العرب .. 1

alarab
الأخبار العامة 06 مارس 2024 , 01:10ص
يوسف بوزية


52 عاماً مرت على إصدار «العرب».. التي تعاقب على عليها نخبة من أبرز القامات الإعلامية والصحفية المتميزة في قطر، والذين أسهموا بأقلامهم وأفكارهم في رسم خريطة العمل الصحفي، بدءاً من عميد الصحافة القطرية الراحل عبد الله حسين النعمة الذي كان شعلة مضيئة من العمل المتواصل خلال مسيرة حياته العامرة بالإنجازات واستحق ما وصل إليه. هنا نرصد عددا من الشخصيات والأمور التي ارتبطت برقم «1» مع «العرب».

عبدالله النعمة.. أول رئيس تحرير

أثناء عمله في دائرة الجمارك القطرية، بدأ عبد الله حسين النعمة يفكر في كيفية الولوج إلى عالم الصحافة والطباعة والنشر، ومعه عالم المكتبات التجارية، ولأنه كان يجيد الإنجليزية قراءة وكتابة، فقد كان كثير الاحتكاك بالهنود وأفصح لهم عن طموحاته في دخول عالم الطباعة والنشر، فأشاروا عليه بالتوجه إلى الهند لهذا الغرض.
وبالفعل سافر النعمة إلى الهند بعد أن استقال من وظيفته الحكومية، واستطاع وهو في الهند أن يتعلم الكثير عن مهنة الطباعة والنشر، بل واشترى منها مطبعة بدائية تعمل بقوة الأرجل، ونقلها بحراً إلى قطر.وبموازاة ذلك قام في العام 1957 بافتتاح أول مكتبة في قطر لتوزيع الصحف والمجلات العربية والأجنبية تحت اسم «مكتبة العروبة»، وأنشأ بجانبها مكتبة أخرى باسم «مكتبة التلميذ» بهدف توفير مستلزمات الطلبة من القرطاسيات وكتب الأطفال ومجلاتهم. وهكذا لم يستطع عبد الله النعمة أن يحقق حلمه في تأسيس صحافة قطرية إلا قبيل استقلال البلاد بعام واحد تقريباً، حيث أصدر في الخامس من فبراير 1970 العدد الأول من «العروبة» أول مجلة أسبوعية قطرية، وكانت صغيرة الحجم، وتطبع على مطبعة أوفست صغيرة، ويعمل على تحريرها أربعة أشخاص فقط على رأسهم الصحفي اللبناني «عدنان حطيط»، أما محتواها فقد اشتمل على تغطية للأحداث المحلية، وتغطية أوسع للأحداث العربية باللونين الأبيض والأسود فقط.ولأنها كانت الوحيدة على الساحة القطرية آنذاك، فقد حصلت «العروبة» على كل الإعلانات المتاحة، وقوبلت بالتشجيع والترحيب من المواطنين الذين طال انتظارهم لصحافة وطنية.ونتيجة الحفاوة البالغة التي قوبلت بها «العروبة» في مختلف الأوساط المحلية، فكر الأستاذ عبد الله النعمة في إصدار صحيفة يومية، خصوصاً مع وقوف سمو الأمير الأب الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني -رحمه الله- إلى جانب الفكرة ودعمه لها، وعليه لم تشرق شمس يوم الاثنين السادس من مارس 1972 إلا وفي قطر صحيفة باسم «العرب».

قصة العدد الأول

للعدد الأول من «العرب» قصة يرويها مؤسسها عبد الله حسين النعمة في كتابه «مشوار حياتي»، وفي فصل «قصة العدد الأول للعرب»، كتب النعمة:
 صدر العدد الأول من جريدة العرب بتاريخ 21/1/1392 هـ الموافق 6/3/1972 م بالحجم النصفي (التابلويد) وفي ثماني صفحات، وتصدر هذا العدد عنوان سماوي بخط الرقعة وباللون الأحمر وهو «عاشت قطر حرة... والمجد لكم» وكانت تكتب تحت اسم «جريدة سياسية جامعة تصدر صباح الإثنين من كل أسبوع مؤقتا»، وتضمنت الصفحة الأولى موضوعا واحدا عبارة عن مقال يعرف القارئ بأسباب صدور الجريدة ويحدد أهدافها من الصدور.
كما تضمنت الصفحة الأولى كذلك أول إعلان بحجم صغير جدا ينوه عن استعداد «العروبة» لشراء صور تاريخية عن قطر من القراء.
كما تضمن العدد العديد من مقالات الرأي شملت مساحتها ست صفحات من مجموع صفحات الجريدة البالغ ثماني صفحات وأبرز تلك المقالات مقال (آخر صفحة) الذي قمت بكتابته بعنوان (يوميات العرب) وتناولت في ذلك المقال أسباب الإقدام على إصدار جريدة العرب والمخاطر والصعاب التي أمكن التغلب عليها لإصدارها.
ومن الأقلام القطرية التي ساهمت بالكتابة في العدد الأول (عبد الواحد فخرو، علي عبدالله الدرويش، ناصر محمد العثمان، يوسف عبيدان، جاسم جمال).
وتضمن العدد الأول من الجريدة إعلانات الشركات ومؤسسات تجارية ولم توضع تصميمات فنية معينة لهذه الإعلانات، بل نشرت داخل مستطيلات على شكل بطاقات الدعوة وبداخلها صورة داخل دائرة لسمو الأمير.

خالد النعمة.. أول رئيس تحرير مؤهل أكاديمياً

رغم نجاح السيد عبدالله النعمة في تخطي عقبة العمالة الفنية اللازمة لإدارة المطبعة من خلال استقدام موظفين وفنيين هنود، فإن محاولته لتخطي عقبة ندرة المحررين القطريين لم تنجح، فراح يعتمد في إصدار الصحيفة على فريق من الصحفيين العرب المتباينين في أفكارهم وثقافاتهم وميولهم، من مصر وسوريا والسودان والأردن، إلا أن هؤلاء جعلوا الصحيفة محملة بهموم أوطانهم، فصارت لا تعكس الشخصية القطرية، واستوعب الأستاذ النعمة هذه المشكلة جيداً، وأدرك ضرورة وجود رئيس تحرير قطري مؤهل أكاديمياً لقيادة «العرب»، وآخر لقيادة العروبة، كي يتفرغ هو لرعاية مصالحه واستثماراته التجارية المتشعبة داخل قطر وخارجها.
وسرعان ما وجد مبتغاه في ولده خالد، الذي كان قد أتم دراسته الثانوية بنجاح، فقرر أن يرسله لدراسة الإعلام في موطن الصحافة الأول مصر، وبإنهاء خالد النعمة دراسته عاد إلى قطر ليتسلم مهام رئاسة تحرير الصحيفة القطرية الوحيدة آنذاك، وفي الوقت نفسه انضم شقيقه يوسف إلى مجلس إدارة مؤسسة العروبة للطباعة والنشر؛ ليصبح مسؤولاً عن تحرير مجلة العروبة.
وكان لكتابات الراحل عبد الله حسين النعمة وتعليقاته السياسية التي كان ينشرها في «العرب» و«العروبة» تأثير كبير نظراً للأسلوب الأدبي الذي طغى عليها؛ بسبب حبه للأدب والشعر الكلاسيكي منذ نعومة أظفاره.

يوسف أحمد.. أول رسام

الفنان القطري يوسف أحمد هو أول رسام كاريكاتير في «العرب». ولد أحمد في حي الجسرة عام 1953 وتخرج في مدرسة الدوحة الثانوية، قبل التحاقه بكلية التربية الفنية - قسم الفنون الجميلة - في القاهرة، حيث تخرج منها في عام 1975.كان أول قطري يحصل على درجة الماجستير في الفنون الجميلة، حيث سافر إلى الولايات المتحدة عام 1979 وحصل على درجة الماجستير عام 1982.من المحطات الفنية البارزة في مسيرته الفنية التي يستذكرها باعتزاز، عمله رساماً للكاريكاتير اليومي في «العرب»، حيث نشر مئات الرسومات اليومية التي تناول فيها العديد من القضايا اليومية والحياتية التي تهم المجتمع القطري، بما فيها غلاء المهور وغلاء المعيشة وحتى غلاء السمك. وبجانب الكاريكاتير قام بكتابة العناوين العريضة لـ «العرب»، حيث كان الخطاط الخاص بالجريدة.

أول مقر

طوال خمسة عقود من صدورها، انتقل مقر صحيفة العرب بين عدة مناطق في قطر، تماشياً مع توسع الصحيفة وزيادة عدد العاملين فيها، فضلاً عن الخدمات الإعلانية والطباعة التي وفرتها الصحيفة طوال هذه الفترة، الأمر الذي اضطر ادارتها للانتقال بين عدة مناطق بالدوحة.
وكان المقر الأول للصحيفة في شارع رأس أبو عبود، حيث كان مخصصاً لدار العروبة وصحيفة العرب وجولف نيوز، وهي أول مطبوعة أهلية تصدر باللغة الإنجليزية في قطر، واستمر هذه المقر لسنوات قبل أن ينتقل لمقر آخر.
في كتاب «مشوار حياتي»، والذي يسرد سيرة المؤسس عبد الله حسين النعمة، حرص على وضع عدد من الصور لمقار الصحيفة، والتي شهدت الانطلاقة الأولى لها، وعدد من المكاتب التابعة لدار العروبة، والتي كانت توزع الكتب، وكذلك صور لماكينات الطباعة وغيرها من الصور التي تؤرخ لهذه المرحلة المهمة من تاريخ الصحافة القطرية.