مصر أصبحت سجناً كبيراً للمواطنين في عهد السيسي

alarab
حول العالم 02 نوفمبر 2017 , 09:34م
ترجمة - العرب
شر موقع "ميدل إيست مونيتور" البريطاني مقالاً للكاتبة المصرية الدكتورة أميرة أبوالفتوح. وفيما يلي نص المقال:
توجّه عبدالفتاح السيسي إلى فرنسا بثلاث طائرات مقاتلة من طراز "رافال"، وهي الطائرات الفرنسية التي اشتراها العام الماضي بعد أن كانت الحكومة في باريس تبحث عن مشترٍ لأكثر من عشر سنوات. لم تتمكن فرنسا من بيع الطائرات حتى أنقذ السيسي باريس ونفسه، وذلك باستخدام صفقة الطائرات لشراء شرعيته الخاصة. لقد كانت طائرات "رافال" هي الرشوة التي قدمها السيسي إلى فرنسا للسماح له بالذهاب إلى قلب أوروبا.
لذلك سافر السيسي مع هذا السرب كحرس مرافق، ورد الفرنسي بسرب مماثل للترحيب به. واعتبرت وسائل الإعلام هذا الأمر ترحيباً جيداً، وليس أن الرئيس المصري كان قلقاً من أن يعترض إرهابيون رحلته. قد يكون من المنطقي بالنسبة لفرنسا استخدام الطائرات المقاتلة بهذه الطريقة، ولكن من غير المعقول تماماً أن يطير السيسي من القاهرة بثلاث طائرات مقاتلة لا لسبب سوى إظهار "الترحيب". 
بدأت زيارة السيسي لفرنسا بهذا العرض المبتذل وانتهت بفضيحة في مؤتمر صحافي؛ حيث حوّل حضارة مصر التي عمرها 7000 سنة إلى دولة شعبها غير متحضر، برده على سؤال عن انتهاكات حقوق الإنسان في بلده.
كان الرئيس المصري غاضباً وهو يجيب عن هذا السؤال؛ حيث قال للصحافيين لماذا يسألونه عن انتهاكات حقوق الإنسان في حين ينبغي عليهم أن يسألوه عن التعليم والصحة والإسكان والعمالة؛ حيث لا توجد صحة جيدة أو تعليم أو عمل أو سكن في مصر.
رغم أن السيسي معروف أنه مقتصد في قول الحقيقة، لكنه في هذه المناسبة قال الحقيقة؛ فالمدارس في مصر بها طلاب يجلسون على الأرض لأنها بدون مقاعد أو طاولات كافية، وبعض الفصول الدراسية يكتظ بها نحو 100 طالب. 
هذا هو ما يحدث عندما يرد رئيس الدولة على طلب بزيادة الاهتمام بالتعليم وزيادة ميزانيته من خلال طرح السؤال التالي: "ما الذي سيفعله التعليم مع وطن ضائع؟!" إنه بذلك اعترف أن مصر "ضاعت"، رغم أنه لم يعترف مَن المسؤول عن وضع هذا البلد العظيم في هذه الحالة المحزنة!
لكي نكون صادقين، لا يمكننا أن نحمّل السيسي مسؤولية كاملة عن كل شيء؛ فنظامه مجرد امتداد للانهيار الذي بدأ مع انقلاب يوليو 1952 ضد الملك فاروق، عندما أصبح الجيش هو الحكومة وأخذ جميع مرافق الدولة والمؤسسات والموارد تحت السيطرة العسكرية، وانهارت قطاعات الصحة والتعليم والاقتصاد.
ومع ذلك، فإن أسوأ انهيار في الاقتصاد حدث على يد السيسي؛ حيث انخفضت قيمة الجنيه المصري إلى أدنى مستوى له على الإطلاق، فيصل سعر الدولار الأميركي حالياً إلى 20 جنيهاً مصرياً، وديون مصر تتجاوز تريليون جنيه. بينما في ظل النظام الملكي، كان الدولار يساوي 25 قرشاً فقط، وكانت مصر تعتزم إقراض أموال لبريطانيا وتقديم المساعدات للدول الغربية. اليوم، مصر لديها واحدة من أعلى مستويات الديون في العالم.. هناك الكثير من القروض التي نكتشفها عن الديون الجديدة كل يوم، وآخر قرض تم الكشف عنه هو القرض الإفريقي الذي أعلنه رئيس البنك المركزي.
يأتي ذلك في الوقت الذي تهدر فيه العملات الأجنبية على المشاريع الفاشلة، مثل تفريعة قناة السويس التي لم تحقق أي إيرادات إضافية، كما وعد السيسي. على العكس من ذلك، فإن الإيرادات صارت أقل من ذي قبل؛ لأن هناك عدداً أقل من السفن التي تستخدم هذا الممر المائي نتيجة توسع قناة بنما. وقد دفع ذلك رئيس هيئة قناة السويس إلى إعلان تخفيض رسوم استخدام القناة بنسبة النصف تقريباً من أجل تشجيع الدول على إرسال سفنها عبر البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط.
وخلاصة القول إن هذا "البلد الضائع" و"شبه الدولة" -وهو وصف آخر لمصر قاله السيسي- تم إنشاؤه من قِبل ضباط الجيش، وآخرهم الجنرال السيسي الذي قلّل مؤخراً من شأن المصريين بسؤالهم مراراً وتكراراً: "ألا تعلموا أنكم فقراء جداً؟!". 
في هذا القول عاد السيسي إلى الكذب. قد يكون الناس فقراء، ولكن مصر بلد غني جداً جداً، وأنا أقول هذا مراراً وتكراراً مثلما كرر هو جملته. ومع ذلك، تم تجريدها من مواردها على مدى السنوات الـ 65 الماضية من قبل الجيش، الذي هو السبب الجذري لأزمة مصر. وإذا لم يسيطر الجيش على كل جانب من جوانب الحياة، فإن مصر ستكون من أقوى الدول في العالم.
إن الحكومة التي لا ترى أية فائدة في التعليم هي نظام فاشي. نظام عبدالفتاح السيسي هو كذلك بالضبط، إنه ينفق مليار جنيه لبناء فندق في العاصمة الجديدة -أو يمكن تسميته قلعة يستخدمها السيسي معقلاً بعيداً عن الناس- بدلاً من تحسين التعليم وتوفير الصحة من خلال بناء المدارس والمستشفيات، أو حتى المصانع للمساعدة في خلق فرص عمل وتخفيف البطالة. إن كونه مشغولاً ببناء سجون جديدة يكشف أن السيسي لا يفهم أن مصر أصبحت سجناً كبيراً مفتوحاً للمواطنين العاديين. إن مصر تتعرض للإهانة على يد رئيسها.