ليلة القدر.. ما زالت ملهمة للشعراء والمبدعين

alarab
المزيد 05 أبريل 2024 , 01:27ص
محمد عابد

ليلة القدر هي ليلة عظيمة ومباركة في الإسلام، تُعتبر من أعظم الليالي عند المسلمين، والله سبحانه وتعالى قدرها بابتداء نزول القرآن الكريم فيها.
وإن من فضائل شهر رمضان تضمنه لليلة القدر، وهي ليلة عظيمة القدر، ضاعف الله فيها أجر العمل الصالح لهذه الأمة أضعافا كثيرة. فقد تنزل القرآن في هذه الليلة، بقوله سبحانه وتعالى: {إنا أنزلناه في ليلة القدر* وما أدراك ما ليلة القدر} [القدر: 1، 2]. وقال الله جل وعلا: {إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين} [الدخان: 3]
وفي السنة جاءت أحاديث جمة في فضل ليلة القدر، والتماسها في العشر الأواخر، ففي صحيح البخاري من حديث أبي هريرة: “من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه” (رواه البخاري في كتاب الصوم).
ونتيجة لهذا التعظيم لهذه الليلة المباركة حظيت باهتمام بالغ من معظم الشعراء القدامى والمعاصرين فعبروا عن تجلياتها وعظمتها في قصائد خالدة ـ حيث يوجد ترابط وثيق بين الشعر والأحداث الدينية المهمة في الثقافة الإسلامية.
 وكثيرا ما تتضمن قصائد ليلة القدر الثناء والتمجيد لله والاعتراف بعظمة قدرته وجلاله، وتجلياته لعباده، ونجد استخدام الكلمات الجميلة والمعاني العميقة لتصوير جمال اللحظات المقدسة والسكينة والتأمل التي يمكن أن تجلبها ليلة القدر في نفوس المسلمين.
كما يعكس اهتمام الأدباء والشعراء بليلة القدر أيضًا الرغبة في تشجيع المسلمين على استغلال هذه اللحظات الثمينة والاجتهاد في العبادة والدعاء والتفكر، ويتم استخدام الشعر لتذكير الناس بأهمية الليلة وتحفيزهم على الاقتراب من الله والبحث عن رحمته ومغفرته.
وتجد أن الشعراء العرب يصفون ليلة القدر بألوان وصور رومانسية وروحانية. يصفونها بأنها ليلة ساحرة، مضيئة، مليئة بالهدوء والسكينة. يعبرون عن تأثيرها الروحي والمشاعر العميقة التي تنتابهم في هذه الليلة المباركة. يمكن أن تجد قصائد تصف السماء المرصعة بالنجوم، والهواء العليل، والصمت الذي يخيم في الأرجاء.
وهناك العديد من القصائد الشهيرة التي تتحدث عن ليلة القدر، فهذا الشاعر العراقي بدر شاكر السياب في قصيدة مطولة يصف تجليات ليلة القدر يقول في مطلعها 
 يا ليلة تفضل الأعوام والحقبا... هيجت للقلب ذكرى فاغتدا لهبا
ويقول فيها 
يا ليلة القدر نورا أضاء لنا... قاع السماء فأبصرنا مدى عجبا

مناجاة وتضرع
 ومن جميل ما قيل في ليلة القدر ما قاله الشاعر المصري عبدالمجيد فرغلي حيث المناجاة والتضرع إلى الله سبحانه في هذه الليلة 
لِي فِيْك مَا قُدِّر الْرحَمْن لَي وَطَر....... وَبِي رَجَاء لَعَفُو الْلَّه يُنْتَظَر
يَا لَيْلَة أَلْف شَهْر أَنْت دِرَّتَهَا........ وَأنْت خَيْرٌ: وَفِيْك الْعَفْو مُنْتَظِر
فِيْك الْتَّجَلِّي عَلَي خَلَق رَحْمَتِه...... وَفِيْك يُرْجَي الْهُدْى وَالذَّنْب يُغْتَفَر
وها هو الشاعر المغربي علال الفاسي يصف هذه الليلة المباركة والتي نظمها احتفالا بمرور 14 قرنا على نزول آيات القرآن الكريم فيقول
يا ليلة القدر التي شرفت به.. وسمت على ألف الشهور تنزلا
فيك الحضارة كلها قد جمعت.. وبك الهنا للعالمين تأثرا.
إنا لنحيي فيك ميلاد السنا.. والمجد والعرفان يوم تأصلا.
إنا لنحيي فيك إيمان الورى.. بالله والإنسان يوم تحملا.
وها هو الشاعر المصري احمد مخيمر يتجلى في وصف هذه الليلة المباركة ونفحاتها  فيقول في قصيدته:
ليلة القدر عندهم فرحة العمـ... ـر تدانت على سناها السماء
في انتظار لنورها كل ليل... يتمنى الهدى ويدعو الرجاء
وتعيش الأرواح في فلق الأشوا... ق حتى يباح فيها اللقاء
فإذا الكون فرحة تغمر الخلـ... ـق إليه تبتل الأتقياء
وإذا الأرض في سلام وأمن... وإذا الفجر نشوة وصفاء.
(لا.. يا أمير الشعراء)
أما ليلة القدر عند الشاعر الدكتور جابر قميحة فقد جاء تعبيره عن فضلها وذكره لها من خلال قصيدته (لا.. يا أمير الشعراء)، وهي قصيدة يرد فيها على أمير الشعراء أحمد شوقى التى جاء فيها [رمضان ولى هاتها يا صاح مشتاقة تسعى إلى مشتاق] وجاء فيها 
ولِلَيـلةِ القــدر العظيمــة فضلُهــا... عن ألفِ شهـرٍ بالهدى الدفـــاقِ
فيها الملائـكُ والأميـــن تنـــزلوا... حتـى مطالــع فجــــرها الألأقِ
ولتظل هذه الليلة المباركة منبها ومصدرا لإلهام الشعراء والمبدعين حيث إن تجلياتها وروحانياتها لا تنضب فهي بحر لكل مغترف..