

نظمت وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي، بالتعاون مع معهد الدوحة الدولي للأسرة، أمس، اللقاء الأول بالنسخة السابعة من برنامج «تنشئة» للعام الدراسي 2025 – 2026، بمشاركة أكثر من 300 من مديري المدارس الحكومية والاختصاصيين الاجتماعيين والنفسيين والشركاء الاستراتيجيين.وجاء اللقاء لتعريف المشاركين بأهداف البرنامج، الذي يسعى إلى حماية الطلبة من الانحرافات السلوكية عبر تعزيز عوامل الحماية وتقليل عوامل الخطورة، مع التركيز على التنشئة الاجتماعية المتكاملة للأطفال منذ سن مبكرة. ويستند البرنامج في تنفيذه على استبيانات تقيس مدى فاعلية الأنشطة المقدمة للطلبة، حيث يتم إرسال استبيان قبيل انطلاق العام الدراسي، يعقبه استبيان آخر في نهاية العام، إلى جانب حقيبة تدريبية متكاملة مخصصة للاختصاصيين الاجتماعيين والنفسيين، تشمل محاضرات وأنشطة موجهة للطلبة وأولياء الأمور طوال العام الدراسي.
د. شريفة العمادي: البرنامج انطلق من حاجة ملحة لوضع خطة وقائية
أكدت الدكتورة شريفة العمادي، المدير التنفيذي لمعهد الدوحة الدولي للأسرة، أن برنامج “تنشئة” يمثل مشروعا وطنيا وقائيا رائدا يستهدف حماية الأبناء من السلوكيات السلبية، والوقاية من الانحرافات والإدمان، من خلال تعزيز السلوكيات الإيجابية وبناء بيئة داعمة في الأسرة والمدرسة والمجتمع، مشددة على أن هذا البرنامج يعد أحد أهم المبادرات التربوية التي تسعى لترسيخ قيم التماسك الأسري والتكامل المجتمعي.
جاء ذلك في كلمتها خلال اللقاء التعريفي الذي عُقد لإطلاق النسخة الجديدة من برنامج “تنشئة” للعام الأكاديمي 2025-2026 ، حيث استعرضت العمادي الأهداف الاستراتيجية للبرنامج، وفلسفته الوقائية، وآليات تنفيذه، إضافة إلى أهم نتائج تطبيقه خلال السنوات الماضية.
واستهلت العمادي حديثها بالتأكيد على أن البرنامج انطلق من حاجة ملحّة لوضع خطة وقائية متكاملة بعد ملاحظة خطورة السلوكيات التي قد تقود إلى الإدمان، موضحة أن البرنامج يختلف عن الأساليب التقليدية التي تركز على التوعية النظرية، وقالت: “برنامج تنشئة لا يناقش السلوكيات السلبية بشكل مباشر، ولا يمنحها مساحة في اهتمامات الطالب، بل يقوم على غرس السلوكيات الإيجابية من خلال أنشطة وفعاليات عملية تجعل الطالب يتبنى هذه السلوكيات كخيار طبيعي في حياته اليومية”.
وأضافت أن البرنامج لا يقتصر على الطلبة فقط، بل يشمل الأسرة كشريك أساسي في الوقاية، من خلال برامج توعوية لأولياء الأمور تتناول التربية الوالدية الصحيحة، والأخطاء الشائعة، وأسس بناء علاقة متوازنة مع الأبناء، إلى جانب الأنشطة الموجهة للطلبة التي تعزز الثقة بالنفس وتدعم السلوكيات السليمة.
وأشارت العمادي إلى أن البرنامج انطلق في عام 2019 بشكل تجريبي، ثم تطور تدريجيًا إلى أن أصبح برنامجًا وطنيًا معتمدًا في عام 2022، بعد خضوعه لتقييمات دقيقة ودراسات ميدانية، مؤكدة أن تطبيقه شمل عددًا من المدارس الحكومية والخاصة بالتعاون مع مستشفى نوفر لعلاج الإدمان، ومؤسسة قطر، وعدد من الجهات الحكومية والمجتمعية.
وكشفت العمادي أن البرنامج يعتمد على منهجية علمية دقيقة لقياس أثره، حيث يتم إجراء استبيانات قبلية وبعدية لقياس التغيرات السلوكية لدى الطلبة في المدارس المستهدفة، مؤكدة أن هذه التقييمات لا تهدف إلى الدعاية، بل إلى تحسين الأداء وتطوير الأنشطة بناءً على النتائج الفعلية، مشيرة إلى أن أكثر من عشر مدارس نفذت البرنامج وحققت نتائج ملموسة.
كما أكدت أن الحقيبة التدريبية الجديدة للعام الحالي تتضمن أنشطة حديثة تم تصميمها بناءً على التجارب الميدانية الناجحة في المدارس، مشددة على أن الأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين هم محور أساسي في إنجاح البرنامج، كونهم الأقرب إلى الطلاب والأقدر على اكتشاف التحديات السلوكية مبكرًا.
فاطمة العبيدلي: تعزيز الشراكة بين المدرسة والأسرة لبناء جيل واعٍ
أكدت السيدة فاطمة يوسف العبيدلي، مساعد مدير إدارة شؤون المدارس والطلبة بوزارة التربية والتعليم والتعليم العالي، خلال كلمتها في اللقاء السنوي للبرنامج، أن برنامج “تنشئة” يمثل محطة وطنية مهمة لترسيخ السلوك الإيجابي لدى الطلبة وتعزيز الشراكة بين المدرسة والأسرة لبناء جيل واعٍ ومنضبط، قادر على مواجهة التحديات بثقة واقتدار.
وأعربت العبيدلي عن سعادتها بحضور المشاركين، مشيرة إلى أن وجودهم يعكس روح المسؤولية والإصرار على دعم الطلبة في مسيرتهم التعليمية والتربوية، وقالت: «إن حضوركم اليوم ليس مجرد استجابة لدعوة، بل هو امتداد لمسيرة مهنية وإنسانية قائمة على المعرفة والتكامل والتعاون وفق أعلى معايير الالتزام الأخلاقي والمهني».
وأضافت أن النجاحات التي حققها البرنامج في السنوات الماضية جاءت نتيجة تكاتف جهود الكوادر التربوية والشركاء من مختلف المؤسسات، إلى جانب مشاركة أولياء الأمور، وهو ما أسهم في بناء بيئة مدرسية آمنة ومحفزة على التعلم والإبداع. كما أكدت حرص الوزارة على دعم الميدان التربوي، وتذليل الصعوبات أمام المعلمين والأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين، وتشجيعهم على مواصلة العمل بروح الفريق الواحد وتبادل الخبرات الناجحة.
كما أعلنت العبيدلي في تصريحات صحفية عن انطلاق النسخة السابعة من برنامج “تنشئة”، الذي يركز على طلبة المرحلتين الإعدادية والثانوية، بهدف الوقاية من الانحرافات السلوكية وتقليل عوامل الخطورة. وأوضحت أن البرنامج يبدأ باستبانة أولية تُرسل إلى 21 مدرسة مختارة للبنين والبنات، على أن يتم تحليل نتائجها قبل بدء الأنشطة الميدانية، ويبدأ التطبيق الفعلي للاستبانة في الثامن أو التاسع من الشهر الجاري، لتُستخلص بعدها المخرجات لمتابعة مراحل التنفيذ.
د. أحمد صبحي: نقلة نوعية في مسار العمل التربوي والوقائي
أكد الدكتور أحمد صبحي، ممثل الأخصائيين النفسيين والاجتماعيين في المدارس، بإدارة شؤون المدارس والطلبة – قسم حماية ورعاية الطلبة، أن برنامج «تنشئة» يمثل نقلة نوعية في مسار العمل التربوي والوقائي في دولة قطر، مشددًا على أنه ليس مجرد خطة تعليمية أو أنشطة مدرسية، بل مشروع وطني متكامل لبناء الإنسان القطري وحمايته من التحديات السلوكية والاجتماعية التي تواجهه في العصر الحديث.
وقال صبحي في كلمته خلال حفل إطلاق البرنامج: «لم يكن عملنا يومًا مجرد وظيفة تؤدى، بل أمانة نؤديها تجاه أبنائنا، واليوم ونحن نفتح أبواب برنامج (تنشئة) من جديد، ندرك أننا أمام خطوة فارقة في مسيرة بناء الإنسان المتوازن نفسيًا، المتمسك بقيمه ومجتمعه، القادر على مواجهة التحديات وصناعة المستقبل».
وأضاف أن البرنامج يترجم فلسفة وقائية شاملة تستند إلى التدخل المبكر في المدارس باعتباره أقوى أدوات الحماية من الانحرافات السلوكية، موضحًا أن الهدف الأساسي هو تحصين الطلاب من المخاطر، وتمكينهم من المهارات الاجتماعية والنفسية التي تجعلهم أكثر قدرة على اتخاذ القرارات السليمة، وبناء العلاقات الصحية، واحترام الذات والآخرين.
ميساء العمادي: حماية الطلبة من المخاطر تتطلب تكاتف الجهود
أكدت السيدة ميساء العمادي، مديرة إدارة الوقاية والشراكات بمستشفى نوفر، على الدور الكبير الذي تقوم به المدارس في إطار البرنامج الوطني للتنشئة، مشيدة بالجهود المبذولة من قِبل إدارة شؤون المدارس والكوادر المشرفة على تنفيذ المبادرات التوعوية والوقائية الموجهة للطلبة.
وأوضحت العمادي أن خطورة التعاطي تكمن في بداياته، حيث يبدأ كتجربة بسيطة قد تبدو عابرة، لكنها قد تتحول مع مرور الوقت إلى عادة يصعب السيطرة عليها أو التخلص منها، مشددة على أهمية التدخل المبكر من الأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين في المدارس، مع التواصل المباشر مع المستشفى فور اكتشاف أي حالة تعاطٍ، وذلك ليؤدي المستشفى دوره في التواصل مع أولياء الأمور لإقناعهم بأهمية العلاج وضمان متابعة أبنائهم بالشكل الصحيح.
وأكدت أن حماية الطلبة من المخاطر تمثل مسؤولية مشتركة، تتطلب تكاتف الجهود بين المؤسسات التعليمية والصحية والمجتمعية، ضمن إطار وطني يضع سلامة الأبناء في مقدمة الأولويات.
