دعا خبراء ومواطنون إلى تسريع تنفيذ مشاريع التشجير والتوسع في زراعة مواقع جديدة، بما فيها الأحياء السكنية والشوارع الخارجية لزيادة الرقعة الخضراء وتعزيز الغطاء النباتي في البر، مع تأكيدهم أن مستوى التشجير البيئي في المدن والمناطق البرية لا يرقى من وجهة نظرهم – حتى الآن - إلى الطموح ولا يحقق أهداف رؤية قطر 2030 فيما يتعلق بجودة الحياة والعناية بالبيئة، باستثناء بعض الشواهد الجميلة مثل زراعة الشوارع الرئيسية والداخلية في جزيرة اللؤلؤة، وكذلك مشروع تشجير مطار حمد الدولي، والطريق المحاذي للمطار باعتبارهما من انجح واجمل مشاريع التشجير في الدولة، مطالبين بتعميم هذه النماذج على مناطق حيوية أخرى، مقترحين تخصيص يوم للتشجير أسوة باليوم الرياضي للدولة، على أن يوكل الإشراف على التشجير إلى هيئة مستقلة برؤية واضحة لتفادي أوجه القصور من الجهات ذات العلاقة بتشجير المدن والبر القطري.
وأشادوا بأهمية مبادرة زراعة المليون شجرة التي أطلقتها وزارة البلدية عام 2019 في ترسيخ ثقافة التشجير وتوعية الأجيال بأهميته، وأشاروا إلى أهمية إشراك مختلف مؤسسات الدولة في غرس أشجار من بيئتنا المحلية بما فيها توزيع الشتلات البرية على أصحاب المخيمات والعزب للمساهمة في زيادة الوعي البيئي، حيث تخللت مواسم التخييم السابقة سلوكيات خاطئة وسلبية تمثلت في ظاهرة التحطيب الجائر.. وما تسببه من «ضغوط كبيرة» على الغطاء النباتي والبيئة البرية القطرية التي تعاني من جفاف وقلة الأمطار في معظم أشهر السنة. حيث هنالك من يستغل خيرات المناطق البرية مع دخول فصل الشتاء ويمد يده إلى ثروة البيئة القطرية للمساس بها للأسف، من خلال قطع أشجار السمر وغيرها للاستفادة منها أو بيعها في موسم التخييم والبر. بينما يجب على هواة البر أن يتمتعوا بحس المسؤولية ويعبروا عن تقديرهم للقيمة التراثية والبيئية للأشجار، فيحرصون على الحفاظ عليها لأنها تمثل موروثاً مهماً، وبالتالي يجب اختيار (القِطع الجافة) دون التعرض لأغصانها الخضراء بالكسر والإتلاف.
المهندس حمد لحدان المهندي: نتمنى إطلاق زراعة مليون شجرة أخرى في البر
قال المهندس حمد لحدان المهندي إن الاهتمام بالتشجير في أنحاء الدولة زاد خلال السنوات الأخيرة، تقريبا اغلب الطرق الخارجية بدأنا نرى فيها المساحات الخضراء، داعيا إلى إشراك المجتمع في التشجير وزراعة المناطق الفضاء بين الأحياء السكنية وأن تعطى لها الأولوية.
وأشار إلى أنه في الفترة الأخيرة لاحظت أن ثقافة التشجير بدأت تنتشر بين الشباب للزراعة في المنازل او العزب او حتى المخيمات، وهذا امر طيب جداً، منوها بالحاجة الى دعم حكومي ومبادرات حكومية لتشجيع المواطنين على التشجير، كما نوه بمشروع المليون شجرة ورأى أنه مشروع ممتاز زاد من وتيرة التشجير في داخل المدن والطرق الخارجية، ونتمنى اطلاق مشروع آخر لزراعة مليون شجرة في البر.
وتوقع المهندي زيادة المساحات الخضراء في قطر خلال السنوات الثلاث القادمة إذا استمرت وتيرة التشجير كما نراها الآن من قبل وزارة البلدية وهيئة الأشغال العامة، حيث بدأنا نلاحظ اللون الأخضر يغطي شوارعنا بما فيها الطرق الخارجية وطريق الخور الساحلي، حيث ساهم التشجير في تخفيف زحف الرمال في العواصف الترابية على عكس ما كان عليه الأمر في السابق، بينما شوارع خارجية أخرى غير مشجرة تعاني من زحف الرمال.
وأشار إلى أن احد الأمور التي تغيرت في قطر بشكل كبير في الفترة الأخيرة هو موضوع التشجير، حيث اكتست الشوارع في فترة قياسية اللون الأخضر وهذا ما كنا نفتقده سابقاً، لذلك نحن في حاجة إلى تضافر جهود كل الجهات من اجل دعم إضافي لمشاريع التشجير ودعم موازنات التشجير والمسطحات الخضراء، مؤكدا ان «قطر خضراء» حلم نطمح لتحقيقه ونستطيع ذلك بإذن الله.
ورأى المهندي أن تصوير الناس للروض وهي مخضرة لهو دليل على أننا متلهفون ونفتقر اللون الأخضر، ونحتاج الى زيادة في التشجير في جميع طرقنا وساحاتنا «الممشيات الموجودة داخل المدن لا يستطيع احد المشي عليها خلال فترة الصيف، لكن لو تمت زراعتها ستنخفض فيها درجات الحرارة وستكون مناسبة للمشي والتنقل للمسافات القصيرة»، مؤكدا أن التشجير هو الحل الوحيد لخفض درجات الحرارة العالية في الخليج «نحنُ بحاجة الى زيادة معدلات التشجير أضعاف الوضع الحالي»، وأوضح أن أكثر دول العالم بحاجة الى تشجير هي دول الخليج، حيث حرارة الطقس في الصيف تحتاج الى اماكن مظللة، مشيرا الى ضرورة أن تولي دول الخليج التشجير أهمية وأن لا نضعها في آخر الأولويات بسبب الضرر البيئي الذي أحدثته الطفرة الصناعية في هذه الدول.
وأشار إلى أن الأحياء السكنية بحاجة الى مخططات افضل من الحالية، ليس فقط من ناحية المسكن، ولكن يجب أن تتوفر في الحي السكني المسارات والحدائق ومناطق ألعاب الأطفال، خصوصاً مع مساحات أراضي السكن الجديدة والتي لا تتعدى 1000 متر مربع، مشيرا إلى حاجة هذه الأحياء إلى التشجير والمسطحات الخضراء.
الناشط البيئي علي الحنزاب: مبادرة شخصية لمكافحة التصحر
دعا الناشط البيئي علي الحنزاب، صاحب «مبادرة علي الحنزاب للتشجير ومكافحة التصحر» المواطنين إلى المشاركة في المبادرات البيئية وزراعة الاشجار للحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية، لضمان استدامتها، حفاظًا على حقوق الأجيال القادمة.
وأكد ان فكرة «مبادرة علي الحنزاب للتشجير ومكافحة التصحر» انطلقت عام 2019 بهدف المحافظة على البيئة واستدامتها وحماية التنوع الحيوي والمحافظة على الموارد الطبيعية – ماء، تراب، هواء، نباتات، وكائنات حية – واستدامتها للأجيال القادمة في الدولة.
وأوضح أن المبادرة تهدف إلى إعادة تأهيل البيئة القطرية من خلال استزراعها بالنباتات البرية المحلية الأصيلة والمحافظة عليها وحماية النباتات البرية والرعوية والطبية سواء في البر أو الروض أو قرب الشواطئ من خطر الانقراض أو الاندثار – بفعل الرعي الجائر أو الاحتطاب أو دهس النباتات أو التوسع العمراني أو الجفاف -، كما تهدف إلى المساهمة في نشر الوعي والتثقيف البيئي بين مختلف شرائح المجتمع، وغرس مفاهيم حب البيئة وسبل حمايتها في نفوس الأطفال والنشء والشباب وتشجيعهم للمساهمة في الحفاظ على موروثهم البيئي والثقافي واستدامته للاجيال القادمة، وذلك انطلاقا من واجب ديني أولاً وواجب وطني ثانياً.
وأشار إلى أن المبادرة تساهم في اشراك طلاب المدارس في استزراع النباتات البرية سواء في مدارسهم أو في الحملات البيئية التي تطلقها المبادرة، الى جانب تدريب طلاب المدارس والجامعات والمهتمين بالنباتات البرية بالتعاون مع الجهات الرسمية والخاصة. كما أن المبادرة تقود إلى استزراع وتوزيع الشتلات البرية على المهتمين والمتعاونين سواء باستزراع البر القطري والروض او العزب والعزب الجوالة والمساجد والمدارس والشوارع والطرقات.
وتابع: تركز المبادرة على إنتاج واكثار واستزراع الأشجار والشجيرات المحلية وخاصة النادرة والمهددة بالانقراض ومنها الغافن العبل، العرفج، الجعد، العتر، السلم، السمر، السدر البري، خناصر العروس والغضا وغيرها.
د. سيف الحجري: مشروع «شجرة بلادي» لرفع الوعي
أكد الدكتور سيف الحجري الخبير البيئي، أهمية حملات التشجير والتوعية البيئية في زيادة الغطاء النباتي في بر قطر، ورفع الحس البيئي وزيادة المسؤولية لدى المواطنين تجاه حماية الأشجار والمحافظة عليها، منوهاً في هذا السياق باستمرار الحملات البيئية بهدف تشجير الأراضي الصحراوية الشاسعة وزيادة الرقعة الخضراء وتعزيز الغطاء النباتي في المشهد القطري، بما فيه الروض والطرق والأماكن العامة.
واشار إلى ان قضية الحفاظ على البيئة تستأثر بالاهتمام على أرفع المستويات لوقف تدهور مظاهر الحياة على كوكب الأرض، ومهما كانت الإجراءات المتبعة للحفاظ على البيئة، إلا أن القناعة تتكرس يوما بعد يوم بأن الطريق إلى بيئة نظيفة وجميلة يمر عبر بوابة التخضير، فالنباتات لها العديد من الفوائد والتي تحتم علينا الاهتمام بها والعمل المتواصل من أجل حمايتها وإكثارها فهي تلطف الجو وتنظم حرارته وتزيد الرطوبة بالأماكن الجافة وتقلل من نسبة التلوث في البيئة، فهي تحقق أغراضاً متعددة بيئية وصحية وهندسية وتنسيقية وجمالية.
ودعا إلى إيجاد أفكار إبداعية في تنفيذ مشاريع التشجير بحيث تضفي جمالا على مدن وشوارع قطر، مؤكدا أن التشجير وزيادة المساحات الخضراء من أهم الأولويات التي تتنافس البلديات بها لإظهار مدى عنايتها بالمدينة وخاصة في المناطق الصحراوية التي تشكو من ارتفاع درجات الحرارة والعواصف الترابية والرملية وذلك لما تحققه النباتات من أهمية بالغة في تعديل المناخ المحلي وتلطيفه، وعلى تحسين التربة وزيادة خصوبتها، وعلى منع التلوث وتقليل آثار الغبار وكسر حدة الرياح، والتخفيف من الضجيج والأصوات المزعجة.
وأشار الدكتور الحجري إلى برنامج «شجرة بلادي» والذي يهدف إلى زيادة المسطح الأخضر لدولة قطر ودعم التنوع الحيوي، وزيادة وعي المجتمع بأهمية الغطاء النباتي في الحفاظ على البيئة من التدهور والتصحرن وإضفاء المزيد من مظاهر البهجة على البيئة والإسهام في علاج الاحتباس الحراري والتغيرات المناخية، إلى جانب التعريف بالفوائد الاقتصادية والطبية للنباتات والحث على حسن استغلالها وإدخال وتوطين أنواع من الأشجار ذات القابلية للتكيف مع بيئتنا المحلية.
واستعرض أهمية مشروع التشجير في تلطيف المناخ والتنوع الحيوي والحد من تأثير العواصف الترابية وتخفيف وطأة التلوث الناجم عن المواصلات، وتوفير بيئة صحية للسكان وإيجاد هوية تجميلية مميزة لمدن وقرى وشوارع دولة قطر وتقليل نسبة تلوث الهواء وتنقيته من خلال زيادة نسبة الأكسجين في الجو.
وأضاف: لقد التزمنا بالأسس والضوابط العلمية للتشجير عند تحديد نباتات المشروع بحيث راعينا اختيار الأنواع ذات القدرة على النمو في الأجواء القاحلة، والاحتفاظ بالماء، وتحتاج القليل من أعمال الرعاية، ومن أهم أنواع النباتات المتوائمة مع البيئة القطرية: السدر، الغاف، السمر، القرظ السنط والعوسج كما تم جلب نباتات ذات قدرة عالية على التكيف مع بيئتنا المحلية مثل: المورنجا والنيم.
علي بن درعة: إشراك مختلف فئات المجتمع في زراعة الأشجار
دعا الناشط علي بن درعة أحد مشاهير مواقع التواصل إلى تنفيذ حملات وطنية لزيادة المساحات الخضراء في الطرق والأماكن العامة، بمشاركة مختلف فئات المجتمع مع وضع خطة إستراتيجية واضحة لتفادي القصور من الجهات ذات العلاقة بالتشجير.
وقال إن «زراعة مليون شجرة» التي أطلقتها وزارة البلدية هي بادرة مميزة لزيادة رقعة التشجير والحفاظ على البيئة، منوها بالمزيد من الحملات وتخصيص يوم للتشجير على غرار اليوم الرياضي لضمان تحقيق أكبر قدر من النجاح.. مع إشراك المزيد من فئات المجتمع في هذه المبادرات بما في ذلك إتاحة الفرصة لطلاب المدارس للمشاركة في زيادة الرقعة الخضراء، منوهاً بالتأثير الإيجابي على تكوين شخصية النشء وتوعيتهم فيما يتعلق بالحفاظ على البيئة وزراعة الأشجار وزيادة المسطحات الخضراء.
ولفت إلى أهمية تكثيف الرقابة في المناطق البرية في مثل هذه الأوقات للحد من التجاوزات التي تزداد في موسم الشتاء، وما تسببه من «ضغوط كبيرة» على الغطاء النباتي والبيئة البرية التي تعاني من الجفاف وقلة الأمطار في معظم أشهر السنة، منوهاً بأهمية التوعية البيئية سواء لأصحاب العزب أو لمرتادي البر في موسم التخييم وضمان موسم تخييم بحد أدنى من المخالفات، تعزيزاً للحفاظ على البيئة والحياة الفطرية في دولة قطر.
وأكد عدم التهاون مع المخالفين الذين يرتادون البحر أو البر، خصوصاً في عطلة نهاية الأسبوع، مع تغليظ العقوبة على من يقطعون الأشجار بغرض التدفئة، مشيراً إلى أن الجدية في رصد المخالفات من شأنها ردع المستهترين والتزام مرتادي البر بالشروط والقوانين، أما أصحاب التراخيص فهم ملتزمون – اجمالا – بالقوانين البيئية.
واقترح وجود نقاط ثابتة لدوريات الحماية البيئة للحد من التجاوزات التي يشهدها البر بشكل مستمر، سواء من قبل أصحاب العزب أو أصحاب المخيمات، والمرور على مواقع العزب والمخيمات بشكل يومي للتأكد من التزام اصحابها بالاشتراطات والقوانين البيئية لحماية خيرات المناطق البرية مع دخول فصل الشتاء ممن يستغلونها للتحطيب أو بيعها في هذه الأوقات. داعيا المخيمين إلى تقدير القيمة التراثية والبيئية للأشجار والحفاظ عليها لأنها تمثل موروثاً هاماً. منوها بضرورة اختيار (القِطع الجافة) دون التعرض لأغصانها الخضراء بالكسر والإتلاف.
عبدالهادي الشناوي: رفع الوعي البيئي لدى الطلاب بأهمية المساحات الخضراء
قال الاستاذ عبدالهادي الشناوي، نائب المدير للشؤون الأكاديمية في مدرسة الرازي الإعدادية للبنين، إن مشاركة الطلاب في المبادرات البيئية وزيادة المسطحات الخضراء تساهم في بناء شخصيتهم وتوعيتهم مبكراً بالقضايا البيئية وتعزيز انتمائهم لقطر، مشيرا إلى ما يعانيه العالم من ظاهرة الاحتباس الحراري، حيث أدرجت مدرسة الرازي الإعدادية للبنين مبادرة (بيئتي أجمل) ضمن خطة الأنشطة اللاصفية، والتي قدمها المهندس مهند أبوليلى وحضرها عدد من طلبة المدرسة وإدارتها، وأشار إلى أن المبادرة ساهمت في رفع الوعي لدى الطلاب على زيادة الرقعة الخضراء بالدولة ووزع شتلات على الطلاب وقام بزراعة شتلات أخرى داخل المدرسة كما أن خطة المدرسة للفصل الدراسي الثاني تشمل رحلة لطلبة المدرسة إلى شاطئ الوكرة للعائلات للعمل على تنظيفه كمبادرة من طلبة المدارس للحفاظ على البيئة البحرية بالدولة.
وأكد ان زيادة المسطحات الخضراء في المساحات الفضاء والاهتمام بتشجيرها تساهم في الارتقاء بالشكل الحضاري للمناطق الحضرية، فضلا عن تحقيق التوازن البيئي في هذه المناطق ونشر الخضرة منوها بدورها في إقامة مصدات طبيعية من الأشجار لحماية المدن من الرياح المحملة بالغبار. فالأحزمة الخضراء تحد من تأثير العواصف الترابية ولها العديد من الايجابيات والفوائد البيئية.
ونوه بضرورة الاهتمام بزراعة الأشجار التي تشتهر بها البيئة القطرية مثل أشجار السمر والسدر والغاف، علها تسهم هذه الجهود في رؤية قطر خضراء كما يطمح المواطنون والمسؤولون وكل من يقيم في قطر.