

 
                            تبدأ إدارة البحوث والدراسات الإسلامية، بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، في التاسع من سبتمبر الجاري، أولى فعاليات الموسم الثقافي الثاني في سلسلة ندوات «التكامل المعرفي»، بندوة تبحث الآثار الممكنة، التي تترتب على عملية «التكامل المعرفي» حين يتم «في مناخ التفاعل الثقافي»، وذلك بالنظر والتأمل في بعض النماذج المختارة من «مسيرة الحضارة الإسلامية» الممتدة، وما تحقق خلالها من إنجازات، ثقافية فكرية علمية، ما تزال آثارها تسهم في صناعة الحاضر وبناء المستقبل. وتُنظم الندوة، التي تُعقد بجامع الإمام محمد بن عبد الوهاب، بعد صلاة العشاء مباشرة، تحت شعار: «التفاعل الثقافي.. دليل التكامل المعرفي»، وذلك بالتعاون مع مركز ابن خلدون للعلوم الاجتماعية والإنسانية بجامعة قطر، وبمشاركة نخبة من العلماء والباحثين والأكاديميين.
وتناقش الندوة موضوعها من خلال أنموذجين متميزين من النماذج المضيئة في «مسيرة الحضارة الإسلامية»، الأول: أنموذج «بيت الحِكمة في بغداد (عصر المأمون)»، ويتحدث حوله الأستاذ الدكتور عبد العزيز البطيوي، والثاني: أنموذج «إبداعات الحضارة الإسلامية في الأندلس»، ويتحدث حوله الدكتور كمال أصلان.
وأوضح الشيخ الدكتور أحمد بن محمد بن غانم آل ثاني مدير إدارة البحوث، أن ندوة «التكامل المعرفي» ندوة ثقافية فكرية علمية، نصف سنوية، تُعقد مرتين في العام، تتمحور حول الأسباب والأدوات والطرق الموصلة لتحقيق التفاعل والتكامل بين العلوم المختلفة، وتهتم بالنظر في المسائل الثقافية والبحث في المشاكل الاجتماعية، من منظور إسلامي، وتهدف بشكل أساس إلى: إشاعة ثقافة «التكامل المعرفي»، التي تأتي على رأس قائمة الأهداف التي تعمل عليها إدارة البحوث، وتسعى لتحقيقها، من خلال ندواتها ومحاضراتها وإصداراتها المتنوعة. وأضاف: أن الندوة تحرص على بذل الجهد وإفراغ الوسع في البحث عن الكيفيات والوسائل التي تجعل من «التكامل المعرفي» سبيلاً للنهوض الحضاري للأمة. وقال: إن فعاليات الندوة تعبر بمجموعها عن اهتمامات إدارة البحوث والدراسات الإسلامية بشكل خاص ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بشكل عام وإسهاماتها الممتدة في جهود إشاعة ثقافة «التكامل المعرفي» بين العلوم.
من جانب آخر، نوه الشيخ الدكتور أحمد: أن الندوة الثانية، في هذا الموسم، سوف تُعقد في فبراير من العام المقبل، وتبحث السبل الممكنة للارتقاء بــ «التفاعل الثقافي» ليكون «أساس التكامل المعرفي» وذلك من خلال محورين رئيسين متقابلين، لكلٍ منهما دلالاته الفكرية والعملية، حيث يبحث المحور الأول مسألة: «التكامل المعرفي بعيداً عن مناخ التفاعل الثقافي» بين «الإمكانية.. والاستحالة»، بينما يبحث الثاني مسألة: «التكامل المعرفي في مناخ التفاعل الثقافي» وكيف يمكن أن يكون ذلك «سبيل التنمية المستدامة».
الجدير بالذكر، أن فعاليات الموسم الثقافي الأول، الذي بدأ أعماله في سبتمبر 2024م، قد نُظمت تحت شعار: «التكامل المعرفي.. سبيل النهوض الحضاري» حيث ناقشت الندوة الأولى: «أثر التكامل المعرفي في تشكيل العقل المسلم» من خلال «شخصيات مختارة» بعناية، تجمع بين الأصالة والمعاصرة، حيث تم استدعاء أنموذجين متميزين، أحدهما من التراث والآخر من العصر الحديث، ولكنهما يشتركان في أن كلاً منهما كان يغترف من ينابيع معرفة الوحي.. أما الأول فهو أنموذج الإمام أبي حامد الغزالي (رحمه الله) الذي يجسد العالم المسلم الأصيل في أوج إبداعه وعطائه، وتحدث حوله الدكتور بلال شيبوب، وأما الثاني فهو أنموذج المفكر الجزائري المسلم مالك بن نبي (رحمه الله) الذي يجسد المفكر المسلم المعاصر في فاعليته وإنتاجه وقوة تأثيره الممتد، وتحدث حوله الدكتور بدران بن مسعود بن لحسن.
وناقشت الندوة الثانية، التي عُقدت في منتصف فبراير من العام الحالي: «أثر التكامل المعرفي في ترتيب العقل المسلم» أيضاً، ولكن من خلال «كتب مختارة» تجمع بين الأصالة والمعاصرة، حيث تم اختيار كتابين: «مقدمة» ابن خلدون، و«الموافقات» للإمام الشاطبي، وقد تحدث حول الكتاب الأول الأستاذ الدكتور أحمد إبراهيم أبو شوك باذلاً جهده في التنقيب عن أبعاد الموضوع في أعماق «المقدمة»، بينما اجتهد الأستاذ الدكتور نور الدّين بن مختار الخادمي، في النظر والبحث عن آفاق وآثار التكامل المعرفي في التشكيل من خلال «الموافقات».
