اتحاد العلماء يرفض الأعمال الإرهابية داخل الدول الإسلامية وخارجها
الصفحات المتخصصة
07 ديسمبر 2015 , 06:50م
الدوحة - محمد صبره
اختتم مجلس أمناء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، برئاسة العلامة د. يوسف القرضاوي، اجتماعه الثالث في الدورة الرابعة، اليوم، بالدوحة.
وأكد الاتحاد استنكاره ورفضه التام لكل الأعمال الإرهابية والإجرامية التي ترتكبها بعض المجموعات المسلحة، في مختلف الأقطار الإسلامية وغير الإسلامية، وأعلن أن الاسلام بريء وبعيد عن هذه الأفعال الشنيعة.
وجدد الاتحاد - في البيان الختامي للاجتماع - مواقفه المبدئية الثابثة، بخصوص القضية الفلسطينية، وأكد دعمه الكامل للمرابطين والمرابطات بالمسجد الأقصى.
وأدان جرائم الاحتلال الصهيوني من اعتداءات متكررة على المسجد الأقصى وعلى المصلين، وعلى أهل القدس الشريف.
كما أدان الإعدامات الميدانية المباشرة للمواطنين الفلسطينيين، بمن فيهم الأطفال والنساء، وهدم البيوت. والانتقام من أقارب الشهداء والأسرى والمرابطين.
وأكد الاتحاد رفضه التام لحظر الحركة الإسلامية في فلسطين 48، ومنع أنشطتها، مع ما تم بالفعل من مصادرة ممتلكاتها ومقراتها.
ودعا الاتحاد جميع المسلمين - حكومات وشعوبا ومنظمات وعلماء ومفكرين وإعلاميين، وجميع أحرار العالم - إلى الدعم الدائم للشعب الفلسطيني بجميع الأشكال، ومناهضة جميع جرائم الاحتلال الصهيوني ضده، مؤكدا أن الاحتلال نفسه هو الجريمة الكبرى التي يرزح تحتها الشعب الفلسطيني، سواء من بقى منه تحت هذا الاحتلال، أو من هجروا وشردوا على يده الغاصبة الأثيمة.
واستنكر الاتحاد الحصار الهمجي المفروض على قطاع غزة، واعتبره جريمة في حق الإنسانية، بما يتضمنه من إفقار وتجويع وحرمان من أبسط حقوق الحياة وأدنى درجات الكرامة الإنسانية، ويدعو إلى الوقف الفوري لهذا الحصار الإجرامي.
وجدد الاتحاد دعوة جميع الفصائل والمنظمات الفلسطينية إلى التصالح والتوافق، وبناء المؤسسات الموحدة للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج. وبخصوص الأوضاع الداخلية للبلدان الإسلامية، خاصة التي تعاني من التوترات والصراعات الداخلية، والصراعات في الدول الإسلامية.
وبشأن الأوضاع الداخلية للبلدان الإسلامية، بخاصة التي تعاني من الصراعات الداخلية، أدان الاتحاد بشدة ما تتعرض له بعض البلاد الإسلامية من فتن بأيد أجنبية أو أيد طائفية، يُقتَل فيها المسلمون، بما تكاد أن تكون إبادة جماعية وتنتهك أعراضهم وتدمر أملاكهم، مثل ما يقع في سوريا والعراق واليمن وميانمار وإفريقيا الوسطى.
ودعا الاتحاد الدول الإسلامية واستنهض الضمير العالمى الحر إلى السعي الجاد لإيقاف هذه المآسي وحقن هذه الدماء، وتمكن الشعوب من أن تعيش آمنة، وأن تمكن من خياراتها الحرة لتصيغ مصيرها دون تدخل من خارجها.
وعبر الاتحاد عن قلقه الشديد مما يقع فى بعض البلاد الإسلامية من الفتنة الداخلية، التي يتقاتل فيها الشركاء في الوطن الواحد، مثلما يقع في ليبيا، ويدعو الجميع إلى أن يجتمعوا على سواء، ليحلوا مشاكلهم بالحوار والمصالحة والوفاق، تحقيقا لقوله تعالى: "واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا" (آل عمران /103).
وأدان الاتحاد النهج الفاشل المعتمد على الاعتقالات والمحاكمات والتهم الملفقة، ضد أصحاب الفكر والرأي من العلماء والمفكرين والدعاة والمثقفين، ويدعو إلى الإفراج الفوري عنهم.
واستنكر الاتحاد سياسة الشحن والحشد الطائفي، التي تجاوزت حدود الاختراق الدعائي والاستقطاب المذهبي، إلى تأسيس الميلشيات المقاتلة ضد الدول والشعوب والمذاهب المخالفة، كما هو الحال في العراق وسوريا ولبنان واليمن.
سوريا:
وحول الوضع في سوريا أكد الاتحاد أن مصدر الإرهاب هو النظام السوري الذي يقتل شعبه، وأن الإرهاب لن ينتهي ما دام سببه موجوداً.
وطالب شرفاء العالم وأصحاب الضمائر الحية أن يقفوا إلى جانب الشعب السوري في محنته، التي تحرق الأخضر واليابس، ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم.
ودعا الاتحاد فصائل المعارضة السورية إلى توحيد صفوفها لكسر شوكة الطغيان، وإسهاماً في تحقيق الخلاص من ويلات الحرب.
وطالب الاتحاد الدول التي لا تزال تساند النظام السوري إلى التخلي عن دعمه ومساندته، كما يدعوها إلى الوقوف إلى جانب المعارضة التي تتسم بالديمقراطية.
وحث الاتحاد الدول التي لجأ إليها الشعب السوري أن تقدم له ما يحتاجه من المرافق التعليمية والصحية، وأن تكون تلك الدول وحكوماتها، بعد الله تعالى، عوناً للشعب السوري ونصيراً.
ودعا الاتحاد الشعب السوري الذي لجأ إلى دول الجوار إلى الالتزام بقوانين تلك الدول واحترام أنظمتها، والتعاون مع أفراد شعبها، حفاظاً على الأخوة الإيمانية، وأن لا يكون مصدر قلق ومبعث الاضطرابات في تلك الدول.
العراق:
وحول الوضع في العراق ذكر الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين أنه يراقب أوضاع العراق المأساوية منذ أيام الاحتلال البغيض، باهتمام بالغ وألم شديد، من منطلق الشعور بموقع العراق التاريخي الحضاري المسلم، وما وقع ويقع فيه من صدام دموى متواصل خطير، الذي تتولى كبره الجماعات المتطرفة المسلحة التي دخلت العراق من الخارج، والميليشيات الطائفية بغرض القيام بتغيير سكاني ظالم، تمهيدا لفرض السيطرة النهائية على مؤسساته العسكرية والأمنية والمدنية والسياسية والاقتصادية.
وذكر أن من المعلوم بالضرورة في الدين أن سفك الدماء من أي طرف كان يعد من أكبر الجرائم بحق الإنسان والدين والوطن، وأن المسلم لا يدخل في الإسلام إلا بيقين ولا يخرج منه إلا بيقين.
ودعا الاتحاد المرجعيات الدينية والسياسية وحكماء العراق وعقلاءه بالتدخل السريع، للوقوف أمام هذا الفساد العظيم الذي سينتهي بالعراق القوي الموحد إلى دويلات ضعيفة.
كما دعا الدول الإقليمية لعدم إثارة الفتن بين أبناء العراق ومكوناته لمصالحها الخارجية، وعدم الإعانة على استمرار هذه الفاجعة التاريخية التي يمكن أن تستمر لتدميره وتفتيه؛ فالشعب العراقي الكريم يستحق أن يعينه جميع إخوانه في الدين والعروبة للحفاظ على وحدته وخيراته ومستقبله الواعد لبناء دولته الموحدة ومؤسساتها القوية من جديد.
مصر:
واستعرض البيان الوضع في مصر، مستحضرا ما يجري في الكنانة من انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان بسفك الدماء والتصفيات العشوائية والإخفاء القسري والاعتقالات الظالمة والأحكام الجائرة والمحاكمات الهزلية التي تجعل البريء مجرماً والمجرم بريئا، وإهدار الحريات والتضييق على العلماء والدعاة، ويتابعون باستنكار شديد استمرار الحصار وتشديده على أهل غزة الأبطال والمقاومة الباسلة.
وأكد اتحاد العلماء بشاعة تلك الجرائم وحرمة تلك الممارسات، ويطالبون بإطلاق سراح جميع المعتقلين، وإيقاف كل أحكام الإعدام العشوائية الصادرة بحق الشرفاء الأبرياء، خاصة العلماء والشيوخ والشباب والنساء وأهل الرأي والفكر الذين هم طليعة الأمة ويؤيدون حق الشعب المصري في المطالبة بحريته ورفضه للانقلاب العسكري على إرادته وحريته.
وحذر الاتحاد العالمي المنظمات الدولية والمؤسسات الحقوقية من الآثار والممارسات الخطيرة الناتجة عن إغلاق أبواب الحريات، مما يؤدي إلى انتشار العنف والفوضى في مصر والعالم بأسره.
ورأى الاتحاد أن الحل الوحيد الاحتكام إلى رأي الشعب واحترام إرادته الحرة.
ليبيا:
وحول الوضع في ليبيا أكد الاتحاد أهمية توافق الشعب الليبي على مبادئ جامعة لحماية ثورتهم، ويثمن الاتحاد كل الجهود التي تدعو إلى الحوار والتوافق والمصالحة الوطنية القائمة على أساس التوازن والإنصاف والمصلحة العامة للبلاد، دون التحيز إلى طرف على حساب الآخرين.
بنجلاديش:
وتابع الاتحاد بقلق بالغ ما يجري في بنجلاديش من إعدامات واعتقالات بدون وجه حق، ومن سلب للحريات وقتل للأبرياء وغير ذلك، وأكد الاتحاد في هذا المجال أن هذا الطريق ليس طريق البناء والتقدم والإصلاح، لذلك يطالب الاتحاد الحكومة البنجلاديشية بالكف عن هذه الإجراءات وإطلاق سراح المعتقلين والمعتقلات، ويطالب الدول الإسلامية بالتوسط لإصلاح هذا الوضع.
الأقليات المسلمة:
وبشأن الأقليات المسلمة في البلاد غير الإسلامية، إزاء ما تتعرض له الأقليات العرقية والدينية في أكثر من موطن من العالم، من حروب إبادة واستئصال وتهجير يحملهم على التغيير القسري لدينهم ولغاتهم وثقافتهم، والمصادرة لأبسط مقومات حياتهم، وبخاصة ما تتعرض له الأقلية المسلمة في إفريقيا الوسطى وميانمار، فإن العلماء يستنكرون أشد الاستنكار هذه التصرفات، ويطالبون العالم الحر برفع الظلم عنهم، ومساعدتهم للخروج من هذه المحن.
وأوصى المجلس الأقليات المسلمة بالالتزام بمقتضيات المواطنة في البلاد التي يعيشون فيها؛ احتراماً للقوانين، وقياماً بالحقوق وأداءً للواجب، وحرصاً على المصلحة العامة.
وتوجه بالشكر والتقدير إلى حكومات البلاد التي تضمن للأقليات حرية الدين والفكر والرأي، كما يُثَمِّنُ جهود تلك الحكومات التي ترعى الأقليات، وتوفر لها سبل العيش الرغيد، في ظل الحقوق الكاملة.
وحدة الأمة:
ودعا مجلس الأمناء الأمة الإسلامية، حكامها وشعوبها وعلماءها ومفكريها وجميع السياسيين، إلى بذل كل ما في وُسْعِهم لعلاج ما آلت إليه أوضاع أمتنا من التفرق والتمزق، والتخلف، والعنف والإرهاب، والفقر والبطالة بين الشباب.
وحملهم المجلس المسؤولية أمام الله تعالى ثم أمام التاريخ، ويناشدهم بقوة أن يخلصوا النية لله تعالى، ويقوموا بمصالحة شاملة بين جميع مكونات الأمة على أساس العدل والحرية والكرامة والمواساة، وأن يبذلوا جهودهم لإزالة أسباب تلك المشاكل والمصائب وأن يوجهوا كل طاقاتهم للنهوض بأمتنا في جميع مجالات الحياة الفكرية والعلمية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية، ويدعوهم إلى التعاون على البر والتقوى، وإلى التعاون والتكامل والوحدة، وأن يستعملوا نعم الله تعالى في شكر الله تعالى لصالح التنمية الشاملة، والإبداع، والاهتمام الكبير بالإتقان والالتزام بالأخلاق والقيم الإسلامية، والإبداع والحضارة والرقي، كما كانت عليه أمتنا في القرون الأولى، كما أن من أهم واجباتنا جميعاً الدعوة إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة، ونشر الرحمة بين العالمين، حتى تصبح أمتنا كما أراد الله لها (خير أمة أخرجت للناس)، وأن تكون كجسد واحد كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) رواه مسلم وغيره.
ورأى الاتحاد أن هذه السياسة الطائفية العدوانية، لن يستفيد منها إلا أعداء الإسلام والمسلمين. وحتى الذين يسلكونها لن تعود عليهم الا بالخسار والوبال في الدنيا والآخرة. (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ) سورة الشعراء، الآية (227).
وجدد الاتحاد استنكاره ورفضه التام لكل الأعمال الإرهابية والإجرامية التي ترتكبها بعض المجموعات المسلحة، في مختلف الأقطار الإسلامية وغير الإسلامية.
وأعلن الاتحاد أن الاسلام بريء وبعيد عن هذه الأفعال الشنيعة، كما أخبرنا القرآن الكريم بذلك (من قتل نفسا بغير نفس أو فساد فى الأرض فكأنما قتل الناس جميعا)، بل يعتبر الاتحاد أن القائمين بها ومن يقفون وراءهم إنما يحاربون الإسلام في المقام الأول. ويوصى المجلس الأقليات المسلمين في البلاد غير الإسلامية بالالتزام بمقتضيات المواطنة في البلاد التي يعيشون فيها، وبأداء الواجبات والحرص على المصلحة العامة والابتعاد عن كل شكل من أشكال العنف والاعتداء على المواطنين والاستهتار بالقوانين العامة، والحرص على المشاركة الفاعلة في التنمية بالبلاد التي يعيشون فيها، ليكونوا المظهر الصحيح للإسلام في تعاليمه السمحة وقيمه الإنسانية.
ودعا الاتحاد كل الدول والمنظمات الدولية إلى إقامة العدل والحق، اللذين هما أساس السلم والأمن والاستقرار، سواء على الصعيد الدولي أو الصعيد الداخلي للدول، والاحترام للإنسان في حقوقه الأمنية وحماية الحريات.
واعتبر الاتحاد تفعيل المجتمع المدني كفيلا لارتقاء المجتمع وتقرير السلم ومواجهة العنف والفرقة والإرهاب، ويؤكد أن الظلم يؤذن بالهلاك كما أخبرنا عن ذلك القرآن الكريم "وهل يهلك إلا القوم الظالمون".
وأولى الاتحاد الاهتمام البالغ بالأسرة المسلمة، خاصّة بالمرأة والطفل، وهو يعمل ويدعو كلّ المسلمين أن يعملوا على التصدي للتحديات التي تستهدف كيان الأسرة والقيم الإسلامية السامية التي تنبني عليها، وفي هذا السياق فإن الاتحاد يسعى في إعداد ميثاق للأسرة المسلمة، أن يعلن إن شاء الله في مؤتمر عالمي ليكون مرشد المسلمين، خاصّة في حفظ الأسرة المسلمة من الأخطار المحدقة بها، وليعمّم عالمياً ليضاف إلى المواثيق الدولية في هذا الشأن.
/أ.ع