في العاشرة من مساء كل يوم، ينتشر متطوعون بلباس مدني مع سلاح خفيف في أحياء دمشق، لبدء نوبات حراسة في وقت لا تزال السلطات الجديدة تنظّم نفسها بعد الإطاحة ببشار الأسد.
في سوق مدحت باشا وحتى امتداد باب شرقي في دمشق القديمة، ينتشر المتطوعون لحماية المحال التجارية والمطاعم خصوصا من السرقات، بالتعاون مع السلطات الجديدة التي قدّمت لهم السلاح الفردي.
يتجوّل تاجر الأقمشة فادي رسلان (42 عاما) مع صديق له في الأزقة الضيقة، وهما في حالة تأهب، للتجاوب مع أي نداء بعد تسجيل عدد من السرقات التي استهدفت منازل.
ويقول الرجل الذي ارتدى سترة سوداء «سوريا بحاجة لنا في هذا الوقت، وعلينا أن نقف يدا واحدة». ويتابع «في منازلنا نساء وكبار في السن... نحاول من خلال هذه المبادرات التطوعية حماية أهلنا». دفع ذلك العديد من الأهالي في دمشق إلى الانتشار في أحيائهم بشكل عفوي لحمايتها، على غرار رسلان. وعلى عكس الأيام الأولى، بات عمل لجان الحماية هذه أكثر تنظيما اليوم، ويحصل بالتنسيق مع السلطات الجديدة التي سلّحت المتطوعين من السكان، وأخضعتهم لدورات تدريبية سريعة وتنظّم عملهم.
ويقول المسؤول في الشرطة الجديدة العميد أحمد لطوف «تشكّلت لجان الحماية المحلية بهدف تسيير الدوريات الليلية في الأحياء السكنية لمنع الوقوع الجرائم»، إلى حين يتمّ سدّ الفجوة في عدد رجال الشرطة الموجودين حاليا.
وانضمّ حسام يحيى (49 عاما) في حيّ الشاغور إلى لجان الحماية منذ البداية. ويقول إنه في بادئ الأمر «خرجنا لحماية حاراتنا ومحلاتنا والممتلكات العامة بشكل طوعي وبدون أي مقابل».
لكن بعد ذلك، «وزّعت هيئة تحرير الشام علينا سلاحا فرديا، وبطاقات تعرّف عن هويتنا»، وفق الرجل، مضيفا «أنا أعرف كيفية استخدام السلاح من أيام الخدمة الإلزامية».
وتبدأ نوبات الحراسة الساعة العاشرة مساء وتستمر حتى السادسة صباحا.
وأفاد سكّان في مدن كبرى أخرى مثل حلب وحمص أيضا عن وجود لجان محلية مماثلة في مناطقهم.
في ريف دمشق، نشرت صفحة المحافظة الرسمية على «تلغرام» صورا لشبّان يشاركون بشكل «تطوعي» في حماية بلدتهم «تحت إشراف إدارة العمليات العسكرية وبالتنسيق مع الأمن العام»، بالإضافة إلى تطوّع سكان آخرين في قرى في شرطة المرور. بالإضافة إلى لجان الحماية المحلية الليلية، ينتشر أيضا بشكل محدود عدد من عناصر الشرطة التابعين للحكومة السورية المؤقتة، في نقاط رئيسية في دمشق، إضافة لعناصر شرطة مرور قادمين من إدلب، معقل هيئة تحرير الشام التي قادت الهجوم لإسقاط الأسد، بالإضافة إلى مسلحين من الهيئة.
وفرضت قوات الحكومة حراسة على المقار والمباني الرسمية مثل القصر الرئاسي ورئاسة الحكومة وقيادة الشرطة.
وفتحت وزارة الداخلية باب الانتساب ضمن صفوف الشرطة، عبر الالتحاق بكلية الشرطة.
وأطلقت في الوقت نفسه عمليات «تسوية» للعناصر الذين كانوا منضوين في الجيش والقوى الأمنية خلال حكم بشار الأسد، طالبة منهم تسليم سلاحهم.