غلاء المهور وعدم الحصول على وظيفة مناسبة وراء تأخر سن الزواج
تأخير سن الزواج يؤثر على التركيبة السكانية.. ونعمل حالياً على قياس الأسباب الفعلية للأمر
نؤيد إلزامية البرامج التعليمية للمقبلين على الزواج لتأهيلهم من أجل «التناسق الأسري»
تفاعل إيجابي مجتمعي مع الدراسات التي نجريها
دراسات بشأن التوافق على صعيد توفير بيئة آمنة من ناحية الموازنة بين العمل والأسرة
أكد السيد خالد النعمة، مدير إدارة السياسات الأسرية بمعهد الدوحة الدولي للأسرة، عضو مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، أن المعهد معني بإثراء القاعدة المعرفية الأسرية، ويعمل على الكثير من الدراسات من بينها ما يتعلق بالتوافق على صعيد توفير بيئة آمنة من ناحية الموازنة بين العمل والأسرة، إضافة إلى التعرف على الأعباء المالية المترتبة على ذلك، مشيراً إلى أن كل أطروحة يتم عمل نموذج سياسي لها، وتُقدم فيها تحديد معدلات الربح والخسارة لتُقدم لصانعي القرار.
ونوه النعمة في حوار مع «العرب» بأن معهد الدوحة الدولي للأسرة يعمل على تحويل نتائج البحوث إلى مخرجات سياسات وتنسيق جهود المناصرة لتحقيق التأثير المرجو، وكشف عن أن المعهد شكل مؤخراً مجلساً مصغراً من الأعيان وأصحاب الخبرات ليجتمعوا مع الشباب لاستخلاص ما يدور في الشارع العام من نقاشات.
وأشار إلى أن دراسة كبيرة جداً يعمل عليها المعهد لقياس حالة الزواج في العالم العربي بالخمس سنوات الأولى، كشفت عن تأخر واضح في سن الزواج، بما يعادل 3 سنوات للنساء، و4 إلى 5 سنوات بين الرجال، منوهاً بأن مشكلات كغلاء المهور وتأخر الحصول على الوظيفة المناسبة كلها مؤشرات تسببت في هذا الأمر. وإلى نص الحوار:
في البداية نود التعرف على إدارة السياسات الأسرية بمعهد الدوحة الدولي للأسرة.
- معهد الدوحة الدولي للأسرة هو معهد عالمي معني بإثراء القاعدة المعرفية حول الأسرة العربية ومناصرة قضايا الأسرة عن طريق تعزيز ودعم السياسات الأسرية القائمة على الأدلة على الأصعدة الوطنية والإقليمية والدولية.
ويعد المعهد عضوًا في مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، ويسهم بدور حيوي في جهود مؤسسة قطر الرامية إلى بناء مجتمعات تنعم بالصحة وتتمتع بأرقى مستويات التعليم وقوامها الأسرة المتماسكة والمتلاحمة في دولة قطر والمنطقة بأسرها.
ويتمتع المعهد بصفة استشارية خاصة مع المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة. في معهد الدوحة الدولي للأسرة، نحن معنيون بالأسرة سواء في المحيط الداخلي أو الخارجي، على المستوى الدولي، فواحدة من الأدوار التي تقوم بها الإدارة هي دراسة عمل الأبحاث المبنية على السياسات، بحيث نستخلص من الأبحاث المقدمة سياسات تخدم المجتمع، أو غيرها من الأهداف.
وعلى سبيل المثال، نعمل على دراسات تتعلق بالتوافق الأسري على صعيد توفير بيئة آمنة من ناحية الموازنة بين العمل والأسرة، إضافة إلى التعرف على الأعباء المالية المترتبة على ذلك، فكل أطروحة نقوم بعمل نموذج سياسي لتقديم نموذج السياسة، ونقدم فيها تحديد معدلات الربح والخسارة لتُقدم لصانعي القرار.
والإدارة تعمل على صعيدين هامين، حيث تقوم بتحويل نتائج البحوث إلى مخرجات سياسات، وتقوم كذلك بتنسيق جهود المناصرة لتحقيق التأثير المرجو في السياسات والبرامج الأسرية والتشريعات ذات الصلة.
موضوعات الدراسة
أي مجتمع تكون فيه الكثير من الموضوعات الأسرية والمجتمعية التي يمكن دراستها، فعلى أي أساس يتم اختيار موضوعات الدراسات التي يعمل عليها معهد الدوحة الدولي للأسرة؟
- نعمل على إجراء استطلاع رأي على فترات مختلفة، وبناءً على استطلاع الرأي والنقاش مع أصحاب الخبرة والاختصاص، نأخذ معلومات، ومؤخراً شكلنا ما يشبه مجلس شورى مصغراً، من الأعيان وأصحاب الخبرات ومن لديهم خبرات مجتمعية، ليجتمعوا مع عدد من الشباب، وبناءً على هذا الاجتماع نستخلص ما يدور في الشارع العام عن طريق هذه النقاشات.
كما يحرص المعهد على التعرف على ما يدور في الشارع، ومطالب السكان، ومن ثم نبني على هذه المطالبات، ونناصرها بعمل دراسة مصغرة أو استطلاعية للتعرف على إمكانية تحقيقه، ومن ثم الوقوف على أفضل الممارسات العلمية التي تُرفع لصناع القرار.
الاستطلاعات التي يجريها المعهد تضم آراء العديد من الأشخاص.. كيف تقيمون تفاعل المجتمع القطري مع الدراسات التي تجرونها؟
- بشكل عام دراسات المعهد تخص قضايا الأسرة، ومن ثم دائما ما نجد تفاعلاً إيجابياً على قطاع عريض من السكان، لأن الأسرة هي حاضنتنا ومناقشة قضاياها تعني مسائل حياتنا اليومية.
على سبيل المثال، إن ناقشنا ساعات العمل المرنة بالنسبة للموظفين، فنختار في الدراسة البؤرية أرباب العمل في مؤسسات حكومية، بحيث ترصد المشكلة بصورة كاملة، والتفاعل في هذه الموضوعات يكون بنوعين الأول بملء الاستمارة أو التواصل المباشر مع الشريحة التي نرغب في استطلاع رأيها.
وماذا عن تفاعل المختصين مع الموضوعات التي يناقشها المعهد؟
- المختصون يتفاعلون بصورة رائعة جداً تثري الحوار، وتفتح مدارك التفكير، ونحرص على أخذ أبرز الدروس المستفادة وكيفية الوصول لقرار معين، وكيف يمكن تطبيق دراسة بأقل الخسائر أو بأفضل النتائج، ونقدم الدراسة في مؤتمر، على سبيل المثال، ثم نرصد ما يسمى بـ «المناصرة»، وهي تعني تقديم أطروحة علمية للمختصين من دول مختلفة، من أجل الوصول لأفضل طرق التطبيق. ونسعى دوما في الفعاليات التي يقيمها المعهد على تواجد مختصين وصناع سياسات وممثلين جهات دولية أو غير حكومية مع التجارب الشخصية.
أسباب تأخر الزواج
المغالاة والمباهاة في حفلات الزفاف من الظواهر المنتشرة في المجتمع القطري وفي المجتمعات الخليجية على وجه العموم.. هل اختفت هذه الظاهرة أم أنها ما زالت قائمة وتؤثر على الأسر؟
- لدينا دراسة كبيرة جداً لقياس حالة الزواج في العالم العربي بالخمس سنوات الأولى، ومن ضمنها تطرقنا لهذا الموضوع، ولاحظنا تأخر واضح في سن الزواج، بما يعادل 3 سنوات للنساء، و4 إلى 5 سنوات بين الرجال، ولا شك أن تأخير سن الزواج يؤثر على التركيبة السكانية للدول العربية، وعلى سبيل المثال مشكلات كغلاء المهور وتأخر الحصول على الوظيفة المناسبة كلها مؤشرات تسببت في هذا الأمر. ونعمل في الوقت الحالي على قياس الأسباب الفعلية لتأخر سن الزواج، ونعمل على الخروج باستنتاجات على أساس علمي متين، لذلك ننتظر للمرحلة الثانية من الدراسة، وبناءً عليها نستطيع أن نصيغ نموذج السياسة.
يقوم المعهد بمجموعة متميزة من الدراسات.. حدثنا عن اختيار الباحثين المشاركين في هذه الدراسات.
- جهود المعهد هي نتاج جهد فريق العمل ككل، ولا شك أن هذه البحث تتطلب الكثير من العمل، فكل بحث يتطلب التأكد بكل السبل من المعلومات، وتقود فريق العمل الدكتورة شريفة العمادي، التي لها دور أساسي في التوجيه. ولدينا خبراء في تخصصات مختلفة، كعلم النفس والعلوم الاجتماعية والجانب السياسي، وغيرها من التخصصات التي تمكننا من إدارة دفة البحث العلمي من جوانب مختلفة. ونعي في اختيار المتخصصين لاستعياب أكبر قدر من العوامل، كالخلفية المعرفية والسياساتية، والإلمام بالسياق الوطني في قطر.
ويستعين المعهد بالخبراء المختصين، سواء من داخل قطر أو من خارجها، وكذلك عن طريق العمل مع شركائنا الوطنيين من الوزارات والأجهزة الحكومية وغير الحكومية والقطاع الخاص. كما لا ننسى أن لدينا العديد من الخبراء في مختلف التخصصات داخل مؤسسة قطر، ومن ثم نسعى دوما لتعزيز التعاون الداخلي في المؤسسة والاستفادة بالطاقات البشرية والفكرية.
شراكات دولية
ماذا عن عن تعاونكم الدولي مع مؤسسات خارج قطر؟
- المعهد يتمتع بطابع دولي بصفة استشارية في المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة، وهو ما يجعل المعهد حاضراً دوماً من خلال تنظيم فعاليات جانبية في الأمم المتحدة تتناول القضايا المتعلقة بالتماسك الأسري ورفاه الأسرة وحمايتها والزواج والطلاق وقضايا الأبوة وغيرها. ولدينا شراكات على الصعيد الدولي مع اليونسيف، خاصةً فيما يتعلق بالنهج الدراسي أو التعليمي للأطفال واليافعين، كما أننا نشارك في ندوات كبيرة نقدم من خلالها أوراق عمل.
وعلى المستوى العربي.. نقوم بدراسات في المجتمعات العربية، وحصلنا بناء عليها على جائزة المؤسسات الصديقة للأسرة في المنطقة العربية لعام 2020، بناءً على الملفين اللذين تقدمنا بهما، وهما إعداد منهج أسرة بما يتوافق مع التنمية المستدامة في المنطقة العربية، والمشروع البحثي الثاني هو تقييم حالة الزواج في الوطن العربي في الخمس سنوات الأولى، وشراكاتنا على الصعيد الدولي تكون ممتدة وطويلة الأمد.
الجائزة مقدمة من قطاع الشؤون الاجتماعية بجامعة الدول العربية، وتهدف إلى تشجيع المؤسسات المعنية بقضايا الأسرة في المنطقة العربية على تعزيز الوعي بدور الأسرة العربية تجسيداً للدور الهام الذي تسهم فيه ببناء وتماسك المجتمع، وقد طلبت الجامعة العربية من الدول ترشيح مؤسسة عن كل دولة، ونفتخر أن وزارة العمل والشؤون الاجتماعية والتنمية الإدارية رشحت معهد الدوحة الدولي للأسرة من دولة قطر، ونفخر بالحصول على هذه الجائزة بعد منافسة مع مؤسسات من مختلف الدول العربية،
حيث تم تقييم أداء هذه المؤسسات من لجنة مختصة.
خطط مستقبلية
ماذا عن خططكم المستقبلية في إدارة السياسات الأسرية بمعهد الدوحة الدولي للأسرة؟
- نحن بصدد وضع الخطة الاستراتيجية لإدارة السياسات، بحيث نبدأ في المناصرة لكل مخرجات الأبحاث التي تم إنشاؤها من قبل إدارة البحوث، بحيث يكون التركيز في هذا العام هو تبني إيديولوجية السياسات الصديقة للأسرة، سواء كان على الصعيد الداخلي أو على صعيد الوطن العربي، وسنعمل على قراءة مختلف الدراسات و»تقييسها» بشكل علمي.
كما سنعمل على مناصرة البرنامج التعليمي، إيماناً مناً بأن البرامج التعليمية بحيث تكون إلزامية على المقبلين على الزواج، وتعطيهم دفعة ومؤهلاً استراتيجياً يكونون من خلاله قادرين على الحفاظ على التناسق الأسري.