أردوغان السياسي الذي فاجأ المنتقدين

alarab
حول العالم 06 نوفمبر 2015 , 07:00ص
BBC
قامر أردوغان بإجراء انتخابات مبكرة، وفاز. ولكن فوزه لم يكن كاملا، فقد كان أردوغان يأمل بالفوز «بأغلبية ماحقة» من النواب من أجل تمرير خططه لتعديل الدستور من أجل تعزيز سلطاته.

ما زال هذا العدد يمثل أغلبية محترمة، ولكن ما لم يفلح أردوغان في إقناع عدد كبير من نواب حزب الحركة القومية اليميني -الذي مني بخسارة كبيرة في الانتخابات- بالانضمام إلى صفوف حزبه حزب العدالة والتنمية، سيبقى حلمه باستحداث نظام رئاسي مؤجلا.

ما الذي يتبقى إذن لأردوغان، أكثر السياسيين الأتراك قدرة على البقاء والاستمرار؟ ما زال أردوغان الرئيس التركي الأول المنتخب ديمقراطيا، وهو يحظى بحب وإعجاب مؤيديه المحافظين للمكتسبات التي حققها لهم من تمثيل سياسي وتمكين اقتصادي.

وعندما أخلى أردوغان موقع رئيس الحكومة في عام 2014، اختير لخلافته أحمد داود أوغلو لشخصيته المذعنة والمطيعة، رغم أن الاثنين لا يتفقان على كافة القضايا.

الاتحاد الأوروبي، يواجه «معظلة أردوغان». فالأوروبيون يشعرون بالقلق إزاء تدهور سلطة القانون، ولكن الأوروبيين يعون جيدا أيضا أهمية تحالفهم مع أنقرة، فالاتحاد الأوروبي معتمد على تركيا كونها دعامة الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط المتوترة.

إضافة لذلك، فتركيا هي الممر الأهم للمهاجرين واللاجئين المتوجهين إلى أوروبا. ولذا فإن أي أمل بحل الأزمات في منطقتي الشرق الأوسط وأوروبا يعتمد على تركيا. فالقادة الغربيون قد لا يحبون أردوغان، ولكنهم يحتاجونه.

التحدي الفوري الأهم الذي يواجه الرئيس أردوغان وحكومة حزب العدالة والتنمية الجديدة يتلخص في تحقيق وعد أردوغان الانتخابي بتوطيد الأمن بعد تصاعد الصدامات مع مسلحي حزب العمال الكردستاني. ويصر أردوغان على ألا عودة لمفاوضات السلام مع حزب العمال ما لم يلق مسلحو الحزب أسلحتهم.

ولكن الكثيرين من الأكراد في تركيا يشعرون بالغضب إزاء إعادة الانتخابات والأساليب التي استخدمها حزب العدالة والتنمية بوصم حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد بالإرهاب مما أخاف العديد من أنصار الحزب ودفعهم للتخلي عنه.

وإذا تحول هذا الغضب إلى عنف، فإن الرسالة التي وجهها أردوغان للناخبين، وملخصها «انتخبونا أو احصلوا على الفوضى»، ستفقد مصداقيتها.

إلا أنه لا يمكن نكران حقيقة أن رجب طيب أردوغان يتمتع بحنكة سياسية كبيرة.

فعقب انتخابات يونيو الماضي كان العديدون مستعدين للتخلي عنه وبدؤوا فعلا بالحديث عن حقبة «ما بعد أردوغان»، وعن تأييد الجناح الإصلاحي في حزب العدالة والتنمية لتمكينه من تحدي هيمنته.

وهذا الجناح موجود فعلا، وهناك تململ في صفوف أعضاء الحزب، خصوصا من جانب الرئيس السابق عبدالله غل الذي كان كثيرون يتوقعون عودته إلى الواجهة في حال إخفاق الحزب في الفوز بأغلبية.

ولكن رجب طيب أردوغان عاد بقوة، ولا يبدو أنه سيختفي في المستقبل المنظور.