تربية الحيوانات المفترسة.. عندما تتحول الشوارع إلى «غابة»
تحقيقات
06 مايو 2015 , 02:09ص
ولي الدين حسن
رحب عدد من المواطنين والمقيمين بمشروع القانون الذي ينظم اقتناء الحيوانات الأليفة والمفترسة، بناء على تراخيص من الجهات المعنية ومنع التجوال بها في الأماكن العامة إلا في ظل اتباع الإرشادات العامة من تلك الجهات. وأكدواعلى أهمية وضع ضوابط للحد من انتشار الحيوانات المفترسة، مؤكدين أن الظاهرة بدأت في التفشي في الآونة الأخيرة، كتقليد أعمى لبعض الشباب الخليجي، وهو أمر زاد من أهمية مشروع القانون الذي خرجت به رئاسة الوزراء بتنظيم اقتناء الحيوانات المفترسة، والذي سيتضمن أحكاما بمنع استيراد أو تربية أو إكثار أي منها من دون ترخيص من الجهة المختصة، ويحظر اصطحاب أو التجول أو التنزه بأي من هذه الحيوانات في الأماكن العامة.
وأشاروا إلى أن الحيوانات المفترسة تثير الذعر في المجتمع، ناهيك عن احتمالات وقوع حوادث بسببها، يمكن أن تصل للوفاة، لافتين إلى أن الأمر وقع بالفعل في بعض المرات، وتسببت الأنباء في حالة من الذعر ببعض المناطق، رغم عدم تأكيدها حتى الآن.
وقال متحدثون لـ «العرب»: إن اقتناء وتربية الحيوانات المفترسة في المنازل والفرجان والتجول بها في الأماكن العامة، يمثل خطرا كبيرا على حياة المواطنين والمقيمين خاصة الأطفال، فضلا عن الذعر من رؤيتها، مشيرين إلى أن القانون الجديد سيحدد أنسب الطرق والوسائل التي تستخدم لتربية تلك الحيوانات ومكان معيشتهم.
وأعربوا عن سعادتهم الكبيرة للدور الذي تلعبه القيادة الحكيمة في الحفاظ على كل ما يمس أمن المواطن ويسبب له ضررا سواء معنويا أو ماديا، موجهين خالص الشكر لقيادات الدولة التي طالما سعت بكل جهدها لتذليل العقبات التي تواجهه المواطنين والوقوف عليها لتذليلها.
وأشاروا إلى ضرورة فرض قوانين وقواعد على أصحاب الحيوانات المفترسة، وإلزامهم بتوفير بيئة مناسبة لها، وعدم تركها دون رقابة، وذلك لخطورتها على حياة الأشخاص في حال تركها دون رقابة، منوهين أن تربية «الحيوانات المفترسة» من أسود ونمور وفهود باتت منتشرة في مجتمعنا بشكل بسيط ولكنها آخذة في التزايد، مؤكدين أنها تشكل خطرا على جميع أهالي المنزل، فضلا أن الكثيرين يقومون باصطحاب تلك الحيوانات معهم في سياراتهم الخاصة كنوع من أنواع التباهي، وهنا يكون الموقف أكثر خطورة على الناس.
والجدير بالذكر أن وزارة الداخلية «بمجهوداتها الكبيرة» كشفت منذ أشهر عن قيام بعض الأفراد في الآونة الأخيرة بتربية حيوانات مفترسة في المنازل، واصطحابها إلى الأماكن العامة والتجول بها في السيارات، مؤكدة أن هذه الهوايات تنذر بعواقب وخيمة تتعدى مسؤولية الشخص المربي لها إلى الأشخاص المقيمين في الحي أو المنطقة، وكذلك رواد المجمعات أو المناطق الترفيهية المفتوحة، فضلاً عن مخالفة ذلك للقوانين السائدة والتي تمنع ترويع الآمنين أو تخويفهم، منوهة أن مصدر الخوف والقلق الذي ينتاب البعض يكمن في أن هذه الحيوانات لا يمكن الوثوق بها، فقد خلقها الله لتكون ذات طبيعة مفترسة، والبيئة المنزلية أو المدنية التي تتربى فيها لا يمكن أبداً أن تغير من طبيعتها التي يمكن أن تتحول إليها في لحظة، كما نبهت «وزارة الداخلية» على خطورة مثل هذه التصرفات انطلاقاً من مسؤولية الوزارة، في حفظ الأمن والعمل على تعزيزه في المجتمع، ومنعاً لوقوع أي جريمة تنتج بسبب حيازة الحيوانات المفترسة أو استخدامها في تعريض الأرواح والممتلكات للخطر.
نقل الأمراض
بداية قال عبدالعزيز الورثان: إن تربية الحيوانات المفترسة في المنازل خطر يهدد أصحاب تلك المنازل، وكافة أصحاب المنازل الأخرى القريبة منها خاصة الأطفال، لافتا إلى أن هناك العديد من الحوادث التي نشاهدها بشكل موسع على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي في الدول الخليجية المجاورة، ما يقتضي الحذر والحيطة خاصة على الأطفال الموجودين داخل المنازل أو الجوار.
وأضاف الورثان أن صدور هذا القانون من شأنه تحديد أنسب الأماكن والطرق لتربية تلك الحيوانات وذلك بإشراف الجهات المختصة، فضلا عن مباشرة الطب البيطري الكشف عنهم لعدم نقل أمراض إلى المربين ومن ثم إلى سكان المنازل وهكذا.
وأشار الورثان أن تلك الحيوانات تأتي من بيئة غير التي نعيش فيها ويمكن أن تسبب أضرارا غير المعهودة عنها من الهجوم على المارة في الشوارع أو الهروب من المكان التي تتربى فيه وهو طبيعة الغذاء المقدم لها، فكما ذكرنا أن نقل الأمراض يأتي بشكل كبير من تلك الحيوانات لتغير البيئة بشكل تام.
وأوضح الورثان أن السلوك الناجم عن تلك الحيوانات يؤثر بشكل مباشر وسلبي على الأطفال الذين يتسمون بالهدوء والعطف، مشيراً إلى أن مجرد رؤية طفل سواء في المنزل أو الشارع لتلك الحيوانات يثير لدية الخوف الشديد والقلق وقد يعرضه لأمراض نفسية تظل لديه فترة كبيرة لا يمكنه الشفاء منها.
ويرى الورثان أن على الجهات المختصة تحديد أماكن مخصصة لتربية تلك الحيوانات والتجول بها ووضعهم تحت الرقابة البيطرية لعدم انتقال وانتشار الأمراض، أضف إلى ذلك تحديد مناطق خارجية للتجول بها كالسياحة الجبلية في الأماكن الخارجة عن الفرجان والمجمعات السكنية والتجارية مع ضرورة التقيد بالاحتياطات الأزمة للمربين من كمامات تمنع افتراسهم وتعوق حركة فكية أثناء التجوال وربطة بسلاسل معينة لعدم هروبه والكثير من الاحتياطات التي تحددها الجهات المعنية.
فزع ومخاطر
من جانبه يرى محمد الحواج أن على وزارة البيئة أن تحدد شروط ومعايير صارمة تمنع تربية الحيوانات المفترسة في المنازل، لأن مثل تلك الحيوانات تعتبر خطرا يهدد الأرواح، كما أن بعض تلك الحيوانات لا تضر أصحابها ولكنها تنقض وتهاجم الآخرين، فكيف نسمح بتربيتها في المنازل ولدى عامة الشعب من غير المختصين أو حتى بغير الأماكن المناسبة لها؟ لافتا إلى أن مثل تلك الحيوانات المفترسة تعتبر خطرا دائما يعيش وسط المنازل وداخل المناطق والأحياء السكنية، لذا على الجهات المختصة متمثلة بوزارة البيئة التحرك لعمل اللازم قبل وقوع أي حادث تتسبب به تلك الحيوانات المفترسة والذي من الممكن أن يودي بحياة الآخرين.
وقال الحواج: إن صدور القانون سيحدد الشروط اللازم توافرها لتربية تلك الحيوانات والأماكن التي تخصص لذلك، معربا عن سعادته الكبيرة وشكره للقيادة الحكيمة وكافة الجهات المعنية التي تدرس كل ما يعيق المواطنين ويسبب لهم أي أضرار.
وأضاف الحواج أن الناس في السابق كانوا يتجهون إلى تربية الحيوانات الأليفة للاستفادة منها أو للحراسة على سبيل المثال، ولكن حب التقليد أو بالأحرى التقليد الأعمى والسير وراء الموضة جعل الكثير من شبابنا يتجهون إلى تربية الحيوانات المفترسة التي لا نفع لها بل ضررها أقوى وأكبر، فهي تهدد حياتنا وحياة عائلاتنا وأطفالنا والناس الآخرين بالخطر، مطالبا الجهات المختصة التدخل لعمل اللازم ومنع تربية مثل تلك الحيوانات في المنازل، خاصة أن هذه الحيوانات لا تتواجد سوى في حدائق الحيوانات، فكيف للآخرين أن يقوموا بتربيتها داخل المنازل، كما أن المنازل بيئة غير مناسبة لتربيتها، فمثل تلك الحيوانات بيئتها المناسبة الغابات والصحاري، لذا يجب منع تربيتها داخل المنازل.
وأكد الحواج أن غالبية الحيوانات البرية لا تصلح لأن تكون حيوانات رفقة أو حيوانات أليفة، رغم اعتقاد صاحب الهواية والحائز بأنه قادر على ترويضها وتقديم الرعاية والبيئة المناسبتين، منوها أن الدين الإسلامي لا يجيز أسر الحيوان وحصر بيئته بما يغاير موئله الطبيعي ويتنافى مع التعاليم الإسلامية السمحاء والتشريعات الوضعية والمنطق الإنساني.
ولفت الحواج إلى أن تباين السلوك الطبيعي لفصائل الحيوانات إضافة إلى الاختلافات الفردية لكل حيوان تتغير بصورة دورية ومفاجئة قد يصعب إدراكها أو التنبؤ بها معتمدة على اختلاف الموسم والجنس والتغير الهرموني والعمر لكل حيوان، مشيراً إلى أن هذه الأمور تجعل الحيوان ذا خطر حقيقي على كل من يتعامل معه، ويمكن تتبع أنباء الحوادث الناجمة عن تصرف أو سلوك مفاجئ للحيوان قد تتسبب بإصابة جسيمة أو وفاة.
ظاهرة موجودة
وبدوره قال حمادة محمد: إن اقتناء هذه الحيوانات ظاهرة موجودة في كل دول العالم، رغم القوانين والحظر العالمي على تجارتها، فإنها تتسرب من خلال منافذ التداول ما دام شغف الإنسان بها موجوداً.
وأكد محمد أن هناك قوانين تنظم التجارة الدولية بالحيوانات والنباتات البرية، موضحاً أن تجارة مختلف الحيوانات البرية والمفترسة تخضع للمعايير المطلوبة، ومنها الطلب المسبق لإذن الاستيراد وتوفر شهادات «السايتس» الأصولية الخاصة بالحيوان أو أجزائه.
كما يجب استيفاء المعايير المحلية والعالمية للشهادات الصحية البيطرية الرسمية الواجب اصطحابها مع تلك الحيوانات، والتي تؤكد سلامة الحيوان الصحية وخضوعه لأية فحوص مخبرية أو معالجات وقائية مسبقة أو تحصينات مطلوبة.
وأشار محمد إلى أن هناك ما يقارب 5000 نوع من تلك الحيوانات البرية تندرج ضمن اتفاقية «السايتس» مقسمة في ثلاثة ملاحق ولكل من تلك الملاحق شروط ومعايير تخضع لها تجارة وتداول تلك الحيوانات حسب ندرتها ودرجة خطر الانقراض التي ترزح له.
وأضاف محمد هناك عقوبات رادعة قد تصل في بعض الأحكام إلى السجن وتوقيع غرامات مالية باهظة إضافة إلى المصادرة وتحمل المصاريف الأخرى، مشيراً إلى أنه يتوجب ألا تقل الإجراءات والعقوبات عن ذلك بحق المخالفين لتعليمات الرفق بالحيوان واستخدام الحيوان بصورة منافية لطبيعته.
تقليد أعمى
وقال راشد الدوسري: تربية الحيوانات المفترسة من الظواهر التي تفشت مؤخراً، حيث يحرص بعض الشباب على تربيتها منذ الصغر، ليعتاد الحيوان عليهم ولا يقوم بإيذائهم، وهذا وإن كان يقلل من خطورة الحيوان ولكنه لا ينفيها كلياً، فيمكن أن يخرج الأسد أو النمر عما اعتاد عليه في لحظة ويؤذي صاحبه.
وأضاف: لا بد من تشديد العقوبات على كل من يربي الحيوانات المفترسة، فالأمر لا يتعلق بحرية شخصية، وهذه الحيوانات يمكن أن تؤذي المجتمع سواء بإثارة الذعر بين الناس، أو تعرض جيران المربي للضرر بصورة أو بأخرى.
وشدد الدوسري على أهمية أن يكون المكان المصرح فيه بتربية الحيوان المفترس آمنا تماماً، فلا يترك الأمر لما يراه المربي، حيث يمكن أن يترك البعض هذا الحيوان المفترس في حديقة المنزل، الأمر الذي يتسبب في إثارة الذعر في نفوس الجيران، إن لم يسبب لهم أذى جسديا في حال انفلت من مربيه.
وأشار إلى أن تأسيس حدائق حيوان في قطر يمكن أن يحد من هذه الظاهرة، نظراً لإشباعه شغف البعض لرؤية الحيوانات المفترسة، منوهاً بأهمية تعريف محبي اقتناء هذه الحيوانات بالمخاطر التي تنطوي عليها سواء على الشخص نفسه والمجتمع، أو التعريف بالنواحي القانونية التي نتمنى أن تكون مشددة.
وأكد الدوسري أن ظاهرة تربية الحيوانات المفترسة غير منتشرة في قطر بصورة كبيرة، كنظيراتها في بعض المجتمعات الخليجية، موضحاً أن الأمر يرجع للتقليد الأعمى ويمكن أن يتفشى سريعاً في قطر، شأنها شأن دول أخرى، فالشباب يهوى التقليد والمنافسة في أمور ربما تعود عليهم وعلى المجتمع بالضرر.
توقيت جيد
وقالت سارة سالم الأحبابي: قرار رئاسة الوزراء جاء في توقيت جيد، لأن ظاهرة تربية الحيوانات المفترسة بدأت في التفشي بالمجتمع القطري، وهي خطيرة ليس فقط على غير المربين، ولكن على من يربي وعلى أسرته قبل المجتمع ككل، فيفترض ألا يربى داخل المنازل نهائياً.
وأضافت: بعض الحوادث ظهرت في الآونة الأخيرة، وتضرر منها الكثير من السكان، وإن لم يكن هناك ضرر جسماني معلوم، إلا أن حالات ذعر انتشرت في بعض المناطق، لدرجة بلغت أن أقارب لي جاءتهم أخبار بعدم الخروج من المنزل لوجود أسد فارّ من صاحبه، وهو أمر يمكن أن يكون له أثر سلبي على الكثيرين.
وشددت على أهمية منع تربية الحيوانات المفترسة في المنازل بصورة نهائية، فهي حماية للشخص ولأفراد المجتمع، فمجرد معرفة الجار أن ثمة أسدا أو نمرا لدى جاره يفزعه ويخشى دائماً على نفسه وعلى أبنائه.
وأوضحت أن قطر باتت سوق جيدة للمهربين، فالكثير منهم يسعى بصورة لإدخال مواد أو حيوانات مفترسة عن طريق المنافذ الحدودية المختلفة، فيما تبذل إدارات وزارة الداخلية جهدا كبيرا في محاربة المهربين، وتمكنت في ضبط الكثير من الحالات.
ونوهت بأن هناك حالة من التفاخر بين الشباب في تربية هذه الحيوانات المفترسة، لافتة إلى إمكانية عمل حدائق حيوان ترضي شغف الكثيرين في مشاهدة هذا النوع من الحيوانات، ناهيك عن الجانب السياحي، وحرص الكثيرين على زيارتها.