مطالبات بوضع منظومة حماية تأمينية ضد خسائر الأمطار والكوارث الطبيعية
موضوعات العدد الورقي
04 ديسمبر 2018 , 01:29ص
حامد سليمان
طالب مواطنون بضرورة إعادة دراسة منظومة التأمين في الدولة، لتشمل التأمين ضد الكوارث الطبيعية، وذلك على خلفية هطول الأمطار الغزيرة وما نجم عنها من أضرار مؤخراً، طالت المباني والسيارات وغيرها؛ مشددين على أهمية وضع تشريع يُمكّن القطريين والمقيمين على حدّ سواء من الاستفادة من خدمات التأمين ضد الكوارث الطبيعية، وأن يكون ذلك مفروضاً على جميع شركات التأمين العاملة في الدولة.
وقالوا لـ «العرب» في الحلقة الأولى من هذا الملف، إن عقود التأمين لا تشمل أضرار الأمطار على الرغم من تضرر الكثير من السيارات والمباني، لافتين إلى أن شركات التأمين تسعى إلى الابتعاد عن المخاطر الاستثمارية التي تقع في حال التزامهم بالتأمين ضد المشكلات الناتجة عن الأمطار، وهو الأمر الذي يتوجب دراسته بصورة دقيقة.
كما أعرب المواطنون عن استيائهم من تضرّر بعض المباني التابعة للدولة، والتي نفّذتها شركات عالمية، وسقطت في أول اختبار للأمطار، وأكدوا ضرورة محاسبة الشركات المنفذة، إضافة إلى تكليف لجنة تشرف على مشروعات الدولة، بما يضمن عدم وقوع مثل هذه الأخطاء مجدداً.
وأشاروا إلى أن مؤسسات الدولة تقع عليها مسؤولية كبيرة نتيجة تراكم كميات كبيرة من مياه الأمطار في الشوارع، الأمر الذي تسبب في تضرر مئات السيارات، خاصة أن بعض الشوارع غرقت في مياه الأمطار بسبب عدم تنظيف شبكات تصريف مياه الأمطار، الأمر الذي يفرض محاسبة المسؤولين عن هذا الأمر، فقد كان دور وزارة البلدية والبيئة وهيئة الأشغال العامة على غير المستوى المطلوب؛ ضماناً لعدم وقوع مثل هذه الأخطاء، خاصة مع ما تُقبل عليه قطر من استضافة فعاليات ومناسبات عالمية.
راشد الدوسري: تلف السيارات يكبّدنا خسائر فادحة.. وغرق المنشآت يتطلب المحاسبة
أكد راشد الدوسري أن شركات التأمين تشدد دائماً على عدم علاقتها بما قد يحدث للمنشآت أو الممتلكات بصورة عامة في حالات الكوارث والحروب.
وأوضح أن هذا الأمر غير منطقي، ويجب أن تكون خدمات التأمين شاملة. متسائلاً: كيف تنتقي هذه الشركات ما يناسبها لتضع له خدمات التأمين، وما قد يحمّلها أعباء جديدة لتتخلص منه؟!
وأضاف الدوسري: «في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية، تقوم شركات التأمين بإعطاء بديل لسيارة الشخص لحين إصلاحها في حال حدوث أي عطل فيها. ولكن في قطر، تظل السيارات في الإصلاح لمدة طويلة لحين الانتهاء منها، ويتحمل الشخص خلال هذه الفترة مصاريف إضافية». لافتاً إلى أن شركات التأمين تستغل عملاءها بما يحقق لها أكبر قدر من الأرباح على حساب العملاء.
وشدد الدوسري على أن الأمطار سنوياً تتسبب في إتلاف عشرات السيارات وعرضها للبيع، ويخسر أصحابها في أثمانها مبالغ كبيرة، وهذا لما يرونه من صعوبة في إعادتها لما كانت عليه في السابق، خاصة أن ورش تصليح السيارات تجد في ذلك فرصة كبيرة يمكن أن تكسب من خلالها؛ فتزيد من فاتورة الإصلاح، ليجد المواطن والمقيم نفسه بين «مطرقة» شركات التأمين و»سندان» ورش تصليح السيارات.
وأشار إلى أن كثيراً من المنشآت في الدولة غرقت في الأمطار، وهذا يتطلب محاسبة جادة من المسؤولين للشركات التي عملت على هذه المنشآت، ووضع تشريعات صارمة في التعاطي مع مثل هذه الأخطاء؛ ضماناً لعدم وقوعها مجدداً.
ولفت الدوسري إلى أن كثيراً من السكان يدفعون مبالغ التأمين ولا يستفيدون بها؛ فحوادث السيارات في تناقص مستمر، وهذا يتطلب من شركات التأمين أن تقلل من قيمة التأمين التي تحصل عليه، وأن تقدّم مزيداً من الخدمات للسكان، لا أن تتسابق في زيادة قيمة التأمين على السيارات كل يوم. وأعرب الدوسري عن خشيته من أن إلزام الشركات بالتأمين على السيارات في حال تعرّضها لمشكلات بسبب الأمطار، قد يدفعها إلى زيادة قيمة التأمين. مشدداً على أهمية وضع خطة واضحة المعالم للتعامل مع بنود التأمين كافة.
ولفت إلى أن الشركات المنفّذة لمشروعات الدولة من مبانٍ أو طرق يجب أن تزيد من فترات الضمان، خاصةً وأنها تحصل على مبالغ ضخمة، ويجب أن تكون أعمالها على أعلى مستويات الإتقان. مشيراً إلى أن كثيراً من المنشآت غرقت في مياه الأمطار، وهو أمر يحتاج إلى محاسبة للمتسببين في هذه الأخطاء الجسيمة.
خالد المهندي: وضع آليات جديدة.. أو اللجوء إلى القانون
أكد خالد المهندي أهمية سن قوانين من شأنها أن تحمي المواطن والمقيم، مشيراً إلى أنه ما دامت شركات التأمين ملتزمة بالعقود المبرمة مع الأفراد والمؤسسات فلا لوم عليها، لذا فالحاجة لقانون يحدد آليات العمل بالتأمين في حالات الأمطار باتت ضرورة ملحة، أو أن يكون الخيار الثاني في هذا الأمر هو اللجوء للقضاء من أجل الحصول على الحقوق.
وأوضح أن الإشكالية ليست بعدد الحالات التي تضررت من الأمطار، ولكن بأنها حالة قائمة، مما يفرض وضع قانون، حتى وإن كان المتضرر شخصاً واحداً أو منشأة واحدة، فهذا يتطلب وضع معايير يلجأ إليها المتضرر لرفع الضرر عنه.
وتابع: البعض يقول إن الأمطار التي هطلت بغزارة مؤخراً، استثناء ولم تحدث منذ عقود، ولكن هل من ضمانة لعدم تكرار هذا الأمر، كما قال: «من هنا تتضح أهمية أن يكون لقطر تشريع واضح يضمن حقوق كل المتضررين، لأنه من المحتمل أن تهطل الأمطار بنفس الكمية في أي عام مقبل، وأن تتكرر هذه المشكلات».
وحول المباني التي تضررت بسبب سقوط كميات أمطار كبيرة من الأمطار مؤخراً، قال المهندي إنه ما دام هناك خلل في البنيان، فلا بد من الوقوف على الأسباب.
وطالب المهندي بضرورة تشكيل لجنة من مؤسسات الدولة المعنية، وأن تقوم بالعمل على دراسة أسباب تضرر المنشآت، ومحاسبة كل المتسببين في حدوث هذه الأضرار، إضافة إلى متابعة كل مشروعات الدولة، بما يضمن عدم تكرار مثل هذه الأخطاء، خاصة وأن الدوحة مقبلة على استحقاقات عالمية، وأن الكثير من المشروعات الكبيرة يجري العمل عليها.
ولفت إلى أهمية زيادة فترات الضمان على المباني التي تقوم الشركات بتنفيذها، موضحاً أن بعض المباني يكون الضمان عليها أكثر من 15 عاماً، بما يضمن تحمل الشركات المنفذة لأية أضرار قد تقع.
وشدد المهندي على أهمية تحمل الشركات المنفذة للأضرار المصاحبة لدخول الأمطار إلى المباني، فعلى سبيل المثال إن كانت المنشأة صحية وتضررت بعض الأجهزة جراء الأمطار، لا تتحمل الشركة المنفذة تضرر المبنى فحسب، بل يمتد الأمر إلى تعويض الأجهزة التي تضررت جراء هذه الأمطار.
وطالب بإعادة دراسة القوانين المعمول بها في قطاع التأمين، بما يضمن حقوق كل المتضررين جراء الأمطار.
محمد الدرهم: تطبيق تجارب الدول الأخرى.. خطوة مهمة
قال محمد علي الدرهم إن الأمطار التي هطلت في الأسابيع الماضية كانت غزيرة لم تشهد البلاد مثيلاً لها منذ زمن بعيد.
وأضاف الدرهم أن الأمطار هطلت بكميات كبيرة غطت مساحات كبيره من الشوارع والمباني السكنية والفيلات والسيارات، مما نجم عنه خسائر كبيرة في المباني والممتلكات الخاصة بالمواطنين، موضحاً أن هذه الخسائر يتطلب إصلاحها أموالاً طائلة من جيوب المواطنين، وقال: «علينا أن نفكر في تجنب مثل هذه الأضرار في المستقبل لحماية الممتلكات والأموال التي تصرف في أعمال الترميم الناجمة عن هطول الأمطار». وأكد الدرهم أن استحداث شركات تأمين تؤمن ممتلكات العامة مثل المنزل وما يحتويه وسيارات وغيرها، أسوةً ببعض البلدان الأخرى التي يتوفر بها هذا النظام، يمكن أن يكون نقطة جيدة وسوف تلقى إقبالاً كبيراً من طالبي هذه الخدمة، مشدداً على أنه لا يمكن ترك ممتلكات الناس هباء، في حين من الممكن استحداث نظام التأمين يحفظ للناس ممتلكاتهم ومنازلهم ويجنبهم في المستقبل أية خسائر من هذا النوع.
علي الحميدي: شركات التأمين تتحمل المسؤولية في حالة واحدة
قال علي الحميدي إن هناك اهتماماً من الدولة بتوفير أفضل الخدمات لكل من يعيش على أرض قطر، ولكن بعض الأضرار وقعت بسبب إهمال بعض ملّاك المباني بعدم توفير خدمات صرف مياه الأمطار، ولكن في النهاية تبقى مسؤولية كبيرة على مؤسسات الدولة.
وأضاف: «بعض ملّاك المباني يشددون على أن صرف مياه الأمطار لديهم مرتبط بشبكة الصرف الصحي للدولة. وهنا تقع المسؤولية على وزارة البلدية والبيئة وهيئة الأشغال العامة، وهي مؤسسات تؤكد على أنها صممت شبكة للصرف الصحي، ولكن بعضها لا تصرف المياه بسبب النفايات أو غيرها من العيوب الفنية التي تحول دون عملية تصريف المياه».
وطالب الحميدي بأهمية قيام الجهات المعنية بتنظيف فتحات تصريف المياه، بما يساهم في عدم تراكم مياه الأمطار في مواقف السيارات بمختلف المباني. لافتا إلى أن هذا الأمر مسؤولية وزارة البلدية وليس السكان. وأشار إلى أن شركات التأمين تتحمل المسؤولية فقط إن كانت هذه المنشآت تحت فترة الضمان، أو أن العقود واضحة في هذا الجانب.
وأضاف: «إذا تضرر عازل الأمطار في مبنى ما وكان في فترة الضمان، فالشركة المنفّذة تتحمل المسؤولية. أما المشكلات التي وقعت في الشوارع، والناتجة عن عدم تنظيف شبكات صرف المياه، فمسؤوليتها تقع على مؤسسات الدولة المعنية».
وأشار إلى أن شركات التأمين لا تتحمل مسؤولية الأخطاء الجسيمة التي وقعت جراء تراكم مياه الأمطار في الشوارع. وأوضح أن الضرر وقع بسبب تراكم المياه. فالخطأ معلوم، والمتسبب فيه معلوم، وليس لشركات التأمين مسؤولية في هذا الأمر.
البوعينين: مشكلة مزمنة تبحث عن حلول جذرية
قال خالد البوعينين: «مع الطفرة الكبيرة التي تشهدها قطر في القطاعات كافة، باتت خدمات التأمين مهمة جداً، سواء للأفراد أو المؤسسات، وهذا يقتضي أن تكون نصب عين المسؤولين بصورة مستمرة، وأن يُعمل على تطويرها بين الحين والآخر بما يلبي تطلعات السكان.
وأضاف: «تتفاوت الأمطار التي تهطل على قطر بصورة سنوية، ولكن الثابت في الأمر أن كل عام يشتكي مئات الآلاف من المواطنين والمقيمين من الأضرار التي تقع عليهم بسبب الأمطار، حتى وإن قلّت. وهي مشكلة يجب الوقوف على أبعادها ووضع حلول جذرية لهذه المشكلة المتكررة. ومن بين هذه الحلول، تطوير منظومة التأمين في الدولة».
وتابع البوعينين: «شاهدنا مئات السيارات تغرق وتتعطل في مياه الأمطار، ومن المعلوم أن كل هذه السيارات يكون إصلاحها على نفقة مالكيها، وهذا أمر غير منطقي؛ فشركات التأمين غاب دورها تماماً، والأمر لم يقتصر على السيارات فحسب، بل امتد إلى الكثير من المباني والطرق في الدولة، والتي بات لزاماً علينا أن نسأل كيف عقودها؟ ومن يتحمل تكلفة إصلاحها؟ وهل تظل هذه الشركات على عملها في قطر؟».
وأشار البوعينين إلى أهمية الاعلان عن العقوبات التي تطال الشركات التي عملت على الطرق والمباني التي أغرقتها مياه الأمطار، وكذلك عدم السماح لها بممارسة أي نشاط في الدولة مرة أخرى، خاصة وأن كبرى الشركات في العالم تسعى إلى الحصول على تعاقدات داخل قطر، فيمكن التعاقد مع غير الشركات التي وقعت في هذه الأخطار الكارثية.
راشد النعيمي: نحتاج إلى تشريع يسمح بتعويض المتضررين
أعرب راشد النعيمي عن أمله في أن تناقش الحكومة سنّ تشريع يسمح بإنشاء شركات تأمين على ممتلكات المواطنين المتضررة من الأمطار والكوارث الطبيعية، وضرب النعيمي مثلاً بالتلف الذي حدث للمباني والسيارات والعديد من ممتلكات المواطنين، نتيجة هطول الأمطار بغزارة مؤخراً، لافتاً إلى أن هذا الأمر قد يتكرر بصورة أكبر مع دخول موسم الشتاء، مشدداً على ضرورة وضع جميع الاحتياطات التي تحفظ للمتضررين حقوقهم.
وأكد النعيمي أن الحل الجذري لمشكلة تجمعات مياه الأمطار يكمن في مواصلة مشروعات البنية التحتية الكبرى، من جسور وأنفاق، وصرف، وإنشاء شبكات طرق على أحدث مستوى؛ مشيراً إلى أنه في حال تنفيذ هذه المشروعات بصورة جيدة فإن أية كمية من الأمطار لن تتمكن من التأثير على الممتلكات بأية صورة، لافتاً إلى أن اكتمال البنية التحتية مطلوب لحماية الممتلكات وللاستعداد للحدث العالمي الأكثر أهمية، والذي يتابعه الناس في كل أرجاء المعمورة، وهو تنظيم مونديال كأس العالم لكرة القدم 2022 الذي تستضيفه قطر؛ لافتاً إلى أن هذا الحدث سوف يكون خلال فترة الشتاء التي تكثر فيها الأمطار، ما يتطلب إعداداً جيداً ووضع جميع الحسابات بهطول كميات كبيرة من الأمطار في ذلك الموسم.
وأوضح النعيمي أنه حتى يتم اكتمال مشروعات البنية التحتية التي تحمي من حدوث أضرار، فإن الأمر يتطلب سنّ قوانين تحفظ للناس حقوقهم، لافتاً إلى أن أية تعويضات أو تأمين أو صيغة لحماية المواطن، يجب أن تكون تحت مظلة القانون، وبالتالي لا بدّ من سنّ تشريعات تقنّن هذه الحقوق.