«ترويج الاستثمار» تبرز إمكانات دول الخليج كبيئة جاذبة للاقتصاد الرقمي

alarab
اقتصاد 05 يوليو 2024 , 01:04ص
الدوحة - العرب

أكدت وكالة ترويج الاستثمار مواصلة التحوّل الرقمي، والتغيّرات المناخية، والتحوّلات الديموغرافية إعادة تشكيل ملامح المشهد الاقتصادي العالمي، مشيرة إلى أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وخاصةً دول مجلس التعاون الخليجي تقود التصوّر الجديد للاقتصاد العالمي، بفضل تبنيها تنفيذ العديد من المُبادرات الاستراتيجية، وضخها استثمارات ضخمة لتحقيق النمو المُستدام والابتكار، مشيرة إلى توقعات أن يتجاوز حجم الاقتصاد الرقمي العالمي 11 تريليون دولار بحلول عام 2025.
وقالت في تقرير إن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وخاصةً دول مجلس التعاون الخليجي، تُعد من أولى الدول التي تبنّت استخدام الرقمنة، وقد تُصبح من المُساهمين في الاقتصاد الرقمي في المستقبل، وذلك نتيجة اتخاذ حكوماتها مبادرات استباقيّة في هذه المجالات، والاستثمارات الضخمة في البنية التحتية التكنولوجية، وقدرة السكان في استخدام التكنولوجيا، واستنادًا إلى تقرير تقديرات السكان العالمي الصادر عن الأمم المتحدة في عام 2022، حققت الاستثمارات الأجنبية المباشرة في القطاعات الرقميّة في الشرق الأوسط نموًا كبيرًا بنسبة 50% في العقد الماضي مما جذب إليها كبرى الشركات العالمية.
وقال جوكان سيليك، مدير أول إدارة البحوث ودعم السياسات بوكالة ترويج الاستثمار إن الاقتصاد العالمي لا يزال يشهد تقلّبات مستمرة منذ عصر الثورة الصناعية وحتى عصر التحوّل التكنولوجي، وقد كشفت الأحداث التي تندرج تحت نظرية «البجعة السوداء» (المُصطلح الذي يعني وقوع حدث مفاجئ يصعب التنبؤ به ويكون له تأثير كبير) مثل جائحة كورونا، عن القيود التي تعوق النماذج الاقتصادية المُتقدمة، كما أظهرت حاجة صُنّاع السياسات إلى تكيّف سياساتهم مع المشهد الاقتصادي الدائم التغيّر، والعمل بفلسفة هرقليطس القائلة: «توقع ما هو غير متوقع».
وأوضح أن التوجهات العالمية الرئيسية المُؤثرة في صياغة المشهد الاقتصادي والاجتماعي تشمل التحوّلات الديموغرافية، حيث تتسبب التغييرات العالمية المُتسارعة في حدوث ضغوط اجتماعية واقتصادية في بعض الدول، بينما تفتح أسواقًا جديدة وتُبرز فئات استهلاكية جديدة في دول أخرى، بالإضافة إلى التحوّل الرقمي: في ظل التوقعات أن يتجاوز حجم الاقتصاد الرقمي العالمي 11 تريليون دولار بحلول عام 2025، أصبحت التقنيات الرقمية تُحدث ثورةً في أسواق المُنتجات وعوامل الإنتاج، وتعديلات على نماذج الأعمال، واستنباط وسائل جديدة للابتكار وأساليب رفع الكفاءة.
هذا إلى التحوّل الأخضر: تكتسب الأجندة الخضراء زخمًا غير مسبوق، لا سيما مع التوقعات بتجاوز حجم السوق العالمي لتقنيات الطاقة النظيفة الرئيسية المُصنعة 650 مليار دولار سنويًا بحلول عام 2030، كذلك هناك التفتت الاقتصادي: تُعطي الدول في الوقت الراهن الأولوية للاعتماد الذاتي وسط التهديدات الأمنيّة، وتشجيع الابتكار المحلي وتعزيز القُدرة على الصمود لمواجهة انقسام الاقتصاد العالمي.
وأضاف في تقرير أنه على الرغم من هذه التحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي، فمن المتوقع أن يبلغ حجم الاقتصاد العالمي 200 تريليون دولار قبل عام 2050 وفقًا للنسخة الرابعة من تقرير «بي إم آي ميجاترندسBMI Megatrends «3، ومن المرجح أن يحقق الذكاء الاصطناعي مكاسب إنتاجية كبيرة تعود على الاقتصاد، وخاصةً الاقتصادات المتقدمة. وستؤدي صدمات العرض الناتجة عن التفتت الاقتصادي، والأحداث المناخية القاسية، وتداعيات الانكماش الناتجة عن استخدام التكنولوجيا إلى حدوث تضخم.
منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
وجاء في التقرير أنه في خضم هذه التغييرات الهيكلية في الاقتصاد العالمي الجديد، برزت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لا سيما دول مجلس التعاون الخليجي، كوجهة استثمارية واعدة، حيث أسفرت جهودها لتحقيق التنويع الاقتصادي عن زيادة مطّردة في ناتجها المحلي الإجمالي غير الهيدروكربوني، وقد انعكس ذلك إيجابًا في تعاظم دورها في الاقتصاد العالمي متجاوزًا مكانتها في إمدادات الطاقة. وبفضل الموقع الاستراتيجي الذي تحتله منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على الطرق المؤدية إلى أفريقيا وآسيا وأوروبا، تقوم المنطقة بدور حيوي وهام في حركة التجارة العالمية، حيث تمر 30% من التجارة العالمية عبر البحر الأحمر وخليج عدن، علاوةً على ذلك، نجحت اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي في استقطاب استثمارات أجنبية مباشرة ضخمة، بلغت 68 مليار دولار في عام 2022 مقارنةً بــ 20 مليار دولار في عام 2017.
التحوّل الأخضر
تحظى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بوضع جيد يُمكنها من التكّيف مع الاقتصاد النظيف الجديد، ويُعزى ذلك إلى وفرة رأس المال والتزام دولها بتحقيق التحوّل الأخضر. ومع التوقعات بنمو الاستثمارات السنويّة في مجالات الطاقة النظيفة إلى 326 مليار دولار بحلول عام 2040، تواصل المنطقة التزامها باستخدام تقنيات الطاقة النظيفة لمواجهة مخاوف التغيّر المناخي، حيث سجلت قدرة الطاقة المُتجددة في الشرق الأوسط في عام 2022 أعلى زيادة على المستوى العالمي، بنسبة بلغت 12.8% على أساس سنوي، وحققت دولة قطر أعلى نسبة زيادة على مستوى دول المنطقة.
التوقعات المستقبليّة
في خضم التوجهات الاقتصادية العالمية الرئيسية، يتوقع أن تكتسب منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ولا سيما دول مجلس التعاون الخليجي، مزيدًا من الأهمية الاستراتيجية. إلا أن التعامل مع هذه التوجهات، والاستغلال الأمثل لفوائد تحوّل المشهد الاقتصادي، يتطلب منها التحلي بمستوى عالٍ من الوعي والالتزام الوطني والحوكمة. بالإضافة إلى ذلك تستطيع المنطقة الاستفادة من المميزات الاستراتيجية التي تتمتع بها لدفع عجلة النمو المُستدام، وتحقيق الابتكار في الاقتصاد العالمي.