هل يعتبر "الصويلنت" النهاية أم المستقبل بالنسبة للطعام التقليدي؟
منوعات
07 نوفمبر 2014 , 04:20م
لوس أنجليس - د ب أ
إنها الولايات المتحدة عام 2022. تشهد البلاد حالة من الانفجار السكاني غير المسبوق، أدت إلى نقص حاد في المواد الغذائية ونشوء حالة طوارئ خطيرة. أصبحت اللحوم والخضروات والفواكه مجرد ذكرى لدى كبار السن فحسب. هذه الرؤية السوداوية لعالم المستقبل، كانت موضوع فيلم بعنوان "حبوب الصويلنت" من انتاج عام 1973، وهو من نوعية الخيال العلمي، التي تحمل رؤية كابوسية للمستقبل، بطولة شارلتون هستون وليف تايلور ومن إخراج ريتشارد فليشر. والفيلم مأخوذ عن رواية لهاري هاريسون بعنوان "افسحوا مكانا! افسحوا مكانا!" (1964)، تحذر من الآثار الخطيرة للانفجار السكاني. لكن الآن وبعد مرور أكثر من أربعة عقود على الفيلم أصبح "الصويلنت" واقعا وليس مجرد خيال سينمائي أو روائي.
قام روب رينهارت مهندس سوفت وير من الولايات المتحدة (كاليفورنيا) بتطوير هذا المكمل الغذائي، بالتعاون مع مساعديه. ويؤكد أنهم توصلوا إلى تركيبة (فورمولا) ستحدث ثورة في عالم الغذاء، حيث أوضح في مقابلة صحفية مع مجلة (فايس) العلمية المتخصصة، أن العلم والتكنولوجيا يمكنهما إيجاد حلول لمشاكل الجوع في العالم وإنقاذ البييئة أيضا من الدمار. ويوضح رينهارت أن "أجيال المستقبل سيكون بوسعها الحصول على غذاء منتج بطرق غير حيوية (أورجانيك)، لذا يجب علينا تحقيق اللاستفادة المثلى من الموارد".
وداعا للغذاء التقليدي، وداعا لوصفات الطعام الكلاسيكية: المستقبل للبيوريه (مهروس) قوامه مستخلصات مركزة على هيئة مسحوق، سوف تحتوي على كل ما يحتاجه البشر للبقاء أصحاء، إلا أنه بدلا من الخضر والفواكه والحليب أو الخبز سيكون هناك كربوهيدرات، فيتامينات وأحماض أمينية. نماذج تم تصميمها على أساس أساليب تغذية رواد الفضاء، التي تعتمد على مستخلصات ومركزات تبقي الجسد حرا خفيفا، حيث يتم الترويج للصويلنت تحت شعار مماثل: "حرر جسدك".
وجاءت ردود الأفعال بأسرع من المتوقع. فمن جانبها تحدثت جريدة "النيويوركر" عن "نهاية الطعام"، أما "فوربس" المتخصصة في أخبار مشاهير المال فوصفت "الصويلنت" بأنه "المشروب السحري". كما أثار الاكتشاف جدلا واسعا بين المدافعين والمعارضين لهذا المنتج الغذائي، على صفحات مطبوعات شهيرة مثل "وايرد" و"التايم" و"نيويورك تايمز".
من جانب آخر، لم يقف علماء الطب أو العلوم مكتوفي الأيدي، بل أدلوا بدلوهم في الموضوع ولكن بصورة متشككة متشائمة. ففي تصريح لوكالة الأنباء الألمانية ( د. ب. أ) قالت خبيرة التغذية سوزان روبرتس من جامعة توفتس (بوسطن) إ "إنها فكرة مخيفة في مجملها"، موضحة أن "مع الصويلنت سيفقد تماما العامل النفسي للتذوق. لا يمكني أن أتصور مطلقا تناول مثل هذا المشروب المركز كبديل لوجبة عشاء لطيفة مع بعض الأصدقاء".
كما تضيف روبرتس أنه "علاوة على ذلك، شئنا أم أبينا، يفقد أي مكمل غذائي الكثير من العناصر الهامة بالنسبة للجسم، من بين عوامل أخرى ربما لم يتطرق البحث إليها بعد. لازلنا لا نعلم على وجه الدقة القدر الكافي من العناصر الكيميائية الضرورية للحفاظ على صحتنا على الوضع الأمثل". أما بالنسبة لرينهارت - الذي لم تتمكن (د. ب. أ ) من إجراء مقابلة معه - فإن هذه العقبات لن تحول دون مواصلة أبحاثه حول الموضوع.
ولا يعتبر الصويلنت المسمى الذي أطلق على طعام المستقبل المزعوم فحسب، بل هو أيضا اسم الشركة التي تقف من خلفه، والتي تؤكد بدورها أنها تلقت طلبات بشكل مكثف، وهو ما يعني قائمة طويلة لعملاء سيكون عليهم الانتظار لفترات تتراوح بين أربعة لخمسة شهور للحصول على المنتج. الطريف أن الشركة جمعت نحو مليوني دولار من التمويل الجماعي وهو ما يعتبر أكثر من المتوقع بكثير. وقد أطلقت حاليا جولة تمويلية أخرى على نحو مماثل.
للوهلة الأولى، يبدو مجازفة التنبؤ بما سيحدث في المستقبل، عقب هذه الحملة الإعلامية الضخمة المصاحبة للمنتج، والجدل الواسع الذي أثاره. من ناحية أخرى، يبدو أن "الصويلنت" مشابه لغيره من كثير من المكملات الغذائية الموجودة والمتداولة بالفعل في المتاجر والصيدليات، والتي مل الناس من تكرارها. إلا أنه على العكس من غيره من المنتجات، يبدو وكأنه نجح في مواكبة روح العصر الذي ظهر فيه.
من جانبه لا يركز رينهارت في تسويق منتجه على أشخاص يبحثون عن فقد الوزن الزائد، بل الأشخاص الذين يعانون بصفة خاصة من ضغوط أعباء الحياة اليومية، لدرجة أنهم لا يتوافر لديهم الوقت الكافي لتناول وجبة الغداء. وقد نجحت الحملة الإعلانية في تحقيق شهرة جيدة لشركته والمنتج الذي تقدمه، مستهدفا مجتمع منتج نشط ومتحرك، وليس مجتمع يجلس على الأريكة تحيط به الأطعمة المحفوظة الملونة المليئة بالدهون المشبعة والسكاكر، يحدد جهاز التحكم عن بعد في التلفاز حالته الصحية والمزاجية. ربما كان هذا هو سر نجاح الصويلنت في النهاية.