د. سيد أحمد برايا: الصحة حالة من المعافاة الكاملة بدنياً ونفسياً واجتماعياً
جرعة الدواء حصاد تجربة إنسانية عابرة للأزمنة والأمكنة
نأخذكم اليوم في جولة علمية طبية ثقافية رمضانية بين صفحات كتاب «الدواء في حياتنا» الصادر عن دار لوسيل للنشر والتوزيع للكاتب الدكتور السيد أحمد برايا، حيث يقدم الكاتب من خلال «الدواء في حياتنا» روشتة صحية ونفسية وفكرية، مليئة بوصفات ثقافية فريدة تغذي العقل وتنمي الفكر، عبر أسلوب شيق وسهل ومبسط يجذب القارئ، فيتناول الكتاب بالشرح السلس والمبسط الداء والدواء، وما للأدوية وما عليها، ويعمل على تصحيح المفاهيم الخاطئة لدى البعض عن الأدوية والأمراض، كما يتطرق إلى العلاج بالأعشاب وأهميته وأضراره، حيث يرى الكاتب أن الصحة هي حالة من المعافاة الكاملة بدنياً ونفسياً واجتماعياً، لا مجرد انتفاء المرض أو العجز، وأنها حالة التناغم بين الجوانب الفسيولوجية والنفسية للإنسان، ولها معانٍ مطلقة وأخرى نسبية، تختلف باختلاف المكان والزمان، وهي نتاج تفاعل بين عوامل عديدة داخلية وخارجية، موروثة ومكتسبة، فردية وجماعية، طبية وبيئية واجتماعية، تصوغها المعايير الثقافية والأوضاع الاقتصادية والقوانين.
ويوضح أن التوازن بين الجسد والنفس والعقل في الإنسان أساس آخر من أسس الصحة، فإذا ما اختل هذا التوازن وقع الإنسان فريسة للمرض. كما يوضح الدكتور برايا بقوله:
عدم الدقة في المفاهيم يأخذنا أحياناً إلى رفض لا أساس له أو قبول لا إمعان فيه، ومن ثم نجد أنفسنا نحلّق على أجنحة الوهم تحت وطأة حكايات مقطوعة النسب والسند عن تعاملنا مع الدواء بشكل صحيح، وعلاقتنا بالداء ومسبباته.
سياحة بين الأزل والأبد
ويبيّن الدكتور السيد أحمد أننا نتناول جرعة الدواء نحسبها بنت اليوم، غير منتبهين إلى أنها حصاد تجربة إنسانية عابرة للأزمنة والأمكنة امتدت لآلاف السنين. فالدواء سياحة بين الأزل والأبد بالنسبة للمرء الذي سعى ينشد الشفاء من كل داء، وأن يبرأ من الألم، وامتد هذا السعي موصولاً غير منقطع إلى يومنا هذا، وسيستمر ما بقي على الأرض إنسان حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
ويضيف: إن قصة الدواء في حياتنا هي الحكمة المجموعة التي اكتسبتها مجتمعات إنسانية بأسرها على مدى قرون متتاليات، أتاحت للبشرية أن تدفع غائلة المرض وأسباب السقم. وفي التعامل مع الدواء كل شيء بقدر، وكل شيء بأثر، وما زال العلم نعمة الله ومنته على الإنسان. ويقول دكتور سيد: حين تبدأ رحلتك مع هذه الصفحات ستجد الصراع الأبدي بين الداء والدواء في ساحة الإنسان، ستسأل من الذي انتصر ومن الذي انهزم؟ وكيف استطاعت البشرية أن تجعل وجه حياتها طيباً تغمره العافية بعد جولات وصولات؟ يبدو الواقع أشد إبهاراً بكثير من أي نموذج خيالي، وتبدو الحقيقة أكثر تعقيداً، لكنها حلوة المذاق بشهد المعرفة والعلم، وهذه قصة صراع المرض والشفاء ودور الدواء كالخيال.
إن الحياة تبدو كأنها قصائد كثيرة لا تكتمل وغزوات لا ينتصر فيها أحد ولا ينهزم فيها أحد، قد يكون هدفها حفظ التوازن وسط عالم غير متوازن في بيئته وتقدمه العلمي المبهر الخيالي. فهل الشفاء المطلق واقع يعيشه المرء أم إنه أمل زائف يتطلع إليه ومجرد وهم من شأنه أن يجعل الحياة أكثر مدعاة للجمال؟ فالدواء أحد أعظم إنجازات البشرية وتألقها المبهر في معركة العافية والحياة.