تحت رعاية معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية تحتفل وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي، اليوم الأحد، باليوم العالمي للمعلم، تحت شعار «عطاء يثمر أجيالا». وسيشهد الحفل تكريم كوكبة من المعلمين عرفانا بمسيرة عطائهم المتميزة ودورهم المحوري في إعداد الأجيال وصناعة المستقبل.
وبمناسبة هذا اليوم، تظل أيام الدراسة حاضرة في ذاكرة كل منّا، كأجمل محطات العمر، فهي البوابة الأولى لاكتشاف العالم. وحَمَلة هذه الرسالة العظيمة هم المعلمون الذين يتركون بصمة لا تُمحى مهما مرّ الزمن فهم الركيزة الأساسية في بناء الأجيال. وهناك أمثلة كثيرة لمعلمين غيروا مفاهيم كثيرة في نفوس طلابهم، وهنا نعرض شهادة خمس شخصيات نسائية عن التاثير الإيجابي لـ «رسل العلم» عليهن.
شهد عيسى: الإعدادية علامة فارقة بسبب معلمتي عائشة أبو الشوك
تقول شهد عيسى بكالوريوس إعلام مسار إذاعة وتلفزيون بجامعة قطر: من بين جميع المحطات التي مررت بها في حياتي الدراسية، تبقى المرحلة الإعدادية علامة فارقة بسبب معلمتي الفاضلة عائشة أبو الشوك، مدرسة اللغة الإنجليزية. لم تكن مجرد معلمة تنقل لنا القواعد والمفردات، بل كانت قدوة حقيقية تنير لنا الطريق. كانت تؤمن بقدراتنا وتشجعنا على المحاولة مهما أخطأنا، وتردد دائمًا أن كل خطأ هو خطوة نحو النجاح. بهذه الكلمات غرست في داخلي الثقة بالنفس، ليس فقط في تعلم اللغة الإنجليزية، بل في مواجهة التحديات عمومًا.
وأضاقت شهد: أسلوبها في التدريس جمع بين الحزم واللطف، وبين الجدية والابتسامة. كانت تعرف كيف تجعل الدرس ممتعًا ومفيدًا في الوقت نفسه. شخصيتها الملهمة أثرت فيَّ بعمق، وجعلتني أدرك أن دور المعلم يتجاوز التعليم ليصل إلى بناء الإنسان واليوم، وأنا أستعيد تلك الذكريات، أشعر بامتنان كبير لمعلمة تركت بصمتها في حياتي وجعلتني أؤمن أن القدوة الحقيقية قادرة على تغيير المسار نحو الأفضل.
آمنة يوسف: د. حسن البراوي من أنجح القيادات الأكاديمية
تقول آمنة يوسف طالبة دكتوراه في العلوم القانونية بجامعة حمد بن خليفة: نشأتُ في بيئة محافظة متشبّعة بالقيم الدينية، وتدرّجت في تعليمي مرورًا بمراحل تعليمية تركّز على مبادئ الشريعة والمعاملات الفقهية. وكانت بداياتي الدراسية في مدرسة دخان، حيث قضيت سنوات ممتعة تركت في نفسي أثرًا عميقًا. فقد كانت المدرسة بالنسبة لي أكثر من مجرد مكان للتعلم، بل فضاء لصقل شخصيتي، وبناء صداقات، واكتساب قيم التعاون والجد والاجتهاد. هذه التجربة المدرسية عززت في داخلي حب المعرفة، ومهّدت الطريق لانتقالي لاحقًا إلى كلية القانون بجامعة قطر.
وأضافت آمنة: في لحظة مفصلية لا أنساها، تمّت دعوتي لإجراء مقابلة قبيل القبول في الكلية، وهناك التقيت بالدكتور حسن البراوي، الذي كان ــ ولا يزال ــ مصدر إلهام بالنسبة لي منذ بداية مشواري الأكاديمي. لقد تم قبولي مباشرة بعد تلك المقابلة، وبدأت دراسة القانون بحماسة متجددة. وكانت كلمات الدكتور خلال تلك المقابلة محفزًا كبيرًا لي، حيث قال لي:»أنتِ ستكونين قانونية ناجحة جدًا، وأرى فيكِ مستقبلًا زاهرًا»، وهي كلمات لا تزال عالقة في ذهني حتى اليوم، تشجّعني كلما واجهت تحديًا في طريقي.
وتابعت: كان أول مقرر دراسي لي هو «المدخل إلى القانون» مع الدكتور حسن، وقد حصلت فيه على درجة عالية، ليس لمجرد الحفظ، بل لأن طريقة شرحه كانت تفتح أمامي أبواب الفهم العميق. ومن هنا، بدأ شغفي بالقانون المدني، وتحديدًا في مجال العقود، يتشكّل وينمو. وفي السنة الثالثة، شرفت بالعمل مع الدكتور كمساعد تدريس، وهو ما عمّق تجربتي الأكاديمية وأكسبني مهارات بحثية وتدريسية مبكرة. تخرّجتُ بمعدل مرتفع، واستمر اهتمامي بالقانون المدني حتى تخصّصت في الماجستير في عقود الإنشاءات الدولية، وأنا اليوم طالبة دكتوراه في جامعة حمد بن خليفة، أبحث في الإطار القانوني للعقود الذكية في سلاسل التوريد الإنشائية، وعلى مشارف التخرج بإذن الله.
وأضافت: ولا يسعني في هذا السياق إلا أن أُشيد بمكانة الدكتور حسن البراوي، فهو من أنجح القيادات الأكاديمية التي عرفتها، حيث كان من أبرز إنجازاته مؤخرًا تأليف موسوعة القانون المدني القطري، التي تُعد مرجعًا نوعيًا وثرِيًا للباحثين والممارسين على حد سواء، فكانت دروسه، وأمثِلته العملية، وحواراته داخل قاعة المحاضرات، من أهم العوامل التي رسّخت في ذهني الفهم القانوني المتين والواقعي.
واختتمت آمنة بالقول: لقد كنتَ ــ يا دكتور حسن ــ نعم القدوة، ومصدر الإلهام، ولا يسعني إلا أن أقول: جزاك الله عني خير الجزاء، فقد اوضح لي الفرق بين المعلم الذي يشرح الدرس والمعلم الذي يجعل الطالب يرى نفسه في الدرس، فالاول يعلم والثاني يغير حياة.
أحلام حسن: معلم «العربية» سبب حبي للأشعار وجماليات اللغة
تعود أحلام حسن (من الصومال) الحاصلة على ماجستير في إدارة الأعمال بذاكرتها إلى سنوات المدرسة المتوسطة والثانوية، وتقول: في تلك الفترة أجد أن بعض المعلمين كان لهم أثر عميق في حياتي. لم يكونوا مجرد ناقلي معرفة، بل كانوا مصدر إلهام وقدوة حقيقية لي. فقد شكلوا شخصيتي وساعدوني على اكتشاف شغفي، حتى إنني أرى نفسي اليوم انعكاسًا لجزء كبير من شخصياتهم.
وتضيف: كنت دائمًا محبة للقراءة والبحث عن المعرفة الجديدة، وهؤلاء المعلمون شجعوني على ذلك بطرق مميزة. لم يقدموا لي الهدايا المادية مثل الشوكولاتة، بل منحوني الكتب، والمهارات، والفرص لأغذي عقلي وأوسع مداركي. كانوا يدفعونني باستمرار لأحلم وأفكر بما يمكن أن أصبح عليه في المستقبل.
وتواصل أحلام: من أكثر المعلمين الذين أثّروا في شخصيتي كان معلم اللغة العربية، فقد كان هو السبب الذي جعلني أحب كتابة الأشعار وأتعلم جماليات اللغة. كان يعلمني كيف أجعل عباراتي تنبض بالمعنى والإحساس. كان دائمًا يقول لي: «اللغة العربية بحر واسع، ومن يتعلم الغوص فيه سيكتشف لآلئ لا تنتهي» هذه الكلمات جعلتني أكتب لأعبر عن نفسي ولأشارك الآخرين مشاعري. لقد ساعدني على أن أكتشف ان الكتابه وسيلة للتعبير عن الهوية والفكر، وأساس في بناء شخصيتي الأكاديمية والحياتيه.
وختمت أحلام بالقول: الحلم الذي زرعوه بداخلي لم يكن عابرًا، بل تحول إلى جزء أساسي من شخصيتي، ودافع لي لاتخاذ قرارات مهمة، منها اختيار تخصصي الجامعي. ولهذا أستطيع أن أقول بكل صدق: نعم هذا التشجيع ساعدني لاحقًا في اختياري لتخصصي الجامعي، حيث واصلت دراستي وحصلت على ماجستير في إدارة الأعمال (MBA) و بكالوريوس في تقنية المعلومات والاتصال. ويمكنني القول إن الدافع الأكبر وراء هذه القرارات كان الأساس الذي زرعه المعلمون في داخلي منذ سنوات الدراسة الأولى.
دلال القوز: المديرة نجلاء النعيمي تحمل قلباً عظيماً وروحاً مُلهمة
دلال القوز طالبة بكلية المجتمع بكالوريوس ادارة عامة تقول:
كان للمعلم في حياتي بصمة لا تُمحى، فكلما وجدتُ قدوة تتجلى في أخلاق رفيعة، واحتواء صادق، وعطاء لا يعرف حدوداً، كان لذلك دافع يفتح في القلب طاقة حب وبذل بلا نهاية.
وتضيف: في الصف الثالث الثانوي، وأنا طالبة في مدرسة دخان عام 2009-2010، مررت بوعكة صحية قبيل الامتحانات بأيام قليلة. في تلك اللحظة، لم يكن دعمي الأكبر من الكتب أو المراجعات، بل من إنسانة تحمل قلباً عظيماً وروحاً مُلهمة، هي المديرة الفاضلة الأستاذة نجلاء النعيمي. اهتمامها ومتابعتها لوضعي الصحي، وحرصها على أن يظل تواصلي مع معلماتي سلساً، جعلني أشعر أني لست وحدي في تلك المعركة الصغيرة. كانت توجه المعلمات لي بالمراجعات وتتابع على أدق التفاصيل، حتى منحتني شعوراً بأن جهدي مهما كان متعباً فهو يستحق.
وواصلت دلال: وبفضل هذا الدعم النفسي والإنساني قبل الأكاديمي، استطعت أن أجتاز الفصل الأول بنسبة 88%، ثم بعزيمة متقدة وإصرار متجدد وصلت في الفصل الثاني إلى 90.5%. قد لا تكون النسبة عالية وليست كما كنت اريد لكنها بالنسبة لي إنجاز محفور بالامتنان، لأنها لم تكن مجرد درجات، بل كانت ثمرة قلب مؤمن بي، وشخص آمن أن الاهتمام قادر أن يصنع الفرق. ممتنة لله على وجودها في ذلك الوقت، وأرجو من الله أن تجد من يحيطها بما وجدتُ منها من دفء ورفق، وأن يسوق لها في دروب حياتها من الدعوات الصادقة والبركات المتصلة ما يملأ أيامها نوراً وسكينة.
صالحة عبدالله: لولوة الرميحي.. أكثر من معلمة
تقول صالحة عبدالله، حاصلة على ماجستير في علوم المختبرات الطبية:
عادة ما ينُظر للمعلم على انه قُدوة في أسلوبه وشخصيته.. وبالفعل كان لهم تأثير كبير على اختياراتنا في المستقبل. اذكر معلماتي في المرحلة الثانوية في مدرسة أم أيمن الثانوية من ما كن لهن تأثير إيجابي كبير على شخصيتي واختياراتي..واخص بالذكر معلمتي لولوة الرميحي معلمة مادة الاحياء.. لقد كانت اكثر من معلمة..في تلك المرحلة كنت أشعر انني لم اجد بعد المجال الذي يناسبني..لكن من تأثري بها وبطريقة تدريسها وربطها لمادة الاحياء بأمثلة حية في محيطنا.
وأضافت: كانت حصة الاحياء بمثابة فيلم وثائقي ملئ بالتشويق.. تأكدت حينها ان الاحياء هي التخصص الانسب الذي استطيع ان ابدع فيه..وبفضل الله ثم معلمتي لولوة كنت متفوقة في مادة الاحياء ومن ثم استكملت دراستي الجامعية في علوم المختبرات الطبية وتخصصت في الاحياء الدقيقة واحرزت درجتي البكالوريوس والماجستير فيها.. ومن هنا اقدم شكري وامتناني لكل معلم ومعلمة يقدمون ما في وسعهم لتخريج افراد ناجحين ومنتجين للمجتمع.