د.المريخي: المخدرات خطر يهدد الأبناء والبنات في السفر
محليات
07 أغسطس 2015 , 03:37م
الدوحة - العرب
حذر د.محمد بن حسن المريخي، خطيب جامع الإمام محمد بن عبدالوهاب، من مناهج أهل البدع والضلال ومسالك المنحرفين والمخالفين، ناصحا بعدم الاغترار بكثرة الشاردين عن السنة والمخالفين لها والعاكفين على السبل.
وأكد د. المريخي على أن الحق لا يعرف بكثرة الاتباع ولكن يعرف أهل الحق باتباعهم للحق، وموضحا أن الحق الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم لا يختلف عليه رجلان، مستشهدا بقول الله تعالى: (وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ).
وتحدث في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم عن "السفر والمخدرات" فقال: إذا جاء الصيف وبدأت العطلة الصيفية وأغلقت المدارس أبوابها تفرغ الأبناء والطلاب مما كان يشغلهم من الدراسة ومتابعة العلم وتحصيل المعرفة، وبدأ الفراغ الذي أكثر الناس مغبون فيه أي مخدوع فيه، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ) رواه البخاري.
ونبه على أن الصحة غرارة خداعة، يظن المرء أنها باقية دائمة أبداً، فيجهل حقيقتها فيغفل عن العمل الصالح والبذل واغتنامها للآخرة، فما يلبث إلا وتبدلت الصحة إلى مرض والقوة إلى ضعف والنشاط إلى كسل والفراغ إلى الانشغال، والفراغ كذلك، يحسب المرء أنه سيبقى فارغاً طيلة عمره وحياته، وما عرف أن العوائق والمعترضات تنتظره عوائق ومعترضات، لا تعد ولا تحصى، فالأمراض وقلة الصحة والمشاكل والمصائب والمتغيرات والتحولات والمكدرات والمنقصات كلها تستعد لتفسد الفراغ الذي يتمتع به المرء أول حياته.
وذكرخطيب جامع الإمام أن السعيد من وعظ بغيره فاستغل يومه وساعته ووقته وصحته وعافيته وغناه وحياته فيما ينفعه في منتصف حياته وعند الموت وبعده.
وأشار إلى أن الناس اعتادوا في الصيف أن يسافروا في بلاد الدنيا بنيات مختلفة ومتباينة، لافتا إلى أن (السفر قطعة من العذاب)، كما أخبر الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم، حيث ينقطع فيه المرء عن أهله وولده وبلده، ويبتعد عنهم ويعيش فترة سفره مع آخرين غرباء يرحمونه أحياناً ويحزنونه أو يغضبونه أحياناً أخرى، ويشعر المرء بالحزن والضيق إذا هجر أهله وبلده ويلازمه ذلك حتى يعود إلى مستقره ومأواه.
وقال: إن السفر مفيد أحياناً وضار أحياناً أخرى، خاصة في أزماننا التي كثرت فيها المخاطر والحوادث والبلايا، فإذا كان لتحصيل علم نافع أو علاج ناجع أو الوقوف على ما يعين على تقوى الله وخشيته ومراقبته كالنظر إلى آثار أقوام ماتوا أو ديار أمم كانوا وزالوا أخذهم الموت، وأخلا منهم الديار (فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا) (فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلاً وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ) أو تذكير النفوس بفناء هذه الدار والاستعداد لدار القرار أو أي نظرة وفائدة وذكرى، كما يقول معتقد أهل السنة والجماعة.
وأكد أن السفر يكون ضاراً ووبالاً إذا خلا من النيات الطيبات، إذا كان لما حرم الله ونهى عنه من التعرض للمعاصي والأخلاق السيئة وتبذير الأموال وإهلاك الأنفس أو تعريضها لمثل هذا من الزنا والتدخين والمخدرات ومواقعة المحظورات.
ونبه على أن الأسفار لم تعد آمنة مطمئنة، كما كان الحال بل كثرت المخاطر وتعددت وتشكلت، فتطلب أن يكون لمن تسافر، ولي بعد الله يأخذ بخطامها ومقودها فيقودها إلى الأمان والإسلام والعافية، ولي أمر أمين حفيظ عليها، وإلا فإن السفر بلا ولي يديرها أو يدير دفة الأمور كمن ترك سفينة في البحر بلا قائد يوجهها تموج بها الأمواج وتتقاذفها حتى يلقى بها على أحد الشواطئ مكسرة مفككة.
سفر الأبناء
وانتقد الشيخ المريخي البعض ممن يطلقون العنان لأبنائهم حديثي السن ليسافروا منفردين مع أقوامهم لا يعرفونهم ولا يعرفون أخلاقهم، كما انتقد آخرين يلقون بناتهم وزوجاتهم في طائرة ويرخون لهم العنان ليسافروا إلى أسفار بعيدة أو قريبة بنات ونساء بلا محرم، ويتركونهم يتعرضون في بلد غريب للإحراجات والنظرات من الفاسقين ومحاولات الشياطين والماكرين المخادعين.
سفر المرأة بلا محرم
وشدد على أن الشرع حرم على المرأة أن تسافر بلا محرم ولو إلى بيت الله الحرام تريد الحج، فكيف يسمح مسلم لنسائه وبناته بالسفر إلى بلدان الكفر والإلحاد والضياع لا يقصد سوى السياحة وهو مصطلح غريب وتحته دواه وبلايا، موضحا أن مثل هذه الأسفار لا تخفى خطورتها على أحد ولا يغيب بلاؤها عن أحد، ومبينا أن الزوجات والأبناء والبنات أمانات الله تعالى التي أمر بالمحافظة عليها ورعايتها والاعتناء بها والتي سيسأل عنها، كما أعلم بذلك في كتابه وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ) (فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) فليضع كل مؤمن مسلم هذه النصوص وغيرها نصب عينيه وليعد للسؤال جوابه.
وقال: إن الجاهل والقاصر الذي لا يدرك أبعاد المسائل ولا يحسن التصرف ولا ينظر إلى بعيد الأمور ومستقبلها جعل له الشرع ولياً يوجهه ويأمره وينهاه، إنه لو لم يكن في مثل هذه الأسفار السائبة إلا خطر واحد، أو احتمال خطر لكفى، فما بالكم إذا كان فيه أخطار متعددة على النفس والبدن والدين والخلق والأموال وغيرها.
خطر المخدرات
ولفت إلى أن أكبر الأخطار الذي يهدد الأسفار السائبة هو خطر المخدرات وما أدراكم ما المخدرات، التي أفزعت الدول والبلدان ولفتت أنظار الحكومات ورصدت لها الميزانيات لمكافحتها وسنت لها القوانين لمقاومة أهلها والتي سبقت إليها شريعة الله ورسوله.
وأشار د.المريخي إلى أن أكثر ضحايا المخدرات من صغار وحديثي السن من المراهقين يبدأ من الخامسة عشرة أو السادسة عشرة ويصل إلى الخامسة والعشرين، يعني أن الواقعين في خطر المخدرات يكثر أن ينحصر بين هذين العمرين 16 إلى 25، كما يقول أهل الاختصاص، وسبب الوقوع في هذا البلاء هو الفراغ الذي يحصل للشاب ولا يجد من يسد فراغه، وانفراده مع من ذهبت مروءته وشهامته فضلاً عن دينه إلا قليلاً، وغياب عين الرقيب من والد أو والده أو عم أو خال أو ممن يقوم عليه، أو مثل هذه السفرات التي لا مبرر لها، فكم روت لنا الصحف من الأخبار وكم أفزعت الأنباء حين تنقل الأخبار المؤسفة، ضياع الشباب في ريعان العمر وزهرة الشباب من الأبناء والبنات الذين وقعوا فريسة في فخ المخدرات وكم من أسرة أصابها العطن والخراب والحسرة والألم بسبب سفرة غاب فيها الولي فتعرضت لمخاطر الهلاك ودروب الانحطاط.
مرض مستعص
وأكد أن خطر المخدرات ينبغي أن يعد خطراً من الأخطار كالأمراض المستعصية أو هو أشد، وأوضح أن صاحب المخدرات لاستخدامه لهذا البلاء يفقد دينه ومروءته وشهامته وغيرته، وإن أشد ما وقع على حين سمعت أن صاحب المخدرات يبيع عرضه من أجل الحشيش والكوكايين وإن رجلاً سمح لعدو صاحب المخدرات بأن يفعل الفاحشة في ابنته ذات السبع سنين من أجل أن يعطيه هذا المخدر، إلى هذه السفالة والردى ينحدر صاحب المخدرات.
واعتبر الفراغ وترك الحبل على الغارب والسفرات الشبابية التي لم تؤسس على دين الله ومرافقة أهل السوء وإهمال القائم على ولاية أبنائه والانشغال عنهم وغياب القدوة الصالحة كل ذلك وغيره أسباب رئيسية للوقوع في مثل هذه المخاطر.
ونصح ولي أمر الأبناء والبنات والزوجات أن يراقب الله تعالى في هذه الأمانات، ويعطي القدوة الصالحة في البيت ولينهي الخلافات الأسرية والمشاجرات مع الزوجة لأنها هي السبب في خروج الأبناء من البيوت ومحاولة البنات البحث عما ينسيهم هذه المصائب.
وطالب الوالد والوالدة أن يتعرفوا على أصحاب أبنائهم ورفيقات بناتهم ويجالسوا أبناءهم وبناتهم ويوادوهم ويسامروهم وينصحوهم، وإذا سافروا فليكونوا معهم أو مع من يوثق في دينه وخلقه ممن يعرفون بالحرص على الدين خاصة الصلاة على وجه الخصوص وليقفوا في وجه من لا يقيم لدين الله وزناً ولا للصلاة مقاماً.
وختم الخطبة بالتأكيد على أن أبناءنا فلذات أكبادنا، نحبهم كأنفسنا أو هو أشد ويحزننا ويسوؤنا ما يضرهم فلنكن يقظين منتبهين فإنهم سمعتنا ويحملون أسماءنا، وهم سبب في الدعاء لنا أو علينا فلنبن لأنفسنا، ولنمهد لها عند الله تعالى وعند الناس.