مدرسة تحتاج إلى مدير واحد، فلا يجد الآخرون فرصاً مناسبة للترقية، بالإضافة إلى أنه لا توجد مرونة بالسير نحو مسارات أخرى في التطور الوظيفي، لذلك فإن القلة القليلة من المعلمين القطريين الذكور يعدون نموذجا صالحا يجب أن يحتذى به، ونعمل على استقطابهم في الكلية وإعداد برامج مخصصة لهم لكي يكونوا دعاة لمهنة التعليم.
كما أن إعادة البرامج الأكاديمية لتعزيز بناء الشخصية ستمنع تسرب المعلمات القطريات من مهنة التدريس إلى وظائف إدارية أكثر سهولة، وأيضا الكلية لديها الاستثمار في الطلبة المقيمين من خلال تمكينهم ليكونوا معلمين في المستقبل.
وأيضا نرغب في بناء شبكة تعاون مع المعلمين كخبراء في مجالهم من أجل تطوير وتعزيز مكانة المعلم في المجتمع ويكون نموذجا يحتذى به من قبل طلابنا، ومن هنا يمكن تكوين «رابطة المعلمين» والبدء في جمع قاعدة بيانات بخريجي الدفعات السابقة على مدار 50 سنة ومنها نستقي الراغبين في الانضمام للرابطة ومعرفة بيت خبرته والمجالات التي طور نفسه فيها، وبعدها يمكن إعداد مسار تطويري دائم مما يعزز العمل التعاوني والروابط بين الخريجين من أجل الاستمرار، وتلك من الأمور المستفادة من زيارة عدد من المدارس التربوية مؤخرا في الولايات المتحدة.
إضافة إلى ذلك نحتاج إلى النظر في شرط السن الذي قد يمنع معلمينا من الابتعاث في الماجستير أو الدكتوراه بهدف التطوير المهني.
نود أن نعرف عدد الطلبة المنتسبين لكلية التربية وعدد البرامج الأكاديمية المطروحة حالياً؟
بالنسبة للطلبة المقيدين حاليا في مرحلة البكالوريوس 353 طالبة قطرية و65 طالبة غير قطرية، و122 طالبا قطريا و88 طالباً غير قطري بإجمالي 628 طالبا وطالبة، وفي مرحلة الدبلوم تضم 18 طالبة قطرية و9 طالبات غير قطريات، و5 طلاب قطريين و21 طالبا غير قطري.
أما في مرحلة الماجستير، لدينا 30 طالبة قطرية و8 طالبات غير قطريات، وطالبان قطريان وطالب غير قطري، أما أول برنامج للدكتوراه في التربية تمت الموافقة عليه ونتوقع طرحه خلال عام 2023 لأننا بصدد إعادة هيكلة برامج الكلية من أجل تخريج طالب شمولي يتمتع بسمات الحياة الطيبة.
إلى أين وصلت خطة تطوير البرامج الأكاديمية في كلية التربية؟
نحن نخطط لإعادة تنظيم برامج الكلية بحيث تكون أكثر مرونة تلبي احتياجات المجتمع وتكون قابلة للتغيير، لأننا نسعى لتحول في التعليم بأن يكون ذا أهمية قصوى وكبرى لدى المتعلم وزيادة معدل استقطاب المتعلمين بشكل أكبر في كلية التربية، خاصة وأن لدينا مشكلة في قلة القابلية على الانضمام لمهنة التعليم.
وما زالت خطة تطوير البرامج الأكاديمية مستمرة لأننا نتعاون مع كليات مختلفة مثل كلية الآداب والعلوم وكلية الشريعة في برامج تخص الدراسات العربية والإسلامية والعلوم والرياضيات، ونحن غير متعجلين في هذا التطوير بحيث تكون كافة الأمور متناسقة مع تحقيق سمات الحياة الطيبة في الخريجين.
ففي مستوى البكالوريوس، قد يحتمل التطوير تغييرا جذريا في بعض البرامج أو استمرار بعض البرامج كما هي، والأمر الجديد الذي نركز عليه في تطوير برامج البكالوريوس الاهتمام بتكنولوجيا التعليم لتلبية احتياجات المجتمع في هذا الجانب.
هل التركيز على تكنولوجيا التعليم في البرامج الجديدة سببه ما فرضته جائحة كورونا من «تعليم أونلاين»؟
نعم، أدركنا كليا أن التعليم التكنولوجي -بعيدا عن مدى قبوله- أصبح جزءا أساسيا من حياتنا، فهو لا يقتصر فقط على التعليم عن بُعد، فالتكنولوجيا مستخدمة في كل ما هنالك من غرس مفاهيم أكبر وطرق متفاعلة أكثر من الطلاب، لأن الجيل الحالي أصبح مرتبطا بالتكنولوجيا.
ما أبزر ثمار مركز البحوث التربوية في دعم التعليم بالدولة؟
يقدم المركز خدمات متنوعة، ومنها دراسة فعاليات التدريس بكلية التربية من ناحية القيام ببحوث (ERC) بالكلية بإعداد دراسة شاملة عن فعالية التدريس وتقديم التوصيات لتجديد البرامج الأكاديمية، ويتم الأخذ بالاعتبار المشاركين، بالإضافة إلى أن المركز بصدد تنفيذ مشاريع بحثية مختلفة ومنها: (مشروع بحثي حول التعليم والحياة الطيبة بجامعة قطر - مشروع بحثي حول مدى اهتمام ومثابرة الطلاب القطريين في دراسة المواد العلمية (STEM) - مشروع بحثي حول التطلعات والطموحات المهنية/الوظيفية لطلاب التعليم العالي في قطر- مشروع بحثي حول الإلمام بالاختلافات الثقافية في صفوف المعلمين بالمدارس الخاصة بقطر)، وأيضاً يوفر المركز منحا بحثية مثل: (منحة الصندوق القطري لرعاية البحث العلمي والمنحة المقدمة من برنامج المنح الداخلية المشتركة لجامعة قطر)، وبالتعاون مع وزارة التعليم والتعليم العالي فإن المركز يوفر قاعة بيانات خاصة للأبحاث والدراسات المنجزة وإعداد التقارير بأداء الطلاب القطريين في الاختبارات الدولية والتركيز على PISA، كما يتم إعداد دراسة حول أسباب عزوف الذكور عن مهنة التدريس في دولة قطر ودراسة حول توثيق العلاقات بين التدريب الميداني لخريجي كلية التربية، كما أن الأبحاث المنشورة: ما يقارب 16 بحثا علميا (فردي وجماعي) منشورة في مجلات عالمية محكمة. خلال عام 2021- 2022.
بخصوص الكوادر الأكاديمية والإدارية.. ما آخر تطورات تقطير الوظائف؟
لدينا نسبة لا بأس بها في تقطير الوظائف في الكلية ولكن لا تحقق طموحاتنا، بل نرغب في تأسيس الصف الثاني والثالث والرابع من الكوادر القطرية بالكلية، وانضم 6 من القطريين لهيئة التدريس في الكلية ممن حصلوا على درجة الدكتوراه في جامعات أمريكية وبريطانية جيدة، هذا بالإضافة إلى برنامج الابتعاث، حيث يشمل 7 من القطريين المبتعثين للخارج.
ما أبرز الخدمات اللوجستية الداعمة للعملية الأكاديمية في المبنى الجديد لكلية التربية؟
يوفر مكتب دعم الأعمال في كلية التربية كافة الخدمات اللوجستية، ومنها توفير الدعم التقني وحل المشكلات في المبنى الجديد، بالإضافة إلى دعم العملية الأكاديمية بتوفير كافة المعدات والأدوات اللازمة للمقررات الدراسية، والتأكد من عمل شاشة العرض في القاعات الدراسية والتأكد من تجهيزات المبنى بشكل كامل (قاعة المؤتمرات وقاعات الدراسة – مكاتب أعضاء هيئة التدريس والموظفين الإداريين – التأكد من عمل بطاقات المكاتب – التأكد من عمل المصعد – تجهيز الكافتيريا للطلاب والموظفين– التأكد من أعمال موظفي النظافة – التأكد من موظفي الأمن)، وتوفير الدعم لأعضاء هيئة التدريس والطلاب.
ما المساهمات المجتمعية لكلية التربية خلال استضافة قطر لكأس العالم؟
هناك مشاريع بحثية حول كأس العالم 2022 سيشارك فيها مجموعة من أعضاء الهيئة التدريسية بقسم التربية البدنية مع الزملاء في معهد البحوث الاجتماعية والاقتصادية المسحية. وساهم قسم التربية البدنية بمشاركة أعضاء هيئة التدريس في عدد من المؤتمرات والورش الخاصة بكأس العالم والمباريات الجامعية.
أجرت كلية التربية بالتعاون مع وزارة التعليم مؤخرا دراسة للوقوف على أسباب عدم إقبال الذكور على التخصصات التربوية.. ما نتائجها؟
أود أن أشير هنا إلى مشروع في غاية الأهمية مفاده أن ثمة عدة عوائق تحول دون إقبال الذكور على مزاولة مهنة التدريس. وبينت هذه الدراسة أن عزوف القطريين الذكور عن اختيار التدريس والاستمرار والمثابرة في المهنة يعزى إلى عدة أسباب، منها على سبيل المثال: نظرة المجتمع إلى مهنة التدريس، وفرص الترقية والتنمية المهنية، العبء التدريسي، وغيرها.
ما خطتكم لزيادة أعداد الطلبة الذكور في التخصصات التربوية؟
عمل زيارات ميدانية للمدارس المستقلة والخاصة لجذب الطلاب للتخصصات التربوية، المشاركة في فعاليات داخل الحرم الجامعي مثل اليوم المفتوح لطلبة المدارس.
برنامج «طموح» لم يحقق كل أهدافه
قالت الشيخة الدكتورة حصة بنت حمد بن خليفة آل ثاني عميد كلية التربية في جامعة قطر، إن «برنامج طموح حقق بعض الأهداف وليس كلها، فكان المراد منه استقطاب عدد كبير من القطريين والقطريات المهتمين بالمسار التربوي عن طريق منح البرنامج وخصوصا في التخصصات التي يحتاج إليه المجتمع مثل اللغة العربية واللغة الإنجليزية والعلوم، فالمنحة الشهرية المخصصة للقطريين تبلغ ما بين 10 آلاف إلى 8 آلاف ريال، ولغير القطريين تكون الرسوم الدراسية مجانية إلى جانب منحة شهرية 3 آلاف ريال».
وأضافت الدكتورة حصة أنه «ما زالت لدينا مشكلة في استقطاب القطريين من الذكور والإناث في التخصصات العلمية أو استمرارهم في مهنة التعليم، وهذا الأمر يعود بنا إلى شعار إحياء الحياة الطيبة التي يجب من خلالها تعزيز الرغبة في نفوس أبنائنا في التعلم والتعليم والرغبة في المثابرة واقتناص الفرصة».
وتابعت قائلة «اعتقد أن زيادة الحوافز المالية لن تؤثر على زيادة الإقبال في ظل وجود عراقيل أخرى، لذلك يجب تذليل المصاعب أمام أبنائنا الذكور بإيجاد مسارات مختلفة للتطوير في مهنة التدريس، وتمكين المعلمات من استكمال الدراسات العليا دون النظر إلى شرط السن، إلى جانب تعزيز الدافعية لدى المقيمين في الانضمام إلى السلك التربوي».
فعاليات مقبلة لكلية التربية
حول أبرز الفعاليات أو المؤتمرات التي تخطط كلية التربية لعقدها خلال العام الأكاديمي الجديد، تقول الدكتورة حصة بنت حمد «سوف نقوم بعمل احتفالية مهمة بمناسبة مرور 50 سنة على إنشاء كلية التربية وهي تعتبر المؤسسة الأم للتعليم العالي في قطر في سنة 1973. سوف نقوم بعمل سلسلة من الأنشطة بهذه المناسبة. ستتم استضافة الجهات الداعمة للكلية التربية من معلمين، ومدارس ومؤسسات تعليمية، واستضافة خريجي كلية التربية الحاصلين على مناصب عليا في دولة قطر».
كذلك سوف نعقد مؤتمرا خاصا بالإدارة الرياضية وسوف نستضيف المؤتمر العام للجمعية الدولية للإدارة الرياضية (WASM- World Association for Sports Management) في الفترة من 5-8 مارس 2023. وهذا المؤتمر يعقد لأول مرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.