أكدن لـ العرب أن الأفكار الجمالية تنبت في موسمه.. فنانات ومبدعات: المطر يلهمنا

alarab
ثقافة وفنون 08 يناير 2023 , 12:25ص
حنان الغربي

لولوة المغيصيب: لا فصل للإبداع لكن الجو الجميل يلهمني

 دانيا طارق: أستلهم لوحاتي من الأجواء الممطرة

هلا السعيد: الأجواء الشتوية تطلق العنان للخيال

مها حميد: حالة الطقس أكبر أسباب تأثر نفسية البشر

 

يتأثر الإنسان بحالة الجو والطقس، وبالنسبة للكثيرين؛ يساهم الطقس الممطر في تغيير مشاعرهم للأفضل، ويدفعهم للعطاء والإبداع، وحيناً للأسوأ، حيث المزاج المتعكر الذي يرفض العمل!. ويؤكد الأطباء أن تغير الفصول يؤثر بشكل كبير على نفسية الفرد، ويشيرون إلى أنه من الملاحظ أن فترة الظهر يكون الإنسان في مزاج مختلف تماماً عن فترة المغرب أو العشاء من ناحية الطاقة والنشاط وهذا ما يثبت أن للطقس والوقت تأثيراً كبيراً على نفسية الفرد، ففي الصباحية «وقت الدوام الرسمي» يكون الشخص معطاءً ومتجاوباً بطريقة إيجابية، ويكون مخ الإنسان مبرمجا على العمل وفي الليل على الراحة، لذا نلاحظ النشاط والتجاوب الإيجابي في العمل في الفترة الصباحية، على عكس الفترة المسائية التي يكون فيها الفرد في حالة أبطأ أو في مزاج لا يتقبل العمل بشكل كبير.
ووفقاً للمعطيات السابقة يوضح المختصون أن الأجواء الممطرة تبعث الطمأنينة بشكل إيجابي في النفس، وتدفع بشكل تلقائي للعطاء نتيجة الراحة النفسية والشعور بالطمأنينة، حيث إن الناس تهوى الأشياء النادر وجودها وبالمثل تهوى الأجواء النادر حصولها، فمثلاً في الدول الغربية يستمتع الناس بالشمس الخفيفة، وفي الخليج أو البلدان التي يغيب عنها المطر فترات طويلة يستمتع الناس بالمطر وأجوائه الغائمة ويشعرون بالسعادة ويفضلون التنزه بالسيارة خصوصاً في فترة النهار حيث الرؤية واضحة، ويكتسبون بذلك طاقة إيجابية مما ينعكس على سلوكهم الشخصي سواء في العمل أو في المنزل أو بين الأصدقاء، فتجد الناس في جو المطر في سعادة.

مصدر إلهام 
تعتبر عازفة البيانو والفنانة التشكيلية دانيا طارق التي تحدت الاعاقة، أن مشهد السماء المظلمة الغائمة مع صوت قطرات المطر على النوافذ يرتبط بمشاعر السعادة والبهجة والتفاؤل لدى البعض فيما يعتبرها البعض الآخر بانها ترتبط بالتشاؤم والاكتئاب والقلق والخوف وهذا يعود لطبيعة شخصية الشخص فكل شخص يختلف عن الآخر.
وقالت الفنانة دانيا: المطر أحد نعم الله في الدنيا، وهو الذي يلهمنا السكون وبه تمضي الحياة وترتوي الأرض وأنا احب الأجواء الممطرة واشعر بانها مصدر الهام لي اخرج إلى حديقة البيت حيث توجد غرفة زجاجية اضع لوحاتي والواني مع موسيقى هادئة فأستلهم رسوماتي من الاجواء الممطرة وأشعر بسعادة كبيرة وحب للحياة اربطه بالفتاة والمظلة وصوت زخات المطر ترتطم بالزجاج وكانها سيمفونية جميلة، وفي الاجواء الممطرة ايضا أعزف على البيانو الذي اضعه بمكان مقابل نافذة كبيرة مطلة على حديقة البيت فأعزف شتي يا دنيا للسيدة فيروز واستمتع بالعزف مع اصوات المطر. 
وأضافت الفنانة دانيا: تذكرني هذه الاجواء الممطرة بطفولتي وأتذكر بأنني كنت أخرج حينما يكون موسم هطول الأمطار إلى الشارع وحديقة المنزل اقف مع اخوتي واصدقائي والجيران، كنا نغني تلك الأغاني الجميلة التي تعبر عن طفولتنا ونردد عباراتها العميقة، ونتبلل بمياه المطر، ثم نعود إلى منازلنا وملابسنا مبللة بالماء فتركض والدتي لتدفئتي وتغير ملابسي المبللة وتحضر لنا الشاي الساخن ونجلس امام المدفأة.

المطر والكاتب
بدورها اعتبرت الكاتبة الدكتورة هلا السعيد أن الأجواء الممطرة تساعد على الإلهام، وإطلاق العنان للخيال، وقالت السعيد: قد يفقد الكاتب القدرة على الكتابة، أو يواجه سدا يحول بينه وبين المضي في طريق الإبداع. فالبعض تغيب عنه الفكرة الأصيلة، والبعض قد يتوقف عن الكتابة لظروفه النفسية لذلك يحتاج عقل الكاتب المتوتّر الاسترخاء قبل الخروج من المأزق. ويحتاج فكّ القيود ليتدفق الإبداع مرة أخرى. فيحتاج لتغير المكان وتغير الاجواء التي تحيط بالكاتب لكي يستعيد شغفه وإلهامه.
وأضافت: لذلك انا ككاتبة احب ان اقول ان الاجواء الممطرة ولون السماء الداكن تتخلله السحب البيضاء والاجواء الجميلة الباردة فهو احساس رائع وعميق يلهم الكاتب للإبداع بكتاباته فيلاحظ تدفق المعلومات، وهو ما يحدث معي في هذه الأجواء التي أبحث فيها عن شعفي من خلال الاستمتاع بالطقس الذي يساعد على تغيير نفسيتي والهامي.

عامل مساعد
تشير الفنانة لولوة المغيصيب إلى أن الإبداع والابتكار لا فصل له ولا طقس معين، لكنها الأجواء التي تبعث الطمأنينة والراحة النفسية حيث تكون عاملا مساعدا، وتقول المغيصيب موضحة: نستطيع أن نقول إن الطقس عامل مساعد، كيف؟! ممكن لون في السماء يعطي إيحاء فكرة أو صوت قطرة مطر تغير تفكيرا خصوصاً الأجواء الباردة تفتح النفسية أكثر، ولو لاحظنا لوجدنا أن أكثر الناس يفضلون فصلي الخريف والشتاء».
وتعشق لولوة منظر قطرات الماء على الأشجار وفي الشوارع وعادة ما تخرج للرسم خارجا، وقالت خرجت خلال هذه الأيام الممطرة للرسم في منطقة الميناء، حيث كنت ألاحظ سقوط الأمطار على البحر والمراكب ورسمت لوحة لمراكب تتمايل في الجو الشتوي.
وأضافت لولوة: يبعث الطقس الممطر والغائم شعوراً بالراحة والطمأنينة في نفسيتي حيث إن الأجواء المعتدلــــة والممطرة تجلب السعادة والراحة في نفسية الناس، فتتغير سلوكياتهم إيجاباً على حسب الطقس إذا كان الجو ممطراً يصبحون أكثر هدوءاً وأكثر رومانسية، مشيرة إلى أن الناس يفضلون الخروج في الأجواء الممطرة للتنزه بالسيارة لمشاهدة المناظر الجميلة والتأمل الذي يخلق الساعدة والراحة ويوجه للإبداع والقيام بأمور تكسر الروتين اليومي وتبعد الملل عن حياة الناس.

وقفات للتأمل 
وأعربت الكاتبة مها حميد من جانبها عن سعادتها الكبيرة وطاقتها المتجددة والجميلة في الأجواء الممطرة، وقالت مها: كأن عقلي يعمل بكامل طاقته، وهذا ينعكس بروح إيجابية على أدائي في العمل وطاقتي وأهم ما يميز هذه الأجواء هو القدرة على تقديم المميز والجديد فهو طقس يساعد على الإبداع والابتكار.
وترى مها أنه من الطبيعي أن يؤثر الطقس على نفسية وسلوك الناس، وتوضح قائلة: طبيعي أن الإنسان يتأثر ويتفاعل بما حوله حتى بأقل الأسباب وأحد أكبر أسباب تأثر النفسية الناس هو حالة الطقس، فتجد في أغلب الأحيان تأثير حرارة الجو على زيادة التعب والإعياء وتصل حتى إلى الشعور بالغضب تجاه أبسط وتوافه الأمور بعكس صفاء الأجواء ونقائها حيث إنها تدعو إلى السكينة والطمأنينة والانشراح.
والناس - كما تشاهد مها- يحبون التنزه في الشوارع تحت المطر لمشاهدة وعيش الأمور بشكل مختلف، مثل التبلل تحت الأمطار والشعور بالبرد وهذه أمور موسمية ليست متكررة طوال العام لذلك يحرص الناس على مشاهدتهـا وحضورها. 
وتابعت: كما ان هممهم تزيد وتعلو الحيوية ويحلو القيام ببعض الأنشطة التي تضيف إلى النفس السعادة والمتعة كالقيام بالتنزه وقراءة كتاب أو الاتصال والسؤال بأحد الأقارب والخروج في رحلات وأنشطة ترفيهية متنوعة وعديدة، وبالنسبة لي أحب الكتابة في هذه الأجواء فهي تلهمني كثيرا.
وتواصل مها: سقوط المطر جمال وصفاء وارتواء وحكمة والجمال حين نزوله وأيضاً بعد نزوله، ومع بداية هبوب رياح الشتاء وزخات المطر نقف عدة وقفات للتأمل والتفكر في آيات الله وعجائب صنعه نتأمل نعمة المطر وقوة البرق وصوت الرعد، ويجب علينا أن نقف مع هذه النعمة وتدبرها حق التدبر وشكر الله لأجلها فسبحان الخالق، «ذكر بعض أهل العلم أنه عند نزول المطر يستحب الدعاء لأنه وقت إجابة، أما عندما كنا صغاراً في موسم الأمطار، كنا نجري تحت المطر المنهمــــر، ونفرح عندما يبللنا المطر، وحاليا وفي هذه الأجواء الشتوية الجميلة أقوم بالكتابة، واستكمال بعض الأعمال التي لم أنته منها، فحاليا أكتب مسلسلا سيرى النور قريبا بالاضافة إلى رواية سترى النور خلال معرض الدوحة الدولي للكتاب، فأنا أحب احتساء قهوتي في الأجواء الممطرة وإطلاق العنان لقلمي ليترجم احساسي الذي يلهمني اياه الجو البديع.