2016/ 2017.. موسم عصيب واستثنائي
رياضة
07 فبراير 2017 , 12:22ص
امين الركراكي
شهد الموسم الرياضي الحالي 2016/ 2017 عددا من الأحداث المتتالية، قد تجعل منه موسما استثنائيا في تاريخ دوري نجوم قطر، ومعظم الأحداث ارتبطت بالمشاكل منها المادية المتعلقة بمستحقات اللاعبين، ومنها الفنية والانضباطية والتحكيمية، إلى درجة أن الأنظار تتجه بعد كل جولة إلى قرارات لجنة الانضباط ولجنة الاستئناف في اتحاد الكرة. المشاكل ليست مرتبطة بكرة القدم وحدها فقط، بل هي جزء من الحياة في دورتها اليومية، لكن الموسم الحالي شهد عددا من المشاكل التي تؤشر لمرحلة انتقالية، سيكون لها ما بعدها، خصوصا من ناحية الرقابة المالية للأندية بعد انفجار الوضع هذا الموسم.
أول اختبار لرابطة اللاعبين
تأسيس الرابطة القطرية للاعبين كان مؤشرا اعتُبر حينها خطوة نحو الأمام في علاج المشاكل العالقة بين الأندية واللاعبين وتدبير الأزمات الطارئة، مع مراعاة حقوق الطرف الضعيف في المعادلة، لكن ما حدث مؤخرا أن الرابطة وجدت نفسها في موقف حرج في أول اختبار نتيجة الاصطدام الكبير مع إدارة نادي الغرافة، دفع الأخيرة إلى تكذيب مسؤولي الرابطة ونزع الشرعية عنها، بعدما سحب منها البساط بطريقة ذكية إثر إضراب اللاعبين عن التدريب وإظهارها بمظهر الجهاز العاجز الذي يركب على مشاكل الآخرين.
ما حدث في صدام الغرافة والرابطة يثير موضوع شرعية الرابطة ودواعي تأسيسها ومدى نجاحها في ترسيم حدود اختصاصاتها مع المتدخلين في اللعبة وشركائها، وكذا وضعها العام في فضاء واسع رماله متحركة على غير ما يراه الرائي.
مسؤولية إدارات الأندية
السؤال الذي يتبادر إلى الذهن عقب كل ما قيل سابقا، هو دور الأندية في كل ما يحدث. المفروض أن النادي مؤسسة متكاملة وليس شركة فقط تصرف الرواتب وتحصي الدخول والمصروفات، رغم أن وصف شركة لا يصلح للحديث عن الأندية التي يعتمد معظمها على مخصصات اللجنة الأولمبية أو الوزارة أو مؤسسة دوري نجوم قطر دون اجتهاد لجلب دخول إضافية من مشاريع أو رعاة، وهو جانب آخر من القصور الإداري الذي لا يتسع المجال للحديث عنه.
ضغط إدارات الأندية على اللاعبين وطرق الحديث السلبية في معظمها معهم، مما ينعكس سلبا على نفسياتهم ويجعلهم تحت ضغط رهيب لا يطاق، فينعكس ذلك عليهم في الملعب والنتيجة في الانفلات المتواصل من جولة إلى أخرى، رغم أن هذه الحوادث مسألة تحدث في ملاعب الكرة اعتبارا للحساسيات التي تشهدها بعض المواجهات، لكن عندما يتكرر الأمر في دوري محلي فالأمر يستدعي دراسة متأنية للوقوف على الأسباب الكامنة وراءه.
للحكام أخطاؤهم.. لكن ليسوا شماعات
كرة القدم منظومة متكاملة، والحَكم أحد مكوناتها، فكما يحدث أن يخطئ اللاعب والحارس والإداري والرئيس والمسؤول، يمكن أن يحدث هذا مع الحكم، فهو ليس معصوما من الخطأ بطبيعته البشرية، لكن ما حدث أن بعض الأندية اتخذت من التحكيم شماعة لإخفاء فشلها في تدبير أمورها الداخلية، والمثير للقلق أن الأمر يتكرر كثيرا.
الجماهير والإعلام والمجالس، كلها تتفنن في الكثير من الأحيان في جلد لاعب أو حارس أو حكم عندما يخطئ بعد مشاهدة العرض البطيء بطبيعة الحال، في حين يظل الإداري وحده في معزل عن النقد والانتقاد إلا فيما ندر، فهو يحرص على تحويل الأنظار عنه إلى كل الاتجاهات الممكنة باستثناء شخصه المقدس عن النقد ما دام لا يملك الشجاعة للاعتراف.
المستحقات المالية العالقة
الكثير من مشاكل الموسم الحالي مرتبطة بأزمة المستحقات المالية العالقة في ذمة الأندية، سواء تعلق الأمر باللاعبين المحليين أو المحترفين، وذلك بسبب سوء تدبير عدد من الأجهزة الإدارية في التعامل مع الموازنات المخصصة لهم في التعاقدات، وكان من نتائج هذه المشكلة ظهور أزمة مرتبطة بها تتعلق بعقود الباطن التي ظلت مثل جبل الجليد الذي لا يرى منها سوى الجزء الطافح على سطح الماء.
تراكم الديون على الأندية شكَّل عنوانا بارزا لأزمة التدبير في جل الأندية تفاديا للتعميم، اعتبارا لكون الأمور ظلت بعيدة عن الرقابة لسنوات، فتفاقم الوضع حتى وصل حد الانفجار فكان طبيعيا أن تخلِّف معالجة الموضوع عددا من المشاكل بسبب رفض الكثير من اللاعبين التوقيع على عقود التسوية، لكون ذلك يعني تخليهم عن أموال مهمة حتى إن كان ذلك خارج إطار القانون.
تراكم الديون على الأندية وصل حدا لا يطاق، فقد ظل اللاعبون يواجهون معاناتهم بالصمت والصبر رغم المشاكل التي واجهوها بسبب مسؤوليتهم الاجتماعية، فكان طبيعيا أن يؤثر ذلك على تركيزهم في الملعب لانشغالهم بأمور أخرى خارج الملعب، في حين كانت إدارات الأندية تمارس لعبة المماطلة حتى بلغ الأمر باللاعبين إلى العصيان والتمرد، المتجليين في الإضراب عن التدريب، وإن كانت حالات قد وصلت للإعلام فهناك حالات أخرى لم يتطرق لها الإعلام، رغم أن الجميع كان يعلم ما يجري.
هبوط 4 أندية شكّل ضغطاً على اللاعبين
نزول 4 أندية مبدئيا كان قرارا زاد من حدة المنافسة هذا الموسم، وشكَّل أحد العوامل التي زادت من الإثارة بين الأندية خاصة التي ظلت تعاني من شبح الهبوط على امتداد المواسم الماضية، ولا يتعلق الأمر بالإثارة فقط بل بالضغط النفسي مع دخول المنافسة مراحلها الحاسمة وقبل ذلك.
كل هذه العوامل انعكست سلبا على الجانب النفسي للاعبين، فتجلى في الأخطاء الكثيرة والغضب وفقدان الأعصاب والاشتباكات الكثيرة بين اللاعبين، فلا تكاد تخلو جولة من حدث مثير يجمع عددا من اللاعبين إلى درجة ارتفع معها عدد القضايا المعروضة على لجنة الانضباط، وما زال العدد مرشحا للارتفاع بعد مناقشة أحداث مباراتي السد مع الشحانية ولخويا مع الخور.
ينذر أن تجتمع عوامل مثل تلك التي اجتمعت هذا الموسم، فاللاعب يجد نفسه أمام مطرقة الضائقة المالية وسندان النتائج المطلوبة في الملعب، والنتيجة انفجار عند أول احتكاك مع المنافس، فتتوالى الأحداث من جولة إلى أخرى رغم العقوبات الرادعة من لجنة الانضباط، وهو ما يؤشر إلى بلوغ الضغط النفسي مرحلة قصوى لم يعد اللاعبون معها قادرين على كبح جماح غضبهم وانفلاتهم.