برأت محكمة عسكرية مصرية، مساء أمس الثلاثاء، القيادي الإخواني البارز، محمد كمال، من تهمة "تفجير سور منطقة العامرية العسكرية، الذي قالت وزارة الداخلية إنها قتلته خلال تبادل لإطلاق النار في أكتوبر الماضي.
وقال مصدر قانوني لوكالة "الأناضول"، مفضلا عدم ذكر اسمه، إن "الدائرة الثالثة بالمحكمة العسكرية بالإسكندرية قضت، مساء الثلاثاء ببراءة محمد كمال القيادي بجماعة الإخوان المسلمين و13 من معارضي السلطة الحالية منهم 11 حضوريًا و3 غيابيا إثر اتهامهم بواقعة تفجير سور منطقة العامرية العسكرية في أبريل 2015".
وأوضح أن "النيابة العسكرية أحالت المتهمين للمحاكمة العسكرية في يوليو الماضي ووجهت لهم عدة تهم منها الاعتداء على منشأة عسكرية، وحيازة مفرقعات ومواد متفجرة".
وحسب المصدر فإن الحكم أولي وقابل الطعن عليه من النيابة العسكرية أمام محكمة الطعون العليا العسكرية، خلال 60 يومًا من صدور مسودة الحكم (لم يُحدد موعد صدورها بعد)، للحضور، أما الغيابي فيعاد محاكمتهم عقب تسليم أنفسهم للشرطة أو القبض عليهم، وفق القانون.
واعتادت المحاكم العسكرية عدم إصدار بيانات حول قضاياها.
وتوارى "كمال" عن الأنظار منذ فض اعتصامي "رابعة العدوية" والنهضة"، أغسطس 2013، قبل أن تعلن وزارة الداخلية المصرية، أكتوبر الماضي مقتله "خلال تبادل لإطلاق النار مع قوات الأمن"، وهو ما شككت فيه جماعة الإخوان المسلمين حينها، محمَّلة الأمن "مسؤولية مقتله".
وحسب عبدالمنعم عبد المقصود، عضو هيئة الدفاع عن قيادات "الإخوان" فإن "عضو مكتب الإرشاد محمد كمال، متهم في عدة قضايا، أغلبها متعلق بالتحريض على القتل والعنف، والدعوة لقلب نظام الحكم، والانتماء لجماعة أسست على خلاف القانون"، في إشارة إلى جماعة الإخوان.
وترأس محمد كمال، ما يعرف بـ"مكتب إدارة الأزمة" داخل الإخوان، والذي تشكل في فبراير 2014، والتي قامت بأعمال مكتب الإرشاد.
وفي تلك الأثناء تضاربت الروايات حول تصفية وزارة الداخلية قياديين من جماعة الإخوان المسلمين هما محمد كمال وياسر شحاتة، كان المشهد الأبرز في عملية "البساتين" التي نفذتها قوات الأمن المصرية يوم الأربعاء 3 أكتوبر الماضي.
"إلقاء القبض على القيادي الإخواني محمد كمال".. كان عنوان الخبر الذي تداولته صحف ومواقع إلكترونية قريبة من الأجهزة الأمنية حينها، لكن بعد ساعتين وعشرين دقيقة تغير الحال، وتحول خبر "القبض" إلى "تصفية" منسوبًا إلى مصدر بالداخلية يقول إن "القيادي الإخواني قتل في اشتباك بينه وبين الشرطة".
مشهد عملية "كمال" أعاد للأذهان وقائع عملية "أكتوبر"؛ حينما قامت وزارة الداخلية بتصفية تسعة من جماعة الإخوان داخل شقة بمدينة السادس من أكتوبر من بينهم القيادي ناصر الحافي، في يونيو 2015، "حسب رواية وزارة الداخلية"، وبثت الوزارة آنذاك صورًا للعملية التي قالت إنها "اشتباك"، لكن الصور المتداولة أظهرت طلقات في الظهر لأغلب الضحايا، وأصابع تم أخذ بصماتها، في إشارة إلى أن تحقيقًا جرى معهم قبل تصفيتهم.
وقالت الجماعة في وقت الحادثة إن "التحقيقات أثبتت يقينا اعتقال أجهزة الأمن للفقيدين دون أي مقاومة، ومن قارعة الطريق، ومن ثم اقتيادهما إلى مسكن الدكتور الشهيد محمد كمال، واغتيالهما به بدم بارد".
وأضافت في بيان نقلته صحيفة "المصريون" حينها، أنها تمتلك الأدلة القانونية الكافية على ما قد توصلت إليه من حقائق، مشددة على تمسكها بحقها في محاكمة عاجلة للنظام، الذي اتهمته بأنه "يقتل المصريين بدم بارد ويغتال العزل والشيوخ منتهكا القانون والحقوق ومخالفا لكافة المواثيق الدولية". وأوردت الجماعة ما قالت إنها أدلة موثقة على اتهامها للداخلية بتصفية القياديين الإخوانيين: أولاً: "ألقت قوات الأمن القبض على الدكتور محمد كمال في غضون الساعة الخامسة عصرًا بمنطقة المعادي خلال توجهه مع مرافقه الأخ الشهيد ياسر شحاتة بسيارة إلى أحد المستشفيات بالمنطقة لإجراء فحوصات عاجلة للدكتور محمد كمال لإصابته المتكررة بأزمات صدرية خلال الفترة الماضية".
ثانيًا: "فقدت الجماعة الاتصال بالدكتور محمد كمال خلال ذلك التوقيت، بانقطاع اتصال هاتفي بين الأخ ياسر شحاتة مع آخرين بشكل مريب".
ثالثًا: "بعد البحث والتوثيق تأكدنا من قيام أجهزه الأمن باقتياد الدكتور محمد كمال ورفيقه الأخ ياسر شحاتة إلى مكان إقامة الشهيد "كمال" وذلك بعد القبض عليهما وقد تمت مشاهدتهما أثناء صعودهما لمقر سكنهما وسط حراسات أمنية".
رابعًا: "سُمع دوي إطلاق 5 رصاصات داخل المسكن الخاص بالدكتور في غضون الساعة السابعة مساء".
خامسًا: "تم استدعاء سيارة إسعاف في الثانية عشر من منتصف الليل لنقل جثمانين من العمارة التي وقعت بها حادثة الاغتيال".
وقالت الجماعة إنها تقدم تلك الحقائق إلى العالم بأسره، مشيرة إلى أنها تمتلك الأدلة الواضحة والدامغة والشهود العيان على تلك الوقائع.
وبداية عمليات التصفية التي نفذتها قوات الأمن المصرية بحق الإخوان، كانت بإحدى شقق مدينة 6 أكتوبر يوم الأربعاء 1 يوليو 2015، حيث تؤكد رواية جماعة الإخوان المسلمين أن عددًا من قياداتها اجتمعوا بالشقة لمدارسة كيفية دعم أهالي القتلى والمعتقلين باعتبارهم أعضاء اللجنة المركزية لدعم أسر الشهداء والمصابين.
أعضاء اللجنة كانوا عُزلاً، واكتُشف بعد قتلهم أن أصابعهم تحمل آثار الحبر، ما يؤكد أنه تم التحفظ عليهم من طرف الأجهزة الأمنية وأخذت بصماتهم قبل تصفيتهم.
وبحسب الرواية نفسها، فإن الأعضاء قتلوا في الشقة بدون توجيه تهم أو محاكمات، ثم بادرت السلطات بوضع أسلحة آلية بجانب جثثهم للترويج بأنها قتلتهم بعد هجومهم عليها بأسلحة رشاشة.
وزارة الداخلية أصدرت من جهتها بيانًا قالت فيه إن قوات الشرطة اقتحمت "وكرًا" تختبئ فيه "عناصر إرهابية"، فبادروا بإطلاق النار على الشرطة التي ردت عليهم، ما أدى إلى سقوط تسعة قتلى، ونشرت صورًا للواقعة بدت فيها جثث أشخاص ملقين على بطونهم وبجانبهم أسلحة رشاشة.
غير أن أهالي القتلى أكدوا علمهم باعتقال ذويهم قبل ساعات من قتلهم، ما يعني أن قوات الأمن قتلتهم دون مقاومة.
ضحايا أكتوبر كان من بينهم مسؤول بالمكتب الإداري للإخوان بالمنوفية جمال خليفة، ومسؤول لجنة رعاية أسر الشهداء والمصابين عبدالفتاح محمد إبراهيم، والبرلماني السابق ناصر الحافي، مسؤول اللجنة القانونية، ومسؤول مكتب الإخوان بالقليوبية طاهر أحمد إسماعيل، وهشام زكي خفاجي، وأسامة أحمد الحسيني، وهشام ودح، ومعتصم أحمد العجيزي، وخالد محمود، ومحمد السباعي، ومحمد سامي، وجمعة أبو العزم.
م.ن/م.ب