

لم تنتظر الأسواق كثيرا للتفاعل مع قرار الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية وأستراليا بتحديد سقف لأسعار الخام الروسي، لتقفز أسعار خام برنت على أثره مباشرة بنحو 2.2 بالمائة، في الأسواق العالمية بعدما أبقت دول /أوبك+/ على أهدافها المتعلقة بالإنتاج قبل حظر الاتحاد الأوروبي.
قرار يبدو أنه سيعيد دون شك هيكلة أسواق النفط والغاز وسيدفع مستقبل القطاع نحو المزيد من الاضطرابات وعدم الاستقرار، وفق المتابعين.
وفي هذا السياق قال الدكتور عبدالله الخاطر الخبير الاقتصادي، في تصريح لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، إن تحديد أسعار الطاقة سيتسبب في إشكالية تتعلق بهيكلة السوق وبتحديد بوصلة المستهلك مما يضطر المنتجين للبحث عن أسواق جديدة وهو ما يحصل حاليا، حيث تحول العرض للأسواق الفورية الآسيوية التي تخضع إلى قانون العرض والطلب.
وتابع «تأكيدا لهذا التوجه وللحد من حدة تراجع المبيعات، أدارت روسيا بوصلتها نحو أسواق أخرى، من بينها آسيا، حيث أعلنت في وقت سابق من العام الحالي أنها مستعدة لبيع النفط إلى الدول الصديقة بأي سعر».
ووفق التقارير، تعمل روسيا على توقيع عقود طويلة الأجل بخصومات ضخمة تصل إلى 30 بالمائة مع بعض الدول الآسيوية، حيث أعلنت إندونيسيا أنها تلقت عرضا من روسيا لشراء النفط بسعر أقل بنسبة 30 بالمائة من سعر السوق العالمية.
ويأتي ذلك في وقت فرضت فيه مجموعة الدول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وأستراليا، سقفا لسعر الخام الروسي عند 60 دولارا للبرميل بداية من صباح أمس، لتقليل عائدات موسكو من بيع النفط الخام.
كما بدأت كولومبو في وقت سابق، مفاوضات مع موسكو للحصول على النفط بسعر مخفض وسط الأزمة الاقتصادية التي تعانيها البلاد.
واتجهت ميانمار أيضا إلى شراء الخام الروسي بسعر مخفض، في محاولة للسيطرة على معدلات التضخم، حسبما نشرت صحيفة /إيكونوميك تايمز/ الهندية.
وأعلنت بنغلاديش عزمها استيراد النفط الروسي، وستنقل الواردات إلى دكا إما مباشرة وإما عن طريق الهند، ويأتي ذلك عقب تقديم شركة /روسنفت/ الروسية عرضا ببيع الخام بخصومات ضخمة للعديد من الدول الآسيوية، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
بالإضافة إلى ما تقدم، وجدت الهند طلبها في واردات النفط والفحم الروسي، لتأمين احتياجاتها من مصادر الطاقة بالتزامن مع ارتفاع الأسعار لمستويات قياسية في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية.
ويؤكد المتابعون أن فاعلية هذا النظام يتوقف على مدى التزام أهم المشترين الآسيويين للخام الروسي، خاصة الهند، التي تعارض بشدة، خوفا من ضياع فرصة شراء النفط الروسي بسعر مخفض.
وأضاف الخبير الاقتصادي لـ/قنا/، أن مثل هذه القرارات ستؤثر على المدى البعيد مستوى المعروض في الأسواق، حيث ينتظر أن تنخفض الاستثمارات في قطاع النفط والغاز وهو ما يعني ضمنا ارتفاعا في الأسعار.
وأوضح الخاطر في تصريحه أن تحديد سقف النفط سيؤدي إلى ارتفاع عام في الأسعار، أي إلى نتيجة معاكسة لما تريده الدول التي تطالب بوضع سقف للأسعار، على اعتبار أن روسيا ليست المنتج والمورد الوحيد للنفط، ويعني ضمنا خروجها من السوق وبالتالي استغلال باقي الأطراف هذا الوضع لرفع الأسعار بما يتوافق مع الطلب، وبالتالي سيضطر المستوردون لدفع المزيد.
وأكد الخبير الاقتصادي، أن تحديد سقف لأسعار الطاقة ستكون له انعكاسات سلبية على الدول المستهلكة التي تقوم بهذا الإجراء، مشيرا أن إلى احتواء الأسعار سيضرب مبدأ الحرية الاقتصادية خاصة وأن الأسعار تحدد بآلية العرض والطلب.
وأشار الخاطر إلى أن تلكؤ بعض الدول المستهلكة في تنويع مصادر إمداداتها لا يمكن بحال من الأحوال تداركه عبر آلية احتواء الأسعار ووضع سقف أعلى، قائلا: «لا يمكن للمنطق أن يخدم الأهواء»، بمعنى على هذه الدول المستهلكة تغليب التحليل العقلاني للمحافظة على توازنات سوق الطاقة.
وتشير التقارير إلى أن هذا التوجه سوف يرفع الطلب على النفط الروسي بسعره المنخفض بشكل حاد، فلن تقاوم دول كثيرة إغراء شرائه، إما بعدم الانضمام إلى «الاتفاقية» أو الالتفاف عليها. على سبيل المثال، سوف يخلطون الأصناف الروسية مع غيرها، ويخفون الإمدادات، وسوف تزدهر الصادرات من البلدان الأخرى.
ولفتت تقارير منصة الطاقة الأمريكية - منصة بحثية - إلى الصعوبات التي تواجهها مجموعة السبع في تنفيذ سقف أسعار النفط الروسي، وسط انقسامات ومعارضات وضغوط متزايدة على قطاع الشحن.