عبدالحميد اللنجاوي: الاحتكار يدفع التجار إلى تبني سياسة تسعير خاطئ
راشد المري: أسعار الخدمة وقطع غيار الوكالات مبالغ فيها
جاسم بن محمد الجابر: الشرع لا يقر الإضرار بالناس
اشتكى عدد من المواطنين استمرار ارتفاع قطع غيار السيارات في السوق المحلي بنسبة تقارب الـ 50 – 60% عن الأسواق في بلد المنشأ أو في الدول المجاورة، وأكدوا في استطلاع لـ «العرب» أن الزيادة في الأسعار دفعت العديد منهم إلى السفر وتأمينها من المصدر الرئيسي.
وقالوا «إن وكالات السيارات في قطر تعلم بالفارق الكبير بين أسعارها وأسعار القطع المماثلة في البلدان المجاورة أو في بلد المنشأ، إلا أنها تصر على الاستمرار في مغالاة أسعارها متجاهلة المطالب بوضع هامش ربح «محدد» أسوة بالعديد من الوكالات والشركات في الدول العربية والغربية.
وطالبوا الجهات المعنية ضرورة كسر الاحتكار وفتح مجال لشركات أخرى لمزاولة المهنة للحد من الغلاء غير المبرر لقطع الغيار والسيارات الى جانب تشديد الرقابة على سوق قطع الغيار والزام الوكالات بهامش ربح محدد عند تحديد أسعار سياراتها مع الاستمرار في مراقبة هذه الأسعار حتى لا يستمر الوضع الذي يعاني منه سوق السيارات بالدولة.
«كوميشن»
وقال المهندس أحمد الكواري إن سعر القطع الأصلية في وكالات السيارات في قطر أضعاف سعرها في «الوكالة الأم» لأن العامل في الوكالات يحصل على «كوميشن» كلما زاد استغلاله للمواطن، المواطن هو منجم ذهب في هذه الحالات والشاطر الذي يستطيع ان يحتفل آخر الليل مع زملائه كم استطاع ان يخرج من هذا المنجم الأكثر، وللأسف ان الكثير من المواطنين يدفعون للوكالات من غير تفكير او عن جهل او استسلام ولا تصل رسالتهم الى حماية المستهلك.
أضاف الكواري ان الامر الاخر ان اصحاب هذه الوكالات كانوا يتعذرون ويبررون ارتفاع أسعارهم بارتفاع الايجارات بينما الايجارات لا تتعدى دخل يوم واحد، وبعض اصحاب الوكالات يتعامل مع المواطنين بعدة أسعار، فاذا كان المواطن صاحب قرار او «VIP» (خصوصا اذا كان له تأثير عليهم) فإن سعر الخصم يكون خياليا وهو السعر المفروض للجميع.
ودعا الجهات المعنية «الحكومية» إلى ضرورة أن يكون لديها جهاز متكامل اقتصادي يحسب التكاليف والارباح لمثل هذه الحالات ويتقصى الحقائق ويحاسب على الاستغلال المبالغ فيه، لافتاً إلى أن هذا النظام موجود منذ عقود في دول متقدمة، وتقنن فيها شركات كبيرة الأمر ليس متروكاً للأهواء ولا عبث الوكالات، فهل يمكن لشخص مثلا متقاعد طبيعي ان يصرف كل راتبه على خدمة سيارة واحدة لمرة واحدة؟.
كسر الاحتكار
ويتفق عبدالحميد اللنجاوي مع الرأي السابق بالقول «إن وزارة التجارة والصناعة ستكون في موقف صعب جداً.. في ظل عدم وجود بوادر إيجابية من قبل المحتكرين للتجارة في إيجاد حلول للغلاء وارتفاع الاسعار».
وأكد اللنجاوي أن ارتفاع الاسعار يرافقه شكاوى دائمة، في ظل غياب الكشف عن الأسباب الحقيقية وراء الارتفاع المستمر في أسعار الخدمات والمنتجات المعروضة في الأسواق الدولة بما فيها أسعار قطع الغيار، داعياً الجهات المعنية للتحرك لكسر احتكار الاسواق الذي يدفع التجار إلى تبني سياسة التسعير الخاطئ طمعاً في تحقيق ربح سريع.
صيانة دورية
وأكد راشد المري ان أسعار الخدمة او قطع الغيار في الوكالات مبالغ فيها، وزيادة على ذلك تشترط الوكالات على أصحاب السيارات عمل الصيانة الدورية او تصليح السيارة لديهم في الوكالة لتفعيل الضمان واذا حصل أن بدلت قطع غيار في «كراج» بديل آخر يسقط الضمان او هي تقوم بإلغاء الضمان.
وقال حمد النعيمي ان أحد الفنيين العاملين في وكالة من الوكالات رد عندما سأله عن تبديل البريكات، بأنه مستعد للقيام بتبديلها في السيارة بعيدا عن الوكالة التي يعمل بها وتحديدا في «كراج» بديل مقابل نصف سعر الوكالة وهو ما حدث بالفعل ما يؤكد على جشع وكالات السيارات والمبالغة الكبيرة في أسعارها وما ينتج عن ذلك من محاولة العديد من اصحاب السيارات تجنب التعامل معها لتفادي الغلاء الكبير في اسعار خدماتها او قطع غيارها الأصلية.
تحديث الخرائط
وقال موسى عبدالعزيز ان احدى وكالات السيارات في الدولة تقوم بتحديث خرائط الشاشة لزبائنها مقابل ٣٥٠٠ ريال، وذلك لجميع السيارات موديل ما بين 2017 إلى 2020، بينما تبلغ 2000 ريال للسيارات موديل أكثر أو أقل من 2017. وهو جهاز خرائط ثابتة داخل السيارة في حين تبلغ أفضل جهاز غارمن متنقل في العالم تحمله معك وانت مسافر 1600 ريال، ويكون مزودا بميزة تحديث تلقائي يومي، و 5D وهو متاح بجميع اللغات والالوان وسعر الايباد ب 500 ريال.
وأضاف ان الوكالات تبتكر اساليب للمراوغة والاعذار والكذب لتبرير افعالها واستغلالها للزبائن، وعن لجوء البعض لطلب قطع الغيار من خارج الدولة أكد عبدالعزيز ان بعض القطع لا تناسب السيارات المصنعة لدول الخليج لكن طلب القطع يكون بتوضيح رقم الشاصي والوكالة عارفة طبيعة كل سيارة في حال الطلب من المصدر الرئيسي أو بلد المنشأ وتصنيعه ولكن الوكالات ترفع الاسعار لمجرد زيادة الأرباح وارتفاع ايجارات الكراجات ليس مبررا لارتفاع أسعار خدماتها وقطع غيارها.
قطع مستعملة
بدوره أكد رائد الخشمان ان أسعار قطع الغيار في الوكالات مبالغ فيها جداً. لافتا الى قيامه بشراء «بريكات» أمامي وخلفي لسيارته نوع كاديلاك مقابل 400 ريال عن طريق الانترنت. في حين كان سعرها في الوكالة 1100 ريال. كما يعزو العديد من أصحاب السيارات زيادة التوجه إلى شراء المستعمل إلى ارتفاع أسعار القطع في الوكالة وتحمّل نصف الأسعار من قبل شركات التأمين الى جانب اختفاء البعض من قطع الغيار الأصلية من السوق المحلي. وقال أحد زبائن «السكراب» لم يفصح عن اسمه ان ارتفاع أسعار القطع الأصلية في الوكالة اضطره للجوء إلى «السكراب» حيث تتكدس «تلال» من قطع غيار السيارات المستعملة على مساحات واسعة في المنطقة الصناعية التي يتردد عليها أعداد كبيرة من الزبائن والتجار بشكل يومي، يتجولون بين الهياكل والمحركات والآلات المستعملة لرخص أسعارها وإمكانية العثور على صفقات «مميزة».
وقال هلال المهندي: اتصلت بوكالة سيارتي في قطر لكي اشتري بريكات ودرامويل الامامية والخلفية، قال لي ان السعر 27500 ريال، بينما سألت الوكالة الأم في لندن عن السعر وجدت كل قطع الغيار بقيمة 6680 ريالا فقط.
إجراءات عملية
من جانبه، دعا فضيلة الشيخ جاسم بن محمد الجابر، رئيس لجنة البحوث والفتوى بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، إلى وجوب اتخاذ الإجراءات والآليات الكفيلة بالحد من ظاهرة غلاء الاسعار في العموم، ووضع ضوابط لها من طرف المختصين وذوي القرار، لاسيما تلك التي تتنافى مع مقاصد الشريعة، وتخالف قواعدها وضوابطها.
وأرجع فضيلته ظاهرة ارتفاع الأسعار في جزء منها الى مظاهر الاحتكار، وقد اتفق الفقهاء على أنه لا يجوز إذا أضر بالناس، وقيدوا ذلك بقيود اتفقوا على أغلبها واختلفوا في بعضها. ودليل التحريم عندهم ما أخرجه مسلم وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يحتكر إلا خاطئ)، وهو ما ينسحب على أوضاع سوق اصلاح السيارات.
«سكراب الصناعية»
ويجذب سوق المعدات وقطع الغيار المستعملة في المنطقة الصناعية العديد من التجار والزبائن من مختلف الجنسيات، وهي تزداد رواجاً خلال أشهر الشتاء لطبيعة الأجواء المعتدلة التي تعيشها البلاد، حيث يتم شراء السيارات المدعومة عن طريق المزاد العلني، والمناقصات المنتظمة لشركات التأمين حيث يتم الحصول على بعض الأوراق المطلوبة منها ورقة تصليح السيارة مع الاستمارة وبطاقة صاحب السيارة الأصلية ليقوم الأخير بشطب السيارة من المرور وتكون كافة الاجراءات قانونية وسليمة حيث الجهات المختصة والبلدية تفرض رقابة مستمرة على السوق لضمان انتظامه وسلامة خدماته.
ويستقبل «سكراب الصناعية» زبائن كثرا من مختلف الجنسيات من بينها خليجية يبحثون عن قطع غيار لسياراتهم الحديثة أو الفارهة تكون في معظم الأحيان، متوفرة لدى محال السكراب، بسعر يقل عن سعرها الأصلي في الوكالة، بنحو النصف. وهناك العديد من قطع الغيار المستعملة تكون محل طلب من الزبائن بما فيها المحركات وأجهزة تكييف السيارات والكوابح وغيرها من الأدوات التي تتعرض للتلف وتكون باهظة الثمن لدى الوكالات، وبالتالي يقل سعرها كثيراً في محال بيع الأدوات المستعملة، حيث تصل إلى أقل من نصف الثمن.
مبيعات «السكراب»
ويلفت البعض إلى أن «الفروق المادية» في قطع الغيار التي يشترونها من «السكراب» تعتبر مرضية جداً إذا ما قورنت بسعر القطعة ذاتها في الوكالة، والتي تصل في بعض الأحيان إلى أقل من النصف، كما أنها غالباً ما تكون مضمونة، بحسب تعبيرهم، وهكذا يواصل العديد من أصحاب السيارات التردد على سوق «السكراب» للعثور على ما رخص ثمنه وزادت جودته، وسط غياب لأرقام رسمية عن حجم مبيعاته أو أرباحه، رغم تقديرات تتحدث عن ملايين الريالات.