واشنطن تتحدث الإسبانية

alarab
حول العالم 03 نوفمبر 2014 , 10:40ص
واشنطن - د ب أ
تشهد اللغة الإسبانية أهمية متزايدة بصورة غير مسبوقة في دهاليز السياسة الأمريكية هذه الأيام، سواء في البيت الأبيض أو في الكونجرس، حيث أصبحت هناك حاجة ماسة للتواصل مع الجالية الناطقة باللغة الإسبانية، التي أصبح أبناؤها يحتلون مكانة كبيرة في الطبقة السياسية الحاكمة بالولايات المتحدة.

ومن المتوقع أن تصبح الجالية الناطقة بالإسبانية الحصان الأسود في سباق الانتخابات الرئاسية القادم، نظرا لثقلها الديموجرافي، حيث يبلغ تعداد أبنائها 52 مليون نسمة من إجمالي عدد السكان، فيما يتوقع أن يتضاعف هذا العدد ليصل إلى 132 مليون بحلول عام 2050.

وفي هذا الشأن أوضحت مسؤولة الإعلام الناطق بالإسبانية في البيت الأبيض، كاثرين بارجاس أن "الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس باراك أوباما قامت بتحقيق تقارب كبير وغير مسبوق مع الجالية الناطقة بالإسبانية ، حيث استخدمت لأول مرة الإسبانية إلى جانب الإنجليزية في عرض نشراتها وبياناتها عن شؤون السياسة العامة أو أنشطة الرئيس".

في هذا الصدد، توضح بارجاس "يبرز المكتب الإعلامي التابع للبيت الأبيض من خلال البيانات والمقابلات والمؤتمرات الصحفية وشبكات التواصل الاجتماعي مدى اهتمام تفاصيل أجندة الرئيس بالجالية الناطقة بالإسبانية، بدءا من نشر المعلومات حول كيفية التسجيل في برنامج التأمين الصحي (أوباما كير)، وبرامج لتحسين الوصول للتعليم ونشر الفرص الاقتصادية للجالية الناطقة بالإسبانية، فضلا عن تعهد الرئيس بإصلاح منظومة الهجرة وتحقيق العدالة الاجتماعية.

تقول بارجاس "قبل وصول أوباما إلى البيت الأبيض، لم يكن هناك وجود لمنصب المتحدث المعني بالصحافة الناطقة بالإسبانية"، موضحة أن أول من شغل هذا المنصب كان لويس ميراندا، الذي يشغل حاليا منصب مستشار الرئيس للشؤون العامة بواشنطن، لتخلفه بارجاس في نفس المنصب، وكلاهما من أصول كولومبية.

وتتسم إدارة أوباما أيضا بوجود الكثير من ذوي الأصول اللاتينية الذين يتولون مناصب حيوية، مثل سيسيليا مونيوث، وهي ابنة مهاجرين من بوليفيا وتشغل حاليا منصب مستشارة الرئيس للشؤون الداخلية، وتعد من أقوى الشخصيات في الحكومة الأمريكية الحالية. أما ريكاردو سونييجا فيعمل مستشارا لأوباما للشؤون الداخلية، في حين يشغل خوليان كاسترو العمدة السابق لمدينة سان أنطونيو بولاية تكساس، حقيبة الإسكان. الطريف في الأمر أن كاسترو يعتبر الأقل إتقانا للإسبانية بين الثلاثة.

يذكر أنه يحسب لإدارة الرئيس باراك أوباما أيضا، إقامة أول مؤتمر صحفي في البيت الأبيض بالإسبانية، وأول مؤتمر عن شؤون السياسة الخاصة بالجالية الناطقة بالإسبانية ، أول قمة لرجال أعمال من أصول لاتينية في البيت الأبيض، وأول " townhall " أو ملتقى حواري جماهيري مفتوح مع الرئيس. في الوقت نفسه قامت هذه الإدارة بفتح العديد من الحسابات على شبكات التواصل الاجتماعي فيس بوك وتويتر باللغة الإسبانية.

وتضيف بارجاس أن "كل أسبوع ننشر رسالة البيت الأبيض، يساهم فيها كبار مسؤولي البيت الأبيض والحكومة الأمريكية، حيث يتم تسليط الضوء على تفاصيل أجندة الرئيس والهامش المخصص للجالية الناطقة بالإسبانية فيها". وهناك مواقع انترنت تسلط الضوء على السياسات العامة التي تتماشى مع اهتمامات الجالية اللاتينية في الولايات المتحدة.

ولكن أكثر مكان يمكن أن يسمع فيه ترديد اللغة الإسبانية هو مبنى الكونجرس المعروف بالكابيتول. يشار إلى أنه في عام 1822 كان نائب فلوريدا، جوزيف ماريون هرناندز أول عضو أمريكي بالكونجرس من أصول إسبانية، ومنذ ذلك التاريخ وحتى اليوم نجح أكثر من 102 نائب آخر في تحقيق هذا الإنجاز. 

"التواصل بين عضو الكونجرس سواء في مجلس النواب أو الشيوخ وبين الناخبين من أبناء دائرته يعتبر من الأمور الهامة جدا في مشواره السياسي"، هذا ما أكده ترانس روكر من مكتب مؤرخ مجلس النواب، عقب تقديم كتاب "أمريكيون من أصول لاتينية في الكونجرس". 

ويوضح روكر "في القرن التاسع كنا نستخدم الجريدة، والآن نستخدم تويتر وفيس بوك"، مشيرا إلى أن الكثير من من اللاتينيين مزدوجي اللغة، وهو ما يسهل عليهم التواصل باللغتين مع الناخبين".

من المعتاد في واشنطن مشاهدة أعضاء بالكونجرس مثل لويس جوتييرز أو إليانا روز-ليتنين وبوب منيندز وماركو روبيو يتحدثون باللغتين الإسبانية والإنجليزية خلال المؤتمرات والأحاديث الصحفية الجماهيرية. "بالإسبانية من فضلك"، اعتاد الصحفيون أن يطلبوا منهم هذا الطلب خلال مشاركتهم في برامج جماهيرية على شبكات التليفزيون اللاتينية الكبرى مثل: تيليموندو وموندو فوكس ويونيفيزيون.

اعتاد أحد هؤلاء النواب مزدوجي الجنسية، والمحسوب على الحزب الديمقراطي جو ج. جارسيا، وهو من أصل كوبي، استخدام كلا اللغتين في المؤتمرات الصحفية وخلال اللقاءات الجماهيرية أثناء الفترات الانتخابية. 

في هذا السياق يوضح جارسا أنه "لكي تكون سياسيا ناجحا على الصعيد السياسي يتيعين على النائب أن يعرف كيف يتواصل مع جمهوره من الناخبين، والطريف في الأمر أن الكثير منهم قد لا يعرف الإنجليزية". 

على صعيد آخر، نجحت قناة يونيفيزيون اللاتينية في أن تحتل صدارة القنوات الأكثر مشاهدة في الولايات المتحدة، متفوقة بذلك على فوكس وإن بي سي، مما زاد من أهمية تعلم والتحدث بالإسبانية في واشنطن.

كما يؤكد جارسيا أنه في معظم أرجاء هذه البلاد، يتفوق حجم الجمهور المتابع للشاشة الصغيرة الناطقة بالإسبانية أكثر من غيرها الناطقة بالإنجليزية بفارق كبير، كما تحقق النشرة الناطقة بالإسبانية التي تقدمها شبكة يونيفيزيون بجنوب فلوريدا معدلات مشاهدة أعلى بكثير من نظيراتها الناطقة بالإنجليزية في الولايات المتحدة.

وفقا لاستطلاع أجرته بيو للأبحاث (Pew Research) يتابع أكثر من 50% من أبناء الجالية اللاتينية النشرة والتليفزيون بكلا اللغتين الإسبانية ولإنجليزية، فيما يتابعها 32% بالإنجليزية فقط، فيما يبلغ قدر من يتابعونها بالإسبانية فقط 18%.