الأمن الغذائي يتصدر أولويات الاستثمار القطري بالسودان
حوارات
05 ديسمبر 2011 , 12:00ص
حوار: سنهوري عيسى
رحب مستشار الرئيس السوداني ومقرر المجلس الأعلى للاستثمار الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل بزيارة سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ولي العهد الأمين للخرطوم يوم أمس. وشارك سموه في أعمال الملتقى الاقتصادي السوداني القطري أمس، كما دشن عددا من المشاريع القطرية بالدولة العربية الشقيقة. ووصف
د. مصطفى زيارة ولي العهد للسودان بأنها فاتحة لمرحلة جديدة في علاقات البلدين الشقيقين لإرساء علاقات شراكة اقتصادية واستثمارية راسخة تعود على الشعبين الشقيقين بالخير، إلى جانب التأسيس لشراكة تكاملية واستراتيجية في مجال الأمن الغذائي لتحقيق الاكتفاء للبلدين. وقال مستشار الرئيس السوداني في حوار مع «العرب» إن الربيع العربي سينعكس خيراً على السودان بتدفق الاستثمارات العربية والقطرية، خاصة أنه (أي الربيع العربي) وقفة في مجال الإصلاح السياسي والديمقراطي. وقال إن هذه الحقبة تطل برأسها فيما حققت بلاده خطوات مهمة تجاه الديمقراطية عبر إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بمراقبة دولية ومحلية، كما يأتي انعقاد أعمال الملتقى الاقتصادي السوداني القطري الثالث والحكومة السودانية خطت خطوات عملية نحو بناء (حكومة القاعدة العريضة) بمشاركة معظم الأحزاب السودانية وفي مقدمتها الحزب الاتحادي الديمقراطي بزعامة محمد عثمان الميرغني وحزب الأمة القومي بزعامة الصادق المهدي اللذين تم تعيين نجليهما مساعدين لرئيس الجمهورية في الحكومة الجديدة بالبلاد والتي سيكتمل تشكيلها بمشاركة قوى سياسية أخرى.
اعتبر مستشار الرئيس السوداني تشريف سمو الشيخ تميم لفعاليات أعمال الملتقى الاقتصادي السوداني القطري الثالث المنعقد بالخرطوم تحت شعار «نحو شراكة استراتيجية» بمشاركة حوالي 95 من الشركات ورجال الأعمال والمستثمرين القطريين ورجال الأعمال في البلدين، تمتينا للعلاقات السودانية القطرية، وتنفيذا لتوجيهات حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدى خلال زيارته للسودان في شهر أكتوبر الماضي للمشاركة في فعاليات افتتاح الطريق القاري الذي يربط بين السودان وإريتريا، حيث اتفق سموه مع الرئيس عمر البشير على خلق شراكة استراتيجية بين السودان وقطر لتأمين غذاء البلدين والاستفادة من فوائض أموال القطرية في استغلال المواد والفرص الاستثمارية المتاحة بالبلاد في كافة المجالات إلى جانب استمرار قطر في مواقفها الداعمة دوما للسودان في كافة المحافل الإقليمية والدولية وهذه المواقف التي تعبر عن الإخاء الصادق والالتزام التام والمسؤول تجاه الأمة العربية وشعوبها وقضاياها.
التأسيس لشراكة تكاملية
وأعلن مستشار الرئيس السوداني عن أن جلسات الملتقى ستشهد تقديم المشروعات القومية الخاصة بالأمن الغذائي، التعدين، النفط ومشروعات في مجال الخصخصة، بجانب جلسة ستخصص لنماذج من الاستثمارات القطرية القائمة في السودان (والتي تشمل شركة الديار، بنك قطر الوطني، شركة مواشي، مجموعة مكين) فيما خصصت الجلسة الثالثة لطرح فرص ومجالات الاستثمار في الولايات.
وأكد مستشار الرئيس السوداني أن الملتقى الاقتصادي يؤسس لشراكة تكاملية واستراتيجية في مجال الأمن الغذائي لتحقيق الاكتفاء للبلدين، حيث سيشهد ختام أعمال الملتقى التوقيع على عدد من الاتفاقيات بين البلدين في عدد من المجالات فيما سيخاطب ختام الملتقى الأستاذ علي عثمان محمد طه النائب الأول لرئيس الجمهورية وسمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ولي العهد.
¶ ما الترتيبات التي وضعتموها في حكومة السودان لإنجاح الملتقى وزيارة سمو ولي العهد؟
- وضعنا برنامجا متكاملا لإنجاح الزيارة وتحقيق أهدافها، ومنذ قليل خرجت من اجتماع للمستثمرين القطريين، مع رجال الأعمال السودانيين وولاة الولايات والذين قدموا للمستثمرين القطريين مشاريع استثمارية جاهزة للاستثمار في مجالات الزراعة والصناعة والسياحة، كما جرى حوار عميق بين رجال الأعمال السودانيين والقطريين، وما تم خلال هذا اللقاء سيكون حافزاً لإنجاح فعاليات الملتقى الاقتصادي السوداني القطري الثالث والذي يعقد تحت شعار (نحو شراكة استراتيجية) ويرعاه الأستاذ علي عثمان محمد طه النائب الأولى لرئيس الجمهورية ويشرفه سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ولي العهد، كما يأتي الملتقى بعد 5 سنوات على انعقاد الملتقى الاقتصادي الأول في عام 2007، والملتقى الاقتصادي الثاني في عام 2008، وبعد قرار فخامة الرئيس السوداني عمر البشير وحضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدى في زيارته الأخيرة للبلاد في أكتوبر الماضي ومشاركته في افتتاح الطريق الرابط بين السودان وإريتريا، والتي قررا فيها الارتقاء بهذه العلاقة بين البلدين إلى (علاقة استراتيجية)، ولذلك الملتقى يأتي في هذا الإطار، لوضع (لبنة الشراكة الاستراتيجية) في المرحلة القادمة، ولذلك فسمو ولي العهد سيفتتح المرحلة الأولى لمشروع (مشيرب) على ضفاف النيل الأزرق بالخرطوم بحري والذي تنفذه شركة الديار القطرية، حيث اكتملت 4 عمارات سكنية من المشروع وتم تسليم جزء من الشقق إلى المواطنين والبعض الآخر في الطريق، كما سيقوم صاحب السمو بوضع حجر الأساس للمرحلة الثانية لمشروع مشيرب الذي يشمل 4 عمارات سكنية أخرى، كما سيضع حجر الأساس لفندق 5 نجوم وسيقوم ولي العهد بافتتاح المرحلة الأولى من بنك قطر الوطني والذي امتلك مقراً بالخرطوم، وافتتح 5 فروع له بالسودان، كما يعتبر بنك قطر الوطني من أكثر البنوك ربحية بالسودان، كما سيضع صاحب السمو حجر الأساس لمشروع شركة المواشي القطرية بالخرطوم التي بدأت استثماراتها في مجال اللحوم وتقوم بتصدير اللحوم إلى الدوحة وموانئ الخليج الأخرى، وستتمدد في عملها بالسودان في مجال الإنتاج الحيواني، وكذلك سيضع صاحب السمو حجر الأساس لمشروع الآثار القطري السوداني.
كما أن الملتقى سيشهد تقديم الوزراء المختصين لمشروعات استثمارية جاهزة في مجالات الأمن الغذائي والزراعة والثروة الحيوانية والمعادن والذهب والنحاس والصناعة خاصة السكر والأسمنت والأدوية، ومجال البنى التحتية من طرق وكبارٍ، كما يستمع الملتقى إلى نماذج من الاستثمارات القطرية بالسودان، وأيضا يشارك في الملتقى مديرو عموم البنوك الأجنبية والسودانية، حيث ستقوم هذه المصارف بتمويل هذه المشروعات الاستثمارية.
¶ هل هناك لقاءات رسمية لبحث القضايا السياسية والتعاون بين البلدين على المستوى الرسمي؟
- نعم: سمو ولي العهد سيلتقي بعد هذه الافتتاحات برئيس الجمهورية وسيجري مباحثات مع النائب الأول لرئيس الجمهورية، وبعد ذلك سيشهد ولي العهد الجلسة الختامية للملتقى ويخاطبها إلى جانب النائب الأول لرئيس الجمهورية الأستاذ علي عثمان محمد طه، كما سيشهدان توقيع العديد من الاتفاقيات في مجال المعادن والبترول وفي مجال العقارات والأمن الغذائي، ومجالات أخرى تتعلق بتنشيط تنفيذ بروتوكول التعاون الموقع بين القطاع الخاص في البلدين.
وأضاف: الملتقى فرصة واسعة جداً للمستثمر القطري للوقوف على مجالات الاستثمار المتاحة بالسودان، وحوافز وقانون الاستثمار الجديد، ويفتح المجال واسعاً لحوار عميق بين القطاع الخاص في البلدين وبهذا نكون قد نجحنا في بناء شراكة استراتيجية بين السودان وقطر.
¶ بعد «الربيع العربي» الذي غير أنظمة حكم كثيرة بينها دول مجاورة للسودان، كيف تنظرون إلى زيارة سمو ولي العهد إلى الخرطوم وبناء علاقات معها؟
- أجاب بسرعة: الأصل في العلاقات بين الدول والشعوب أنها تؤسس لعلاقات استراتيجية بغض النظر عن الحكومات التي تذهب وتأتي أخرى غيرها، ولكن العلاقات بين البلدين الشقيقين تظل قوية ومتينة، ولقد قدر الله أن يكون على رأس دولة قطر حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدى، وعلى قيادة السودان صاحب الفخامة المشير عمر البشير، وهما بالتأكيد لهما دور كبير في دفع هذه العلاقات، ولكن الشعبين السوداني والقطري رحبا بـ «الربيع العربي»، ونحن في السودان رحبنا بـ «الربيع العربي» وما حدث من متغيرات في الدول العربية، ونحن نرى أثره على السودان سينعكس إيجاباً وخيراً خاصة في مجال الأمن، فبعض الدول المجاورة التي تأثرت بالربيع العربي كانت تساهم في تأزيم الأوضاع بالسودان، والربيع العربي سينعكس خيراً على السودان خاصة أن مواقفه كانت مستقلة وواضحة، حيث بادر السودان في مجال الإصلاح السياسي والديمقراطي، فهنالك انتخابات دورية بالسودان، وقد جرت هذه الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في جو ديمقراطي وشاركت فيها الأحزاب وتمت مراقبتها دولياً ومحلياً، والآن يأتي انعقاد هذا الملتقى مع بداية تشكيل (حكومة القاعدة العريضة) والتي شاركت فيها معظم الأحزاب السودانية وفي مقدمتها الحزب الاتحادي الديمقراطي بزعامة محمد عثمان الميرغني وحزب الأمة القومي بزعامة الصادق المهدي اللذين تم تعيين نجليهما مساعدين لرئيس الجمهورية في الحكومة الجديدة بالبلاد والتي سيكتمل تشكيلها بمشاركة قوى سياسية أخرى، كما أننا في السودان نتجاوب مع أطروحات الربيع العربي بـ(محاربة الفساد ومحاربة الاستبداد والدكتاتورية) ونقيم معاني الشورى والديمقراطية، ورفضنا التبعية للأمة، ونحن خَدَمة للأمة، كما أن الشعب السوداني قادر على أن يختار من يحكمه، وليس لدينا برامج للتوريث، وليس لدينا برامج لحكم مدى الحياة، وإنما لدينا برنامج إصلاحي قائم على الشورى.
¶ مقاطعة: هل يفهم أن زيارة سمو ولي العهد تأتي في إطار تعزيز العلاقات الاقتصادية والشراكة الاستراتيجية فقط؟
- نعم، فهي لتمتين العلاقات بين البلدين.
¶ ماذا يتوقع السودان من قطر خلال هذه الزيارة لولي العهد؟
- السودان يتمتع بموقع ممتاز وموارد ضخمة لم تستغل في كافة المجالات، كما أن لقطر فوائض مالية ضخمة وخبرات في مجال السياحة والآثار وفوائض مالية تبحث عن الاستثمار، ونحن ننظر إلى هذا الاستثمار كـ(مثلث) أضلاعه الثلاث تتكون من المستثمرين القطريين بفوائضهم المالية وخبراتهم في الاستثمار، والضلع الثانية حكومتا قطر والسودان والضلع الثالثة هو المواطن، وهذه الأضلاع الثلاث عندما تطمئن على مصالحها وأنها تحقق أرباحاً في العملية الاستثمارية تكون قد حققت (الشراكة الاستراتيجية) بينها، ونحن طرحنا مواردنا التي لم تستغل، وقطر لديها الفوائض المالية والخبرات، وبالتالي كلانا سيربح.
¶ مقاطعة أخرى: ما أولويات الاستثمارات السودانية القطرية برأيك في هذه المرحلة؟
أجاب: حسب توجيهات حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدى وفخامة الرئيس السوداني عمر البشير فإن الأولوية القصوى للأمن الغذائي، وتوفير الأمن من القمح واللحوم والأعلاف والسكر والزيوت لتحقيق الاكتفاء الذاتي للبلدين ثم الصادر، وكذلك الاستثمار الصناعي خاصة في مجال الأسمنت والزيوت، ثم المشروعات العقارية، والسياحية والأثرية، وهذا يتطلب فتح عدد من المصارف القطرية بالسودان والتي تمكن المستثمر القطري من الحصول على التمويل اللازم لهذه المشروعات، وهذا قد تم والآن هنالك بنوك قطرية بالسودان.
¶ هل أنت متفائل بنجاح الملتقى وإلى أي مدى؟
- نعم، هنالك تفاؤل كبير بنجاح الملتقى الاستثماري السوداني القطري من خلال اللقاء الذي خرجت منه، والذي ضم رجال الأعمال القطريين والسودانيين وولاة الولايات، فقد كان هذا اللقاء ممتازاً بين الجانبين، وسينعكس هذا على نجاح الملتقى، والذي بدأ التحضير له منذ وقت مبكر بأحدث الوسائل والدراسات كما سيشهد النائب الأول لرئيس الجمهورية وسمو ولي العهد توقيع اتفاقيات تعاون واستثمار في كافة المجالات خاصة المعادن والزراعة والصناعة من أجل تأمين الغذاء للبلدين والصادر.