احذروا.. الأكياس البلاستيكية تسبب الأمراض وتدمر البيئة

alarab
تحقيقات 05 يناير 2016 , 01:32ص
رانيا غانم
هي رخيصة وخفيفة وسهلة الاستخدام بالنسبة للجميع، كما يمكن أن تصبح لوحة إعلانية مجانية متنقلة للمتاجر أو المنتجات المختلفة، هذه «المميزات» جعلت ملايين النسخ من الأكياس البلاستيكية تستخدم يومياً في العالم، لكنها أيضاً جعلتها واحدة من أكبر المشكلات البيئية التي تواجه كوكبنا، الأمر الذي جعل العديد من البلدان تنتفض ضدها لتسنَّ تشريعات وتفرض غرامات، أو تقوم بتوعية المستهلكين للحد من استهلاكها وتبحث عن بدائل أقل ضرراً للبيئة منها. فقط انظر حولك في أي مكان تجلس فيه الآن وحاول أن تكتشف كم الأكياس البلاستيكية المحيطة بك، في الشارع، المجمعات المكتب، المطبخ، غرفة النوم أو المعيشة.. لا يخلو منها مكان، بلايين الأكياس البلاستيكية تستخدم يومياً في الأغراض المختلفة، ومن ثم تذهب إلى مكبات النفايات أو تتطاير لتدمر البيئة أينما حلت أرضاً أو جواً أو بحراً، في الوقت الذي تستعصي على التحلل في باطن الأرض وقد تستغرق حوالي ألف عام حسبما يؤكد العلماء، فتضر بالبيئة والتربة والكائنات الحية والمزروعات.

فلا تسعد عندما تتوجه إلى السوبر ماركت وتجد البائع سخي في استخدام الأكياس البلاستيكية التي يضع فيها مشترياتك، لدرجة أنك قد تعطي عامل التعبئة في المتاجر الكبرى «إكرامية» أو «بقشيشاً» لأنه «اهتم» أكثر بمشترياتك ووضعها في عدد أكبر من الأكياس، ولا تكن ممتناً للبائع في متجر الملابس والأحذية الذي وضع لك كل قطعة في كيس منفصل أو فصل الحذاء عن الفستان أو الجاكيت، فالحذاء الجديد الذي اشتريته للتو لن يؤثر بأي حال من الأحوال على الملابس إذا وُضع معها في نفس الكيس لأنه ببساطة لم يستخدم بعد، أما هواة طلب عدد من الأكياس الزائدة من موظفي المتاجر كي يستخدمونها في توجيه هدايا لأصدقائهم أو الاحتفاظ بها تذكاراً من المتجر أو أياً ما كانت أسبابهم -وغالباً لا تستخدم تلك الأكياس للغرض المطلوب وتلقى بحالتها في حاويات القمامة- فعليهم فوراً التوقف عن هذه الهواية وإدراك حجم المخاطر التي تحيط بالإنسانية. ممارسات قد يعتبرها البعض بسيطة وغير مؤثرة لكنها في حقيقة الأمر لها بالغ التأثير، فلا تحقرن تصرفاً يمكنه أن يساهم حماية البيئة.

خطر كبير
ويرى الدكتور سيف الحجري نائب رئيس مؤسسة قطر ورئيس مركز أصدقاء البيئة أنه على لا شك أن الأكياس البلاستيكية تشكل أعباء كبيرة على البيئة سواء البحرية أو الحضرية أو الزراعية وهي ليست فقط قضية متعلقة بدولة قطر، لكنها قضية هامة على المستوى الإقليمي والعالمي.

وبعض الدول وضعت تشريعات وقوانين وأنظمة للتصدي لها، فمنها مَن منعت تداول الأكياس فيها منعاً باتاً، ومنها مَن وضعت اشتراطات لنوعية الأكياس من ناحية قابليتها لإعادة تأهيلها من جديد أو تدويرها، ومنها من لم تتخذ أي إجراءات في هذا الجانب وبالتالي تضخمت المشكلة، ولم تعد فقط مؤثرة على الناحية الجمالية التي تؤدي إلى تشويهها بشكل كبير لكنها أيضاً تمثل خطورة على الكائنات الحية، فهناك العديد منها تتعرض لمخاطر حقيقية سواء أكانت كائنات مستأنسة أو غير مستأنسة، حيث يقوم بعضها بابتلاع هذه الأكياس وتقوم بقتلها سواء كانت في البحر أو على اليابسة. أيضاً أصبحت الأكياس تمثل عبئاً على المناطق المأهولة بالنباتات لأنها تتطاير في كل مكان بسبب خفة وزنها وتشبك في النباتات خاصة النابتات الشوكية فتكون عائقاً أمامها للنمو الطبيعي؛ لذا فلا بد من وضع نوع من الأنظمة والتشريعات التي تتصدى لهذه المشكلة، سواء بتقليل استخدامها، أو وضع معايير لنوعية الأكياس القابلة للتحلل، ويجب على كل الدول أن تضع معايير للأكياس المستخدمة فيها بحيث تصبح قابلة للتحلل الطبيعي بعد فترة بسبب مؤثرات الطبيعة، لأن الأخرى التي لا تتحلل إلا بعد سنوات طويلة للغاية تكون أكثر خطورة وهي المشكلة الأساسية.

التوعية أولاً
لكن التشريعات ليست وحدها الحل كما يرى د.الحجري «تبدو هنا أهمية البرامج التي تستخدم في تعزيز سلوك الفرد، وفي إشعاره بالمسؤولية تجاه هذه الأكياس وأهمية استخدامها بحكمة، ونتائجها عظيمة كما لا تؤثر عليه سلبياً، فأنا يمكن أن أخرج من المتجر بأكثر من 10 أكياس، ويمكن أيضاً أن أخرج بكيس أو اثنين على الأكثر بنفس كم المشتريات ولا أتضرر أبداً، فكل ما هنالك هو شعور بالمسؤولية وبناء الضمير الحي، فعندما أذهب إلى الصيدلية مثلا لآخذ الدواء فإذا كان مجرد علبة صغيرة أو اثنين يمكن وضعهما في الجيب أو السيارة فلا داعي لأخذ كيس، وعندما أذهب إلى التسوق يمكن أن أحصل على كيس أولي وأضع كل مشترياتي فيه، فهنا يظهر دور التقييم الفردي للشخص والذي يتصرف تصرفاً بيئياً، وهذا هو الأفضل، أن نعزز هذه القيم في البشر حتى تصبح جزءاً من تصرفاتنا اليومية، وهذا ما يقوم به مركز أصدقاء البيئة في تعزيز سلوكيات الأفراد لأن سلوكيات الأفراد يمكنها أن تخفف %50 من معاناة البيئة وذلك دون أي معاناة من الناس مقابل اتباع هذه السلوكيات. فعندما يكون الفرد واعياً بيئياً يستطيع أن يتصرف في الماء تصرف حكيم، وفي الطاقة بمعدل الحاجة، وأيضاً يكون حريصاً على مخلفاته فيضعها في المكان المناسب لها، وهذا السلوك هو السلوك الحضاري الذي نتطلع إليه من الأفراد خاصة النشء، أن يتربوا على ذلك لأن هذا يمكنه فعلياً أن يخفف %50 من التحديات الموجودة على الساحة البيئية».

دون المأمول
توفِّر بعض فروع السوبر ماركت الكبرى في قطر حقائب صديقة للبيئة يمكن إعادة استخدامها لمرات عديدة لحمل المشتريات بديلا للأكياس البلاستيكية؛ حيث يلزم شراؤها بمبلغ زهيد أول مرة وإعادة استخدامها مرات عديدة حتى تبلى وهنا يمكن استبدالها بأخرى مجاناً من المتجر ذاته. فما حجم التفاعل الجمهور معها؟ يجيب د.سيف الحجري: «للأسف لا تحظى هذه الأكياس بالإقبال المأمول حتى الآن، فهذا يحتاج إلى الحرص وزيادة الوعي والانتماء للبيئة، الغالبية لا تقبل عليها حتى الآن، والعدد القليل الذي يستخدمها الآن معظمه من الأجانب الذين تربوا على القوانين والتشريعات في بلدانهم فتكون لديهم نوع من السلوكيات التي تهتم بالبيئة، كما يستخدمها أيضاً بعض الأشخاص في قطر ممن لديهم هذا الوعي، لكن عددهم قليل عن المأمول، وعلينا أن نكثِّف الجهود من أجل هذا. وهنا مسؤولية تقع أولا على الدولة بسنِّ تشريعات تؤدي إلى التعامل الحكيم البيئة الترويج للتصرفات البيئية والمنتجات التي تهتم بها وتساعد في حمايتها، وأيضاً الإعلام عليه دور كبير في التوعية وتوصيل الرسالة لأفراد المجتمع، إلى جانب رياض الأطفال والمدارس الابتدائية، فمسؤوليتها كبيرة للغاية لأن هذه المرحلة من الطفولة المبكرة هي فترة التربية وفيها يتم تعزيز القيم والسلوك، وهي أيضاً أكبر مجموعة ستعاني في المستقبل إذا أهملنا في حماية البيئة، وهنا تقع المسؤولية على عاتق المربين، وبالطبع الأسرة التي عليها هي الأخرى مسؤولية كبيرة وأولية، فعندما تربي أطفالها على إلقاء المخلفات في أماكنها الصحيحة، فهي بذلك تربي فيهم القيم والسلوكيات الجميلة التي تظل معهم طوال العمر، كما قد يكون هذا الطفل نفسه وسيلة لنقل التوعية للكبار لأن الصغير عندما يملك بعضاً من هذه المهارات يمكنه أن يغير سلوك الأسرة بأكملها. ونحن نهيب بالأسر غرس هي القيم في أطفالهم لأنهم قد يكونون جزءاً أساسياً من نقل رسالة قوية جداً للمجتمع، ربما أكثر منا، فقد يغير طفل أسرته بأكملها، لأنه محبب في الأسرة وكلماته العفوية والبسيطة يمكن أن تحمل رسالة قوية إلى المجتمع.

مبادرات
وأشار الدكتور الحجري إلى وجود العديد من المبادرات التي تمت من قبل للتوعية بترشيد استخدام الأكياس البلاستيكية سواء من جهات أو كانت أفراداً أو مجموعات تطوعية أو بعض المؤسسات، لكن يرى أن هذه البرامج لا يجب أن تكون فقط برامج مناسبات، لكن لا بد أن تغطي أعواماً متتالية، لأن تغيير السلوك لا يتم في مناسبة واحدة أو برنامج قصير المدى، لكن لا بد أن تكون هناك برامج متواصلة، وأن يشارك في البرنامج كل من له أثر وإرث تجاه المجتمع والنشء.

غير قابلة للتحلل
ويوضح الدكتور خالد غانم أستاذ العلوم البيئية والزراعة العضوية بجامعة الأزهر ومؤسس ورئيس منظمة «وطن أخضر» التي تعمل في تنمية الزراعة والغذاء والبيئة، أن الأكياس البلاستيكية تصنع من مركبات غير قابلة للتحلل في الأوساط البيئية المختلفة «أي أن لها القدرة على التراكم مع الزمن والبقاء في البيئة لسنوات طويلة، ونظراً لخفة وزنها تنتقل إلى كل مكان تقريباً، فيكون عرضة للتلوث بها أو التسبب في أخطار كبيرة على الكائنات الحية والنباتات، وعبر الممارسات الحياتية للناس مثل حرق القمامة مثلا -التي تتكون غالبيتها من هذه الأكياس البلاستيكية- تتصاعد بعض الملوثات شديدة الخطورة علي الصحة مثل (الديوكسينات) وهي نوع من الملوثات البيئية الثابتة بإمكانها إحداث مشاكل إنجابية ونمائية وإلحاق أضرار بالجهاز المناعي وعرقلة الهرمونات والتسبّب في الإصابة بالسرطان».

والزراعة والتربة الزراعية أيضاً يمكن أن تذهب ضحية التلوث بالأكياس البلاستيكية حسبما يؤكد د.غانم «تشير الدراسات إلى أن وصول كيس أسود على سبيل المثال إلى جزء من التربة الزراعية يعيق خصوبتها لأكثر من 10 سنوات على الأقل، حيث يقتل الكائنات الدقيقة الموجودة بالتربة التي تقوم بدور مهم في توفير العناصر الغذائية التي يحتاجها، وهناك نقطة أخرى مهمة للغاية هي الانبعاثات الملوثة التي تنطلق للبيئة أثناء عملية إنتاج الأكياس البلاستيكية، وهي تسهم إلى حد كبير في تزايد ظاهرة تغير المناخ وما ينتج عنها من آثار سلبية على البيئة وصحة الناس». ويوضح أستاذ العلوم البيئية أن هناك بعض الحلول للتعامل مع مشكلة الأكياس البلاستيكية والتي يجب أن تتم بشكل متكامل ومنها تخفيض استعمالها بتقليص إنتاجها واستبدالها بالأكياس القابلة للتحلل طبيعياً، وكذلك إعادة تدويرها، واستخدام الأكياس الورقية وأكياس القماش، فضلا عن سَنِّ التشريعات والقوانين المنظمة وفرض الرسوم مثلما تقوم به بعض المحلات الكبرى بالعالم «ففي لندن مثلا تقوم (ماركس وسبنسر) بفرض مبلغ وقدره 5 بنسات على كل كيس من التي يحتاجها المستهلك في تسوقه. وقد أسهم هذا في الحد من استهلاك الأكياس البلاستيك بنسبة %80 خلال عام واحد. والمدهش أن محلات أخرى مثل مجموعة محلات ناشينول ترست (National Trust) استنسخت نفس التجربة ونجحت في توفير استخدام مليون كيس بلاستيك في العام. وبشكل عام أدت الغرامة التي فرضتها الحكومة البريطانية على الأكياس البلاستيكية إلى خفض استخدام المتسوقين لها في إنجلترا بنسبة %78، وفرضت الحكومة البريطانية غرامة قدرها 5 بنسات على الأكياس البلاستيكية في إنجلترا اعتباراً من أكتوبر، بهدف تقليص استخدامها حفاظاً على البيئة، وفرضت أيضاً نفس الغرامة في ويلز واسكتلندا، وقالت الحكومة إنها تنوي استخدامها في الأعمال الخيرية، كما تبدأ فرنسا هذا الشهر إلغاء استخدام الأكياس البلاستيكية التي تستخدم لمرة واحدة، حيث حددت من قبل مطلع 2016 لتنفيذ قراراتها في هذا الشأن. ويتكرر الأمر ذاته في بلدان عدة، كما أن هناك دولا في طريقها إلى هذا بعد وضعها جدولا زمنياً ينفذ السنوات القليلة المقبلة».

وتشير أحدث الأخبار إلى أنه مع مطلع العام الجديد بدأ التجار في فرنسا إلغاء استخدام الأكياس البلاستيك في منتجاتهم من أجل حماية صحة الإنسان والبيئة من التلوث والتي يتم التخلص منها في البحار مما يكون له أثر ضار على التنوع البيولوجي والبيئة والصحة. فقد أكدت العديد من الدراسات الطبية أنها السبب في خفض نسبة الخصوبة لدى الرجال وتكون عاملا في الإصابة بالسرطان، حيث يتم توزيع 5 مليارات كيس سنوياً على التجار منها 122 مليون كيس يتم إلقاؤها على الشواطئ الفرنسية. وقد أوضح فرانسيس بالومبي رئيس اتحاد التجار الفرنسيين، أن فرنسا تعمل منذ عدة سنوات على تخفيض عدد الأكياس البلاستيك التي توزع في الأماكن الغذائية فقد انخفض من 10.8 مليار في 2002 إلى 600 مليون في 2013 وبذلك استهلك الفرنسيون 80 كيساً بلاستيكياً لكل شخص في 2013 علماً بأن متوسط الاستهلاك في أوروبا يصل إلى 198 كيساً. جدير بالذكر أن هذا التخفيض سيجعل من فرنسا مثل الدنمارك تستهلك 4:5 فقط أكياس في العام لكل مواطن.

وكان البرلمان الأوروبي وافق في أبريل 2014 على العمل باتجاه خفض استخدام الأكياس البلاستيكية بنسبة %50 بحلول عام 2017، و%80 بعدها بعامين.

وتترك التوجيهات الجديدة لكل دولة اختيار استراتيجيتها الخاصة في هذا الشأن، ومنها على سبيل المثال فرض ضرائب على استخدام الأكياس البلاستيكية أو حظرها.

ويصل عدد الأكياس البلاستيكية المستخدمة في دول الاتحاد إلى 100 مليار قطعة في العام، وينتهي الحال بـ8 مليارات كيس منها نفايات في بحور القارة الأوروبية.

وتحوي بطون %94 من الطيور في بحر الشمال بقايا أكياس بلاستيكية، وفقاً لبيانات المفوضية الأوروبية. وتشير بيانات المفوضية الأوروبية إلى وجود تباين في استخدام الأكياس البلاستيكية في أوروبا. ففي الدنمارك التي تفرض ضرائب عليها يستخدم الشخص 4 أكياس بلاستيكية فقط في العام، وهي أقل نسبة بين دول الاتحاد.

في المقابل، يصل العدد إلى 466 كيساً لكل فرد في البرتغال وبولندا وسلوفاكيا.

وفي أغسطس 2014 أقر برلمان ولاية كاليفورنيا حظراً على استخدام الأكياس البلاستيكية، في خطوة هي الأولى من نوعها في الولايات المتحدة.

كما حظر عدد من المدن والمقاطعات في ولايات أخرى، منها مقاطعة ماوي في هاواي، استخدام الأكياس البلاستيكية في متاجر البقالة. غير أنه على مستوى الولايات سادت معارضة مصنعي الأكياس البلاستيكية لهذا الحظر.

وقال السناتور أليكس باديلا الذي ساند مشروع القانون «الأكياس البلاستيكية التي تستخدم لمرة واحدة لا تلوث شواطئنا فحسب بل جبالنا وصحارينا وأنهارنا وبحيراتنا أيضاً».

وقبل عام كشف الباحثون النقاب عما قالوا إنه أدق تقدير علمي حتى الآن لكمية نفايات البلاستيك في المحيطات والتي بلغت حوالي 269 ألف طن استناداً إلى بيانات جمعت من 24 بعثة علمية على متن سفن حول العالم على مدار 6 سنوات.

مُبالغ فيه
واستطلعت «العرب» آراء عدد من المستهلكين للوقوف على آرائهم من استخدام الأكياس البلاستيكية ومدى قبولهم لوجود قوانين أو تشريعات تنظمها، فتقول أم عمر إنها تؤيد هذا التوجه تماماً، وترى أن التشريعات والتوعية لا بد أن يعملا في الوقت ذاته، وتؤكد أن هذه المشكلة كانت دائماً تؤرقها: «أشعر بالضيق كثيراً عندما أجد موظفي السوبر ماركت الكبيرة يفرطون في استخدام الأكياس البلاستيكية، لدرجة أن مشترياتي في المرة الواحدة قد توضع في 20 كيساً وربما أكثر، وحتى متاجر الأدوات المنزلية والإكسسوارات المنزلية والديكورات والتي تكون أكياسها أكثر سمكاً، تفعل هذا، فنجد البائع يلف لك كل قطعة من القطع -خاصة لو كانت زجاجاً أو قابلة للكسر- في كيس لحالها، وأحياناً عدة أكياس لحمايتها من الكسر، في حين كان يمكنه بسهولة لفها في الورق أو وضعها بعلب ورقية تحميها من الكسر، وفي إحدى المرات كنت أشتري بعض الكؤوس وقطع الديكور وعندما عدت إلى المنزل وقمت بإخراجها من الأكياس لاستخدامها في البيت، تكونت لدي كومة كبيرة من الأكياس البلاستيكية، وكنت حزينة للغاية عليها، فلا يوجد لها استخدام لدي وعليَّ إلقاؤها في القمامة». وتابعت «حينما تكون في زيارة لبعض الدول الأوروبية ونذهب للتسوق في المتاجر نجدهم يستخدمون الأكياس بحرص شديد، ويمكن أن تحصل على مشترياتك كلها في كيس واحد كبير، وأحياناً ندفع مقابلا لهذه الأكياس، وأعرف بعض صديقاتي يغضبهن مثل هذا التصرف، ويتهمن المتاجر بالبخل، خاصة عندما يرغبن في إهداء بعض هذه الأغراض للأهل أو الأصدقاء عند العودة من السفر ويعتقدن أن الكيس الذي يحمل اسم المتجر أو الماركة -خاصة لو شهير- يزيد من قيمتها، لكن أعتقد أن كيس هدايا ورقياً جميلا ومميزاً يمكن أن يفي بالغرض».

كلنا مسؤولون
وتقول هدى يوسف –موظفة- إنها تكون حريصة للغاية في استخدام الأكياس البلاستيكية، وكثيراً ما ترفض وضع بعض المنتجات في أكياس وتحملها كما هي «يضايقني للغاية ما أراه من إفراط في استخدام الأكياس من المتاجر خاصة السوبر ماركت الكبرى وأيضاً محلات الملابس، وعندما أقوم بالشراء أطلب من البائع أن يضع كل الأغراض مع بعضهم في كيس واحد أو اثنين إذا تطلب الأمر، وفي السوبر ماركت غالباً ما أقوم بوضع المشتريات في الأكياس بنفسي حتى أضع أكبر قدر منها في كيس واحد وأتجنب استخدام أكياس أكبر، والغريب أنني أجد نظرة اندهاش من الموظفين وكأن ما أفعله هو غير المنطقي، كما أرفض وضع بعض الأغراض في أكياس مثل البطيخ والفاكهة الكبيرة أو الكرنب، أما الأعشاب فأضع كل ما اخترته في كيس واحد وأطلب من البائع أن يزن كل منها على حدة ثم يجمعها في نفس الكيس وعليه الملصقات الخاصة بسعر كل منها، كما أرفض وضع بعض الأغراض في أكياس مثل كرتون البيض أو الحليب المجفف وكراتين المياه المعدنية أو بعض الأغراض المنزلية، ومثل هذه المنتجات التي لا تحتاج أكياساً ويمكن حملها بسهولة دونها، والأمر ذاته عند الحصول على الدواء من الصيدلية، فأحصل على العلب من الصيدلي وأضعها في حقيبتي وعندما أعود إلى المنزل أضعها في المكان المخصص لها أو الكيس الذي توجد به الأدوية التي أستخدمها بشكل يومي، وهي تصرفات بسيطة لكنها تريحني وتشعرني بالرضا عما أقوم به وأتمنى أن يفكر الكل بالطريقة ذاتها، وأن تكون هناك قوانين تحدُّ من الاستخدام المبالغ فيه للأكياس البلاستيكية». وتقول السيدة إنها تشرح لأطفالها ما تقوم به وتحاول تعويدهم على مثل هذه التصرفات.