

تلاقت آراء المواطنين والخبراء المختصين بضرورة تعزيز فرص التعليم والتوظيف والتطوير المهني وريادة الأعمال للأشخاص ذوي الإعاقة. ورصدت «العرب» جانباً من الاحتياجات والتحديات التي يواجهها ذوو الإعاقة في المجالات الصحية والتعليمية والخدمية، إلى جانب مطالب أفراد هذه الفئة الاجتماعية التي لا تنسلخ عن نسيج المجتمع القطري، ولم يدخر أفرادها جهداً في البذل والعطاء، بل قدموا إنجازاً وإنتاجاً تلو الآخر لجهات عملهم وساهموا في تحقيق التنمية ضمن القطاعات التي يعملون بها، لتحسين ظروف حياتهم وتلبية احتياجاتهم في الجانب الحياتي والوظيفي والتقني، منوهين بالصعوبات التي أجمعوا على ضرورة تذليلها قدر الإمكان، لتحسين ظروف ومستوى حياتهم الإنسانية والمهنية.
وفي حين أكدوا أن الدولة لم تقصر في تيسير شؤونهم عبر سن التشريعات ومراقبة تنفيذها، لضمان توفير الحياة الكريمة لهم، نوهوا بالجهود التي تبذلها العديد من المؤسسات القطرية المعنية بما فيها الجمعية القطرية لتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة، مركز قطر الاجتماعي والثقافي للمكفوفين ومركز قطر للتكنولوجيا المساعدة «مدى» وغيرها من المؤسسات التي تواصل تقديم الخدمات والتسهيلات للتخفيف من معاناتهم.

حسين خليل نظر: رفع نسبة توظيف ذوي الإعاقة.. ولا صحة لـ «هواجس» ضعف إنتاجهم
قال الكاتب حسين خليل نظر، إن دولة قطر أولت اهتماماً برعاية ذوي الإعاقة من خلال الانضمام إلى الاتفاقيات في هذا المجال ومنحتهم شهادات وبطاقات خاصة لتسهيل حصولهم على حقوقهم المنصوص عليها في القانون، كما تم تخصيص عدد من الوظائف العامة لفئة ذوي الاحتياجات وإعطاؤهم أولوية في التعيين بها، وإن كانت بعض الوظائف، شكلية في بعض المؤسسات، أو أنها لا تتناسب مع مؤهلاتهم العلمية وطاقاتهم الحقيقية بسبب غياب «الرؤية» لدى تلك المؤسسات لجهة دورها ومسؤوليتها الاجتماعية في إدماج هذه الفئة في مختلف قطاعات سوق العمل.
وأكد أن القانون رقم 2 لسنة 2004 يحتاج الى اعادة نظر وتحديث وتفعيل، مؤكدا ضرورة رفع نسبة توظيف ذوي الإعاقة لأن نسبتهم ارتفعت في المجتمع قياسا بالماضي، وأشار إلى ضرورة توعية بعض المديرين بقدرات ذوي الإعاقة، مشيرا الى عدم صحة الهواجس التي تنتاب بعض الإدارات حول ضعف إنتاج ذوي الإعاقة، لافتا إلى أن كثيرا من ذوي الاحتياجات الخاصة أثبتوا كفاءتهم حين أتيحت لهم الفرصة.
وأكد أن بعض الشركات الخاصة كانت حريصة على توظيف أشخاص من ذوي الإعاقة، كما يشترط القانون، الذي يلزم الشركات الخاصة التي توظف ما لا يقل عن 25 موظفاً، أن تقوم بتعيين بعض من ذوي الإعاقة في حين يشترط القانون تخصيص 2% من فرص العمل في الهيئات الحكومية والمؤسسات العامة لذوي الاحتياجات الخاصة.
ونوه بالمسؤولية الملقاة على عاتق ذوي الإعاقة في أن يبرز نفسه أمام المجتمع الذي يجب عليه أن يعترف به كعضو من أعضائه الفاعلين مثل غيره من أعضاء المجتمع، وأوضح أن المشكلة التي يعاني منها الكفيف أن بعض الجهات لا تعطيه العمل الخاص بتخصصه فعليا فالمجتمع مستمر في نظرته النمطية حول عمل الكفيف بأنه إمام مسجد أو خطيب أو مدرس أو عامل بدالة، في حين وجدنا الكفيف في مختلف المجالات فوجدناه القانوني، ووجدناه في العلاقات العامة، ووجدناه في الهندسة الصوتية وغيرها من المجالات.

د. طارق العيسوي: نقص الخدمات التأهيلية المساندة في التعليم
أكد د. طارق العيسوي خبير التربية الخاصة، أهمية دمج الاشخاص ذوي الاعاقة بالتعليم العام، مشيرا إلى الآثار النفسية والاجتماعية الإيجابية على الاسرة والشخص ذي الاعاقة مثل اكتساب المهارات اللغوية والسلوكية والاجتماعية والاكاديمية، والقدرة على المشاركة في الانشطة والبرامج المختلفة، منوها بتعديل البيئة المدرسية لاستقبال الطلاب ذوي الاعاقة خاصة الاعاقات الحركية بأنواعها والاعاقات الذهنية والبصرية والسلوكية.
وأوضح د. العيسوي أهمية تدريب الكادر التعليمي والاداري المستمر حول طبيعة وسمات ومهارات التدريب والوسائل اللازمة وادخال التعديلات على البرامج التعليمية وتطوير الخدمات التأهيلية المساندة، مثل العلاج التخاطبي، والطبيعي، وادخال برامج تتناسب وطبيعة الاشخاص المدمجين في حصص التربية الرياضية والتربية الفنية والحاسوب والمعامل وغيرها، بالاضافة الى تعديل اللوائح الداخلية وتقنين الأدوات والاختبارات على البيئة القطرية، والتأكيد ان كل طالب من ذوي الاعاقة له سماته وطبيعته وقدراته وأهمية اختيار العاملين في مجال الدعم التعليمي وفقاً لمعايير مهنية وشخصية واكاديمية رفيعة للغاية.
وأشار إلى أن عامل العمر الزمني ليس هاما فهم يستطيعون الدمج الاكاديمي في نفس المرحلة العمرية مع الأشخاص من غير ذوي الاعاقة، وفي بعض الحالات يمكن الاستثناء لسنة أو أكثر حسب طبيعة الحالة الصحية والذهنية، اما الاعاقات الذهنية والحالات بطيئة التعلم وحالات اضطراب التوحد والنشاط الحركي المفرط مع تشتت الانتباه والاعاقات السمعية أرى أن عامل العمر الزمني ليس هاما المهم هو التأهيل والتدريب الجيد والمستمر لتلك الفئات والعمل تمهيدا للدمج بالمدارس العادية كل حسب قدراته ومهاراته وقدرته على اكتساب المناهج الدراسية وامكانية تحقيق الحد المناسب من المعايير.
وأضاف د. طارق ان الدمج يعتمد على القدرات الذهنية وليس نوع الاعاقة فكل الاعاقات تستطيع ان تدمج بالمدارس العادية في حالة كانت قدراتها الذهنية مناسبة حتى تستطيع اكتساب المهارات والبرامج التعليمية وتحقيق المعايير وعلى المدرسة ان توفر الادوات والاجهزة المساعدة على التعليم واكتساب المهارات والبرامج وتضع اسسا للتواصل مع الاسرة والمعالجين والاخصائيين من اجل دعم الطالب واستمراره في التعليم والتدريب وصولاً إلى الاستقلالية والاعماد على الذات.
ونوه بأبرز التحديات التي تقف أمام الدمج هو عدم توفر بعض الخدمات التأهيلية المساندة في بعض المؤسسات التعليمية مما يرهق كاهل ولي الأمر ويؤثر على الحالة ويؤخر تطورها، وعدم وجود علاقة مهنية من التعاون والود بين الاسرة والشخص ذي الاعاقة والقائمين على العملية التدريبية والحاجة الى توفير الدعم النفسي لأسر الاشخاص ذوي الاعاقة والتعرف على الخطط والمسارات بشفافية.

الدكتورة هلا السعيد: تعزيز مفهوم «السياحة الإنسانية»
دعت الدكتورة هلا السعيد، سفيرة النوايا الحسنة وخبيرة في شؤون الأشخاص ذوي الإعاقة، إلى تسهيل الخدمات السياحية للأشخاص ذوي الإعاقة ومراعاة حاجتهم للترفيه وضمان المساواة وعدم التمييز في المرافق والأنشطة السياحية، وأكدت ضرورة تحقيق مفهوم إدماج وتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة في المجتمع والتغلّب على التحديات التي تواجههم. ونوهت الدكتورة هلا إلى عدم قدرة الأشخاص ذوي الإعاقة على الحصول على حقوقهم في المجال السياحي والتمتع بالحياة بصورة طبيعية وزيارة الأماكن السياحية في أي وقت وأي مكان دون عوائق، وعند رغبتهم بالسفر والسياحة يقابلها العديد من التحديات والصعوبات.
وأشارت إلى حاجة ذوي الإعاقة للترفيه والسياحة من خلال تعزيز مفهوم «السياحة الميسرة» أو «السياحة الإنسانية» من خلال توفير الخدمات والتسهيلات التي بمقدورها أن تمكّن الشخص من ذوي الإعاقة من التمتع بعطلته أو الوقت الذي يخصصه للترفيه عن نفسه، من دون مشاكل.
وأكدت أن تهيئة المرافق السياحية لاستقبال ذوي الإعاقة لا تحتاج إلى كثير من النفقات كما قد يتصور البعض، إذ إن تهيئة المرفق السياحي ليكون مؤهلا لاستقبال ذوي الإعاقة لا تقتضي بالضرورة الكثير من التغيرات الإنشائية المكلفة، حيث إن نسبة ذوي الإعاقة الحركية التي تقتضي الكرسي المتحرك تقارب 5 % من ذوي الإعاقة فقط، لذلك وباستعمال وسائل وأدوات بسيطة وتدريب الكادر يمكن تقديم الخدمة لما نسبته 95 % من ذوي الإعاقة. وبعد إجراء اللازم واعتماد المواصفات والمعايير المعتمدة، يتم تسجيله ويكون ذلك بزيارة ميدانية من قبل مختص بمواصفات السياحة الإنسانية، ليتم إدراج المرفق السياحي ضمن الدليل والكراسات المعتمدة ويمنح الشهادة المطلوبة، كما تتم المراقبة الدورية الميدانية للمرفق سنويا للتأكد من مطابقته للمواصفات وممكن الترخيص يكون سنوياً للتأكد من الالتزام بالمعايير.
واستعرضت د. هلا أهم المطالب والخدمات الواجب توفرها لذوي الإعاقة:
- تذليل العوائق والتحديات وفتح آفاق واسعة أمام الشخص ذي الإعاقة لممارسة حياته كإنسان تتساوى حقوقه مع الشخص من غير ذوي الإعاقة والقيام بأنشطته بشكل مرن دون عقبات، وذلك حسب اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وهي إحدى اتفاقيات حقوق الإنسان الأساسية الملزمة التي تبنتها الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2006، وصادقت عليها أغلبية الدول وبدأ نفاذ العمل بها.
- توفير المواصفات البيئية العمرانية والبنية التحتية والخدماتية المرافقة والشوارع والأرصفة التي تتناسب مع السياحة الميسرة أو الإنسانية، التي أخذت تفرض نفسها وتتبلور مؤخرا في بعض الدول، لتشكل واقعا إنسانيا جديدا لما ينبغي أن تكون عليه البيئة العمرانية والخدماتية، لتكون مُيسّرة إنسانية للسيّاح من ذوي الإعاقة. -وضع منهج يتم تعليمه في كليات السياحة، حتى يتسنى لخريجي الكليات التعامل مع الأشخاص ذوي الإعاقة بمختلف أنواع إعاقاتهم سواء شخص أصم أو شخص ضعيف السمع أو شخص ذو إعاقة جسدية أو شخص ذو إعاقة حركية أو شخص ذو إعاقة جسدية وحركية، حيث لكل حالة من الإعاقة أسلوب خاص في التعامل، مما يخرج مرشدًا سياحيًا على دراية وخبرة يدخل سوق العمل المتعطش إلى هذه الكفاءات والتخصصات.
وأوضحت الدكتورة السعيد أهمية التركيز على سياحة ذوي الإعاقة لكونها مسؤولية مجتمعية تقع على الجميع من حكومات وشركات والمجتمع المدني وأفراد، ثانيا: لحاجتهم الماسة للترفيه.